ان نكبة الفلسطينيين، لم تبدأ في ذلك الحين فقط، ولم يكن ذلك التاريخ إلا اليوم الأكثر دموية وهجرة للفلسطينيين من أرضهم، وتوزعهم على مخيمات اللجوء حول العالم، وبداية "القضية الفلسطينية".
15 أيار من كل عام يحيى الفلسطينيون، ذكرى نكبة فلسطين التي ألمت بهم في عام 1948، وتمثلت في نجاح الحركة الصهيونية بدعم من الاحتلال (الانتداب) البريطاني في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين وإعلان قيام الكيان الاسرائيلي.
وخلال تلك الأحداث التي رافقها تدخل عسكري عربي ضد الاحتلال اليهودي لفلسطين- استشهد عشرة آلاف فلسطيني على الأقل في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولاً، فنكبة فلسطين هي نكبة احتلال المقدسات وفصل الشعب عن أرضه وطرد أهالي المئات من المدن والقرى من ديارهم عام 1948.
وفصولها بدأت حين خانت بريطانيا وعودها للعرب بمنح الاستقلال لبلادهم بعد إنهاء الحكم العثماني، وأصدرت على لسان وزير خارجيتها وعد بلفور في 2 تشرين الثاني /نوفمبر 1917 الذي ينظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين أدت نكبة عام 1948 الى عملية اقتلاع كاملة للشعب العربي الفلسطيني لم تقتصر على مجرد فقدان الأرض، بل تعدتها إلى تحطيم الأساس المادي للشعب الفلسطيني.
وتشتت الشعب الفلسطيني في جميع ألأقطار وكانت القوى المعادية المتمثلة في الصهيونية العالمية والاستعمار تطمح في ان يذوب هذا الشعب في المجتمعات العربية، لا سيما ان النكبة قد أفرزت عوامل مضعفة لاستمرار الهوية الفلسطينية أولها: الشتات الفلسطيني وما صاحبه من غياب الرباط الإقليمي بين الفلسطينيين وثانيها: اختلاط الفلسطينيين في المجتمعات العربية المضيفة، خاصة وأنهم يشاركون هذه المجتمعات في اللغة والعادات والتقاليد والمصير المشترك فالعرب جميعا شعب كون حضارة واحدة وطريقة حياة واحدة وثالثها: ولادة أجيال فلسطينية جديدة في المهجر ليس لها أي ارتباط مادي بفلسطين.
وتمادت سلطات الاحتلال في غيها وطغيانها وعدوانها مترافقا مع المزيد من مصادرة الاراضي الفلسطينية وتهويدها لبناء وتوسيع المستعمرات وجدار الفصل العنصري بالاضافة الى سياسة العقاب الجماعي وزيادة الحواجز في الضفة الغربية المحتلة وتشديد الحصار على قطاع غزة لتدمير البنية التحتية وفصل وعزل سكان فلسطين عن حقوقهم وممتلكاتهم الحيوية اليومية وحرمانهم من التواصل مع عمقهم الاجتماعي الفلسطيني والعربي والإسلامي.
استخدم الاحتلال لبلوغ مقاصده، اسلوبيين اولهما الترهيب والترغيب لجعل الجاليات اليهودية الموزعة على دول العالم تأتي الى فلسطين لتقيم المستوطنات وتقضم الاراضي العربية الفلسطينية شيئا فشيئا. اما الثاني فكان التقرب من الدول الفاعلة عالميا والتأثير عليها لعقد اتفاقيات واستصدار وعود تعترف بوجود حق يهودي في فلسطين فاصبحت الفرصة سانحة اما الحركة الصهيونية في اوائل القرن العشرين عندما بدأت علائم الموت تظهر على الامبراطورية العثمانية التي كانت تسيطر على المشرق العربي فاستغلّ اليهود ذلك الوضع لاستصدار وعد من بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهو ما عرف باسم وعد بلفور.
