وفي مقابلة مع الميادين، قال خيل بينتو إنّ زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى فنزويلا تأتي في سياق اتفاقية التحالف الاستراتيجي لمدة 20 عاماً، التي وقّع عليها الرئيسان قبل عام واحد خلال زيارة الرئيس نيكولاس مادورو إلى طهران.
وأضاف أنّ التحالف مع إيران هو تحالف "استراتيجي" يشمل التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، والاستثمارات المتبادلة، النفط والغاز والتعدين والزراعة والبتروكيماويات والتجارة والتبادل السياحي، موضحاً أنّ "هذا هو ما نعنيه بالتعاون الشامل".
وأشار خيل بينتو إلى أنّ "مادورو ومعه رئيسي قالا خلال هذه الزيارة، إنّ فنزويلا وإيران مرتبطتان بعلاقة مهمة كانت موجودة منذ بعض الوقت أي منذ وصول القائد الراحل هوغو تشافيز إلى السلطة، حيث توأمتنا مصالحنا".
وشدّد على أنّ "فنزويلا وإيران ثورتان، الثورة الإسلامية الإيرانية، والثورة البوليفارية في فنزويلا"، وتابع: "نحن مناهضون للإمبريالية بعمق ونؤمن إيماناً عميقاً بالتعددية وبحق الشعوب في تقرير مصيرها، واحترام القواعد المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ولدينا رؤية مشتركة تتمثّل في أهمية تأمين رفاه شعبينا".
*تحالف طويل الامد
وبحسب خيل بينتو، فإنّ التحالف الذي يتم بناؤه اليوم بين إيران وفنزويلا هو تحالف طويل الأمد "له مصلحة أساسية في ضمان رفاهية شعوبنا ومصلحة أساسية في خلق توازن عالمي".
ورأى الوزير الفنزويلي أنّ "إيران تشكّل قوة في منطقتها الأوراسية بأكملها"، مشيراً إلى أنّ "فنزويلا أيضاً هي قوة في منطقة أميركا اللاتينية"، مضيفاً أنّها "قوة في مجال الطاقة، وقوة متنامية".
وأضاف قائلاً: "كلانا ضحية للهجمات والعقوبات والحصار، على وجه التحديد لأننا نريد الانتقال إلى عالم حرّ، من خلال الجغرافيا السياسية والنظام العالمي الجديد، الذي يتم بناؤهما اليوم".
كذلك، لفت خيل بينتو إلى أنّ "البلدين قوّتان ناشئتان كركيزتين أساسيتين لهذا النظام العالمي الجديد"، مشيراً إلى وجود "الكثير من الاهتمامات والمسارات المشتركة".
وأردف بالقول: "نحن، كما قال الرئيسان، دولتان شقيقتان ولدينا قائمة طويلة من المهام التي يتعين علينا إنجازها خلال العشرين سنة المقبلة".
*توقيع 25 اتفاقية
وحول الاتفاقيات التي تمّ توقيعها مع إيران، قال خيل بينتو إنّ "الرئيسين في إطار هذه العلاقة الاستراتيجية اتفقا على توقيع 25 اتفاقية خلال زيارة الرئيس رئيسي إلى كراكاس".
وبحسب ما تابع، فإنّ "25 اتفاقية في مجالات النفط والتعدين والزراعة والقضاء والنقل والمجالات الشاملة هي تعاون متكامل"، مؤكداً أنّ "هذا يسمح لنا بالتقدّم بسرعة كبيرة في العلاقات الثنائية".
وشدّد الوزير الفنزويلي على أنّ بلاده وإيران هما جزء من الجغرافيا السياسية العالمية الجديدة"، قائلاً: " نحن نملك احتياطيات كبيرة من الطاقة"، لافتاً إلى أنّ "إيران طوّرت صناعاتها لاستثمار النفط والغاز والبتروكيماويات التي تهمنا ولدينا المصالح المشتركة نفسها".
وأضاف: "نحن شركاء في آليات أوبك + وأوبك، ولدينا رؤية مشتركة للعالم"، مشيراً إلى أنّ "الرئيسين قاما بتحليل ودراسة السيناريو الحالي، حيث نرى كيف أنّ القوة المهيمنة التي هي الولايات المتحدة، والتي هي أيضاً المعتدي المشترك على كل من إيران وفنزويلا، في تدهور مستمر".
