طهران/6 آب/اغسطس/ إرنا -في ظل تنامي ظاهرة وقائع الاساءة للاسلام وحرق المصحف الشريف في العالم الغربي، تتزايد بوضوح اصوات الاحتجاجات والاستنكارات ضد هذا التطرف الجامح خارج العالم الاسلامي موضحة بأن الصمت في هذا السياق ليس له نتيجة سوى تكثيف العنصرية والانقسامات وعدم احترام الأديان السماوية الأخرى.

وقد أصبحت الأنباء المتعلقة بانتهاك حرمة القرآن الكريم في بلدان العالم الغربي تتصدر وسائل الإعلام العالمية هذه الأيام، والحق أن مثل هذه الحوادث والاهانات التي تتكرر دائما تحت راية حرية التعبير وتحت حماية القوى الأمنية لا تخلو من ارتباطها بظاهرة الإسلاموفوبيا التي تظهر في السلوك والخطاب الإعلامي والأكاديمي والثقافي والاجتماعي في الغرب، وينشأ عنها استهداف مقدسات الإسلام في القرآن والمساجد والحجاب والأطفال وكل ما يمُتُّ للمسلمين بصلة في العالم الغربي.

مرة أخرى، تعود الى المشهد من جديد جرائم الاعتداءات القديمة المتكررة على القرآن الكريم في دول أوروبية مختلفة والتي ترتكب من قبل اشخاص ملحدين ومتشددين يعملون في سياق سياسي استفزازي ممنهج .ومرة أخرى تقفز الى الساحات الرسمية والشعبية مطالبات واسعة بمنع التعرض للمقدسات وتجريمها.

ردود الفعل المستنكرة خارج العالم الاسلامي

مما لا شك فيه أن ردود الفعل الأولى على الانتهاكات المتكررة في السويد والدنمارك وهولندا ستكون من  قبل المسلمين بشكل متكامل على المستويين العام والدبلوماسي الرسمي وقد اتخذت اشكال مختلفة كتنظيم مسيرات احتجاجية في الدول الإسلامية ، وإغلاق السفارة السويدية في العراق ، واستدعاء السفير السويدي في إيران والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة ، وفرض عقوبات على السلع السويدية وضغط المسلمين على حكوماتهم لقطع العلاقات مع السويد .

وبالفعل ما لبثت ان امتدت ردود الفعل على هذه الانتهاكات لتصل الى خارج العالم الاسلامي وبدأت المؤسسات الدولية والسلطات الدينية والسياسية في الدول الغربية وغير الإسلامية احتجاجاتها أيضا على هذا العمل المهين.

مواقف روسيا والصين الواضحة في إدانة جريمة تدنيس القران الكريم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو من أوائل من ردوا على جريمة حرق القرآن في السويد، مؤكدا على ان عدم احترام القرآن الكريم يعد جريمة في روسيا ومشيرا الى ان العلاقات بين المسلمين والأرثوذكس تعزز وحدة الشعوب مضيفا بأن القرآن مقدس عند المسلمين ويجب أن يكون مقدسا عند الآخرين أيضاً.

وبدورها الصين وعبر المتحدث باسم وزارة خارجيتها" وانغ وين بين "، ادانت بشدة حرق القرآن الكريم معتبرة اياه شكل من أشكال الإسلاموفوبيا ومؤكدة على الاحترام والتسامح بين جميع الحضارات ومشيرة الى انه لا ينبغي لما يسمى "بحرية التعبير" أن تكون سببا للصراع بين الحضارات والمعتقدات الدينية.

جريمة تدنيس القرآن الكريم تثير غضب بابا الفاتيكان

وفي مقابلة نشرت مؤخرا في صحيفة "الاتحاد" الإماراتية بتاريخ 3 تموز/يوليو 2023، اعتبر بابا الكنيسة الكاثوليكية " البابا فرنسيس" أن اي كتاب يعتبر مقدسا يجب احترامه احتراما لمن يؤمن به ، معربا عن غضبه واشمئزازه عن جريمة حرق الكتب المقدسة للمسلمين مضيفا انه لا ينبغي تدنيس أي كتاب مقدس  مؤكدا رفضه وادانته لمثل هذه الانتهاكات المسيئة والمستفزة باسم حرية التعبير.

