عملية سايكولن الاعصار (Operation Cyclone) هو الاسم الرمزي لبرنامج وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) لتسليح وتمويل المقاتلين، في أفغانستان من عام 1979 إلى عام 1989، بعد واثناء وبعد التدخل العسكري من قبل الاتحاد السوفياتي السابق.
وكانت عملیة سايكولن الاعصار قد لعبت دورا هاما في تأسیس تنظیم القاعدة الذي نفذ هجمات 11 سبتمبر/أیلول 2001 وأجبرت الولایات المتحدة علی شن حرب ضد أبنائها المتمردین، الذین دعمتهم ذات یوم وان هذه الحرب في افغانستان لقد تسببت في معاناة الشعب الافغاني بشكل لا یمكن تصوّرها مع خسائر مأساویة في الأرواح وتشرید ملایین الأشخاص.
كما تسببت في تقلیص الحریات المدنیة للمواطنین الأمریكیین وزیادة الشعور بالقلق وانعدام الأمن بهذالبلد، ومن هذا المنطلق ما الذي یضمن أن تكرار نفس السیاسة في أوكرانیا سیؤدي إلی نتائج أفضل؟ هذا سؤال یجب علی المسؤولین الأمریكیین والغربیین الإجابة علیه.
وفي الوقت الذي لا تزال فیه الحرب بین أوكرانیا وروسیا تتصدر الأخبار في العالم ، هناك أدلة متزایدة علی جهود وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) لتسلیح وتعزیز المتمردین في أوكرانیا لكن الإجراء الأمریكي وتداعیاته لم یحظیا باهتمام كبیر في الأنباء التي تتناولها وسائل الاعلام.
وقام التقریر الذي نشره موقع "یاهو نیوز" مؤخرًا، حول تحركات وكالة المخابرات المركزیة الأمیركیة في أوكرانیا بجمع اﻟﻘﺮاﺋﻦ واﻷدﻟﺔ عن قیام واشنطن بتسلیح وتقویة مجموعات من النازیین الجدد في أوكرانیا.
والأقسام الاخری لهذا التقریر تشمل دراسة أیدیولوجیة مجموعات النازیین الجدد في أوكرانیا ومقارنة السیاسة التي انتهجتها امریكا في أوكرانیا مع سیاستها في أفغانستان في أواخر السبعینیات من القرن الماضي والتداعیات المحتملة لتنفیذ هذه السیاسة للمرة الثانیة.
بصورة سریة.. الاستخبارات الأمیركیة تشرف علی برنامج تدریب قوات أوكرانیة
موقع "یاهو نیوز" كشف عن "برنامج تدریبي مكثّف ترعاه وكالة الاستخبارات المركزیة الأمیركیة للقوات شبه العسكریة الأوكرانیة، في منشأة لم یُكشف عنها في جنوبي الولایات المتحدة".
ونقل موقع "یاهو نیوز" عن خمسة من مسؤولي الاستخبارات والأمن القومي السابقین في الولایات المتحدة، أنّ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تشرف علی برنامج تدریب أمیركي سري لنخبة من القوات الخاصة الأوكرانیة، وأفراد من الاستخبارات منذ عام 2015 في منشأة مجهولة جنوبي الولایات المتحدة.
وقال مسؤول استخباري أميركي كبیر سابق للموقع إن "المشروع بدأ في فترة إدارة الرئیس الاسبق باراك أوباما، وتطور في فترة دونالد ترامب، وازادت وتيرته في فترة الرئیس الحالي جو بایدن".
واوضح مسؤول استخباري آخر إنّ البرنامج یتضمّن "تدریباً محدَّداً للغایة علی المهارات"، من شأنه أن یعزز "قدرة أوكرانیا علی صدّ التوغل الروسي".
بدوره، ذكر مسؤول سابق آخر في وكالة المخابرات المركزیة الأمیركیة، مُطّلع علی البرنامج، إن "الولایات المتحدة تدرّب علی التمرد"، وعلّمت الأوكرانیین كیفیة "قتل القوات الروسية"، بحسب ما ذكرت "یاهو نیوز".
وتقول السلطات الأمیركیة إن "البرنامج لیس هجومیا، وتصر علی أن الغرض من التدریب هو المساعدة علی جمع المعلومات الاستخباریة".
