طهران / 5 نيسان/ ابريل/ارنا- قال الباحث السوري"حسن أحمد حسن": الثورة الاسلامیة فی ایران غيرت مجرى الأحداث في المنطقة ورفعت لواء التصدي للشيطان الأكبر ممثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية والکیان الصهیوني والغدة السرطانية التي يجب اقتلاعها ممثلة بالكيان الإسرائيلي الاحتلالي البغيض الذي تم زرعه عنوة في المنطقة وعلى أراضي فلسطين الحبيبة.

و قال إن يوم القدس العالمي الذي انطلق في ذكراه الأولى من إيران الثورة وامتد ليشمل أعدادا قليلة ودولاً معدودة على أصابع الكف الواحدة هو اليوم يحظى باهتمام دول كثير في شتى أنحاء المعمورة، أي أنه انتقل من المحلية إلى الإقليمية ومن ثم إلى العالمية، وهذا يبنى عليه الكثير.

و صرح أنه في كل عام يستقبل المؤمنون بالحق وحتمية انتصاره يوم القدس بمعطيات جديدة، وإنجازات لم تكن معالمها العامة قد تبلورت واتضحت قبل عام، وفي هذا العام يطل يوم القدس زاخراً بمعاني اقتراب تحقق الوعد الإلهي بزوال الكيان الغاصب المؤقت أكثر من أي وقت مضى.

و أوضح أن دخول اليمن في ساحة المواجهة المباشرة والنجاح في التحدي الذي أعلنه، وهذا يشكل بحد ذاته متغيراً جيوبوليتيكياً يفرض وجوده على الجميع بالتكامل مع القدرة الاستراتيجية التي أثبتها تكامل جبهات المحور واشتعال الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة من رأس الناقورة إلى أطراف جبل الشيخ.

و أكد أن القوات العسكرية الأمريكية شريكة كاملة في هذه الحرب، وقد ضغطت بكل ثقلها لسحق المقاومة الفلسطينية وتمكين "إسرائيل" من إعلان النصر على جماجم الأبرياء، لكنها أخفقت في الاقتراب مما كان يتغنى به نتنياهو ويتحدث بغطرسة عن اقتراب تحقيق نصر حاسم وواضح ولا يقبل التأويل، وبعد الفشل في تحقيق ذلك، تم تركيز الجهود لتسويق صورة ولو بسيطة عن نصر جزئي، وقد أخفقوا في ذلك أيضاً، واليوم كل الجهود منصبة لمنع الاعتراف بصورة الهزيمة القائمة التي يراها الجميع، لكن التحالف الصهيو ــ أمريكي يحاول تكذيب ما يراه رؤيا العيان لأن الاعتراف بأي شكل من أشكال الهزيمة بتل أبيب ينسحب تلقائياً على واشنطن، وبالتالي هو يمثل هزيمة أمريكية بالدرجة الأولى.

و فيما يلي النص الكامل للمقابلة:

السؤال الأول:

أعلن الإمام الخميني (رض) الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوم القدس العالمي، ما أثر هذه المبادرة على قضية فلسطين ومحاربة الاحتلال الإسرائيلي؟

من يطلع على حقيقة الدور الإيراني قبل الثورة الإسلامية الإيرانية وبعدها يدرك أية نعمة خصَّ بها الله سبحانه وتعالى هذه المنطقة بإطلاق الثورة وانتصارها بقيادة روح الله الموسوي سماحة الإمام الخميني قدس سره الشريف، ويكفي هذه الثورة الميمونة المباركة فخراً أنها غيرت مجرى الأحداث في المنطقة، ورفعت لواء التصدي للشيطان الأكبر ممثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية والغدة السرطانية التي يجب اقتلاعها ممثلة بالكيان الإسرائيلي الاحتلالي البغيض الذي تم زرعه عنوة في المنطقة وعلى أراضي فلسطين الحبيبة، وستبقى صور الأيام والساعات الأولى لانتصار الثورة واستقبال الشعب الإيراني لقائد ثورته حاضرة في الأذهان وعصية على النسيان، عندما تم أغلاق السفارة الإسرائيلية وتسليم مقرها إلى  منظمة التحرير الفلسطينية، كما تمت محاصرة السفارة الأمريكية من قبل شباب الثورة الأبطال ومن ثم إغلاقها بعد تعفير جبهة الغطرسة والاستكبار الأمريكية بأوحال المذلة والمهانة.

