وقال الدكتور الراشد في مقابلة مع إرنا بمناسبة يوم القدس العالمي إن يوم القدس العالمي هو مشروع حيوي متكامل الأركان وليس مجرد شعار للإستهلاك الإعلامي والتوظيف السياسي وإنما هو تأسيس لمشروع إسمه الدفاع عن الكرامة واستعادة الأرض المحتلة.
و أشار إلى أن طوفان الأقصى وما أحدثه من زلزال هو أحد نتائج وثمرة من ثمار يوم القدس العالمي كمشروع تأصيلي لتعزيز فكر وثقافة وحق الشعب الفلسطيني بل والعالم الإسلامي والحضارة الإنسانية في استرجاع الأرض وتحريرها من دنس الاحتلال وتأصيل رفض أي فكرة تقوم على الاحتلال والهيمنة على أراضي الغير وحقوقهم.
و أوضح أن القضية الفلسطينية لقد أسقطت كل إدعاءات الغرب وقوى الهيمنة الإستكبار العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ورمى في مزبلة التاريخ كل إدعائتهم الفارغة بالقيم الإنسانية والحضارية وجعلتهم مكشوفين أمام أنفسهم والعالم كقوى هيمنة وسيطرة واحتلال.
و هذا هو النص الكامل للمقابلة:
أعلن الإمام الخميني (رض) الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوم القدس العالمي، ما أثر هذه المبادرة على قضية فلسطين ومحاربة الاحتلال الإسرائيلي؟
إن تأثير يوم القدس العالمي الذي طرحه مفجر وقائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني العظيم رضوان الله تعالي عليه علي تثبيت فكرة إن فلسطين وهي جزء من العالم الإسلامي هي تحت الاحتلال ولابد من تحريرها، ورسخت مشروع تحرير واستعادة أرض فلسطين. فمما لاشك فيه ولا لبس بأن الإمام رحمة الله من خلال مبادرته يوم القدس العالمي التي طرحها مباشرة بعد انتصار الثورة الإسلامية ليبقي في ذاكرة عالمنا الإسلامي القضية الفلسطيني من محاولات الاستلاب والإختطاف الذي تعرضته له هذه القضية الموجعة في كل تاريخنا الإسلامي. ولا نبالغ إذا قلنا بأن عملية طوفان الأقصى هي أحد النتائج والثمرات المهمة لمبادرة يوم القدس العالمي.
وتابع: إن يوم القدس العالمي هو مشروع حيوي متكامل الأركان وليس مجرد شعار للإستهلاك الإعلامي والتوظيف السياسي كما حدث لدي النظام الرسمي العربي خلال السبعة عقود الماضية من عمر الاحتلال، وإنما هو تأسيس لمشروع إسمه الدفاع عن الكرامة واستعادة الأرض المحتلة، فيوم القدس العالمي أسس لعنوان عريض إسمه فلسطين التي يجب أن تعود إلى أهلها وإلى العالم الإسلامي وأقام ثقافة عريضة وواسعة من أجل ابقاء إسم فلسطين كقضية إسلامية كبرى، وجاء طوفان الأقصى إمتداد لذلك المشروع الجاد الذي أسس له الإمام روح الله الموسوي الخميني "قدس سره" ووضع حجره الأساس للخروج من كل مسرحيات تزييف الوعي وتطويع الإرادة لإيصال الأمة والشعب الفلسطيني للإستسلام للأمر الواقع الذي حاول الغربيون والصهاينة فرضه على العالم الإسلامي.
هل يختلف يوم القدس هذا العالم مقارنة بالسنوات السابقة وما أهميته؟
لقد نضج مشروع يوم القدس العالمي لتأصيل فكرة المقاومة من أجل استرداد الأرض واسترجاع الكرامة، وكانت ثمرة هذا النضج هو طوفان الأقصى بكل عناصر وعوامل التغيير التاريخية التي يحملها، فالمقاومة الفلسطينية ميدانيا أبطلت كل رهان خارج سياقات القوة والردع، وأن طاولات التسويات مع العدو المحتل لم تعد خيارا أو مشروعا مقبولا، وأن الجلوس في فنادق الخمس نجوم في أوسلو ومدريد أصبحت لا قيمة لها وتم إغلاق كل صالتها وقاعاتها لتتحدث المقاومة باللغة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحرير الأرض والدفاع عن الكرامة.