وأكد خيل بينتو أنّ هذا الأمر "يجعل المسؤولية ضرورة ملحّة، دولتان مسؤولتان عن حماية أصولهما وسلعهما وقدرتهما الإنتاجية من أجل الحفاظ على التوازن العالمي".
ورأى الوزير الفنزويلي أنه يمكن تلخيص زيارة رئيسي في أنها "زيارة أكد فيها الرئيسان مسؤوليتهما أمام العالم لضمان استقرار بلديهما وضمان استقرار إنتاجهما من الطاقة في مواجهة التغيّرات الجيوسياسية التي نمر بها".
كذلك، أوضح أنّ التحالف الإيراني- الفنزويلي بالنسبة للعالم يعني ضمانة للاستقرار، ولإمدادات الطاقة، ويعني ضمانة للحضور السياسي في المنتديات الإقليمية والداخلية.
واعتبر أنّ الإشارة أو الرسالة التي وجّهتها زيارة الرئيس رئيسي هي على وجه التحديد أنّ دولتين مستقلتين، وذات سيادة، تقومان ببناء علاقة تتعزز بشكل متزايد، ليس فقط في مجال التعاون في حقل الطاقة، ولكن في جوانب أخرى مثل التجارة والسياحة.
وأضاف أنّ "لدينا خط ربط جوياً بين البلدين سيسمح لنا، ببناء هيكلية جديدة للتعاون بين دول الجنوب وهذا ضروري للغاية".
ولفت الوزير الفنزويلي إلى أنّ "الولايات المتحدة استغلّت هجومها من موقعها المهيمن ومن موقع هيمنتها على العملة والتجارة العالمية في محاولة لتغيير خطط وأهداف الشعوب التنموية"، مشيراً إلى أنّ "كلّاً من إيران وفنزويلا هما دولتان ضحيتان لهذه الهجمات، وقد أبدتا مقاومة أيضاً".
وأردف: "لقد قالها الرئيس رئيسي، لا أحد يحترم جهة أو إنساناً لتغيير موقفه أمام العدو إذا ما أراد الخضوع، فقط يكتسب الاحترام في نضاله ومقاومته في وجه هذه الاعتداءات"، مشدداً على أنّ "هذا هو موقف كلّ من إيران وفنزويلا".
*ستصبح إيران وفنزويلا في النهاية مثالين للعالم أجمع
وبحسب ما تابع، ستصبح إيران وفنزويلا في النهاية مثالين للعالم أجمع على ما يمكن تحقيقه بفضل المقاومة، "وبالتأكيد سنتقدّم بسرعة أكبر بكثير".
هذا وأوضح خيل بينتو أنّ "الرئيسين في رسالتهما قالا: "لا إيران ولا فنزويلا تناضلان لمهاجمة أحد، أو لفرض رؤيتهما"، مؤكداً أنّ "الشيء الوحيد الذي طالبت به كلّ من إيران وفنزويلا هو حرية الشعب في الاختيار، وأن تكون الديمقراطية هي النظام الذي يحكم بلادنا، وضمان حرية تقرير المصير التي تكرّسها لنا وثيقة حقوق الإنسان".
وأضاف أنّ " هذه في الأساس صرخة شعوبنا وهي رسالة أنّ العالم، إذا ما اتحد، سيحقّق تقدّماً أكثر فعالية"، مشيراً إلى أنّ زيارة الرئيس الإيراني إلى فنزويلا شهدت تغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام الوطنية والعالمية.
وأشار الوزير الفنزويلي إلى أنه "سيتعيّن على العالم أن يشكر هذين الزعيمين على قدرتهما على المقاومة، لأنهما أثبتا للعالم أنّ الثورة الإسلامية وعلى مدى 44 عاماً، والثورة البوليفارية على مدى 24 عاماً في السلطة، استطاعتا على الرغم من كل الاعتداءات، أن تحقّقا أهدافهما".
ولفت إلى أن "هذه هي الرسالة التي تمّ توضيحها للعالم، من دون أن نهاجم أي شخص، ومن دون أن نتدخّل في شؤون بلدان أخرى، فنحن وببساطة نبني مستقبلنا، وسنسير معاً على هذا الطريق".
