نيويورك 26 شباط/فبراير إرنا - صرّح الكاتب والمحلل الأمريكي "دانيال لازار"أن التدخل الغربي في شؤون إيران الداخلية يعد انتهاكاً للأعراف الدولية ،وقال:" إن أمريكا تريد الدبلوماسية مع إيران بناءً على شروطها الخاصة وتسعى لتحقيق أهدافها."

و في مقابلة خاصة مع مراسل إرنا ، فقد صرّح المحلل والكاتب الأمريكي أنّ أمريكا ليست ضد الدبلوماسية بأي شكل من الأشكال ولكنها تريد الدبلوماسية بشروطه الخاصة التي لا يمكن أن تحدث إلاّ بعد استخدام القوة الوحشية في شكل ضغط عسكري واقتصادي."

 ورداً على سؤال مفاده على الرغم من أن جميع السياسيين والدول وأعضاء مجلس الأمن يعتبرون أن التوافق النووي أفضل اتفاقية دولية، وتأكيد ادارة بايدن على انّ الدبلوماسية هي دائماً الطريق الأفضل لحل للمشاكل ،لماذا لا يتم المضي في ذلك؟، قال:" بسبب الأحداث الداخلية في إيران ، وبسبب تفضيل أمريكا التركيز على الاضطرابات الداخلية بدلاً من التوافق النووي لأن الإدارة الأمريكية تأمل أن تغير هذه الاحتجاجات النظام الإيراني الحالي ليحل محله نظاماً موالياً للغرب وإسرائيل."

وفي سياق الموضوع أضاف دانيال لازار "أنّ واشنطن تأمل أن يؤدي استمرار الاضطرابات وعدم استقرار الأمن في ايران الى تفكيك إيران كقوة إقليمية كبرى وسيطرة كاملة للولايات المتحدة في المنطقة."

وتابع بقوله أنه لا يوافق بمقولة أنّ "الدبلوماسية هي دائما الطريق الأفضل لحل المشاكل" ، فلو كان الأمر كذلك لما حدثت الحرب و فُرِض الحظر اقتصادي وما شابه ذلك.

في الوقت نفسه ، قال المحلل والكاتب الأمريكي: "إن الولايات المتحدة لا تعارض الدبلوماسية أبدًا، لكنها تريد الدبلوماسية بشروطها الخاصة ، والتي لا يمكن أن تحدث إلا بعد استخدام القوة الوحشية في شكل ضغط عسكري واقتصادي. وبالتالي، ستُسعد أمريكا بالدخول في مفاوضات دبلوماسية عندما ترفع إيران الراية البيضاء ."

التدخل الغربي في شؤون إيران الداخلية هو انتهاك للمعايير الدولية

ورداً على السؤال لماذا تتبع أوروبا بعض السياسات الأمريكية الخاطئة في العالم خاصة فيما يتعلق بإيران وما هي نتائج هذه السياسة؟ فقد أجاب:" لقد تخلّت أوروبا عن استقلالها بالكامل لحلف شمال الأطلسي، وبالتالي تعتمد على أمريكا وتتبع سياساتها في الخليج الفارسي لأن هيكل التحالف الغربي لا يمنحها أي خيار آخر."

وعن دعم المشاغبين بشتّى الطرق من قِبل بعض الدول الأوروبية والأمريكية لتأجيج الاضطرابات الأخيرة في ايران فقد سُئل المحلل الأمريكي أليست هذه التصرفات تَدَخُلاً في شؤون دول العالم المستقلة وتعتبر ضد كل المبادئ والمواثيق المقبولة في العالم؟ أجاب لازار:" نعم ، إن تدخل الدول الغربية في شؤون إيران الداخلية يعد انتهاكاً للأعراف الدولية ، كما أن احتجاز الرهائن الأمريكيين عام 1979 كان انتهاكاً للأعراف الدولية. لكن المواقف العامة هي مسألة أخرى، فالغربيون يتعاطفون بشدة مع المتظاهرين الإيرانيين لأنهم يدعمون بقوة حقوق المرأة ويعتقدون أن القيم الدينية هي أمور خاصة لا ينبغي فرضها على المجتمع دون الموافقة الديمقراطية للشعب ."

