طهران / 13 كانون الثاني / يناير /ارنا- أعادت إدارة ترامب قبل امس الاثنين 11 يناير كانون الثاني 2021 التهديد باستخدام ورقة "الإرهاب" في الملف اليمني، معلنة اعتزامها تصنيف حركة "أنصار الله" كمنظمة "إرهابية"، الأمر الذي يكشف عن تخبط كبير للإدارة التي يقترب موعد رحيلها وهي مثقلة بالفشل والفضائح والانتقادات، إذ لا يحمل هذا الإعلان أهمية كبيرة.

و ردت صنعاء بأن ترامب يسعى لمنح السعودية والإمارات خدمة أخيرة تخفف عنهما وطأة فشلهما المستمر في اليمن، كما أنه يسعى لاستفزاز الإدارة القادمة، وبالتالي فقد جاء الإعلان نفسه مسلطا الضوء على الأزمة التي يعيشها تحالف العدوان وإدارة ترامب، في الوقت الذي يتزايد فيه ثقل صنعاء العسكري والسياسي، وتستعد لدخول عام سابع من المواجهة بعزيمة أكبر.

الإعلان الذي جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قال إن الوزارة ستبلغ الكونغرس بتبني إدراج حركة "أنصار الله" كـ"منظمة إرهابية" وإدراج ثلاثة من قادتها في ما يسمى "قوائم الإرهاب" وهم: قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، واللواء عبد الخالق بدر الدين الحوثي قائد المنطقة العسكرية المركزية، واللواء عبد الله يحيى الحاكم رئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع.

وقد جاء البيان ركيكا وغير واقعي، إذ قال إن هذه الخطوة "ستعزز الجهود الرامية لتحقيق السلام والسيادة والوحدة في اليمن" وهو الأمر الذي يناقض بوضوح موضوع "التصنيف"، وهو تناقض يكشف عن أن هذا الإعلان لم يأت إلا لمنح تحالف العدوان "مجاملة" أخيرة لطالما طلبتها السعودية بالذات ظنا منها أنه سيساعدها في ظل انسداد الأفق العسكري أمامها، فالبيان نفسه يعبر عن الافتقار إلى خيارات عسكرية جديدة.

إضافة إلى ذلك، لم يأت هذا الإعلان بمعزل عن الأزمة التي تشهدها الولايات المتحدة هذه الفترة بين إدارة ترامب، وإدارة بايدن، حيث يحاول الأول أن يستغل آخر أيامه في الإدارة لفعل أمرين رئيسين: الأول هو تقديم خدمات أخيرة لـ"حلفاءه" حتى وإن لم تكن مجدية، والثاني هو تلغيم الملفات التي ستتسلمها الإدارة القادمة، وموضوع تصنيف "أنصار الله" قد يأتي في السياقين معا.

هذا أيضا ما أشار إليه ناطق أنصار الله، رئيس الوفد الوطني، محمد عبد السلام، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية جاء فيه: "نعتقد أن إدارة ترامب تعيش حالة من الإرباك الواضح وقرارتها الآن بيع مواقف لصالح جهات متعددة في وقت بدل ضائع" مضيفا أن هذه الإدارة "فشلت في هذا المرحلة في كل الملفات في المنطقة وعززت من إيجاد حالة سخط كبير ضدها وضد حلفائها الأساسيين السعودية وإسرائيل".

وأكد عبد السلام أن "الموقف الأمريكي لا جديد فيه على المستوى العملي إذ قد مارسوا بحق الشعب اليمني أبشع أنواع الجرائم والعقوبات الاقتصادية والإنسانية والتدخل العسكري والدعم الشامل للعدوان"

وأضاف: "أمريكا أثبتت طيلة عقود طويلة أنها مركز الإجرام العالمي، وفيما يخص اليمن فهي تتوج فشلها هناك بقرارات تافهة وبائسة، وإدارة أمريكية هي عرضةٌ للعزل والمحاكمة عليها أن تنشغل بحالها وتفكر في مصيرها"

هكذا بدا الإعلان الأمريكي في نظر صنعاء، بعيدا عن الهالة الإعلامية التي حاولت إدارة ترامب ووسائل إعلام العدوان وحكومة المرتزقة صناعتها، بل أن عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، علق ساخرا بأن "إخطار الكونغرس بإلقاء القبض على مقتحميه سيحقق لبومبيو نتيجة أفضل من إخطاره بتصنيف أنصار الله بالمصطلح العائم: الإرهاب".

