طهران/22نيسان/ابريل/ارنا--تبرر الدول الغربية موجة الإساءة لمقدسات الأديان بأنها "حرية التعبير"، لكن، وفقًا للقوانين الدولية، لا تعتبر الأفعال المسيئة "حرية التعبير" انما هو مثال واضح على انتهاكات حقوق الإنسان لأنه يضر بالمشاعر الدينية لملايين الناس حول العالم.

وقبل أقل من عامين قامت مجلة شارلي إبدو الفرنسية بإعادة نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، في خطوة مغرضة ، بذريعة "حرية التعبير" ،و انتهكت بشكل واسع حقوق ملايين المسلمين.

وفي خطوة جديدة قام زعيم حزب دنماركي متطرف يحمل الجنسية السويدية يدعى راسموس بالدين يوم 14 ابريل باحراق القرآن الكريم في عملية مخططة مسبقا بدعم الشرطة السويدية في بلدة لينك-بينغ ذات الأغلبية المسلمة .

و بالودين المعروف بأنشطته المعادية للإسلام والذي حصل على إذن من الشرطة لجمع أنصاره ،كرر فعلته في مدينة رينكبي يوم الجمعة وأثار هذا العمل المتعمد والاستفزازي موجة من الاحتجاجات والإدانات العالمية.

واتخذ بالودين اجراءات مماثلة في الدنمارك في السنوات الأخيرة وحاول حرق القرآن في دول أوروبية أخرى ، مثل ألمانيا وفرنسا ، لكن الشرطة منعته من القيام بذلك فیما اثار دعم الشرطة السويدية لإحراق القران لليمين المتطرف االکثیر من التساؤلات.

في غضون ذلك تعرضت الشرطة والحكومة السويدية لانتقادات من قبل العديد من المسؤولين والشخصيات البارزة لعدم أخذ هذا الإجراء على محمل الجد ، وهو ما يعد انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان والحريات.

في الدستور السويدي ، تتصدر قائمة الحقوق والحريات ما يتعلق بحرية الفكر وهي حرية التعبير ، حرية الإعلام ، حرية تكوين الجمعيات ، حرية التظاهر ، حرية تكوين الجمعيات وحرية الدين. فالحرية الدينية فقط هي غير مشروطة ، في حين أن الحريات الأخرى مقيدة بالقوانين الحالية.

ما يترتب على تعاريف حرية التعبير في الوثائق الدولية لا يعد بأي حال من الأحوال مبررًا للاساءة أو السخرية من اراء الأخرى. تنطبق حرية التعبير إلى الحد الذي لا تتعارض فيه مع حقوق الأخرىن. إن الاساءة لمشاعر ومعتقدات أكثر من مليار مسلم في العالم بحجة حرية التعبير ليس مقبولا بأي منطق ، وتتعارض مع نفس القوانين والاتفاقيات والمعاهدات التي تنص على حرية التعبير.

ردود الافعال على حرق القرآن الكريم في السويد

احتج مدير مركز العلاقات الإسلامية في الدنمارك مايكل سيباستيان عباسي على ما قام به راسموسن واتهمه بالتحريض على المسلمين.

كما انتقد عباسي الشرطة السويدية، مؤكدا أن على الشرطة عدم منح الإذن لمثل هذه التصرفات. ويلقي كثيرون باللوم على الشرطة في الحادث.

وفي السياق قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، إن التكرار المتعمد للإساءة للقرآن الكريم في السويد خلال شهر رمضان المبارك هو سبب في إيذاء مشاعر للمسلمين في السويد وانحاء العالم، مؤكدا اننا ننتظر الرد الفوري والقوي والواضح من جانب الحكومة السويدية في معاقبة مرتكبي هذا العمل المسيء.

من جانبه ندد رئيس المكتب الثالث لأوروبا الغربية بوزارة الخارجية الايرانية هذا العمل المشين خلال شهر رمضان المبارك، منوها بمسؤولية الحكومة السويدية في هذا الصدد.

ووصف إلاساءة لمقدسات أكثر من ملياري مسلم حول العالم وإيذاء مشاعرهم بأنه أسوأ انتهاك لحرية التعبير، قائلا إن الحادث المؤسف الذي وقع تحت دعم الشرطة السويدية شوه صورة السويد بين المسلمين حول العالم.

كما أدانت دول إسلامية أخرى من بينها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن وقطر وإندونيسيا والعراق وغيرها ، هذا العمل الاستفزازي وتدنيس القرآن الكريم بشدة.

