طهران/ 26 اب /أغسطس/ارنا- يصادف يوم26 اب /أغسطس في التقويم الايراني يوم تخليد ذكرى الطبيب والفيلسوف والكيميائي الايراني المسلم زكريا الرازي صاحب كتاب “الحاوي في الطب”، الذي بقي مرجع أوروبا في الطب لـ 400 عام. وسمي هذا اليوم بيوم الصيدلي في ايران.

وصف زيغريد هونكه زكريا الرازي في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب “أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق”، فهو مؤلف “الحاوي في الطب”، الذي ضم كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام 925م، وظل المرجع الطبي الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام بعد ذلك التاريخ، ويقال: “كان الطب معدوما فأوجده أبقراط، وكان ميتا فأحياه جالينوس، وكان متفرقا فجمعه الرازي، وكان ناقصا فأكمله ابن سينا”، درس الرازي الرياضيات والطب والفلسفة والفلك والكيمياء والمنطق والأدب.

كتب الرازي في كافة فروع الطب والمعرفة في عصره، كما أن له العديد من الرسائل في مجالات الأمراض، وترجم الكثير منها إلى اللاتينية لتكون مرجعا رئيسيا للطب في أوروبا حتى القرن السابع عشر، ومن أشهر كتبه “تاريخ الطب” و “المنصور”(كلاهما في الطب)، وكتاب “الأدوية المفردة” ويتضمن توصيفا دقيقا لتشريح أعضاء الجسم، وكان أول من ابتكر الخيوط الجراحية وصنع المراهم، وركب الكثير من العقاقير.

حياته

ولد أبو بكر محمد بن زكريا الرازي في ایران بالري بالقرب من طهران سنة 250هـ/864م . نشأ الرازي محبا للعلم، مشهورا بالذكاء والفطنة، وقد شهد عدد من المستشرقين الغربيين ببراعة الرازي، ودائما ما يصفونه بـ (Rhazes)، قال عنه ستابلتون الإنجليزي بأنه «بقي بلا ندّ حتى بزوغ فجر العلم الحديث بأوروبا»، وعلقت مدرسة الطب بباريس صورة ملونة للرازي إلى جانب ابن سينا وابن رشد، وخصصت جامعة برنستون الأميركية أفخم ناحية في أجمل مبانيها لعرض مآثره.

ومن قبل وصفه مؤرخو الطب في الحضارة العربية بذات الأوصاف، قال فيه القفطي في «تاريخ الحكماء»: "محمد بن زكريا أبو بكر الرازي طبيب المسلمين غير مدافع وأحد المشهورين فِي علم المنطق والهندسة وغيرهما من علوم الفلسفة». فماذا فعل الرجل في مجال الطب منذ ألف عام ليستحق هذه المكانة المرموقة حتى اليوم؟ من المفارقات أن الرازي تعلّم الطب كبيرا وهو في العقد الثالث من عمره، فحين دخل بغداد قادما من الري زار أهم بيمارستاناتها حينذاك «البيمارستان العضدي» الذي بناه عضد الدولة البويهي في القرن الثالث الهجري، وفيه سأل عن الأدوية، ورأى بعض الحالات المرضية الغريبة التي شاهد أثناءها مناقشات الأطباء ومقترحاتهم.

 درس الرازي الطب، وعمل في بيمارستان بلده الري، وجاء إلى بغداد ثم أشرف على بناء البيمارستان العضدي، وفي قصة بناء هذا المستشفى الكبير في بغداد ما يُدلل على ذكاء الرازي، حيث سأله عضد الدولة الأمير البويهي عن أفضل المواضع لبناء هذا المستشفى، فأمر الرازي «بعض الغلمان أن يُعلق في كل ناحية من جانبي بغداد شقة لحم، ثم اعتبر التي لم يتغيّر فيها اللحم بسرعة فأشار بأن يبنى في تلك الناحية، وهو الموضع الذي بني فيه البيمارستان»، وهذا دليل على ذكاء الرازي، فهذا المكان كان أفضل مواضع بغداد في نقاء الهواء وجودته واعتداله، وهي عوامل غاية في الأهمية لعلاج المرضى أصحاب المناعات الضعيفة.