إيران التي كانت السوط الأمريكي وشرطي المنطقة في عهد الشاه المخلوع تحولت بإبداع ومسؤولية إلى رأس قاطر لمحور المقاومة الذي اشتد ساعده بانتصار الثورة الإسلامية، ولعلها من ألطاف رب العالمين وتوفيقه وحسن تدبيره أن يأتي انتصار الثورة قبيل انهيار الاتحاد السوفييتي، وبالتزامن مع خروج مصر من ساحة المواجهة ضد الكيان الصهيوني، فعوض الله فلسطين والإسلام والمنطقة  والعالم بإيران الثورة التي شكلت المعادل الموضوعي القابل للبناء عليه لتصحيح الخلل الذي أحدثه انجراف مصر والتحاقها بركب التطبيع والاستسلام عبر كامب ديفد وما سبقها وتلاها من تفاهمات واتفاقات ثنائية ساعدت الكيان المؤقت لممارسة المزيد من العربدة والغطرسة والإجرام، كما ساهمت في إصرار الإدارات الأمريكية المتعاقبة على فرض الأحادية القطبية على العالم أجمع.

إن انتصار الثورة الإسلامية في إيران وانكسار هيبة التسلط الأمريكي واقتلاع سارية علم الطاغوت الأكبر وإحراق علم كيان الاحتلال بنجمته ودلالاتها كان المقدمة المبشرة بحصاد وفير يتعاظم ويتراكم في بيادر أنصار الحق وعشاق اليقين، وكانت أحاديث سماحة الإمام الخميني "قده" زاخرة بمحبة فلسطين والقدس وضرورة اقتلاع تلك الغدة السرطانية انطلاقاً من يقينه بأن "إكمال الثورة عينها وتمامية حركيتها لا يتحققان الا بإزالة "اسرائيل" من الوجود وليس فقط بطرد الصهاينة من طهران وارجاء إيران" ولم يكد يمضي ستة أشهر على عودة الإمام الخميني وأربعة  أشهر على إقامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أي في تموز من العام 1979 حتى أعلن قائد الثورة ومرشدها الأعلى وفي شهر رمضان المبكر اعتماد الجمعة الأخيرة من كل رمضان يوماً عالمياً للقدس، وهنا تتجلى عبقرية الاختيار وصوابية القرار ، فهو يوم عالمي أي يتجاوز حدود فلسطين والمنطقة ليصل أطراف الكون، وهو يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين، وليس خاصاً بالإسلام والمسلمين بل بالعالم أجمع كنموذج للصراع بين الحق والباطل، وهو بهذه الدلالة جمع أبعاداً أربعة: العالمي والإسلامي والإنساني والأخلاقي، وجميعها تظهر بوضوح وتتجلى كل عام في الجمعة الأخيرة من رمضان الفضيل، وهذا كفيل بتغيير لوحة المواجهة المفتوحة مع الكيان المؤقت وحامية وجوده الولايات المتحدة الأمريكية، وجميع المؤشرات تدل على أن الاستكبار وأدواته الوظيفية في انحسار وتراجع وتقهقر، ونهج المقاومة في تجذر وانتشار وتمدد أفقياً وعمودياً وعلى شتى الصعد والميادين والمستويات.

السؤال الثاني:هل يختلف يوم القدس هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة وما أهميته؟

في كل عام يستقبل المؤمنون بالحق وحتمية انتصاره يوم القدس بمعطيات جديدة، وإنجازات لم تكن معالمها العامة قد تبلورت واتضحت قبل عام، وفي هذا العام يطل يوم القدس زاخراً بمعاني اقتراب تحقق الوعد الإلهي بزوال الكيان الغاصب المؤقت أكثر من أي وقت مضى، وهنا يمكن الإشارة إلى عدد من النقاط التي تساعد على اتضاح جوانب الصورة المتشكلة، والتي لما تنتهِ معالمها العامة بعد، ومنها:

• يوم القدس العالمي الذي انطلق في ذكراه الأولى من إيران الثورة وامتد ليشمل أعدادا قليلة ودولاً معدودة على أصابع الكف الواحدة هو اليوم يحظى باهتمام دول كثير في شتى أنحاء المعمورة، أي أنه انتقل من المحلية إلى الإقليمية ومن ثم إلى العالمية، وهذا يبنى عليه الكثير.