واعترف العدید من المسؤولین السابقین المشاركین في تنفيذ المشروع في مقابلة مع الموقع أن المجموعات الأوكرانیة تلقت تدریبات حول كیفیة استخدام الأسلحة الناریة وتقنیات التمویه، وتكتیكات مثل "التغطیة والتحرك".
وبعد وقت قصیر من نشر تقریر یاهو نیوز ، أیدت صحیفة واشنطن بوست تحركات وكالة المخابرات المركزیة في أوكرانیا. وأفادت الصحیفة في 5 مارس ( بعد أسبوعین من بدء الحرب الروسية الأوكرانية) أن الولایات المتحدة وحلفاءها الغربیین كانت قد توقعت أن یحقق الجیش الروسي في نهایة المطاف أهدافه في أوكرانیا بعد تجدید قواته ومن هذا المنطلق استعدت لـ " مقاومة دمویة طویلة الامد".
وافاد التقریر ، ان حلفاء أوكرانیا يخططون لكیفیة المساعدة في تشكیل ودعم حكومة في المنفی وقیادة عملیات حرب العصابات ضد القوات الروسیة إذا نجح الجیش الروسي.
وصرح مسؤول أمریكي لصحیفة واشنطن بوست أن الأسلحة التي ترسلها الولایات المتحدة إلی أوكرانیا ستلعب دورًا رئیسیًا في نجاح "حركة التمرد".
من هي الجماعات المتطرفة الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة؟
واعترفت وسائل الإعلام العالمية، بما في ذلك الغربیة، بأن كتیبة آزوف وهي وحدة یمینیة متطرفة ومجموعة من النازیين الجدد من الحرس الوطني الأوكراني ، تلقت تدریبات عسكریة من قبل الولایات المتحدة وحلفائها الغربیین.
وفي تقریر نُشر في 30 مارس 2022 ، كتبت قناة "سی إن إن" الإخباریة إن وجود عنصر فعال مثل "آزوف" داخل القوات المسلحة الأوكرانیة، یطرح أسئلة غیر مریحة للحكومة الأوكرانیة وحلفائها الغربیین الذين یواصلون إرسال المساعدات لأوكرانیا. واشارت القناة إلی أنه في وقت غير بعيد، تبنت قیادة "آزوف" علانیة وجهات نظر بشأن تفوق العرق الابیض وأقامت علاقات مع مجموعات وأشخاص ذات تفكير متشابه في الدول الغربیة.
كما أید التقریر أن قوات كتیبة آزوف كانت من بین المجموعات الرئیسیة التي تقاتل القوات الروسیة في بلدة ماریوبول خلال الأسابیع الأخیرة.
واعلنت صحیفة جیروزالیم بوست الصهیونیة في 21 أبریل / نیسان عن كشف صور من القوات المتطرفة الأوكرانیة التي كانت تحمل قاذفات صواریخ ماتادور المضادة للدبابات علی أكتافها، مضیفة إن قاذفات الصواریخ، وهي منتج مشترك للكیان الصهیوني وسنغافورة وشركة ألمانیة، أصبحت الآن في أیدی قوات كتیبة آزوف.
ونشر حساب علی تویتر التابع لكتیبة آزوف، مقطع فیدیو في أواخر أبریل الماضي یظهر أحد أعضاء الجماعة یستخدم قاذفات الصواریخ نفسها لاستهداف ناقلة جنود روسیة مدرعة، كما شوهدت صور لأعضاء الكتیبة كانوا یعملون مع قاذفات صواریخ بریطانیة الصنع.
ونشرت (إحدی وسائل الإعلام البیلاروسیة) في 8 مارس 2022 صورًا تكشف أن كتیبة آزوف كانت أول مجموعة أوكرانیة تلقت تدریبات حول كیفیة استخدام الأسلحة الخفیفة المضادة للدبابات "NLAW".
وافاد موقع دي كلاسیفید( DiClassify) انه تم إرسال هذه الأسلحة من قبل بریطانیا ولوكسمبورغ.
وعلق عضو البرلمان البریطاني جیمس هیبي على هذه الصور متسائلا وزیر الدفاع البریطاني عما إذا كانت قوات كتیبة آزوف ستحصل علی أسلحة مضادة للدبابات التي أرسلتها بریطانیا ام لا. وامتنع وزیر الدفاع البريطاني عن الرد على هذا السؤال حتی الساعة.