الأنظمة الإمبرالية دائماً لديها معايير مزدوجة

وردًا على حقيقة أن مقاربات الغرب لقضايا مختلفة مثل حقوق الإنسان، التعامل مع الاضطرابات في البلدان، والتمييز العنصري فيما يتعلق بقبول اللاجئين، كانت دائماً مزدوجة. فقد قال:" إن الإمبرياليين دائماً عندهم معايير مزدوجة، فهم يزعمون أنهم يدعمون الديمقراطية والليبرالية والمساواة في الحقوق وما إلى ذلك، بينما ينتهكونها في كل خطوة لأنهم يفرضون إرادتهم على البلدان الأكثر فقراً والأقل نمواً."

كما صرّح قائلاً:"أنّ أمريكا تصر على أن سياساتها صحيحة أخلاقياً وبالتالي لها الحق في فرضها على الآخرين. وهي تصرّ على صحة سلوكها كلما أصبح سلوكها أكثر قسوة .لذلك، فإنّ كل من يعارضها يصبح سيئاً."

لا يمكن لواشنطن أن تتسامح مع سياسة مستقلة تجاه ايران

و رداً على سؤال آخر ،عن وجهة نظره في سبب عداوة الغربيين لإيران بعد انتصار الثورة الإسلامية، فقد قال: "هناك أسباب كثيرة لعداء الغرب لإيران. يتعلق أحدها باعتقال 54 دبلوماسياً ومواطناً أمريكياً في نوفمبر 1979 ، وهو حدث لا يزال يُلاحظ بسبب انتهاكه الأعراف الدبلوماسية القديمة. لكن أهم هذه الأسباب هي الموارد النفطية الهائلة في الخليج الفارسي وتصميم أمريكا على احتكار السيطرة على هذه الموارد."

وتابع مؤكداً على أنه لا يمكن لواشنطن أن تتسامح مع سياسة مستقلة تجاه إيران ، لذا حتى لو لم تكن هناك أزمة رهائن ، فإن العلاقات بين البلدين ستظل عدائية.

كما طُرِح عليه سؤال اخر، ما الذي يعرفه لازار عن أسباب انتشار سياسة إيرانوفوبيا وإسلاموفوبيا من قِبَل بعض الدول الغربية ودعم من يؤجج هذه السياسات؟ فقال مجيباً:" إن إيرانوفوبيا هو نتيجة عدم تسامح أمريكا المطلق تجاه أي دولة تتحدى سيطرتها على موارد الطاقة في الخليج الفارسي."

الإسلاموفوبيا هي نتاج إرهاب القاعدة الذي طورته واشنطن والرياض

وأضاف هذا المحلل الأمريكي:"أنّ الإسلاموفوبيا هي نتاج إرهاب القاعدة الذي طورته واشنطن والرياض ونشرتهما بشكل مشترك في أفغانستان في الثمانينيات للحفاظ على السيطرة على موارد الطاقة. لكن لسوء الحظ بالنسبة لواشنطن،فقد انتشر الإرهاب السني في التسعينيات وعض اليد التي كانت تغذيه.و نظراً لأن أمريكا ترفض قبول دورها وهي مصممة بنفس القدر على حماية أقرب حليف لها في المنطقة وهي المملكة العربية السعودية ، من الانتقادات، فقد توصل الأمريكيون أيضاً إلى استنتاج مفاده أنّ اللوم كله يقع على الإسلام بشكل عام."

 وقد سُئل دانيال لازار عن سبب دعم الدول الغربية لحرق القرآن وإهانة مقدسات المسلمين؟ أجاب هذا المحلل الأمريكي المستقل بأنه إذا كان المقصود أن تدعم الحكومات الغربية حرق القرآن ، فهذا خطأ لأن كل دولة غربية كبرى تقريباً تريد وقف مثل هذه التصرفات التي وبشكل عام تؤثر سلباً على العلاقات مع الشرق الأوسط ."