• يطل يوم القدس العالمي اليوم مع حقائق متبلورة على أرض الواقع، ولا أحد يستطيع نكرانها، ومنها:

ــــ ملحمة طوفان الأقصى مفصل تاريخي يؤرخ لما بعدها ولما قبلها لكل ما يتعلق بتوازن القوى واصطفافاتها الجيوبوليتكية إقليمياً ودولياً.

ــــ افتضاح النفاق الأمريكي بخاصة والغربي الأطلسي بعامة وتأكد العالم من عدوانية هذا المحور القائم على القتل والبطش والظلم والتدمير والإبادة بعيداً عن كل ما له علاقة بإنسانية الإنسان وقيم المجتمع الدولي وأعرافه.

ــــ افتضاح عجز الكيان المؤقت عن الاستمرار بأداء دوره الوظيفي الذي أقيم من أجله، فالجيش الذي أنشئت له دولة ليس فقط عاجزاً عن حماية المستوطنين المستجلبين من كل أنحاء الأرض، بل هو عاجز عن حماية نفسه والنجاح في أداء أية مهمة قتالية يأخذ تنفيذها على عاتقه.

ـــ استعادة القضية الفلسطينية الألق والحضور والفاعلية في المحافل الدولية.

ــ الفشل المركب للكيان الإسرائيلي في التعامل مع تداعيات ملحمة طوفان الأقصى هو فشل أمريكي قبل أن يكون إسرائيلياً صرفاً، فالولايات المتحدة الأمريكية حضرت برئيسها وأركان إدارته ومسؤوليها العسكريين والأمنيين والدبلوماسيين والاقتصاديين، واستقدموا البوارج والمدمرات وحاملات الطائرات والمارينز وغيرهم، وإدارة بايدن اليوم غارقة في أوحال غزة العزة مع ربيبتها كيان الاحتلال، وكل مؤشرات الواقع تؤكد الإخفاق الذريع والفشل المركب في إخماد جذوة المقاومة.

ـــ تآكل هيبة الردع الأمريكية والإسرائيلية وتراخي القبضة الأمريكية اتي كانت تحكم السيطرة على كل ما يتعلق بمفاصل صنع القرار إقليمياً ودوليا.

ـــ افتضاح حقيقة العديد من الأنظمة في دول عربية وإسلامية ودورانها المفضوح في فلك المصالح الصهيو ـــأمريكية المتداعية أكثر فأكثر يوماً بعد آخر.

ـــ تبلور مصطلح وحدة الساحات وتكامل الجبهات من اليمن إلى فلسطين المقاومة إلى جنوب لبنان إلى سورية فالعراق ومنها إلى إيران الداعمة لجميع أقطاب المحور بكل متطلبات الدعم، في مرحلة مصيرية أثبتت فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنها تحتل مراتب متقدمة في التصنيع الحربي الثقيل، وبخاصة في مجالي الصواريخ والطائرات المسيرة بكفاءة عالية تنافس أكثر الدول المتقدمة والمتطورة، والتوجه العالمي اليوم للاستفادة من التجربة الإيرانية الفريدة والجديرة بكل الاحترام والتقدير.

ـــ تشظي الداخل الاستيطاني الإسرائيلي وبروز العديد من عوامل الانهيار والتآكل الذاتي جراء العجز عن الدنو من السقوف العالية التي أعلنتها حكومة نتنياهو وفشلت في تحقيق أي منها.

• دخول اليمن في ساحة المواجهة المباشرة والنجاح في التحدي الذي أعلنه، وهذا يشكل بحد ذاته متغيراً جيوبوليتيكياً يفرض وجوده على الجميع بالتكامل مع القدرة الاستراتيجية التي أثبتها تكامل جبهات المحور واشتعال الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة من رأس الناقورة إلى أطراف جبل الشيخ، وما أحدثته المقاومة الشعبية العراقية من تغيير على معادلات الاشتباك القائمة على الجغرافيتين العراقية والسورية، وامتداداً إلى العمق المعادي داخل الأراضي الفلسطيني المحتلة.

