جاء ذلك خلال اللقاء الرمضاني الذي عقد مساء اليوم الثلاثاء، الموافق لليوم الثالث عشر من الشهر الفضيل، بحضور جمع من كبار مسؤولي البلاد وبما يشمل رؤساء السلطات الثلاث مع قائد الثورة الاسلامية، في حسنية الامام الخميني (رض) بطهران.
وصرح "اية الله العظمى الخامنئي" : يتعين على المؤسسات والقطاعات المختلفة في ايران، ان تضع نصب اولوياتها شعار العام الجديد، وتسخر جل طاقاتها وعزمها طوال العام من اجل تطبيقه.
واضاف : ان تحديد الشعارات الاقتصادية سنويا، لا يعني تجاهل القضايا الثقافية والاجتماعية في البلاد، بل هو بهدف معالجة اثار الثغرات الاقتصادية السائدة على ثقافة المجتمع.
ولفت سماحته، بان اشراك المواطنين من ضرورات تحقيق شعار كبح التضخم ونمو الانتاج، قائلا : ان تحقيق المساهمة العملانية للشعب يضمن نمو الانتاج في البلاد.
واوضح، ان الاقتصاد ومعيشة الشعب اهم قضية في البلاد وشعار هذا العام هو شعار مهم؛ وان ارتفاع معدلات التضخم خلال سنوات عديدة متتالية هو أمر خطير للغاية ويؤثر على نظام توزيع الدخل في البلاد ويجعله غير متوازن؛ وبما يزيد من حرمان البعض وزيادة الموارد والعائدات لدى البعض الاخر، الامر الذي سيقود الى الفساد من كلا الجانبين.
وصرح قائد الثورة : اننا تمكنا احيانا من احتواء التضخم، ولكن صاحب ذلك الركود الامر الذي أضر بالبلاد ومن هنا فانه ليس من الجيد أن يتراجع التضخم ولكن يهيمن الركود على اقتصاد البلاد ، فمن المهم أن نكون قادرين على احتواء التضخم من دون ان يواجه الانتاج الركود بل ان يشهد الإنتاج نموا وهذا امر ممكن.
وصرح قائد الثورة : لدينا قدرات كثيرة في البلاد بما فيها الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي والبنية التحتية الاقتصادية والمصانع والأجهزة والمرافق البرمجية والقوى العاملة المبدعة الشريحة الشابة المندفعة والقدرات العلمية والتكنولوجية والافكار الحداثوية.
واوضح، ان هذه هي مرافق الدولة وكل هذا يجب أن يعمل على كبح جماح التضخم ونمو الإنتاج، فلدينا مرافق تنفيذية ولدينا مرافق تشريعية ولدينا مرافق قضائية ولدينا مرافق إعلامية ولدينا خبرات وعناصر من ذوي الخبرة؛ مؤكدا سماحته على استخدام كل هذه المقومات وتوظيف العلاقات مع الدول الاخرى.
وتابع قائد الثورة : العلاقات الخارجية لا تنحصر في العلاقات مع أمريكا وأربع دول أوروبية، فالعالم يضم اكثر من مئتي دولة ولكل منها طاقاتها فيمكننا استخدام هذه الاتصالات الخارجية لهذا الغرض.
واشار سماحته، الى ان مطلب آخر لتطبيق شعار هذا العام هو الاستقرار في السياسات والقرارات الاقتصادية وإن إجراء تغييرات مستمرة في سياساتنا النقدية والمالية أمر ضار للغاية بالنسبة للبلاد؛ موضحا ان هناك حلة عدم يقين ما يجعل رجل الأعمال والمستثمر يتردد. ونحن نبحث الآن أيضًا عن الاستثمار الأجنبي؛ لافتا الى ان الأجانب ينظرون إلى المستثمرين المحليين فهم واجهة النظام، ويرصدون طريقة التعامل مع المستثمرين وأصحاب العمل المحليين ورجال الأعمال المحليين، فان وجدوا التعامل معهم جيدا سيتشجعون على الاستثمار في البلاد.
وقال اية الله العظمى الخامنئي : هناك بعض النصائح الرئيسية المتعلقة بالاقتصاد، وعلى رأسها تأتي مكافحة الفساد التي وردت في شعارات السيد رئيس الجمهورية خلال الانتخابات وبعدها، فكلنا نؤمن بهذا حقا فان مكافحة الفساد أمر أساسي وبالطبع إنها مهمة صعبة للغاية .
وتابع، ان الفساد يحبط الناس ويثبط عزيمتهم ويقلل من رغبة الناس في التعاطي السليم ، فعندما يرى الناس أن شخصًا معينًا قادر على ملء جيبه بطريقة غير شرعية ، فهذا سيغريهم على العمل مثل ذلك فالفساد مرض معد ، إنه مرض خطير جدا وإنه حقا يدمر المجتمع ومكافحة الفساد امر ضروري ولا بد من محاربة الفساد أينما كان بدون تردد وهذا يأتي على رأس الاعمال المهمة والضرورية في مجال القضايا الاقتصادية.