وبدأت وسائل الإعلام الغربیة في الآونة الأخیرة، عملیتها النفسیة الخاصة للایحاء بأن انشطة هذه الكتیبة عادیة.
وفي هذا السیاق، زعم تقریر لوكالة فرانس برس أن الأوكرانیین دعموا كتیبة آزوف، قائلا : تتمتع كتیبة آزوف بسمعة طیبة في أوكرانیا ونالت الثناء والإعجاب بسبب التزامها لمواجهة العدوان الروسي.
واضاف: تجمع المتظاهرون في كییف هذا الأسبوع للتعبیر عن دعمهم العام لآزوف وزملائهم المدافعین عن مدینة ماریوبول الساحلیة بجنوب أوكرانیا، حیث شن الروس هجومًا كبیرًا علی مصنع آزوفستال للصلب المكان الذي تتمركز فیه القوات الأوكرانیة."
كما أجرت قناة اسكاي نیوز مقابلة مع مواطن بریطاني انضم مؤخرًا إلی الكتیبة ، قائلا إن أعضاء الكتیبة لیسوا "مرضی نفسیین وشیاطین".
واضافت القناة، استخدمت الكرملین خلفیة الكتیبة لتبریر ادعائها بأن روسیا تقاتل من أجل "اجتثاث النازیة" في أوكرانیا .
وفي هذالسیاق قال إد أرنول الباحث في الأمن الأوروبي في معهد رویال یونایتد سیرفیسز، لقناة اسكاي نیوز إن كتیبة آزوف العسكریة اتخذت خطوات للابتعاد عن روابطها الیمینیة المتطرفة.
بالإضافة إلی كتیبة آزوف، أصدرت جماعة یمینیة متطرفة أخری تسمی "برافي سیكتور" مقطع فیدیو یظهر أعضاءها وهم یستخدمون أسلحة بریطانیة الصنع مضادة للدبابات.
وعلی الرغم من أن أعضاء منظمة برافي سیكتور یرفضون أیدیولوجیة النازیین الجدد، إلا أنهم عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من مؤیدي ستیبان باندرا، وهو أحد زعماء منظمة القومیین الأوكرانیین والذي تحالف مع النازیین خلال الحرب العالمیة الثانیة.
ولكن، كما ورد في الجزء الأول من التقریر، بدأ الدعم الأمریكي والغربي لهذه الجماعات الأوكرانیة الیمینیة المتطرفة قبل الحرب الراهنة (علی الأقل منذ عام 2015).
وهناك كثیر من الأدلة عن دعم الولایات المتحدة، النازیین الجدد من الأوكرانیین، وخاصة كتیبة آزوف، وتسلیحهم خلال السنوات القلیلة الماضیة نستعرض أهمها:
ظهرت أولی بوادر نوایا واشنطن لتسلیح وتقویة النازیین الجدد في دیسمبر 2015 حیث ألغت الولایات المتحدة في ذلك الوقت تعدیلاً قانونیاً یحظر دعم واشنطن المالي لجماعات النازیین الجدد في أوكرانیا من مشروع قانون میزانیتها لعام 2016.
وذكر موقع The Nation في وقت لاحق أن التعدیل ألغی بضغط من البنتاغون. وكشفت الخطوة أن واشنطن غیرت سیاستها السابقة تجاه هذه الجماعات المتطرفة وتسعی لتقویتها لمحاربة روسیا.
ثم وردت تقاریر عن تدفق أسلحة أمریكیة إلی المیلیشیات النازیة. وأعلنت شركة Airtronic USA ومقرها تكساس عام 2016 عن توقیع عقد مع جانب اسمته "مشتري الاسلحة لحلفاء أوروبیین" لتسلیم القذائف الصاروخیة الدفع أو الآر بي جي ( PSRL-1 RPG) التي تقدر قیمتها ب5.5 ملیون دولار.
ونشر موقع آزوف في یونیو 2017 صورًا لمقاتلي الكتیبة وهم یختبرون هذه القذائف.
وأثارت الصور تكهنات بأن مشتري المعدات العسكریة لشركة "Airtronic USA" یمكن أن تكون أوكرانیا.