• تبلور بوادر الإخفاقات الأمريكية المتعددة وعلى أكثر من ساحة من ساحات الاشتباك المزمن سواء عسكرياً مع روسيا على الجغرافياً الأوكرانية أو اقتصادياً ودبلوماسياً مع تمدد الصين ودخولها المنطقة بعد النجاح في دفع المصالحة السعودية الإيرانية، ناهيك عن الفشل في فرض الإرادة على المقاومة في فلسطين بعد مرور ستة أشهر من حرب الإبادة الممنهجة التي يقترفها الكيان الإسرائيلي المؤقت بدعم ومشاركة أمريكية وأطلسية.

• القاسم المشترك بين كل هذه المتغيرات يشير إلى الانتصار الحتمي القريب والقادم للقضية الفلسطينية وللقدس الشريف والأقصى المبارك، وهذا يعني اقتراب نهاية الكيان المؤقت وزواله، وهذا وعد الله وحاشا لله أن يخلف الميعاد.

 السؤال الثالث:ما هي المحاور التي ينبغي التأكيد عليها في يوم القدس لهذا العام من قبل المسلمين وأحرار العالم؟

المحور الأهم والجوهري الذي يجب التركيز هو دعم المقاومة الفلسطينية، وعدم السماح بأي شكل لحكومة نتنياهو وداعميها والدائرين في فلكها الآسن من الاستفراد بغزة مهما كانت النتائج والتداعيات، وهناك الكثير من النقاط التي يجب التركيز عليها في هذه المناسبة، ومنها:

• القدس تعني جميع المسلمين والمسيحيين والأحرار في العالم، وهي فلسطينية اليد والوجه واللسان وستبقى كذلك رغم أنوف طواغيت الكون.

• القضية الفلسطينية يجب أن تبقى تتصدر الاهتمام الداخلي والإقليمي والدولي، ونصرة القضية الفلسطينية واجب وطني وديني وأخلاقي وإنساني.

• أهمية إصلاح البيت الداخلي الفلسطيني، وضرورة توافق الجهود وتكاملها بعيداً عن أية اصطفافات سلطوية تسلب الفلسطينيين أهم أوراق قوتهم، وتمنح العدو الإسرائيلي ورقة قوة لا يستطيع من دونها الاستمرار بالوجود.

• الوحشية الإسرائيلية والإجرام الذي يتم ارتكابه يجب نشره على العالم، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ومن المهم تكليف مجموعات مختصة بترجمة العديد من الفيديوهات المعبرة عن الوحشية الإسرائيلية إلى أكثر من لغة، مع التأكيد على الوحشية غير المسبوقة لحكومة نتنياهو وحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، والتركيز في الفيديوهات التي يتم تجهيزها على الضحايا من الأطفال والنساء.

• التأكيد على الدور الأمريكي القذر الذي لولاه ما كان للإجرام الصهيوني أن يستمر أبداً، ولولا التدخل الأمريكي المباشر منذ الأيام الأولى لعملية طوفان الأقصى لما كان بإمكان حكومة نتنياهو البقاء واقفة لمدة شهر، أي أن المجرم الأكبر هو الأمريكي، وكل ما تقوم به تل أبيب من إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية هو بمباركة ومشاركة أمريكية.

• الحرص على تعميم فكرة تبلور مبدأ وحدة الساحات وتكامل الجبهات واستحالة السماح للتوحش الصهيو ــ أمريكي بالتفرد بأي طرف من أطراف محور المقاومة.

•  اليقين المطلق بأن تآكل الهيبة والردع لدى واشنطن وتل أبيب قد بدأ بوتائر متسارعة، ولن يتوقف إلا بإخراج الوجود العسكري الأمريكي من المنطقة، وإعادة الأرض والحقوق المغتصبة والمسلوبة إلى أصحابها الشرعيين.

• الفرق كبير بين القدرة على القتل والإبادة وامتلاك طاقة تدمير هائلة وبين القدرة على بلوغ النصر، وضريبة مقاومة أعداء الله والإنسانية مهما ارتفعت تبقى أقل بكثير من ضريبة الخنوع والذلة والتبعية والإذعان.

