واضاف شهاب في هذا الحوار الذي جاء عشية احياء ذكرى يوم القدس العالمي ( 14 نيسان 2023) في ايران وانحاء العالم : لقد كان إعلاناً موفقاً للإمام الخميني (رحمه الله) الذي اختار الجمعة الأخيرة من شهر رمضان لتكون يوماً عالمياً للقدس مجسداً بذلك روح الثورة الإسلامية التي تبدأ من القدس وتنتهي فيها.
وتابع : لقد أدرك الإمام الخميني أهمية وحدة المسلمين في شتى بقاع الأرض، واستطاع أن يجمع قلوبهم مناسبة توحد برامج المسلمين وتوحد موقفهم وكلمتهم، وأن يربط بين شعائرهم الدينية وقضيتهم السياسية الأولى والمركزية وهي فلسطين والقدس؛ وعلى هذا النهج سارت الجمهورية الإسلامية حتى بعد رحيل الإمام الخميني (رحمه الله)؛ مؤكدا بان "القيادة الإيرانية وعلى رأسها سماحة قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي، حملت هذا الإرث العظيم وتحملت في سبيل ذلك الكثير الكثير".
اكد القيادي في المقاومة الفلسطينية، انه "رغم حجم الضغوطات وحرب العقوبات والحصار الذي توالى على الجمهورية الإسلامية وعلى الشعب الإيراني، إلا أنه في كل عام يثبت انحيازه للقدس وتبنيه لمطالب الشعب الفلسطيني العادلة ويجدد الإيرانيون وقوفهم مع الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، كما أن الشعب الإيراني قدم تضحيات كبيرة واستشهد خيرة رجاله على طريق القدس، وهنا لا بد أن نستذكر القائد الشهيد الفريق قاسم سليماني، الذي عاش حياته حالماً وساعياً من أجل تحرير القدس، وكان له الفضل في تأسيس محور المقاومة ووضع له هدفاً أساسياً وهو تحرير القدس".
وعلى صعيد اخر، نوه شهاب الى ان "الدول العربية والإسلامية تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه القدس والقضية الفلسطينية بشكل عام، أولاً لأن المسجد الأقصى المبارك هو جزء من عقيدة المسلمين وهو آية من كتاب الله عز وجل [سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله]؛ هذه الآية الكريمة من سورة الإسراء يتلوها المسلمون في القرآن الكريم، وهي أن المسجد الأقصى هو حق إسلامي خالص، وهو مكان مقدس مرتبط بالمسجد الحرام في مكة المكرمة، وهذا ربط إلهي عظيم، ولذلك فإن هذا الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى يفرض على المسلمين واجبات مقدسة وتكليفات شرعية عظيمة تجاه فلسطين وتجاه القدس وتجاه المسجد الأقصى، ويجعل هذه المسؤوليات لا تخضع لاعتبارات قُطرية أو لاعتبارات الحدود السياسية أو الجغرافية بين الدول، هذه الحدود هي مصطنعة لا يجب أن تحول بين أداء المسلمين لواجبهم وتكليفهم الشرعي".
ومضى الى القول : إن هذه القضية لا تخص الشعب الفلسطيني وحده، وواجب العمل على تحرير القدس ليس فرض كفاية بل هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة؛ ووفق هذا التأصيل الذي يجمع عليه فقهاء الأمة، فإنه على عاتق الدول والشعوب مسؤوليات كبيرة تتعدى مجرد المواقف وصولاً إلى الفعل الجدي والحقيقي ووضع برامج العمل اللازمة لتحقيق القيام بالواجب والفرض الشرعي، وتبقى الأمة مقصرة حتى تحقق ذلك.
وشدد مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي قائلا : يجب أن نفصل ما بين مواقف بعض الحكومات والأنظمة ومواقف الشعوب، بعض الأنظمة ارتبطت بالنظام العالمي المستكبر الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أهم الداعمين للكيان الصهيوني المؤقت، ولذلك نجد هذه الأنظمة التي ربطت نفسها بأمريكا والغرب، بعيدة عن فلسطين؛ مبينا ان هناك قاعدة باتت معروفة في العمل السياسي والدولي وهي أنه كلما كانت الأنظمة قريبة من أمريكا والغرب ستكون بعيدة عن فلسطين، والعكس صحيح.
واضاف : لقد تابعنا مواقف بعض الحكومات والأنظمة من العدوان الأخير على المسجد الأقصى وعلى المعتكفين الركع السجود في مصليات الأقصى وباحاته وقبابه، ورأينا في تلك المواقف العجب العجاب؛ فبعض هذه المواقف تتبنى الرواية الصهيونية، وبعضها يقبل بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى! كما أن دعوات التهدئة التي تطلقها بعض الدوائر السياسية تشكل في حقيقتها غطاءً لتمرير محاولات منع الاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك! إن المواقف التي لا تتوازى مع قرارات جريئة وشجاعة لوقف التطبيع وطرد سفراء الكيان الصهيوني من العواصم العربية والإسلامية لا يمكن تصديقها.