وفي حديثه للميادين، قال خيل بينتو إنّ العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على فنزويلا هي أكثر من 900 عقوبة، بعبارة أخرى، "عاقبت جميع قطاعاتنا تقريباً".
وأوضح أنّ القطاعات النفطية والمالية والتجارية، وحتى صحة الفنزويليين، تأثرت من جراء تلك العقوبات، مضيفاً: "نحن لا نهتم حقاً بما تفكّر فيه الولايات المتحدة بشأن علاقاتنا وبمن نرتبط".
ولفت إلى أنّ "فنزويلا وإيران تحترمان القانون الدولي، وفي هذا الإطار تتمتع الدولتان بالسلطة المعنوية والقانونية، ولهما الحقّ في إقامة علاقات مع دول أخرى"، مشيراً إلى أنه "سيكون من الجنون حقاً، أن تنتقد الولايات المتحدة من لديه علاقة بإيران أو مع من تتعامل فنزويلا، طالما أنّ كل شيء في إطار احترام ميثاق الأمم المتحدة".
وتابع بالقول: "ليس لدينا أي نوع من القلق في هذه الحالة"، مؤكداً أنّ "الاعتداءات على إيران وفنزويلا اعتداءات إمبريالية".
وأضاف خيل بينتو: "إنهم لا يهاجموننا لأننا نقيم علاقات مع دول أخرى، يهاجموننا لأننا قررنا أن نكون أحراراً، لأننا قررنا اتباع طريق عادل لشعبنا، هذه هي الحقيقة"، مؤكداً: "لذلك نحن مستعدون لكل شيء ونطالب برفع جميع العقوبات، وسنواصل طريقنا نحو الحرية".
تقهقر الهيمنة الأميركية
وأشار الوزير الفنزويلي إلى "تقهقر الهيمنة التي ترمز إليها الولايات المتحدة، والغرب"، لافتاً إلى أنّ "القيم التي روّجت لها الولايات المتحدة هي القيم التي بُنيت عليها تلك القوة العالمية، إنها قيم لا علاقة لها بالإنسانية إطلاقاً: العنصرية، والاستغلال، والغزو ، ونهب الموارد الطبيعية".
وشدّد على أنّ "هذه هي حقيقة هذه الإمبراطورية، التي هي اليوم إمبراطورية أميركا الشمالية"، مشيراً إلى أنها "تأسست على النهب وانتهاك حقوق الإنسان وهذا الوضع يقترب من نهايته".
وأوضح أنّ هذا الأمر يحصل "لأنّ شعوب العالم راحت تنتفض، وشعوب العالم تبني بدائل، وفنزويلا وإيران هما ضمن تلك البدائل، بدائل قريبة من المنحى الإنساني، قائمة على احترام حقوق الإنسان، واحترام خصوصيات كل شعب من شعوب العالم".
وتابع خيل بينتو بالقول: "بينما على الجانب الآخر، الولايات المتحدة، نرى كيف أن ذلك المجتمع يتأكّل بفعل الانحطاط وبشكل متزايد، هو مجتمع مريض بحد ذاته، مريض بالعنصرية والكراهية والمخدرات، مريض من خلال سلسلة من التبعات التي تتزايد تدريجياً بفعل هذا الانحطاط حتى نهاية هذا النموذج الاجتماعي، وليس نهاية الولايات المتحدة طبعاً".
وأكد أنه "عاجلاً وليس آجلاً، نحن على يقين من أن هذا النموذج سينهار، وسيظهر نموذج جديد في جميع أنحاء العالم، نموذج جديد له علاقة بالتعددية، من خلال كتل القوى المختلفة، وهو نموذج يضمن التوازن في العالم".
ولفت الوزير الفنزويلي إلى أنّ "النموذج الذي اقترحته الولايات المتحدة هو نموذج للاستغلال، ونموذج لنهب البيئة، ونهب للإنسان، وإنهاء كل شيء، وسيؤدي حتى إلى نهاية الجنس البشري إذا ما استمر".
وأشار إلى أنّ "نموذج التوازن وتعدّد مراكز القوة هو نموذج يتيح لنا منح البشرية فرصة"، موضحاً أنّ "هذا يتحقق شيئاً فشيئاً ونحن نراه اليوم، عندما نرى مبادرات مثل البريكس، عندما نرى مبادرات مثل التحالف بين إيران وفنزويلا، وتحالف جنوب - جنوب، فتلك بدائل كلها".