الازدواجية الغربية في حرية التعبير

تلجأ الدول الغربية إلى "حرية التعبير" لتبرير مثل هذه الأفعال المعادية للإسلام ،لكن وفق القوانين الدولية لا يمكن لحرية التعبير الإساءة لمعتقدات الأديان والأعراق بأي شكل. ما يدل على تجاهل الغرب للحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية ، والتي طالما أصر على المصادقة عليها.

 إن المقاربة المزدوجة للدول الغربية تجاه موضوع الحرية تبدو كما لو أن الحرية تخص المواطنين الأصليين وليس المهاجرين.

ويرى الدكتور حسن نافعة ااستاذ العلوم السياسية البارز بجامعة القاهرة ، إن مسؤولي الدول التي ينتشر فيها معاداة الإسلام يزعمون في تبرير عدم انتقادهم وعدم معاملتهم الجادة تجاه هذه التصرفات المسيئة والمتطرفة ، يزعمون أن بلدهم يتمتع بحرية التعبير وهي سبب تنصلهم من اتخاذ القرار ضد هذه الافعال، ولكن علينا المرء أن نسأل لماذا لا يوجد حرية التعبير فيما يتعلق بالتشكيك في الهولوكوست و ما يتعلق بالكيان الإسرائيلي؟. 

ویعتقد الدكتور نافعة أن الغرب ينتهج سياسة مزدوجة في التعامل مع المسيئين للاديان فهو يمنع محاولات انتقاد المحرقة اليهودية وفي نفس الوقت يسمح للإساءة للإسلام ومقدساته.

الغرب ينتهج سياسة مزدوجة في هذا الخصوص ، وتحديداً في قضية الهولوكوست ،فشهدنا إجراء محاكمات لمن يدلي بتصريحات عادلة حول القضية الفلسطينية في الغرب، ومنهم الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي بسبب آرائه.

في السياق،يمكن الإشارة إلى تصريحات قائد الثورة الإسلامية التي تتضمن أسئلة لعلل وقوع مثل هذة الأحداث المريرة المعادية للإسلام. مثل لماذا تعتبر الاساءة للأنبياء حرية التعبير لكنهم لا يسمحون بالبحث العلمي حول الهولوكوست ، وهي نقطة ذكية تكشف الطبيعة المتناقضة لوجهات نظر وأفعال الحكومات الغربية.

كما أكد آية الله الخامنئي ، في َ موضوع اساءة شارلي إيبدو للرسول الأكرم ص، إن ذريعة حرية التعبير لعدم إدانة هذه الجريمة الكبرى مرفوضة تمامًا وخاطئة وديماغوجية.

ضرورة العمل القانوني وردود الافعال الرسمية للدول الإسلامية

وبحسب وكالة أنباء الأناضول التركية ،  على الرغم من عدم وجود الخط الأحمر لحرية التعبير أو قيود أو استثناءات حول القيم الروحية في الغرب على ما يبدو ، فإن تاريخ معايير الغرب المزدوجة تجاه حرية التعبير يدل على وجود مثل هذه الحركات. لا يوجد إهانة للقيم المسيحية واليهودية ، لأن مثل هذه الأعمال محظورة من قبل المؤسسات والمنظمات الدينية القوية لهذه الأديان.

و يتبادر إلى الاذهان أن حرية التعبير في الغرب لا يمكن ممارستها إلا ضد الإسلام والمسلمين.

وترى وكالة أنباء الاناضول ، أن استمرار هذه السلسلة من الأعمال المعادية للإسلام من قبل اليمين المتطرف في الغرب هو نتيجة لضعف المسلمين ، الذين لا يتفاعلون إلا في حال وقوع مثل هذه الحوادث.

فمن الضروري إيجاد طريقة للتعاون مع القطاعات القانونية العادلة في أوروبا والغرب ، بحيث يمكن مقاضاة مثل هذه الإساءات باعتبارها جريمة من قبل المؤسسات ذات الصلة ، وخاصة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وأشارت الاناضول إلى حكم أصدرته محكمة حقوق الإنسان في 25 أكتوبر 2018 ، أعلن فيه بالإجماع أن الإساءة للرسول الاكرم والقرآن والإسلام يتجاوز حدود "حرية التعبير". ويمكن الاستناد به في الحوادث المماثلة التي  تتضمن الإساءة المقدسات الاسلامية.

 ويشير استمرار مثل هذه الإساءات الصارخة مثل حرق القرآن في السويد ، وتمزيق القرآن في النرويج ، ونشر رسوم كاريكاتورية مهينة ،إلى أن الدول الغربية أصبحت سجنا خانقا للمسلمين.

انتهى * 1453*1049