وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الجمعة، أنّ فريقه الميداني وثّق مقتل 18 فلسطينيًا خلال 15 يومًا فقط من الشهر الجاري، غالبيتهم قضوا بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بنيت" في 8 أبريل/ نيسان الجاري بمنح تفويض للجيش الإسرائيلي لشن حرب بلا هوادة على ما وصفه بالإرهاب.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ عنف القوات الإسرائيلية امتد صباح اليوم الجمعة إلى المسجد الأقصى، إذ اقتحمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد واعتدت بعنف على المصلين والمعتكفين داخله، ما أسفر عن إصابة أكثر من 150 فلسطينيًا بجروح مختلفة، واعتقال 400 آخرين.
وأكّد أنّ قرار اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والاعتداء غير المبرر على المصليّن بداخله يعكس تهورًا كبيرًا من صناع القرار في إسرائيل ورغبة على ما يبدو بتصعيد الأوضاع الأمنية، إذ قد يكون لهذا السلوك تداعيات خطيرة على استقرار الأوضاع ليس فقط بالقدس بل في عموم الأراضي الفلسطينية، كما حدث في مايو/ أيار العام الماضي.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّه أحصى مقتل 47 فلسطينيًا بينهم 8 أطفال وامرأتين برصاص القوات الإسرائيلية في حوادث مختلفة منذ بداية عام 2022، لافتا إلى أنّ هذا العدد يمثل قرابة 5 أضعاف الفلسطينيين الذين قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في الفترة نفسها من العام الماضي، والذي بلغ 10 قتلى.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ تفويض المستوى السياسي الرسمي الإسرائيلي للجيش والأمن للعمل بـ"حرية كاملة لدحر الإرهاب" مهّد على ما يبدو لإطلاق يد القوات الإسرائيلية على نحو غير مبرر لقتل المدنيين الفلسطينيين والتنكيل بهم على الحواجز العسكرية وفي مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية، والقدس الشرقية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ المستوى السياسي الإسرائيلي يتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية حوادث قتل الفلسطينيين، وخصوصا تلك التي راح ضحيتها نساء وأطفال عزل قتلوا بدم بارد دون أن يشكلوا أي تهديد لحياة الجنود الإسرائيليين.
وربط بيان المرصد زيادة أعمال القتل ضد الفلسطينيين في العام الجاري، بالتعليمات الجديدة لسياسة إطلاق النار التي أقرها الجيش الإسرائيلي في 20 ديسمبر /كانون أول 2021، والتي منحت الضوء الأخضر للجنود في الضفة الغربية لفتح النار على الشبان الفلسطينيين من ملقي الحجارة والزجاجات الحارقة.
ورحب رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها نفتالي بنيت بهذه التعديلات، معتبرا أنها "ستسمح للجنود بالدفاع عن أنفسهم".
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه على الرغم من أن سياسة إطلاق النار التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي كانت بالفعل مرنة وكثيرًا ما أفضت لعمليات قتل ضد فلسطينيين دون أي مبرر ودون توفر مبدأ الضرورة والتناسب؛ إلاّ أن التعليمات الجديدة جعلت من الضغط على الزناد مسألة هيّنة على الجنود، في ظل وجود قرار رسمي داعم وإجراءات تحميهم من أي مساءلة.
وتابع "أنّه نتيجة لذلك، شهدت عمليات القتل زيادة لافتة خلال العام، إذ قتل في يناير/ كانون ثاني 5 فلسطينيين، وفي فبراير/ شباط 6 فلسطينيين، وفي مارس/ آذار ارتفع العدد إلى 18 فلسطينيًا، في حين قتل 18 فلسطينيًا في 14 يومًا فقط من شهر أبريل/ نيسان الجاري.
وبيّن المرصد أنّ بين القتلى 29 شخصًا بينهم 7 أطفال وامرأتان قتلوا في عمليات إطلاق نار دون أي مبرر ودون انخراطهم بأي أحداث ذات علاقة بعملية القتل، وهو ما يترجم فعليًا سياسة الاستخدام المفرط للقوة التي دأبت القوات الإسرائيلية على ممارستها ضد الفلسطينيين.
وأشار إلى تسجيل ما لا يقل عن 8 عمليات إعدام ميداني بذريعة الاشتباه أو محاولة تنفيذ عملية طعن، إذ ترك الجيش الإسرائيلي جميع الضحايا ينزفون حتى الموت بعد إطلاق النار عليهم، ولم يقدم لهم أي إسعاف، في مخالفة فاضحة لقواعد القانون الدولي الإنساني.
كما قتل 6 أشخاص في عمليتي اغتيال (إعدام خارج نطاق القانون) في نابلس وجنين، وقتل 6 آخرون خلال اشتباكات مسلحة رافقت اقتحام القوات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية في الضفة الغربية. فيما قتل 5 أشخاص فقط خلال تنفيذهم هجمات ضد إسرائيليين في بئر السبع والخضيرة وتل أبيب.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنّ التمادي الإسرائيلي في استخدام القوة المميتة ضد المدنيين، يأتي كنتيجة حتمية لغياب المساءلة الداخلية في إسرائيل من جهة، ونتيجة لسياسة المجتمع الدولي من جهة أخرى، والذي يسمح لإسرائيل في كل مرة بالإفلات من العقاب.
ودعا المرصد الأورومتوسطي آليات وهيئات الأمم المتحدة المعنية بالتحرك العاجل لحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية، واتخاذ خطوات جادة لضمان المساءلة عن جرائم القتل المروعة التي تقترف ضدهم.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الأطراف المعنية بالتدخل الفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وخصوصًا في المسجد الأقصى، وعدم السماح للحكومة الإسرائيلية بالاستمرار في ارتكاب أفعال متطرفة قد تؤدي إلى امتداد التوترات الأمنية إلى مناطق أخرى تتسع معها رقعة العنف على نحو قد لا يمكن السيطرة عليه.
المصدر: المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان
انتهی**3269