إن طوفان الأقصى وما أحدثه من زلزال هو أحد نتائج وثمرة من ثمار يوم القدس العالمي كمشروع تأصيلي لتعزيز فكر وثقافة وحق الشعب الفلسطيني بل والعالم الإسلامي والحضارة الإنسانية في استرجاع الأرض وتحريرها من دنس الاحتلال وتأصيل رفض أي فكرة تقوم على الاحتلال والهيمنة على أراضي الغير وحقوقهم. ولا يمكن رؤية التطورات الأخيرة في فلسطين التي أعقبت طوفان الأقصى بمعزل عن مشروع الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه وطموحه وتطلعه الذي حمله طيلة عمره الشريف، بل يمكننا القول بأن يوم القدس العالمي كمشروع وتأصيل لاسترجاع الأرض وتحريرها من دنس المحتلين الصهاينة هو الأرضية التي يقوم عليها مشروع المقاومة الفلسطينية، حتى لو لم تقدم ايران أي نوع من أنواع المساعدة للمقاومة الفلسطينية، فكيف بها وهي تدفع من الأثمان و الكلف الشئ الكثير لحساب دعمها للقضية الفلسطينية ومقاومتها الشريفة.
ما هي المحاور التي ينبغي التاأكيد عليها في يوم القدس العالمي لهذا العام من قبل المسلمين وأحرا العالم؟
أولا: القضية الفلسطينية ليس فقط تمثل جرحا نازفا للعالمين العربي والإسلامي أو إنها القضية المركزية للعرب كما يحلو للبعض أن يطلق عليها في عملية إختزال مؤلمة ومهينة، فالقضية الفلسطينية جرح غائر في حضارتنا الإنسانية وماتدعية من قيم ومبادئ، ولذلك فإن الدفاع عن القضية الفلسطينية ليس دفاعا عن مجرد أرض محتلة ومغتصبة وأصحاب أرض مشردين وإنما هو دفاع عن حضارتنا الإنسانية ووقوف بوجه إنتهاك كل قيم ومبادئ، الحضارة الإنسانية، ويأتي ذلك إنطلاقا من عدم القبول بجملة الإنتهاكات الماسة بحضارتنا الإنسانية ورفض كل عناوين الإستغلال البشع لفرض الأمر الواقع وإعتباره جريمة فادحة يجب أن تقاوم وأن يوضع لها الحد.
ثانيا: لقد أسقطت القضية الفلسطينية كل إدعاءات الغرب وقوى الهيمنة الإستكبار العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ورمى في مزبلة التاريخ كل إدعائتهم الفارغة بالقيم الإنسانية والحضارية وجعلتهم مكشوفين أمام أنفسهم والعالم كقوى هيمنة وسيطرة واحتلال.
ثالثا: يتجاوز سقوط القضية الفلسطينية -لا قدر الله- في حال تقصير الأمة وأحرار وشرفاء العالم وقبولهم بالأمر الواقع الذي يجتهد الكيان الصهيوني وداعموه على فرضه ليس على الفلسطينيين المحتلة أرضهم وإنما على كل العالم المتحضر، إلى سقوط كل قيمنا الأخلاقية والحضارية التي ندعيها، وذلك عند مجرد القبول بالتسوية مع قوى الاحتلال ومغتصبي الأرض وإعطائهم الشرعية على جريمتهم البشعة في الاحتلال ومصادرة الحقوق الأصيلة لأي مجتمع كان، فأسبط قيمنا الأخلاقية والإنسانية تدعو إلى رفض الظلم ومصادرة الحقوق الأصيلة لأي إنسان أو لأي فئة ومكون اجتماعي بل وتحث على ضرورة مقاومته بكافة السبل المتاحة والممكنة المشروعة.