وأضاف: "في أفريقيا، انظر كيف يتم النهوض في كل مرة بمزيد من القوة والاستقلال، هي بدائل يجب أن تراها الإنسانية بأمل أكبر، لأنها هي التي ستضمن بقاء الجنس البشري والرفاهية الاجتماعية للشعوب".
كذلك، لفت خيل بينتو إلى أنّ "الجميع يراقب هذا التقهقر، هي مسألة وقت"، موضحاً" "نحن لا نتحدث عن الشعب الأميركي بطبيعة الحال".
وبحسب ما تابع، فإنّ الشعب الأميركي لديه حاجة، ويأمل أيضاً في رؤية التغيير للنموذج الذي يعيشه، هذا النموذج للنهب، وسرقة الموارد الطبيعية، من خلال غزو البلدان، وإهمال مجتمعهم، مجتمع يعيش في داخله 40 مليون فقير، يعيشون البؤس يومياً.
وأكد الوزير أنّ "هذا الأمر ليس مستداماً"، مشيراً إلى أنّ "هذا النموذج لا يمكن فرضه بالعنف، إنها ديكتاتورية".
ولفت خيل إلى أنّ "هذه الديكتاتورية العالمية آخذة في الانحدار"، مؤكداً: "نحن على يقين من أننا سنرى شيئاً فشيئاً كيف سيتغيّر هذا النموذج".
وأضاف: "نحن اليوم في مرحلة حرجة للغاية من حياة الإمبريالية العالمية، إنها مرحلة خطيرة للغاية لأنها قوة جبارة للغاية، ولديها أسلحة، ولديها القدرة حتى على تدمير الكوكب، ترى هيمنتها مهدّدة، لذلك هي قادرة على أي شيء".
وأمل الوزير "أن تسود الحكمة والفطرة السليمة وأن يتم هذا الانتقال من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد المراكز والأقطاب شيئاً فشيئاً في سلام".
هذا وأكد الوزير الفنزويلي أنّ "الشعب الفنزويلي عاشق للحرية بعمق ومحبّ للثورات التي هي في صالح الشعوب".
وأضاف: "نحن، على مدى 44 عاماً، رأينا كشعب فنزويلي في الثورة الإسلامية ضوءاً ينير الانتقال نحو الرفاهية والسيادة على موارد البلاد وتأمين رفاهية شعبه".
وأشار إلى أنه "من فنزويلا، يمكننا أن نرى بفرح كيف أنّ الشعب الإيراني يبني بديله، بديله الخاص مع واقعه الثقافي والاجتماعي، ومع شعبه إذ عرف كيف يحافظ على وحدته على الرغم من الاعتداءات".
وأوضح خيل بينتو أنّ "الشباب الفنزويلي مشبّع بهذا الشعور وهو يرى الشعب الإيراني، ينظر إليه بإعجاب لأنه أوجد حلولاً وتغلّب على كل الهجمات".
ولفت إلى أنّ الشعب الإيراني "تعرّض للحروب والإرهاب والمضايقات التجارية، ولحرب من خلال القضاء، تعرّض لكل شيء، وللعقوبات"، مشيراً إلى أنه "جرت محاولات لإغراق إيران بطريقة ما، لكن الشعب الإيراني استطاع أن يقاوم كل هذه الهجمات وهو يشكّل اليوم قوة كبرى في العلوم والتكنولوجيا، في التعليم، قوة كبرى عسكرية ، قوة في الطاقة وغيرها".
*ايران مصدر للتوازن في المنطقة
وشدّد الوزير الفنزويلي على أنّ إيران بالنسبة للشباب الفنزويلي هي أيضاً مصدر للتوازن في المنطقة، لافتاً إلى أنّ "المنطقة الأوروآسيوية لن تكون منطقة سلام إذا لم يكن لديها توازن بوجود بلد مثل إيران، فمن شأن ذلك الحفاظ على السلام في المنطقة".
وأضاف: "لذلك ننظر إليها بإعجاب كبير، هذه هي الرسالة التي وجّهها الشباب إلى الرئيس رئيسي في ذلك المهرجان الجميل الذي أقيم على مسرح تيريزا كارينيو".
انتهى ** 2342