• مسيرة التطبيع محكومة بالفشل طال الزمن أم قصر، فهذا الكيان اللقيط المجرم لا يمكن أن يعيش إلا في جو من التوتر والصراعات والحروب والاضطراب، ونهايته قريبة ومحتومة سلماً أو حرباً، فالسلام العادل يعني زوال كيان قائم على الاحتلال، والحرب محسومة لصالح محور المقاومة، والدليل عجز جيش الكيان المدعوم بالناتو عن حسم أي جبهة في قطاع غزة، على الرغم من أن القطاع صغير المساحة ومحاصر منذ عقود، فكيف ستكون الصورة إذا اندلعت الحرب الكبرى الشاملة وانخرطت جميع أطراف محور المقاومة؟

• مهما ارتفع مستو الإجرام الصهيوني، ومهما زادت حدة الانتقادات الدولية، فلن تتغير اللوحة إلا إذا بدأت توابيت الجنود الأمريكيين تعبر الأطلسي، وكل ما عدا ذلك إطالة لأمد القتل وحرب الإبادة المطبقة اليوم ضد غزة، وستنتقل إلى غيرها إذا كتب لهم النجاح في هذا الفصل من فصول الحرب، وهيهات لهم هيهات.

السؤال الرابع:كيف تقيمون وضع الکیان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى؟

اطلاع سريع على ما ينشره الإعلام الإسرائيلي يومياً كفيلة بتوضيح الكثير من المعطيات والمعادلات التي ولَّدتها ملحمة طوفان الأقصى، ومنها:

• إخفاق ذريع مركب عسكري وأمني واستخباراتي وإعلامي واقتصادي ودبلوماسي ومجتمعي، وعلى شتى الصعد والمستويات.

• تآكل هيبة الجيش الصهيوني وفقدان ثقة المستوطنين بجيشهم، وفي الوقت نفسه فقدان ثقة المدنيين والعسكريين بنتنياهو وحكومته الغارقة في رمال غزة.

• انقسام حاد داخلي عمودياً وأفقياً وازدياد فكفكة التجمع الاستيطاني الصهيوني غير المتجانس، والشيء الرئيس الذي يجمعهم هو نزعة القتل والإجرام والاتفاق على إبادة غزة بمن فيها تمهيداً للانتقال إلى الضفة والأراضي المحتلة عام 1948 لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً إذا استطاعوا، ولن يستطيعوا مهما بلغ إجرامهم ووحشيتهم.

• تبدل جوهري في الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية، وهذا متغير مهم جداً، ولا يقل أهمية عن الإنجاز العسكري الذي فرضته المقاومة في السابع من تشرين الأول عام 2023م. ويجب الاستثمار فيه على مدار الساعة.

• ثبوت العجز المطبق عن تحقيق إنجاز عسكري يقود إلى تحقيق أي من الأهداف التي تم الإعلان عنها، وهذا يعني أن أقصى ما يمكن أن يحلم به حكام تل أبيب يتمحور حول قدرة واشنطن على منح تل أبيب مزيداً من الفرص والمدد الزمنية لعلهم يستطيعون تقديم صورة تغطي الهزيمة المتبلورة بعد العجز عن إحراز النصر، وعن تقديم أي صورة عن نصر محتمل.

السؤال الخامس:لماذا تزود أمريكا إسرائيل من ناحية بالسلاح لتستخدمه ضد قطاع غزة، ومن ناحية أخرى تدعي أنها تحاول وقف عدوان الکیان الصهيوني؟