رابعا: هناك قيم و مبادئ حاكمة على حضارتنا الإنسانية ومنها أن لا يحق لأحد المساومة والتفريط بها أمام أي ضغط. ولأن القضية الفلسطينية هي قضية تمثل عنفوان الاحتلال وإغتصاب الأرض فإنها عنوان عريض للكرامة الإنسانية، كما أن بقاء الصهاينة في فلسطين كقوة احتلال تمثل تهديدا لحضارتنا الإنسانية فإنه ليس من حق حتى الفلسطينين أنفسهم من أن يتنازلوا عن قدسية المشروع الاخلاقي في مواجهة الاحتلال ورفضه بالمطلق دون المساس بأي جزء ولو بمقدر ذرة من الحق الكامل والمطلق في مشروع تحرير الأرض والكرامة وما يتطلبه من مقاومة ومجابهة مع مشروع الاحتلال واغتراب الأرض وانتهاك المقدسات.
كيف تقيمون وضع الكيان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى؟
إن الكيان الصهيوني وفي تصريحات متكررة من كبار قادته يعبرون وبصريح العبارة كل يوم عن وجود تهديد جدي على وجودهم كقوة الاحتلال بما لم يكن له سابقة منذ سابقة تأسيس الكيان الصهيوني وإن كل الجهود التي بذلت من أجل فرض الأمر الواقع بدأت تتهاوي أمام واقع تنامي قوة مشروع مقاومة الاحتلال الصهيوني والدفاع عن الكرامة وبيت المقدس الشريف، فقد ضربت عملية طوفان الأقصى كل الأسس والاعتبارات التي كان يقوم عليها الكيان الصهيوني واصابتها في مقتل، وأصبح من الصعب بل المستحيل إعادة ترقيعها والسماح بعودة الوضع كما كان عليه قبل العملية.
لقد أعادت العملية رسم خارصة جديدة إقليمية ودولية، وكانت الضربة القاضية التي أصابت مشروع الشرق الأوسط في مقتل وأنهته بلا جدال.
لماذا تزود أمريكا إسرائيل من ناحية بالسلاح لتستخدمه ضد قطاع غزة، ومن ناحية أخرى تدعي أنها تحاول وقف عدوان الكيان الصهيوني؟
لقد كشفت التطوات الأخيرة في فلسطين المحتلة الغرب كله، وجعلته عاريا ومفضوحا في العالم بازدواجية معاييره، وأنه لم يعد أحد يصدق مثل أكاذيبهم وحملاتهم الدعائية التي يرجون فيها أنفسهم على أنهم رعاة للمثل والقيم وقيادة حضارتنا الإنسانية. لقد شاهد العالم وما يزال ردات فعل حتى الشعوب الأوروبية على مواقف حكوماتهم والتي خرجت ولأول مرة منذ نكبات العالم بعد الحرب العالمية الثانية وليومنا هذا في مسيبرات و تظاهرات مليونية ضخمة غير مسبوقة تطالب بوقف حركة النفاق والتزييف في العالم والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في المسرح الدولي، كما أدى هذا التناقض لظهور أصوات دولية تطالب بتطبيق القانون الدولي أو إعلان وفاته. إنها حضارة الكذب والنفاق وقد دخلت في مرحلة مهمة من مراحل سقوطها الأخلاقي الذي يئذن بتحولات كبيرة في خاوطة العالم السياسية والجيوسياسية.
ما هو واجب الحكومات العربية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية وهل قامت بمسؤوليتها تجاه هذه القضية حتة الآن؟
لقد سقطت جميع الأقنعة التي كانت تستر خلفها جميع النظام الرسمية العربية وحتى الدول الإسلامية، وربما كان اكثرنا مخدوعين بحملات التضليل التي كانت تقوم بها هذه الأنظمة تحت شعارات كبيرة مدغدغة للمشاعر والعواطف وصدقناها كمثل إن فلسطين هي القضية المركزية وأنها على سلم أولويات النظام الرسمي العربي والإسلامي، وغيرها من أبيات العقود السبعة الماضية، ولم ينتبه كثيرون من أبناء الأمتين العربية والإسلامية بأن تلك كانت مجرد شعارات ويافطات تحملها تلك الأنظمة لتضليل الرأي العام وتعمية الشعوب عن تحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه تحرير الأرض والدفاع عن الكرامة المهدورة بهذا الاحتلال.