وبعد شهرین (في أغسطس 2017) كشف موقع لتقدیم التحاليل العسكرية مؤید لروسیا یسمی "Southfront " عن ابرام صفقة سریة لإنتاج هذه القذائف الصاروخیة الدفع أو الآر بي جي بمشاركة شركة أسلحة أوكرانیة لتوزیعها علی الوحدات القتالیة في البلاد.
وقال أحد كبار المسؤولین في شركة Irtronic ، "ریتشارد وندیور" في مقابلة مع اذاعة صوت أمریكا "Voice Of America " في دیسمبر 2017 انه : تم الحصول علی التصاریح اللازمة لإرسال قذائف "آر بي جي" من خلال تنسیق وثیق للغایة بین حكومتي امریكا وأوكرانیا."
وفي ینایر 2018، أید المجلس الأطلسي وهو مركز أبحاث مقره العاصمة واشنطن أن الحكومة الأمریكیة قد سلمت هذه الأسلحة الفتاكة إلی كتیبة آزوف.
وكتب الباحث في مختبر أبحاث القوانین الرقمیة التابع للمجلس الأطلسي إریك تولر، في مذكرة: "لقد وفرت السفارة الأمریكیة الارضیة لنقل هذه الأسلحة إلی أوكرانیا، لكنني لست متأكدًا من أنهم یعرفون أن آزوف سیكون أول جماعة یتم تدریبها علی هذه الأسلحة".
ومن غیر المحتمل أن یكشف المجلس الأطلسي عن مثل هذه المعلومات وهو المعروف بین الخبراء باسم جماعة الضغط غیر الرسمیة لحلف شمال الأطلسي في واشنطن وأحد أقوی المدافعین عن نظریة ضرورة تسلیح الجیش الأوكراني.
ولا تزال دوافع هذا المركز البحثي للكشف عن هذه القضیة غیر واضحة لكن هذه الخطوة جعلت الدعم الأمریكي شبه السري للنازیین الجدد في أوكرانیا أكثر وضوحًا واوسع تناقلا في وسائل الإعلام.
وبعد یوم من تقریر المجلس الأطلسي عن حصول كتیبة آزوف علی الأسلحة الأمریكیة، أكد الحرس الوطني الأوكراني في بیان رسمي أن هذه الجماعة لم یعد لدیها هذه الاسلحة.
من ناحیة أخری ،أجبرت الكتیبة علی إزالة جمیع الصور المتعلقة باستخدام جنودها لهذه الأسلحة من موقعها علی الإنترنت.
الوثائق التي تم الكشف عنها حول علاقة الولایات المتحدة بالنازیین الجدد في أوكرانیا، لا تتعلق فقط بصفقات الأسلحة وتتضمن أنواعًا أخری من التعاون. علی سبیل المثال ، في نوفمبر 2018، نشر موقع آزوف علی الإنترنت صورًا للضباط الأمیركیین یجتمعون مع قادة الكتیبة، قائلا إن الضباط الأمریكیین كانوا یقدمون لهم "تدریبًا أو مساعدة أخری". هذه الصور تمت إزالتها من الموقع الرسمي للكتیبة، لكن تم الاحتفاظ ببعضها من قبل وسائل الإعلام.
هذا ما أیده ضباط كتیبة آزوف فكشف العضو في الجماعة، الرقیب إیفان خاركوف في مقابلة مع الصحفیین الأمیركیین عن تعاون المدربین والمتطوعین الأمیركیین مع الكتیبة. وقال لصحیفة دیلی بیست: "یجب أن نستخدم معرفة كل الجیوش".
كتیبة آزوف
وكتیبة آزوف هي وحدة یمینیة متطرفة تتضمن نازیين جدد من الحرس الوطني الأوكراني ومقرها مدینة ماریوبول علی ساحل بحر آزوف. وقاتلت القوات الإنفصالیة خلال الحرب في دونباس.
تشكلت آزوف في البدایة كمیلیشیا متطوعة في مایو 2014 وشهدت أول تجربة قتالیة لها في استعادة ماریوبول من الانفصالیین الموالین لروسیا في یونیو 2014. وتم دمج آزوف في الحرس الوطني الأوكراني، ومنذ ذلك الوقت أصبح جمیع أعضاءها جنودًا متعاقدین یخدمون في الحرس الوطني.