جوزيف بوريل يرفض العنصرية وكراهية الأجانب والتعصب

كما اعرب رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي رفض "جوزيف بوريل" ، عن رفضه ورفض الاتحاد الأوروبي الصارم لهذه العنصرية وكراهية الأجانب والتعصب واي تحريض ديني في الدول الأوروبية ، مؤكدا على أهمية احترام الطوائف الدينية الأخرى.

 غوتيريش ، جريمة اهانة القران الكريم لن تمر دون اجابة

وفي اشارة الى استلامه رسالة آية الله السيستاني بشأن حادثة حرق المصحف في السويد، افاد الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" بأن جريمة إهانة القران الكريم لن تمر دون إجابة .ومن المتوقع أن يتخذ الأمين العام للأمم المتحدة موقفا أسرع وأكثر حسما في هذا الاتجاه ؛ موقف قد يزيد من تفاؤل المسلمين تجاه قرارات هذه الهيئة الدولية المرموقة.

الموافقة على القرار الذي اقترحته الدول الإسلامية في مجلس حقوق الإنسان

كما وأدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف ، بموافقته على القرار الذي اقترحته الدول الإسلامية ، الإساءة للقرآن الكريم وطالب المفوض السامي لحقوق الإنسان وغيره من آليات مجلس حقوق الإنسان النظر في الثغرات القانونية في تجريم إهانة الأديان وتزويد البلدان بالتوصيات اللازمة لإزالة هذه الثغرات القانونية.

يشار الى أن الولايات المتحدة وإنجلترا وبلجيكا عارضت باسم الاتحاد الأوروبي اعتماد هذا القرار ، لكن مجلس حقوق الإنسان وافق عليه بتصويت حاسم.

إدانة الجمعية العامة للأمم المتحدة لانتهاك المقدسات الدينية

وقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا بالإجماع على مشروع القرار المغربي الذي يدين أي عنف ضد الكتب المقدسة باعتباره انتهاكا للقانون الدولي مؤكدة على تعزيز الحوار بين الأديان عبر اصدارها وثيقة تحمل عنوان "مكافحة الكراهية اللفظية من خلال تعزيز الحوار والتسامح بين الأديان والثقافات" والتي تحتوي على فقرة تحظر أي عمل من أعمال العنف ضد الأفراد بسبب دينهم أو معتقدهم وكذلك أي أعمال من هذا القبيل ضد الرموز الدينية والكتب المقدسة والأماكن والمزارات الدينية .

خلاصة

وفي الختام نستلخص انه في حالة الصمت تجاه هذه الانتهاكات سيطغى التطرف  على جميع الاطراف ولن يقتصر على منطقة معينة من العالم او دين دون اخر ،لذا فقد اصبح توحد السلطات السياسية والدينية والمؤسسات الإقليمية والدولية المؤثرة في العالم ضد إهانة المقدسات أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وايضا ان ترك أيدي المتطرفين حرة وإفراغ ساحة اللعب لهم ليس له أي نتيجة سوى تكثيف العنصرية وكراهية الأجانب وعدم احترام المعتقدات والأديان السماوية الأخرى ويمكن أن تؤدي مثل هذه الأعمال الاستفزازية إلى الانقسام وتمهيد الطريق للمواجهة الدينية في العالم.

انتهى**ر.م

مراجع :

https://www.aa.com.tr/en/world/un-general-assembly-adopts-resolution-deploring-violence-against-holy-books-/۲۹۵۴۳۱۱

https://www.arabnews.com/node/۲۳۳۰۱۴۶/world

https://www.aljazeera.com/news/۲۰۲۳/۷/۳/pope-condemns-quran-burning-in-sweden-and-calls-for-respect