واضاف المحلل الأمريكي المستقل:" لكن الغرب لديه تقليد عمره قرون من السخرية العلمانية المناهضة للدين وأنّ أي محاولة لوقفه ستقابل برد فعل غاضب. بالطبع ، هذا ليس مبرراً للتعصب الأعمى المعادي للإسلام، مما يوحي بأن الإسلام وحده هو المسؤول."

على الرغم من تنفيذ إيران ،كدولة مستقلة، كافة التزاماتها وبشكل لا تشوبه شائبة، وقد تمً تأكيد هذه المسألة في 16 تقريراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2014. إلاّ أنه وبعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض في يناير/كانون الأول 2017  وبعد اتخاذ عدة إجراءات أولية  تم تبني مواقف مخالفة لبنود الاتفاق النووي موازيةً مع الانسحاب الأحادي وغير القانوني للولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو 2018 ،  أعادت الادارة الامريكية فرض عقوباتها الثانوية على إيران عبر مرحلتين.

أدى التنفيذ غير المتوازن لهذه الاتفاقية من جهة والضغوط الناجمة عن تطبيق وتشديد العقوبات الأمريكية الأحادية من جهة أخرى ، إلى اتخاذ المجلس الأعلى للأمن القومي للجمهورية الإسلامية الإيرانية قرارات من أجل وقف تنفيذ التدابير الطوعية للالتزامات النووية خطوة بخطوة باعطاء فرص 60 يوماً للمفاوضات الدبلوماسية، وجاء اتخاذ هذه القرارات بعد مرور عام على انسحاب امريكا من الاتفاق النووي .

وفت إيران بجميع التزاماتها بموجب هذا الاتفاق حتى عام واحد بعد انسحاب امريكا من الاتفاق النووي، من أجل منح الدول الأوروبية  فرصة للايفاء بوعدها بتعويض آثار انسحاب واشنطن من الاتفاقية. ومع ذلك ، نظراً لحقيقة أن الدول الأوروبية لم تفِ بوعودها ، فقد خفّضت ايران من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي بعدة خطوات.

بعد تولي جو بايدن منصبه في يناير 2021 ، أدانت حكومته الإجراء الأحادي الجانب للحكومة السابقة لهذا البلد بالانسحاب من الاتفاقية بين إيران ومجموعة 5 + 1 ، لكنها فشلت حتى الآن في اتخاذ أي إجراء ذي مصداقية لتعويض سوء سلوكها في الماضي. تبنت إدارة بايدن سياسات الضغط الأقصى لإدارة دونالد ترامب، وتحت ذريعة حقوق الإنسان ودعماً للاضطرابات في إيران ، فقد فرضت حتى الآن عقوبات مع حلفائها الغربيين ولم تتوقف عن اتخاذ أي إجراء.

وقد أعلنت بوضوح أنه بدلاًمن التركيز على نهج التفاوض والدبلوماسية الذي كان تهتف به دائماً ، فقد ركزت على الاضطرابات في إيران ، مدّعية انها لا تسعى لتغيير النظام في إيران.

إضافة الى ذلك تتهم إدارة بايدن ،في هذه الايام بعد تعميق العلاقات بين طهران وموسكو، إيران أيضاً بإرسال أسلحة إلى روسيا لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا ،وهو ما نفته سلطات الجمهورية الإسلامية الايرانية بشدة.

وفي الختام ، تؤكد الجمهورية الإسلامية الايرانية أنه إذا تصرف الجانب الأمريكي بواقعية ، فمن الممكن التوصل إلى اتفاق في فيينا.وهذا الاتفاق الذي تعتبره إيران وثيقة ترفع العقوبات قدر الإمكان وتستفيد المنطقة من تنفيذها.

انتهى**ر.م