وفي عامي 2015 و 2016 اكتسبت الكتیبة الكثیر من الاهتمام وحصلت علی التعاطف من الحركات النازیة واستخدمت الرموز النازیة للتعبیر عن شعاراتها.
وقال متحدث باسم الكتیبة في مارس 2015، إن النازیین الجدد يشكلون حوالي 10-20 بالمائة من أعضائها.
وكان للكثیر من الأعضاء خلفیة سیاسیة في منظمة باتریوتس الأوكرانیة المنحلة الآن، وهي منظمة عنصریة كانت في الأصل اتحاداً شبابیاً متشدداً للحزب الیمیني المتطرف SNAP، الذي تأسس عام 1991 تحت اسم "الحزب الوطني الاجتماعي الأوكراني" (SNAP)، وعام 2004 غیر اسمه إلی "سفوبودا" (الحریة)، ولدیه تاریخ طویل من الانتفاضات المعادیة لروسیا ومعاداة السامیة.
وزعیم حركة آزوف هو أندریه بیلتسكي، الذي أعلن سابقاً أن مهمة أوكرانیا التاریخیة هي "قیادة البیض في الأرض في حرب صلیبیة نهائیة ضد البشر الذین یقودهم السامیون". مع ان الخطاب الرسمي لآزوف اصبح أقل تطرفاً في الوقت الراهن، لكنه یعكس نظرة عالمیة استبدادیة عرقیة.
وتشكل آراء بیلتسكي، جوهر الرؤیة الأیدیولوجیة لكتیبة آزوف وأفادت بعض وسائل الإعلام، من بينها صحیفة الغاردیان البریطانیة، أن آزوف لدیه الیوم، منظمة سریة تسمي "Misanthropic Division" ، (فرع مكافحة الشعب) والتي تشارك بشكل كبیر في تجنید الشباب النازیین الجدد بفرنسا وألمانیا والدول الاسكندنافیة ووعدت المنظمة، المقاتلین الأجانب بتدریبهم علی العمل بالأسلحة الثقیلة، بما في ذلك الدبابات، في المعسكرات الأوكرانیة الملیئة بالمقاتلین الآخرین ذوي التفكیر المماثل.
والأیدیولوجیا الرئیسیة لجماعة آزوف هي "الاسترداد و استعادة" انهم یعتقدون بسیادة البيض أو استعلاء البیض داعیا الأفراد ذو العرق والأصل الأبیض من أوروبا الشرقیة الی الوحدة والتلاحم للسیطرة علی المنطقة.
وذكرت صحیفة دیلي تلغراف في عام 2018 أن الأیدیولوجیات المتطرفة لكتیبة آزوف ودعایتها في الفضاء الإلكتروني جذبت انتباه العدید من المقاتلین الأجانب في مختلف البلدان، بما في ذلك البرازیل وإیطالیا والمملكة المتحدة وفرنسا والولایات المتحدة والیونان والسوید وإسبانیا وسلوفاكیا .
كما افادت مجلة تایم، ان هذه الجماعة العنصریة تستخدم فیسبوك لتجنید القوی الجدیدة وجعلها متطرفة.
سجل الولایات المتحدة الأسود في دعم الجماعات المتطرفة
ولدي الولایات المتحدة سجل اسود في دعم الجماعات المتطرفة كجزء من سیاستها الخارجیة المغامرة وأدت تداعیات الإجراءات الأمریكیة في النهایة إلی إغراق الشعب الأمریكي والعالم في دائرة من العنف الإرهابي.
وخلال الستینیات من القرن الماضي، تعاونت وكالة المخابرات المركزیة الامریكیة مع الجماعات المتطرفة المناهضة لحكومة فیدل كاسترو لتحویل میامي إلی بؤرة للعنف الإرهابي. كما دعمت الولایات المتحدة الجماعات المتطرفة والإرهابیة في الشرق الاوسط خلال اشعال النزاعات ولصراعات بسوریا التي أدت إلی انعدام الأمن علی نطاق واسع بالمنطقة، ومقتل مئات الآلاف، وتشرید الملایین.
