طهران/ 15 أيار/مايو/إرنا- لأول مرة في تاريخها ستحيي الأمم المتحدة ذكرى "نكبة الشعب الفلسطيني" ضمن فعالية رسمية، تقام اليوم الإثنين، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، بعد نجاح الفلسطينيين في استصدار قرار أممي للاعتراف بمأساتهم على يد الكيان الصهيوني.

وكما في كل عام في 15 أيار/مايو، يتذكر الفلسطينيون ذكرى النكبة التي تشرد بسببها أكثر من 750 ألف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم في فلسطين عام 1948.

و"النكبة" هي مصطلح سياسي يشير إلى التهجير القسري الجماعي للشعب الفلسطيني خلال عام 1948، إذ طردت العصابات اليهودية قرابة 800 ألف مواطن فلسطيني من مدنهم وقراهم، ودمرت أكثر من 500 مدينة وقرية فلسطينية، قبل تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التي كانت خاضعة للانتداب البريطاني.

ويأتي إحياء الأمم المتحدة لذكرى النكبة الفلسطينية، من خلال قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وهذه هي المرة الأولى التي سيقام فيها الحدث بناء على تفويض من الجمعية العامة نفسها، ونص على اعتبار 15 مايو/ أيار من كل عام، يوما لإحياء هذه الذكرى.

ويتوزع اليوم نحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.

وبعد حرب 1948 التي شاركت فيها جيوش خمس دول عربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، خضعت الضفة الغربية لسيطرة الأردن، بينما أصبح قطاع غزة تحت إشراف مصري.

ويشكل اللاجئون أكثر من ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون. ويرفض هؤلاء التنازل عن "حق العودة" الذي يعتبر من الثوابت الفلسطينية منذ عام 1948.

ويخرج الفلسطينيون في مخيمات الشتات وكذلك في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة في مسيرات حاشدة رافعين أعلام تحمل أسماء المدن والقرى التي تركها أجدادهم، وأعلام فلسطين والرايات السوداء وأخرى رسم عليها "مفتاح العودة".

ويقارب عدد اللاجئين الفلسطينيين ستة ملايين، وينتشرون في العديد من الدول، منهم من استمروا في الحياة في مخيمات للاجئين فيها ومنهم من أصبحوا يحملون جنسيات الدول التي يعيشون بها.

وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إنه في الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة يتضاعف عدد الفلسطينيين أكثر من 10 مرات.

قرار أممي للاعتراف بالنكبة

في 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار مؤيد للفلسطينيين لإحياء ذكرى النكبة في الأمم المتحدة، بأغلبية 90 صوتا مقابل 30 معارضا في حين امتنعت 47 دولة عن التصويت على المبادرة.

ويرى الفلسطينيون قرار الأمم المتحدة اعترافا بالنكبة، في حين تعارض الكيان الصهيوني ذلك ووجهت رسائل للعديد من الدول لمقاطعة إحياء الذكرى.

وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير "رياض منصور"، إن الاعتراف بالنكبة سيتبعه جهد في البناء على القرار وتطويره وانتزاع تشريعات لاحقة.

ويطلب القرار من شعبة حقوق الفلسطينيين بالأمانة العامة، تكريس أنشطتها في عام 2023 لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، بما في ذلك إقامة حدث رفيع على المستوى الرسمي في قاعة الجمعية العامة، في 15 من أيار/ مايو 2023.

لاجئون طويلو الأمد

عشية ذكرى النكبة، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، اليوم الأحد، أن عدد الفلسطينيين تضاعف نحو عشر مرات منذ "النكبة" في عام 1948، ويقدر عددهم اليوم في العالم بنحو 14.3 مليوناً.

نحو 6.4 ملايين منهم لاجئون، ينتشرون في العديد من الدول، منهم من استمر في الحياة في مخيمات للاجئين فيها ومنهم من أصبحوا يحملون جنسيات الدول التي يعيشون بها.

 وأشار جهاز الإحصاء إلى أن الاحتلال شرّد 957 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يقيمون في 1300 قرية ومدينة في فلسطين التاريخية عام 1948.

وذكر أن الاحتلال الإسرائيلي سيطر، خلال مرحلة النكبة، على 774 قرية ومدينة فلسطينية، دمر 531 منها بالكامل، واقترفت العصابات الصهيونية أكثر من 51 مجزرة أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف فلسطيني.

وأفاد بأن ما يزيد على 100 ألف فلسطيني استُشهدوا دفاعا عن الحق الفلسطيني منذ النكبة، وأكثر من مليون اعتُقلوا منذ 1967.

حق العودة

في عام 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي جاء في المادة 13 منه أن لكل إنسان الحق في العودة إلى بلاده.

وأكدت  اتفاقية جنيف الرابعة وقرار الجمعية رقم “194 – د” الصادر في 11 ديسمبر/ كانون الأول 1948 الفقرة رقم 11 والتي تنص على وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقا لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.