لم يكتف عضد الدولة بهذا، فحين فرغ من بناء البيمارستان أراد أن يعيّن له رئيسا حاذقا بالطب ومعرفته، له دربة وخبرة واسعة بمجالاته، فجمع أمهر أطباء بغداد فكانوا مئة منهم أبو بكر الرازي، فاختبرهم واختار منهم خمسين فكان منهم الرازي، ثم اختبرهم واقتصر على عشرة فكان منهم الرازي، ثم اختار ثلاثة من العشرة فكان منهم الرازي، ثم إنه ميّز بينهم فبان له أن الرازي أفضلهم، فعينه «ساعور» أي مديرا ورئيسا لأطباء البيمارستان العضدي.

علوم الرازي

ترك الرازي مؤلفات كثيرة ما بين رسائل وكتب في كافة مواضيع العلوم الطبية في عصره، فمثلا كتابه عن «الجدري والحصبة» يعد الأشهر بين جميع أعماله الأخرى، وفيه يظهر الرازي اهتمامه بعلم المداواة، ويتباين تعمقه فيه بوضوح صمت المقالات الهلينستية والبيزنطية التي وصلتنا حيال هذا الموضوع، والحق أن الجدري حتى العصر الحديث سبب من أسباب العمى في العالم العربي، فتعقيداته الأكثر شيوعا هي الندبات القرنية وإتلاف القرنية بسبب البثرات.

ألّف الرازي رسائل كثيرة في مختلف الأمراض، أشهرها كتاب (الجدري والحصبة)، حيث تمّت ترجمته إلى اللاتينية، كما ألّف كتباً طبّية مطوّلة، تمت ترجمة العديد منها للغة اللاتينية، واستمرت حتى القرن السابع عشر كمراجع أولى في علوم الطبّ، وأعظم هذه الكتب الحاوي، وهو أكبر موسوعة طبّية عربيّة اشتملت على مقتطفات من مصنّفات الأطباء الإغريق والعرب.

منجزات أبي بكر الرازي العلمية

وضّح في كتابه كيفية الإبصار آلية الإبصار في العين.

اكتشف بعض العمليات الكيميائية ذات العلاقة بالفصل والتنقية، كالترشيح، والتقطير.

اخترع الفتيلة المستخدمة عند إجراء العمليات الجراحية.

اخترع أداة لغرض قياس الوزن النوعي للسوائل.

استخدم السكريات المتخمرة لتحضير الكحول.

أبدى اهتماماً في عمليّة تشريح جسم الإنسان.

أسّس علم الإسعافات الأولية التي تقدّم في حالات الحوادث.

صنع مراهم الزئبق.

يعتبر أول من قام بإدخال المليِّنات في علم الصيدلة.

يعتبر أول من أوجد فروقاً بين النزيف الشرياني، والنزيف الوريدي.

استخدم الربط حتى يوقف النزيف الشرياني، والضغط بالأصابع حتى يوقف النزف الوريدي، وهو ما زال استخدامه قائماً إلى الآن.

يعتبر أول من ذكر حامض الكبريتيك الذي سمّي باسم الزيت الأخضر أو زيت الزاج.

مؤلفات أبي بكر الرازي

 ألف الرازي كتبا كثيرة منها : كتاب أخلاق الطبيب،  كتاب الكيمياء وأنها إلى الصحة أقرب،  مقالة في اللذة،  كتاب طبقات الأبصار،  كتاب هيئة العالم،  كتاب الشكوك جالينوس،  كتاب في الفصد والحجامة،  كتاب الطب الروحاني،  كتاب المدخل إلى المنطق،  كتاب إنّ للعبد خالقاً.

غادر الرازي بغداد إلى مدينة الري، وتوفي فيها عام 311 هجري / 923 ميلادي.

انتهى 1049