وتذكرنا السیاسة الأمریكیة الراهنة في أوكرانیا بسیاسة هذا البلد في أفغانستان في أواخر السبعینیات في شكل مشروع یسمی عملیة الإعصار، حیث قررت وكالة المخابرات المركزیة الأمریكیة مواجهة النفوذ السوفیتي من خلال تسلیح وتمویل الجماعات المتطرفة.
وكتبت الباحثة بجامعة هارفارد "غریكای جنكو" في مقال عن دور الولایات المتحدة في تشكیل منظمة القاعدة : "لا ننسی أن وكالة المخابرات المركزیة هي التي أنجبت أسامة بن لادن ورضعته ورعایته خلال الثمانینیات كأم."
وقال وزیر الخارجیة البریطاني السابق روبن كوك بتصریح في مجلس العموم:" كانت القاعدة بلا شك نتاجًا لمنظمات الأمن الغربي وأوضح روبن كوك أن القاعدة، التي تعني حرفیا "قواعد البیانات" باللغة العربیة، كانت في الأصل قاعدة بیانات حاسوبیة لآلاف المتطرفین الذین دربتهم وكالة المخابرات المركزیة الأمریكیة بتمویل من السعودیین لهزیمة الروس في أفغانستان".
وأضاف: "علاقة الولایات المتحدة بالقاعدة كانت دائما علاقة حب وكراهیة موضحا إذا كان الفرع الإرهابي للقاعدة یخدم المصالح الأمریكیة في منطقة معینة، فإن حكومة الولایات المتحدة ستدعم هذه المجموعة الإرهابیة مالیاً ، وإذا لم تخدم مصالحها، فسوف تهاجمها بقوة. حتی في الوقت الذي یتشدق فیه صناع السیاسة الخارجیة الأمریكیة عن معارضتهم للاسلام المتطرف، یستخدمون المنظمة، كسلاح لدفع سیاستهم الخارجیة الی الامام.
وتشیر الدلائل إلی أن السیاسة التي انتهجتها الأمریكا بأفغانستان تشبه سیاستها تجاه أوكرانیا، وحتی في الأیام الأخیرة أشار بعض السیاسیین المقربین من مراكز القوة في واشنطن، وخاصة أعضاء الحزب الدیمقراطي، إلی إعادة استخدام الولایات المتحدة لهذه السیاسة ودعوا الیها.
وبعد وقت قصیر من بدء العملیة العسكریة الروسیة في أوكرانیا، نشرت مجلة "فارن افرز" Farnaferz مقالاً بعنوان "الانتفاضة الأوكرانیة الفوریة" كتبه دوغلاس لاندون، وهو عمیل متقاعد من وكالة المخابرات المركزیة في آسیا الوسطی ومدیر عملیات مكافحة التمرد التابعة لوكالة المخابرات المركزیة في المنطقة. وقال في المقال "ان بوتین سیواجه تمردًا دمویًا طویل الأمد سینتشر إلی حدود عدة دول له القدرة علی خلق اضطرابات هائلة یمكن أن تزعزع استقرار الدول المجاورة لروسیا.
وأضاف أن الولایات المتحدة ستظل دائمًا مصدرًا رئیسیًا لدعم الانتفاضة الأوكرانیة، قائلا: لقد تعلمت الولایات المتحدة دروسا من خلال تجربتها في غزو فیتنام وأفغانستان أن المتمرد الذي لدیه خطوط إمداد موثوقة ومخزونات كبیرة من المقاتلات وطرق هروب یمكن أن یحافظ علی نفسه إلی أجل غیر مسمي. كما یستطیع أن یدمر الدعم السیاسي للجیش المحتل في داخل بلاده من خلال تقویض إرادة الجیش.
وتعتبر وزیر الخارجیة الأمریكیة السابقة هیلاري كلینتون، التي أشرفت علی دعم "المتمردین المعتدلین" ( الإرهابیون التكفیریون) بسوریا وعملیة تدمیر لیبیا بدعم من الولایات المتحدة وحلف شمال الأطلسي خلال تولي مهام منصب الوزارة، من بین أولئك الذین یصرون علی تكرار سیاسة عملیة الاعصار، في اوكرانیا.
