طهران / 6 شباط / فبراير /ارنا- منذ اكثر من 3 عقود من الزمن يحدد مسؤولو الكيان الصهيوني باستمرار مواعيد لحصول ايران على السلاح النووي وفي كل مرة يثبت زيف وكذب ادعاءاتهم والان لجاوا مرة اخرى الى هذه الاسطوانة المشروخة بعد ان تناهى الى اسماعهم احتمال عودة اميركا الى الاتفاق النووي.

ورغم امتلاك الكيان الصهيوني اكثر من 200 راس نووي وعدم عضويته في معاهدة حظر الانتشار النووي "ان بي تي" يسعى مسؤولوه  منذ عقود للايحاء بان الانشطة النووية الايرانية تشكل تهديدا لامن المنطقة والعالم؛ وهو التكتيك الذي استمر حتى بعد ابرام الاتفاق النووي وعمليات المراقبة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية للانشطة الانووية الايرانية فضلا عن 17 تقريرا ايجابيا من المدير العام السابق للوكالة الفقيد يوكيا امانو في اثبات وفاء ايران بالتزاماتها في اطار الاتفاق.  

بعد فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية الاميركية واحتمال عودة اميركا للاتفاق النووي شعر مسؤولو الكيان الصهيوني بقلق شديد وبادروا عبر تكرار اتهامات فارغة لمنع تنفيذ الاتفاق النووي. قبل عدة ايام قال وزير الطاقة الصهيوني "یوفال شتاینیتز" في تصريح اذاعي بان "ايران بحاجة الى 6 اشهر لانتاج المواد القابلة للانشطار النووي لصنع السلاح النووي" واضاف: لصنع القنبلة النووية هنالك حاجة الى 25 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 بالمائة. بناء على ذلك ستكون ايران قادرة على صنع السلاح النووي في غضون عام الى عامين.

نظرة الى المزاعم المكررة في اجواء الاتفاق النووي وما بعده

هذه الاتهامات تكررت دوما من قبل المحللين والخبراء الصهاينة على امل الا تعود ادارة بايدن الى الاتفاق النووي. قبل عدة اشهر حدد محلل القضايا العسكرية الصهيوني "الکس فیشمان" فترة 3 اشهر لحصول ايران على القنبلة النووية وقال حسب زعمه بان ايران تفصلها 3 اشهر اخرى عن الوصول الى امتلاك 25 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 بالمائة وهي النسبة اللازمة لصنع القنبلة النووية.

في شباط /فبراير عام 2019 وبعد عدة اشهر من خروج اميركا من الاتفاق النووي كان هنالك ادعاء من دائرة الاستخبارات في الجيش الصهيوني التي زعمت في تقرير لها "ان البرنامج النووي الايراني كان قد تطور بما فيه الكفاية لغاية توقيع الاتفاق النووي عام 2015. بناء عليه فان ايران قادرة على امتلاك السلاح النووي في غضون عامين فقط!".

اكثر الاستعراضات في هذا المجال جرت من قبل رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بحيث يكرر اتهاما مماثلا في ايلول/سبتمبر من عام خلال اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الامم المتحدة. توقعاته لوصول ايران الى القنبلة النووية كانت على الدوام خاطئة ومجرد مزاعم فارغة بحيث اطلق الكثيرون عليه لقب "الراعي الكذاب" لكثرة ما كذب وادعى من اتهامات باطلة.  

في الـ 27 من ايلول /سبتمبر عام 2012 وخلال كلمته في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة، عرض نتنياهو كاريكاتيرا لقنبلة نووية في اطار زعمه بان ايران ستصنعها ما جعله موضع سخرية الكثير من الحاضرين والراي العام ووسائل الاعلام في العالم. اصراره على الادعاء بان ايران تفصلها عدة اشهر فقط عن صنع القنبلة النووية تم التشكيك به مرارا من قبل جهاز الاستخبارات الصهيوني (الموساد) ومن ضمن ذلك وضع الموساد بعد اسبوعين من كلمته المثيرة للجدل في الجمعية العامة، الوثيقة رقم 9342 تحت تصرف جنوب افريقيا؛ وثيقة تناقض كلام نتنياهو بصورة كاملة. وجاء في جانب من الوثيقة "ان الموساد يرى بان ايران لا تسعى وراء انتاج القنبلة النووية".     