وعلى مدار السنوات الماضية لا يزال الشعب الفلسطيني يحيي الذكرى، لتبقى في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى استعادة الحقوق كاملة، وتحرير الأرض من الاحتلال، وردا على قادة الاحتلال الذين يرفعون شعار "الكبار يموتون والصغار ينسون.

ومن الفعاليات التي أحيا بها الشعب الفلسطيني النكبة؛ مسيرات العودة وكسر الحصار، التي انطلقت في مارس/آذار 2018، مطالبة بالعودة إلى الأرض المحتلة، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 16 عاماً.

في 15 مايو/أيار 2019 دعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، أهالي القطاع بالخروج للتظاهر بشكل سلمي على الحدود الشرقية لقطاع غزة، لإحياء ذكرى النكبة 71، والمطالبة بتطبيق القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، منها القرار 194 الخاص بحق العودة، وكسر الحصار عن القطاع الصامد.

النكبة في أرقام

ويصف مركز المعلومات الوطني الفلسطيني النكبة بأنها "شكلت أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرين"، ويوثق على موقعه الإلكتروني أبرز المعطيات المتعلقة بها.

ووفق المركز فإن “النكبة شردت قسرا وبالقوة” نحو 800 ألف فلسطيني، من أصل نحو مليون و400 ألف، إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.

وفي النكبة أقيمت الاحتلال على أكثر من 85 بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة قرابة 27 ألف كيلومتر مربع، وجرى تدمير 531 من أصل 774 قرية ومدينة فلسطينية.

ونفذت العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، ليقدر عدد ضحاياها من الفلسطينيين بنحو 15 ألفا، وقرابة 3500 ألف عربي، إضافة إلى تشريد قرابة 200 ألف فلسطيني.

وفي حينه تعرض قرابة 4700 فلسطيني للاعتقال، يضاف إليهم نحو 500 أسير عربي.

ورغم التدمير والقتل والتشريد، بقي نحو 150 ألف فلسطيني فقط في المدن والقرى العربية داخل إسرائيل، ارتفع عددهم ليصل نحو مليون و700 ألف حتى نهاية 2021، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وخلال النكبة وفي الصراع المستمر منذ عام 1948 فقد ما يزيد عن مائة ألف فلسطيني حياتهم، بينهم 11 ألفا و358 منذ انطلاق انتفاضة الأقصى (سبتمبر 2000) وحتى 30 أبريل/ نيسان 2022.

ووفق المعطيات، فإن عدد الأسرى في سجون إسرائيل يقدر اليوم بنحو 4,450، من بين قرابة مليون حالة اعتقال منذ عام 1967.

ووفق الإحصاء بلغ عدد الفلسطينيين في أنحاء العالم 14 مليونا نهاية 2021، وهو ما يعني تضاعف عدد الفلسطينيين نحو 10 مرات منذ 1948.

ويتوزع الفلسطينيون كالتالي: 3 ملايين و200 ألف في الضفة الغربية، منهم 477 ألفا منهم في شرقي القدس.

وكما يوجد مليونان و100 ألف في قطاع غزة، فيما يتواجد العدد المتبقي في الشتات (خارج فلسطين التاريخية).

ويشكل الفلسطينيون اليوم نحو 49.9 بالمئة من السكان المقيمين في فلسطين التاريخية، فيما يشكل اليهود ما نسبته 50.1 بالمئة، لكنهم يستغلون أكثر من 85 بالمئة من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية، وفق الإحصاء.

ولم يكن مسيحيو فلسطين بمنأى عن النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948، فقد تعرضوا للتشريد والتهجير والملاحقة أسوة بالمسلمين.

100 ألف شهيد منذ النكبة وحتى اليوم

وقد بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة وحتى اليوم، داخل وخارج فلسطين، نحو مائة ألف شهيد، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى نهاية العام الماضي حوالي 11.540 شهيداً، وكان عام 2014 أكثر الأعوام دموية، حيث سقط 2.240 شهيداً، منهم 2.181 استشهدوا في قطاع غزة.

أما خلال عام 2022، فقد بلغ عدد الشهداء هناك 231 شهيداً منهم 56 شهيداً من الأطفال و17 سيدة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 10 آلاف جريح. أما عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية مارس 2022 فبلغ 4.700 أسير، منهم 150 أسيراً من الأطفال، بالإضافة إلى 29 أسيرة.

وتحل ذكرى النكبة وسط أجواء شديدة التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهجمة عدوانية يقوم بها المستوطنون وجنود الاحتلال ضد الإنسان والأرض والمقدسات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، في محاولة مستمرة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وكسر إرادة الصمود لديهم، وثنيهم عن إقامة دولتهم المستقلة.

يذكر أن للمرة الأولى منذ عام 1948 قررت منظمة الأمم المتحدة إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية بفعالية رسمية،في مقر الهيئة الدولية بمدينة نيويورك.

ووفقا للتفويض الممنوح من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرار صدر في 30 نوفمبر 2022، سيتم إحياء الذكرى الـ75 للنكبة.

من المقرر أن يلقي الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" كلمة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك التي وصل إليها، يوم السبت، يتحدث فيها عن النكبة والاحتلال.

انتهى**3276