وقالت هیلاري كلینتون في مقابلة مع قناة بي بي سي في 28 فبرایر: ان عملیة الإعصار لم تسجل لروسیا نهایة طیبة وأدی التمرد المدعوم من وكالة المخابرات المركزیة الامریكیة إلی طرد الروس من أفغانستان في ذلك الوقت، داعیة الی تنفیذ نفس السیاسة باوكرانیا.
وأضافت: یمكن للحكومات الغربیة أن تضع روسیا في مأزق من خلال دعمها للجیش الأوكراني والقوات المتطوعة.
وصرحت في مقابلة أخری "أرید إرسال المزید من الأسلحة الهتاكة إلی أوكرانیا، مؤكدة ان هذه الحرب لن تنتهي قریبا وسوف تستمر طويلا" .
وعبّر مسؤولو إدارة بایدن مرارًا عن آرائهم المماثلة لهیلاري كلینتون في الأیام الأخیرة، كما اكد وزیر الخارجیة الأمریكي أنتوني بلینكن، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظیره البریطاني: إذ حاولت روسیا إنشاء "نظام دمیة" في أوكرانیا من خلال إبقاء قواتها في هذا البلد، فستكون هناك صراعات دمویة طویلة الأمد ومدمرة من شأنها توجیه ضربات قاتلة لروسیا.
وأشار جو بایدن مرارًا إلی محاولات الولايات المتحدة وراء تنظیم عملیة التمرد الطویل الأمد في أوكرانیا. وقال في مقابلة صحفية إن روسیا ستتكبد تكالیف باهظة علی المدی الطویل، رغم أن ذلك سیستغرق وقتا".
صور اجتماع ضباط الجيش الأمريكي والكندي مع قوات كتيبة آزوف في نوفمبر2017
وإذا أردنا اعتبار سجل وكالة المخابرات المركزیة في دعم التمرد كمؤشر للتنبؤ بالمستقبل، فیجب أن نقول إن سیاسة الولایات المتحدة ستسبب في دمار ومعاناة انسانیة للشعب الاوكراني والامریكي وجمیع شعوب العالم.
وستصبح أوكرانیا دولة مهزومة وساحة معركة، وأولئك الذین یتفاخرون الیوم في الغرب بدعم حكوماتهم عن أوكرانیا في الحرب سیواجهون قریبًا حقائق جدیدة عن انخراطهم في حرب هتاكة بالوكالة.
وحتی لو كان دعم الولایات المتحدة للتمرد قد یفرض تكالیف باهضة علی روسیا ، فقد یؤدي الصراع إلی عدم الاستقرار في جمیع أنحاء أوروبا الوسطی والشرقیة.
ویتفاقم هذا الخطر عندما تقع الأسلحة التي ترسلها الولایات المتحدة في أیدي الإرهابیین أو المسلحین أو الجماعات المتطرفة الأخری في نهایة المطاف. وستتحول الحرب بالوكالة بین الولایات المتحدة وروسیا إلی حرب حقیقیة.
وحذرت المخابرات الأمریكیة في أوائل عام 2020 من أن ظهور "شبكة دولیة تعتقد بتفوق العرق الأبیض" سیكون الكارثة التالیة التي یمكن أن تجتاح العالم بمجرد أن ینحسر تفشي فیروس كورونا.
وافاد مركز "صوفان" للدراسات الأمنیة" في تقریر عن مخاطر مثل هذه الشبكات أن أوكرانیا أصبحت مركزًا لنشر الأفكار المتطرفة للجماعات المتعصبة لتفوق العرق الأبیض علی غرار الجماعات الإرهابیة مثل داعش والقاعدة.
واضاف انه في الوقت الذي تعمل فیه الجماعات المتعصبة لتفوق العرق الأبیض علی تقویة شبكاتها العابرة للحدود واتباع تكتیكات وتقنیات وأسالیب الجماعات الإرهابیة كداعش والقاعدة، فإن تهدید الإرهاب في الولایات المتحدة وأی مكان آخر في العالم یتزاید یوما بعد یوم.
وصرح ان الشبكات تتعامل بنفس الاسلوب الذي اتخذته الجماعات الارهابیة في التجنید والتمویل والدعایة وأصبحت أوكرانیا مركزًا رئیسیًا للجماعات المتطرفة التي تجتذب القوات الأجنبیة من جمیع أنحاء العالم.
انتهی** 3280