في ايلول /سبتمبر عام 2019 وبعد عدة اشهر من خروج اميركا من الاتفاق النووي، عرض نتنياهو من منبر الامم المتحدة مسرحية دعائية جديدة ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية وكرر اتهاماته ومزاعمه الباطلة السابقة وعرض صورا مدعيا بان هنالك مستودعا نوويا سريا في منطقة "تورقوزاباد" قرب طهران؛ اتهام لم تثبت صحته بعد تفقده من قبل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث ظهر انه مكان لغسل السجاد. في العام ذاته وفي مسرحية دعائية اخرى جاء نتنياهو بعدد من الصور والاقراص المدمجة والاوراق امام عدسة التلفزيون مدعيا بان ايران تمتلك برنامجا سريا لصنع السلاح النووي.   

ثلاثة عقود من المزاعم الفارغة

ان طرح القضية البالية وهي ان ايران ستمتلك السلاح النووي في غضون اسابيع او اشهر او اعوام ليست قضية جديدة متعلقة بفترة المفاوضات النووية وما بعد التوصل الى الاتفاق النووي بل ان مثل هذه الاتهامات تطرح بكل صلافة من قبل مسؤولي الكيان الصهيوني منذ نحو 30 عاما ولكنهم لم يردوا ابدا بشان مزاعمهم التي خرجت خاطئة وكاذبة على الدوام.

في العام 1992 ادعى وزير الخارجية الصهيوني في حينه في تصريح للتلفزيون الفرنسي بان ايران ستمتلك القنبلة النووية في العام 1999 . وفي العام 1995 توقع نتنياهو في كتابه بعنوان "مكافحة الارهاب: كيف يمكن للديمقراطية ان تكتسح شبكة الارهاب الدولي" بان ايران ستمتلك السلاح النووي في غضون 3 الى 5 اعوام قادمة.   

ومن الامثلة الاخرى لهذه المزاعم التي لا اساس لها؛ ادعاء وزير الخارجية الصهيوني في حينه ايهود باراك في العام 1996 بان ايران ستمتلك السلاح النووي في غضون 4 اعوام قادمة وان ايران ستصبح في غضون 6 الى 18 شهرا قوة نووية وذلك خلال حديثه الخاص مع عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي عام 2009 (والذي تم الكشف عنه من قبل موقع ويكي ليكس). نتنياهو توقع فترة ما بين 6 الى 7 اشهر في تصريحه لقناة "ان بي سي" الاميركية في 16 ايلول /سبتمبر عام 2012 وكذلك وجّه وزير الشؤون الاستراتيجية الصهيوني "یوفال اشتاینیتز" تحذيرا بهذا الصدد في ۲۲ ايلول /سبتمبر عام 2013  والذي اوردته صحيفة "لوموند" الفرنسية.

وفي الاعوام الاخيرة تم طرح المزاعم المتعلقة بحصول ايران على السلاح النووي عبر الابواق المختلفة من قبل المسؤولين الصهاينة ومازالت جارية في اجواء ما بعد الاتفاق النووي في حين ثبت للجميع مرارا كذبها وزيفها وكانت في بعض الاحيان موضع سخرية واستهزاء على الصعيد الدولي.   

وبالاجمال يعد تكرار هذه المزاعم من قبل مسؤولي الكيان الصهيوني ضد البرنامج النووي السلمي الايراني مزحة مرة وثقيلة في حين ان هذا الكيان الذي يستهدف البرنامج النووي الايراني لا يسمح هو نفسه للمفتشين الدوليين بتفقد منشآته النووية ولم ينضم لغاية الان لمعاهدة حظر الانتشار النووي "ان بي تي".  

ويرى مراقبون بان هذه المزاعم الفارغة تاتي للتبرير والتغطية على الاعمال الارهابية والتخريبية تجاه ايران من ضمنها؛ استخدام فيروس "ستاكس نت" لضرب البرنامج النووي الايراني والقيام بعمل تخريبي في موقع نطنز النووي واغتيال العلماء النوويين الايرانيين الشهداء من ضمنهم الشهيد محسن فخري زادة.   

التصريحات التي ادلى بها وزير الخارجية الاميركي الجديد انتوني بلينكن لقناة "ان بي سي" الذي قال بانه "لو استمرت ايران بخرق الاتفاق النووي ستصبح على بعد عدة اسابيع فقط من امتلاك المواد اللازمة لصنع القنبلة النووية" تاتي في سياق اللعبة التي اطلقها الكيان الصهيوني منذ عقد عقود ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، لذا فانه لو ارادت ادارة بايدن العودة للاتفاق النووي وتنفيذه فلا ينبغي ان تلعب في ارض الكيان الصهيوني الذي ليس خافيا على احد عداؤه لايران والاتفاق النووي.

انتهى ** 2342