كل ما يتعلق بادعاء أمريكا أنها جادة في وقف العدوان الصهيوني على الأبرياء في غزة وغيرها لا يعدو كونه محض افتراء وكذب وتضليل، ولو أراد البيت الأبيض وقف العدوان والوحشية الإسرائيلية بعد ساعة فإنه يستطيع، ولعل أبلغ توصيف للسياسة الأمريكية يتبلور في قوله تعالى" كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"، فما يتم تداوله عن تمرد نتنياهو وخلافه مع بايدن هو مسرحية هزيلة العرض والإخراج، فهما وحشان مسعوران يتناوبان ويتساعدان على قتل أكبر عدد ممكن من الشعب الفلسطيني: أحدهما يقصف ويدمر ويقتل ويهجر ويحاصر تمهيداً لإتمام الإبادة الجماعية، والآخر يقدم أسلحة القتل والتدمير والإبادة، ويشل إرادة المجتمع الدولي عن تقديم أي شيء يخفف المعاناة، ويمنع دخول مقومات استمرار الحياة، وبذريعة وجود خلافات يمنح القاتل مهلاً زمنية متتالية، وهي لن تنتهي لعلهما يستطيعان معاً تحقيق الانتصار بالرعب، وإن لم يفلحا في ذلك ينجحان في زيادة أعداد الضحايا أكبر قدر ممكن، ويعملان على توفير ظروف ملائمة لتهجير من يبقى حياً.

النقطة الأخرى التي تستحق التوقف عندها في هذا السياق تتعلق بالعجز حتى الآن عن الحصول على صورة تغطي الهزيمة الإسرائيلية مكتملة الأركان، ومن المهم توضيح أن أية هزيمة فعلية تفرض في الميدان تتجاوز الجغرافيا الفلسطينية، فالولايات المتحدة الأمريكية حضرت منذ الأيام الأولى برئيسها ووزراء الحرب والدفاع والاستخبارات والأركان، واستحضرت البوارج والمدمرات والأساطيل وحاملات الطائرات وكانت حاضرة في كابينت الحرب المصغر، أي في غرفة العمليات وقيادة خوض الأعمال القتالية على أرض الميدان، وبالتالي القوات العسكرية الأمريكية شريكة كاملة في هذه الحرب، وقد ضغطت بكل ثقلها لسحق المقاومة الفلسطينية وتمكين "إسرائيل" من إعلان النصر على جماجم الأبرياء، لكنها أخفقت في الاقتراب مما كان يتغنى به نتنياهو ويتحدث بغطرسة عن اقتراب تحقيق نصر حاسم وواضح ولا يقبل التأويل، وبعد الفشل في تحقيق ذلك، تم تركيز الجهود لتسويق صورة ولو بسيطة عن نصر جزئي، وقد أخفقوا في ذلك أيضاً، واليوم كل الجهود منصبة لمنع الاعتراف بصورة الهزيمة القائمة التي يراها الجميع، لكن التحالف الصهيو ــ أمريكي يحاول تكذيب ما يراه رؤيا العيان لأن الاعتراف بأي شكل من أشكال الهزيمة بتل أبيب ينسحب تلقائياً على واشنطن، وبالتالي هو يمثل هزيمة أمريكية بالدرجة الأولى، والتسليم بهكذا واقع كارثة كبرى للولايات المتحدة الأمريكية التي تصارع وتتخبط لضمان استمرار التفرد بالقرار الدولي أطول فترة ممكنة، وفي الوقت نفسه الإدارة الأمريكية بحاجة اليوم لتخفيف ضغط الشارع في الداخل الأمريكي الذي بدأ يرى الحقيقة ويضغط لوقف المجزرة الوحشية التي ترعاها إدارة بايدن، وهذا يعني أن فصول المسرحية التي تتحدث عن خلافات أمريكية إسرائيلية تخدم الطرفين، فنتنياهو يحصل على ما يريد من الوقت لضمان قتل أعداد كبيرة جديدة من الفلسطينيين، وبايدن بحاجة لتسويق مسحة إنسانية عن إدارته للداخل الأمريكي وللرأي العام العالمي، وإظهار الغضب والانتقاد اللفظي لا يغير من الحقيقة القائمة التي تؤكد أن الطرفين شريكان في تنفيذ إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وعلينا ألا ننسى أن التوحش الإسرائيلي بهذه الفظاظة والصلف يصب في إطار الحرب الاستباقية المعتمدة في الإستراتيجيا الأمريكية، فمرور ستة أشهر واستمرار شلال الدم الفلسطيني يوصل رسالة إلى بقية الأطراف لأخذ العبرة مما يجري في غزة، حيث القتل الجماعي والقصف والحصار والفظائع الي ترتكب على مدار الساعة، وهذا هو المصير الذي ينتظر كل من يفكر أن يقول "لا" في وجه مصاصي الدماء ومجرمي العصر في واشنطن وتل أبيب.