أما اليوم فإن التساؤل الذي يجب أن نطرحه بعد أن أثبتت التطورات الاخيرة بعد عملية طوفان الأقصى ما هو واجب الشعوب العربية والإسلامية وما هو واجب جميع الأحرار والشرفاء في العالم وما هو واجب قوى المعارضة والأحزاب الجماعات السياسية والإسلامية في عالمينا العربي والإسلامي.
إن الواجب يحتم على أصحاب الضمائر الحية واضح وجلي ولا يحتاج إلى تبيان أمام مذبحة بربرية تقوم بها عصابة افتقدت كبل معاني الرحمة والشرف والقيم الإنسانيةز ولا أقل لابد من الانطلاق لأن احتلال فلسطين والقبول به يمثل وصمة عار في جبين حضارتنا الإسلامية برمتها.
ما هي أهم الرسائل ليوم القدس العالمي للعالم؟
لم تعد مقاومة الاحتلال لأرض فلسطين قضية الفلسطين وحدهم وإنما اصبحت مشروعا ينبض بالحيوية يتبناه قطاع عريض من أحرار وشرفاء الأمة على مساحة واسعة من عالمنا العربي والإسلامي بل والعالم، وفوق كل ذلك مواقف مكونات محور المقاومة مع مشروع تحرير الأرض الفلسطينية وإنهاء واقع الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
لم يعد المشروع مجرد خطابات وأديبات للتنفيس ودغدغة العواطف للإستهلاك الإعلامي أو لقضايا التوظيف السياسي وحرق الوقت كما فعل النظام الرسمي العربي وإنما تحول إلى مشروع متكامل الأركان هلى الأرض يمضي بها شديد قدما نحود طرد الاحتلال وإنهاء وجوده. وهذه أبلغ وأقوى رسائل يوم القدس العالمي وما أثمر عنه من حركة شريفة وطاهرة وصادقة لتحرير فلسطين واستعادة الأرض المغتصبة.
إن الفشل الذريع الذي منيت به جميع خيارات التسوية وقناعة معظم القوى الدينية الوطنية في فلسطين المحتلة بأن تحرير وإستعادة الأرض الوطن والقدس الشريف يمكن في خيار المقاومة وأنه هو الحل الخيار الوحيد لإسترداد الكرامة والأرض، وهو الذي قد وضع القضية الفلسطينية في موقعها الصحيح السليم لمشروع التحرير ودحر الاحتلال وطرده، ووضعت عملية طوفان الأقصى الصهاينة أمام واقع تحدي كبير أمام يوم القدس العالم ومشاريع التحرير الشريفة التي يتبناها ويدعمها، والتي لا يمكن الاستمرار مع وجودها كثافة وراية نهضة وتحرير على مشاريع الاستيطان السابقة وأن هذه الصفحة طويت وللأبد ولن يرى الصهاينة هدوءا كما كانوا ينعمون به في السابق. وهذه أبلغ رسالة من رسائل يوم القدس العالمي.
نغتنم هذه الفرصة لنترحم على صاحب هذه المبادرة التي أحيت الأمل في نفوس الملايين من الصادقين المتطلعين ليوم تستعيد فيه الأمة سابق مجدها وعنفوان كرامتها لكي لا تستطيع مثل عصابات الصهاينة وأشباههم من الجماعات الإرهابية وقطاع الطرق أن يتقربوا من أراضينا أو ما يمثل عنوان كرامتنا وأن تستعيد فلسطين وهي الأرض المسلوبة والمغتصبة إلى اهلها وأن تعود إلى حضنها الكبير العالم الإسلامي. رحم الله صاحب هذه الراية مفجر وقائد الثورة الإسلامية السيد روح الله الموسوي الخميني عليه الرحمة والرضوان.
انتهى**3276