واستدرك قوله : هذا عن موقف الأنظمة والحكومات، أما مواقف الشعوب فهي مختلفة تماماً ، الشعوب غير راضية عن أداء الحكومات التي نصب بعضها على الشعوب قهراً ورغماً عنها، والشعوب ترفض التطبيع وترفض كل أشكال العلاقة مع العدو الصهيوني، ولا تجد في بيانات الرفض والشجب والاستنكار ما يشفي صدور أبنائها؛ الشعوب لها دور بارز وتأثير مهم في مسيرة التحرير.
واردف : نحن نراهن دوماً على الشعوب وعلى قدرتها في صناعة التغيير والانعتاق من شروط التبعية لامريكا والغرب، وهذه هي المهمة الأساسية التي تقع على كاهل الشعوب؛ اي التخلص من التبعية والهيمنة الغربية.. نحن نعتقد أن الشعوب لو امتلكت زمام المبادرة وحققت التغيير المنشود سيكون ذلك أهم العوامل التي يمكن أن تعطي دفعة قوية وانطلاقة فاعلة نحو تحرير فلسطين إن شاء الله..
وقال شهاب : نحن نسير في الطريق الصحيح نحو تحرير القدس إن شاء الله تعالى، ومن الشواهد التي تطمئن قلوبنا، حالة التفكك الداخلية التي يشهدها الكيان الصهيوني المؤقت، هناك مأزق حقيقي عميق يزداد اتساعاً داخل الكيان الصهيوني، وهذا المأزق يكشف عن ضعف وهشاشة البنية الاجتماعية داخل الكيان، ويكشف عن حجم العنصرية والتطاحن بين التيارات الدينية والعلمانية، وبين اليهود المنحدرين من أصول شرقية واليهود المنحدرين من أصول غربية وبينهما اليهود الفلاشا والأفارقة، وهناك معطيات كثيرة وقراءات حول مستقبل الكيان وحالة التفكك والانقسام الداخلي حول عناوين كثيرة من بينها الهوية والقوانين ... الخ
واشار : طبعاً تطور قوة المقاومة وما تحققه من نجاحات وانتصارات في المواجهة المفتوحة مع الكيان الصهيوني لها أثرها بين كل الارهاصات التي تبشر بقرب نهاية وزوال الكيان الصهيوني، ولكن هنا لا بد من أن نتوقف عند مسألة مهمة، أن كل ذلك لا يجب أن يدعونا للانتظار أو الارتهان إلى عوامل الزمن ومتغيرات السياسة وخلاف ذلك، وإنما علينا إدامة القتال والاشتباك ومواصلة العمل بكل قوة وإصرار وتصميم.
واوضح ان، "العدو راهن على عامل الوقت، وراهن على أن الأجيال الناشئة ستنسى آثار النكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني، اعتقد العدو أن الكبار سيموتون والصغار سينسون، وعمد إلى صيغ ومخططات مختلفة تركز على التطبيع والتعايش مع واقع الاحتلال؛ الشعب الفلسطيني انتصر في معركة الوعي وفي معركة الرواية، واليوم القضية الفلسطينية باتت أكثر حضوراً في الوعي الجمعي للأجيال وبات ثقافة المقاومة أكثر تجذراً في الوجدان القومي والإسلامي لدى شعوب الأمة جمعاء"؛ مبينا ان "المقاومة هي جذوة متقدة لا تنطفئ ولا تخبو آثارها، مهما تعالت أصوات الباطل ومن يدعمونه، وأشد الدلائل على قوة تيار المقاومة هو التأييد الكبير والالتفاف الجماهيري الواسع حولها وتأثير رموزها في الشارع العربي والإسلامي".
وختم هذا القيادي الفلسطيني في حديثه لوكالة الجمهورية الاسلامية للانباء، بان "المقاومة الفلسطينية راكمت خبرات وقدرات عديدة مع توالي المواجهات والمعارك التي خاضتها واستفادت منها استفادة كبيرة لتعزيز مستويات فعلها الجهادي والمقاوم، إلى جانب ذلك فالمقاومة استفادت من الدعم الذي يقدمه محور المقاومة والجمهورية الإسلامية، هذا الدعم أسس لحالة مقاومة كبيرة لديها تأثير قوي في كل الساحات. اليوم المقاومة الفلسطينية هي أكثر استعداداً وأكثر تأهباً وهي لا تخشى المواجهة العسكرية، بل إن العدو الصهيوني بات يتجنب الدخول في مواجهة متعددة الساحات".
انتهى ** ح ع