النقطة الأخيرة التي أود الإشارة إليها في معرض الإجابة على هذا السؤال العميق والمهم ذات بعد إستراتيجي، فعلى ضوء الخواتيم النهائية التي ستحكم هذه الجولة من الصراع في المنطقة يتوقف رسم الخارطة الجيوبوليتكية الجديدة للمنطقة التي تشغل جزءاً من (الهارت لاند) أي "قلب العالم" وفق النظريات الجيوبوليتكية، وعلى ضوء النتيجة النهائية يتم تعديل قواعد الاشتباك وتوازن القوى على المستويين الإقليمي والدولي، فإذا تمكنت واشنطن من الاستمرار بحماية التوحش والإجرام الصهيوني فالعالم بكليته متجه نحو قرن كامل قادم على الأقل من استعادة الأحادية القطبية وزيادة ضراوتها، وهذا ما لا يمكن أن يكتب له النجاح، وإذا استطاعت المقاومة تحصين الإنجازات الإعجازية العسكرية التي حققتها، وعرفت كيف تصرفها سياسياً، فهذا يعني تسارع انهيار الأحادية القطبية واقتراب خروج الوجود العسكري الامريكي من المنطقة، وترك أصحاب الرؤوس الحامية في تل أبيب يقلعون أشواكهم بأيديهم، وقد تفلح واشنطن في الالتفاف على هذا السيناريو بما هو أقل خطورة، ويتمثل بإعلان انتهاء الدور الوظيفي والمهل الزمنية المطلوبة لحكومة نتنياهو، وبالتالي ليس عبئاً على "حكومة الظل ا العالمية" أن تلقي في الجحيم بهذه الحكومة الأكثر وحشية وعنصرية في التاريخ الحديث حفاظاً على استمرارية الكيان المؤقت سنوات إضافية، فالتضحية بنتنياهو وحكومته أقل تكلفة من التضحية بالكيان الإسرائيلي ودوره الوظيفي بشكل كلي، وهناك الكثير من المؤشرات والقرائن الدالة التي تشير بوصلتها إلى رجحان كفة هذا الاحتمال تفادياً لاضطرار واشنطن إلى الاعتراف بانهيار الأحادية القطبية وإلى الأبد.

السؤال السادس:ما هو واجب الحكومات العربية تجاه القضية الفلسطينية وهل قامت بمسؤوليتها تجاه هذه القضية حتى الآن؟

من وجهة نظري الشخصية ليس هناك أية واجبات قط على غالبية الحكومات العربية، فالواجب يطلب من صاحب القرار القادر على اتخاذ هذا القرار أو ذاك، وبما يتناسب وخدمة مصالحه الوطنية العليا، أما الأطراف التابعة والمرتبطة بالذيل الأمريكي او الإسرائيلي أو كليهما معاً فلا مبرر لتعليق أي بصيص أمل على أي منها، فكل الدول المطبعة سراً أو علانية، أو تلك التي في طريقها إلى التطبيع لا تمتلك ترف التفكير باتخاذ القرار، بل تنتظر ما يردها من أوامر وتعليمات وتوجيهات وتحرص على التقيد الحرفي في التنفيذ، وبالتالي من العبث المراهنة على إمكانية تغيير موقف من حسم أمره وأخذه موقعه في الاصطفاف تحت العباءة الأمريكية، بغض النظر عن الأسباب والدوافع، سواء أكانت نابعة من قناعة ذاتية، أم جراء ضغوط وظروف "قاهرة"، وعلى ضوء مكان التموضع يكون التمترس الذي لا ينفع معه حوار ولا محاججة تنطلق من ثنائية التكلفة والمردودية سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أم على مستوى التنظيمات والدول والمجتمعات، وقد يكون أكبر واجب تستطيع الدول العربية التي اختارت الاصطفاف على الضفة المقابلة محصوراً في الوقوف على الحياد على الأقل، فغزة وفلسطين لا تحتاج سيوفهم، وجلُّ ما يمكننهم تقديمه ألا يكونوا مع العدو ضد غزة وضد فلسطين وضد القدس وضد الأقصى...