وافاد قائد الثورة : في مجال القضايا الاقتصادية ، هناك توصية أخرى نقدمها وهي مسألة العلاقة المنطقية بين الاجهزة المسؤولة والشركات الكبيرة المملوكة للدولة، حيث ان هناك شركات ضخمة تابعة للقطاع العام ورأسمالها ودخلها ملك للحكومة. يجب تنظيم علاقة الحكومة بهذه الشركات، وهناك بعض المدراء الجيدين والنشيطين لدى هذه الشركات، حيث يجب الاعتماد عليهم ودعمهم وكذلك الامر في القطاع الخاص.
ومضى قائد الثورة الى القول : من واجباتنا ، وخاصة واجبات السلطة التنفيذية والحكومة ، دعم هؤلاء المدراء النشطين والجيدين ، وأفضل دعم يمكن تقديمه لمدير ريادي ونشط هو أن نكون قادرين على تسويق منتجاته ؛ سواء كان ذلك في السوق الخارجية أو السوق المحلية ، فسوف نمنحه القدرة التنافسية ، ونساعده على رفع الجودة.
واضاف سماحته، ان ما يميز هؤلاء المدراء الذين ذكرتهم هو أنهم استطاعوا خلال مرحلة الحرب الاقتصادية الصعبة مؤخرا من العمل ، وكانوا قادرين على الوقوف ، وكانوا قادرين على دفع البلاد إلى الأمام في بعض القطاعات ، لذلك ينبغي العمل على دعمهم .
واوضح، ان من متاعب بلادنا مشكلة الاستناد الى عملة الدولار في مختلف قطاعات اقتصادنا، ولقد قلت في خطابي بمدينة مشهد ان بعض الدول تحررت عن الدولار وتجري معاملاتها باستخدام اليات اخرى، حتى انها قطعت ارتباطها بنظام سويفت وشهدت تحسنا في وضعها الآن.
وتابع سماحته : ان العالم يواجه تغييرا سياسيا هاما وهذا يعني أن وضع النظام العالمي آخذ في التغير ، والآن تسمع هذه الكلام من أماكن مختلفة وتتكرر ، وأود أن أقول اليوم إن هذا التطور العالمي لحسن الحظ يهدف إلى إضعاف جبهة أعداء الجمهورية الإسلامية؛ هذا شيء مهم.
واكمل قائلا : التغييرات تحدث بسرعة كبيرة ويجب علينا في موضوع السياسة الخارجية ، أن نزيد من حراك مبادراتنا في السياسة الخارجية وعلينا زيادة المبادرة والتحرك والنشاط ، والاستفادة من الفرصة.
وعلى صعيد اخر، تطرق اية الله الخامنئي الى موضوع الحجاب وستر النساء، مبينا انه واجب شرعي وقانوني دون ان يشكل قيدا من جانب الحكومة؛ مردفا ان كشف الحجاب محرم شرعا وكذالك منوع بموجب القانون.
وتابع، ان كثيرا ممن يكتشفن الحجاب لا يعرفن ذلك وإذا كانوا يعرفون من هم وراء ما يفعلونه ، فلن يفعلوا ذلك بالتأكيد.
وصرح قائد الثورة : أنا أعرف بان الكثير من هؤلاء هم من أهل الدين، وأهل الدعاء والصلاة والتهجد في رمضان؛ ويجهلون من يقف وراء مخطط خلع ومحاربة الحجاب، فجواسيس العدو واجهزة التجسس للعدو تقف وراء هذه القضية، فلو علموا بذلك لما اقدموا على هذه الاعمال؛ متطلعا سماحته بانه سيتم معالجة هذه المشكلة بالتأكيد، ولافتا الى ان الأسابيع الأولى بعد انتصار الثورة الاسلامية، تحدث الإمام الخميني (رض) عن موضوع الحجاب بطريقة إلزامية وحاسمة، الامر الذي شكل اولى قرارات الإمام الراحل وسيحل الان ايضا ان شاء الله.
كما اكد على ضرورة فضح ممارسات العدو التخريبية ومؤامراته عبر الفضاء الافتراضي لاستهداف طاقات واقتدار البلاد؛ مشيدا بدور وسائل الإعلام الوطنية في هذا الخصوص، ومؤكدا سماحته بانها تدار من قبل اشخاص اكفاء ومخلصين.
وفي معرض التنويه الى بوادر انكماش قدرات جبهة العداء مع ايران في النظام العالمي الجديد، بين اية الله العظمى الخامنئي، ان سير التطورات داخل الولايات المتحدة الامريكية تظهر هذه الحقيقة ان "امريكا في عهد اوباما، هي اضعف مما كانت عليه في عهد بوش الابن، وامريكا في عهد ترامب هي اكثر ضفعا من عهد اوباما، وبالتالي امريكا في عهد هذا الشخص (بايدن) هزيلة اكثر من عهد ترامب".
وفي السياق نفسه، استذكر سماحته الخلافات التي طرات في المجتمع الامريكي تزامنا مع الانتخابات الرئاسية قبل نحو 3 اعوام، مؤكدا على انها متواصلة بمزيد من التعقيد، ومضيفا ان واشنطن عاجزة اليوم عن حل ازمة الكيان الصهيوني، كما اخفقت في ادعائها لتشكيل تحالف عربي ضد ايران، بل المستجدات اثبتت عكس ما كانت ترمي اليه، حيث ان العلاقات بين الدول العربية وايران اخذة بالنمو، فضلا عن فشل الولايات المتحدة في فرض املاءاتها على المفاوضات النووية مع ايران.
انتهى ** ح ع