ان ذكرى 15 ايار/مايو عام 1948 الذي ادرج خلاله اسم الكيان الصهيوني المشؤوم على خارطة الكرة الارضية تذكر باتعس يوم على مرّ التاريخ الفلسطيني حيث معاناة شعب مظلوم وتشريد الملايين من الفلسطينيين في تلك الحقبة وان احداث عام 1948 كانت بداية لجرائم مروعة مازالت تمارس حتى يومنا الحاضر من خلال التطهير العرقي للشعب الفلسطيني.
ان الاستمرار في احتلال كافة الاراضي الفلسطينية والاعدامات العشوائية للابرياء وتهويد القدس الشريف وتدنيس الاقصى والتوسع الاستيطاني وتهويد الضفة الغربية ومواصلة الحصار على قطاع غزة تعد من الجرائم التي تواصل 'اسرائيل' القيام بها بكل قوة عبر انتهازها للازمات التي تعصف بالمنطقة مما اثار استنكارا عالميا حيال هذه الممارسات.
ان محاولات الكيان الصهيوني في تهميش القضية الفلسطينية كونها القضية الاسلامية الاولى والتجاهل المؤسف لبعض الدول الاسلامية والعربية للجرائم الصهيونية، الذي ينبع عن مزاعم هذه الدول الخاطئة حيال مفاوضات التسوية والخنوع لهذا الكيان على طاولة المفاوضات، كل ذلك زاد من تجرؤ الاحتلال، وقلق الفلسطينيين وكافة احرار العالم حيال مصير القدس وحقوق الشعب الفلسطيني المحقة.
ومنذ ذلك الحين تعددت قرارات الامم المتحدة والمبادرات والحلول المطروحة التي تنكر لها الاحتلال بدءا من القرار الدولي 181 الي القرار 194 والقرار 242 والقرار 338 وغيرها الكثير من القرارات والمبادرات التي تم اغتيالها في مهدها رغم توقيع عدة اتفاقيات اختلفت مسمياتها من كامب ديفيد الي اوسلو ووادي عربة بالاضافة لجولات الحوار والمؤتمرات الاقليمية والدولية برعاية الحليف الاميركي، دون ان يتحقق اي تقدم يذكر في عملية تسوية مزعومة منذ النكبة وحتى الان.
وتمادت سلطات الاحتلال في غيها وطغيانها وعدوانها مترافقا مع المزيد من مصادرة الاراضي الفلسطينية وتهويدها لبناء وتوسيع المستعمرات وجدار الفصل العنصري بالاضافة الى سياسة العقاب الجماعي وزيادة الحواجز في الضفة الغربية المحتلة وتشديد الحصار على قطاع غزة لتدمير بناه التحتية والمجتمعية وتفكيك بنية المقاومة المسلحة...وفصل وعزل سكان فلسطين عن حقوقهم وممتلكاتهم الحيوية اليومية وحرمانهم من التواصل مع عمقهم الاجتماعي الفلسطيني والعربي والاسلامي.
أبرز أحداث النكبة عام 1948
عند حلول عام 1948، كان اليهود قد أسسوا على أرض فلسطين 292 مستعمرة، وكونوا قوات عسكرية من منظمات الهاغاناه، والأرغون، وشتيرن، يزيد عددها عن 70 ألف مقاتل واستعدوا لإعلان الكيان الاسرائيلي.
وفي مساء الـ 14 من مايو/أيار عام 1948، أعلنت "إسرائيل" قيام كيانها على أرض فلسطين، وتمكنت من هزيمة الجيوش العربية، واستولت على نحو 77% من فلسطين، أي نحو 20 ألف كيلو متر مربع و 770 ألف، من مساحتها الكلية البالغة 27 ألف كيلو متر مربع.
وشردت" إسرائيل" بالقوة 800 ألف فلسطيني، من أصل 925 ألف فلسطيني، كانوا يقطنوا هذه المساحة التي أعلنت عليها قيام كيانها.
وحتى عام 1948 بلغ عدد الفلسطينيين على كامل أرض فلسطين، مليون و400 ألف نسمة.
ودمر "الصهاينة" حينها 478 قرية فلسطينية، من أصل 585 قرية كانت قائمة في المنطقة المحتلة، وارتكبوا 34 "مجزرة".
انتهى *1049