باختصار شديد يمكن القول: باستطاعة مصر والأردن وحدهما فقط تغيير اللوحة في غضون أيام قليلة حتى من دون الحاجة إلى سحب السفراء، ولا إلى التهديد بسحبهم، ولو أن عمَّان والقاهرة حريصتان فعلاً على مناصرة الأشقاء المظلومين وأصحاب الحق في غزة لما كان بإمكان منجل الموت أن يحصد عشرات الآلاف من أرواح الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم فلسطينيو المولد بإرادة رب العالمين، ولا اعتراض على حكم الله...

نقطة أخيرة أرى وجودب التذكير بها هنا، وهي متعلقة بالتفكير بالخطوة التالة إذا استطاعت تل أبيب الاستمرار بتنفيذ التهجير القسري أو الطوعي، وقراءتي الذاتية لن يطول اليوم الذي تكتشف الحكومة المصرية والأردنية أن المطلوب من كل منهما مزيداً من التفريط بالكرامة، وبما يفوق طاقة مفاصل صنع القرار، وعندها يلتحق القائمون على ولاية الأمر هناك بمن سبقهم ممن انتهى دورهم الوظيفي، وألقي بهم من القاطرة عند أول منعطف.

السؤال السابع:ما هي الرسالة الأكثر تعبيرا من يوم القدس العالمي للعالم؟

كثيرة هي الرسائل البليغة التي يحملها يوم القدس العالمي ومنها: الرسالة الأكثر تعبيراً والتصاقاً بتسمية الجمعة الأخيرة من كل رمضان بيوم القدس العالمي وهذا يجسد اليقين المطلق بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وإن تضافر جهود الشرفاء في العالم قادرة على اجتراح المعجزات، وأن الإيمان بقضية يدفع أصحابها لاستسهال كل ما هو مطلوب دفعه وبذله في سبيل نصرتها...وهذا يجسد الإيمان المطلق بأن الكيان الباطل وحماته ورعاته وداعميه إلى زوال طال الزمن أم قصر، وأن القضايا العادلة والمحقة بحاجة لمن يتبناها بصدق ويقين ويدافع عنها بالمهج والأرواح، وأنه لا يموت حق وراءه مطالب.

باختصار يمكن القول من الرسائل البليغة ليوم القدس العالمي أن الفكرة القابلة للبناء عليها قد تتطور وتثمر، وتؤتي أكلها في كل آن، وقبل هذا وذاك تبقى الرسالة الأبلغ تشير إلى عمق النظرة الاستشرافية الاستراتيجية التي تمتع بها سماحة روح الله الخميني "قده" وثقته الإيمانية بإمكانية انتصار الدم على السيف عبر قرن القول بالعمل، والسيرة بهدى وبصيرة وعقلانية لتنفيذ الواجبات بعد الاتكال على الله سبحانه وتعالى، والأمل كبير بتكسير ما تبقى من أنياب الشر الأمريكية والإسرائيلية، ولا يسعني بهذه المناسبة إلا أن استمطر شآبيب الرحمة لروح قائد الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني قدس سره الشريف.

السوال الثامن: ما هي اهم الرسائل ليوم القدس العالمي للعالم؟

اهم رسائل يوم القدس للعالم تتمثل في أن الصمت تجاه مجازر الكيان بحق أهلنا في غزة تعد وصمة عار لاتمحى وأن الاحتلال الصهيوني مصيره الطرد من فلسطين وأن الغرب يخوض معركة فاشلة وبائسة في دعم كيان الاحتلال وانه يتحمل المسئولية عن مجازره وتوحشه ضد الشعب الفلسطيني وان اليوم التالي لغزة يقرره الشعب الفلسطيني وابطال المقاومة الذين الهبوا الثورة في روح ووجدان كل احرار العالم ومناضليه الشرفاء  وأن مابعد طوفان الاقصى ليس كما قبله وان يوم القدس العالمي قد أثمر نصرا وعزا ومحورا حرا وحركات وتيارات مقاومة قوية بامكانها التاسيس للتغيير والتحرير في المستقبل القريب باذن الله.

انتهی**1426