وأضاف الحوثي أن "تصنيف أنصار الله من قبل إدارة ترامب تصرف مدان ونحتفظ بحق الرد على أي تصنيف" وأن "الشعب اليمني لا يهمه تصنيف إدارة ترامب كونها شريكا فعليا في قتله وتجويعه" مؤكدا على أن "الإرهاب الأمريكي هو من قتل أطفال اليمن وجوعهم و‏أمريكا هي مصدر الإرهاب وسياسة إدارة ترامب وتصرفاتها إرهابية" وأن "سياسات ترامب تعبر عن أزمة في التفكير".

ناطق حكومة الإنقاذ، وزير الإعلام ضيف الله الشامي، رد بدوره على الإعلان الأمريكي قائلا إن: "تصنيف فئة من الشعب اليمني كإرهابيين يعد تتويجا للجرائم الأمريكية بحق هذا الشعب طيلة ست سنوات" مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة مارست الإرهاب ضد اليمنيين عسكريا وبالتجويع والحصار ولم تترك أسلوبا للقصاء عليهم إلا وانتهجته"، وأضاف أن "أمريكا هي راس الإرهاب الدولي وراعيته، وتصريح هيلاري كلينتون عن تأسيس داعش وتسليحها يعرفه العالم، وجميعهم يصطفون في تحالف واحد في اليمن"

أما عن تأثير وأبعاد هذا القرار فيؤكد الشامي أنه "لا معنى له على الأرض" و"لن يؤثر على مسارنا العسكري أو الاجتماعي بل سنزداد قوة وعزيمة وإصرارا لمواجهة أمريكا" لافتا إلى أن هذا القرار "ناجم عن صراع داخلي مع نهاية الإدارة الحالية ومغادرة ترامب" وأن الأخير "يسعى لتخفيف الوطأة على حلفاء واشنطن السعوديين والإماراتيين".

وبخصوص مدى استفادة السعودية والإمارات من هذا الإعلان، فحتى لو استطاعت إدارة ترامب تمرير هذا التصنيف عبر الكونغرس، فإن كل ما ستحصل عليه دول العدوان هو "دعاية" جديدة لتبرير استمرار الحرب على اليمن، وهو ما أكده ناطق حكومة الإنقاذ الذي قال إن هذه الخطوة الأمريكية "تقطع الطريق أمام إيقاف العدوان والحصار".

لكن هذا التأثير لا قيمة له فدول العدوان بحاجة إلى ما هو أكثر بكثير من مجرد "مبررات" زائفة، لأن مأزقها يتعلق بالفشل الميداني الذريع والمتواصل، وهو الأمر الذي تتحكم صنعاء بمعادلاته، وتزيد من أوراقها الضاغطة فيه بإنجازاتها المتتابعة وخياراتها المتجددة.

تهديدات مضادة

ولم تكتف صنعاء بالتأكيد على "خواء" الإعلان الأمريكي عن اعتزام تصنيف "أنصار الله" جماعة إرهابية، بل هددت بعكس اتجاه الضغط الذي تحاول الولايات المتحدة استخدامه، فتصريح رئيس الوفد الوطني لوكالة الأنباء الروسية تضمن تهديدا مضادا، حيث أكد عبد السلام أنه "إذا لم تحصل مراجعة جادة (يعني من قبل الولايات المتحدة) فإن هذا الموقف سيفرض علينا أن نتعامل بالمثل مع الأمريكيين في ملفات كثيرة".

وفي السياق نفسه صرح عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محمد البخيتي، الذي كتب أن الولايات المتحدة "ستكتشف عما قريب خطأ حساباتها وأنها قيدت نفسها ولكن بعد فوات الأوان" وأضاف: "نحن مستعدين لمواجهة أي تصعيد" واصفا التصنيف الأمريكي بأنه "سيف من ورق".

وهكذا فإن تلويح إدارة ترامب بـ"إحراق آخر أوراقه" في الملف اليمني بحسب وصف محللين، أدى إلى نتيجة عكسية، ليس من خلال التأكيد على الارتباك والإفلاس وانعدام الخيارات فحسب، بل من خلال تسليط الضوء على امتلاك صنعاء المزيد من الخيارات وأوراق الضغط ضد الولايات المتحدة، الأمر الذي يحبط حتى الاستفادة "الدعائية" لتحالف العدوان من إعلان بومبيو.

انتهى