طهران/ 28 حزيران/ يونيو/ ارنا- يعاني لبنان كغيره من بلدان العالم من أزمة المشتقات النفطية والقمح، جراء تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا، ما انعكس سلبًا على الساحة العالمية بأكملها.

والأزمة العالمية تسببت في تفاقم سوء الأوضاع داخل الساحة اللبنانية، البلد الذي يعاني أساسا أزمة اقتصادية مالية يعيشها من عام 2019 جراء السياسات النقدية الخاطئة والاعتماد على الاقتصاد الريعي بدل الإنتاجي، بالإضافة للحصار الأميركي غير المعلن الذي يعمل على تجويع وإفقار اللبنانيين لإخضاعهم.

والمخطط الأميركي لتجويع اللبنانيين بدأ بالإيعاز إلى أصحاب رؤوس الأموال والمصارف الكبرى بتهريب أموالهم إلى الخارج، وسحب العملات الأجنبية من السوق.

وفي هذا السياق يوضح الخبير في الشأن الاقتصادي والمالي "محمود جباعي" لمراسل وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا): "أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية منذ بداية الأزمة قبل نحو 3 سنوات وحتى اليوم، بلغ 20 ضعفا، وإذا أردنا أن نحتسبها بالنسبة المئوية فإن الدولار ارتفع على الليرة بنسبة 2000 في المئة".

وبحسب جباعي فإن العملة اللبنانية فقدت حتى الآن ما نسبته 96 في المئة من قيمتها الشرائية، والتضخم ازداد 1000 في المئة، ما يعني أن الأسعار ازدادت 10 أضعاف، في حين ازدادت بعض السلع بنسبة 20 ضعفا، وخاصة المواد المستوردة. وذلك مع بلوغ سعر صرف الدولار اليوم 30000 ليرة، بعدما كان 1500 ليرة قبل الأزمة، وبالتالي فقدت الليرة اللبنانية قيمتها الشرائية إلى حد غير مسبوق، ومعها تآكلت قدرة الرواتب على مقاومة ارتفاع أسعار السلع بكافة أنواعها.

المحروقات: ارتفاع فارتفاع

أسعار المشتقات النفطية تواصل ارتفاعها يوما بعد يوم، حتى فاقت قدرة المواطن اللبناني، وسط تخبط سوق المحروقات بسبب محاولات المحتكرين تحقيق الأرباح من غلاء جدول الأسعار، والحديث المتكاثر عن رفع تبقى من دعم عن هذا القطاع، يؤمنه مصرف لبنان المركزي، الذي يقدم للشركات النفطية الدولار وفق منصة صيرفة، بقيمة 24900 ليرة، أي أقل بـ 5000 ليرة عن سعر الصرف بالسوق السوداء، وتخلي المصرف عن هذا الدعم يعني انفلات أسعار المحروقات لتصبح خاضعة بالكامل لما بات يعرف في لبنان بـ"الفريش دولار"، وتأمين الدولارات من السوق السوداء لشراء المشتقات النفطية من الخارج.

وتخضع المشتقات النفطية لجدول أسعار يومي تصدره وزارة الطاقة وفقا لتطور الأسعار النفط في الخارج، وسعر صرف الدولار في لبنان، وعلى هذا الأساس تواصل أسعار المشتقات النفطية في لبنان ارتفاعها بشكل يومي، وعلى هذا الأساس ارتفع سعر صفيحة البنزين (20 لترا)، من نوع "95 أوكتان" الاثنين سبعة آلاف ليرة لبنانية، والبنزين "98 أوكتان" ثمانية آلاف ليرة والمازوت 10 آلاف ليرة وقارورة الغاز (زنة 10 كلغ) خمسة آلاف ليرة، وفق نشرة الأسعار الجديدة الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه اللبنانية.

وبعد هذا الارتفاع في الأسعار، أصبح سعر صفيحة البنزين (20 لترا) من نوع "95 أوكتان" 677 ألف ليرة لبنانية، بينما الصفيحة من نوع "98 أوكتان" فوصلت إلى 688 ألف ليرة لبنانية، وسعر صفيحة المازوت إلى 762 ألف ليرة، في حين بلغ سعر قارورة الغاز 356 ألف ليرة.

يشار إلى أنه في الوقت الذي عجزت فيه الدولة اللبنانية عن استيراد المحروقات، استجابت الجمهورية الإسلامية الإيرانية لطلب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بإرسال 5 ناقلات نفط متتالية محملة بمادة المازوت الحيوية إلى الشعب اللبناني عبر سوريا، في تحد كبير للعقوبات الأميركية في وقت لم تتقدم أي من الدول الغربية بمد يد المساعدة للبنان الذي يعاني من يعيش تحت وطأة أزمة اقتصادية طاحنة.

أزمة الأفران والخبز

في ظل هذا الواقع تتوالى الأزمات في الداخل اللبناني، فرقعة طوابير الخبز تتسع وتتمدد أمام الأفران، خصوصا مع النقص الكبير في كميات القمح المتوافرة، وقفز سعر ربطة الخبز (وزن 850 غراما) إلى ما بين 30 و40 ألف ليرة في السوق "السوداء"، بينما سعرها الرسمي في الأفران 13 ألف ليرة، أي أكثر من ضعف ثمنها الرسمي.

واكتفى وزير الاقتصاد والتجارة "أمين سلام" بتهديد التجار وتأكيد وجود القمح المدعوم في المخازن بما يكفي لشهر أو شهرين، واتهامهم باستغلال دعم الطحين في منتوجات أكثر ربحا من الخبز، في حين ردت نقابة الأفران الشح إلى عدم صرف اعتمادات دعم القمح من المصرف المركزي لتتمكن المطاحن من توفير الطحين.

وكشف سلام عن وجود 20 ألف طن من القمح في لبنان، يضاف إليها ما تم طلبه من الخارج. فهناك بواخر مستوردة عدة، إحداها بسعة 10 آلاف طن، وأخرى تأخرت فحوصاتها بسعة ثمانية آلاف طن بالتالي، فإن هناك حوالي 38 ألف طن يمكن أن تؤمن حاجة لبنان لنحو الشهر.

وأمام هذا الواقع، وحده المواطن يرزح تحت ظلال الأزمة، وتزداد الأعباء على كاهله يوما بعد يوم، وسط تغيب لتحمل المسؤوليات وإنصاف شعب يعاني ما يعانيه جراء الحصار.

انتهی**3269