وبينما بقيت خمسة ايام على انعقاد الاجتماع الدوري لمجلس المحافظين، تفيد الانباء عن ضبابية القرار لدى بعض الدول الاوروبية في استخدام القرار المضاد لايران في الاجتماع المقبل.
ولبضعة ايام، يركز الاعلام في خارج ايران على الاجتماع القادم لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وباتت النواة المركزية للاخبار في الايام الماضية تركز على الخلافات في وجهة النظر والهوة في المعسكر الغربي لتوظيف القرار مجددا كاداة ضد ايران.
وتفيد المصادر الدبلوماسية القريبة من الترويكا الاوروبية انه عشية الاجتماع الدوري للوكالة، فان ثمة خلافا في الراي بين امريكا والدول الاوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا والمانيا) بشان استصدار قرار ضد ايران في اجتماع مجلس المحافظين.
وذكرت وكالة رويترز البريطانية يوم الجمعة ان دبلوماسيين اوروبيين يقولون ان الولايات المتحدة وحلفائها الاوربيين الثلاثة الرئيسيين، يختلفون في الراي بشان ما اذا كانوا بصدد البحث عن آلية في مجلس المحافظين ضد ايران ام لا.
ونقلت رويترز عن دبلوماسي اوروبي ان "القرار الحاسم قد اعد. واكد اخرون ان الترويكا الاوروبية قد اعدت مشروع القرار، لكنها لم ترسله الى اعضاء مجلس الادارة. يجب ان نمضي قدما بهذا القرار. الامريكيون يمثلون المشكلة وسنواصل اي سبيل في حوارنا معهم لاقناعهم."
بيد ان رويترز اضافت ان الاستدلال الرئيسي الذي يعتمده الامريكيون هو الا يعطوا كالسابق الذرائع لايران ان تم الرد على انشطتها النووية.
ومن ناحية اخرى، اشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية في تقرير الى الخلافات في الرؤى بين ضفتي الاطلسي وقالت ان الولايات المتحدة وعلى النقيض من المرات السابقة والضغوط التي كانت تمارسها قبل اي اجتماع لمجلس المحافظين، قد ضغطت هذه المرة على عدد من الدول للامتناع عن التصويت في الاجتماع.
واضافت ان البريطانيين والفرنسيين تحدثوا الى واشنطن عن نيتهم استصدار قرار متشدد ضد ايران. واكدت انه ان فشلت الجهود في استصدار هكذا قرار، فان ذلك سيكون بمنزلة نصر باهر لطهران على الصعيد الدبلوماسي ومؤشر على انهيار الوحدة الغربية ضد ايران.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الاوساط الاعلامية والفكرية في الغرب على ان الولايات المتحدة هزمت امام جدول الاعمال الاقليمي لايران لا سيما بعدعملية الوعد الصادق، فان البيت الابيض لا يريد فتح جبهة جديدة اخرى للمواجهة في الموضوع النووي مع ايران.
ومن ناحية اخرى فان الواقع الضبابي والغامض لجو بايدن في المعسكر الانتخابي للديمقراطيين عشية الرئاسيات الامريكية، والظروف الملتهبة غربي اسيا، حيث اسفر التصعيد الاسرائيلي الى اهتلاك مجمل قوة السياسة الخارجية والعسكرية الامريكية في المنطقة، ما ادى الى تحرك واشنطن باتجاه تجنب التصعيد النووي مع ايران.
وهذه الوقائع تؤشر الى واقع كوميدي وشبه تراجيدي ازاء التطورات النووية، لان الترويكا الاوروبية كان مقررا حسب المسؤولين الايرانيين السابقين، ان تملا الفراغ الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، والان باتت تلعب دورا معاكسا، واصبحت الولايات المتحدة حسب زعم وسائل الاعلام الغربية، هي التي تقوم بادارة وتخفيف حدة التشدد النووي الذي تمارسه الدول الاوروبية الثلاث المشاركة في الاتفاق النووي لعام 2025 والآيل الى الزوال.
ان صدور قرارين في يونيو ونوفمبر 2022 ووجه برد جاد وتعامل ايران بالمثل. وبعد القرار الاول، انهت ايران مجمل تعاونها ما بعد اتفاقات الضمانات وبناء الثقة، وازالت اكثر من 20 كاميرا للمراقبة عن منشآتها النووية.
وفي اعقاب القرار الصادر عن مجلس المحافظين في 16 نوفمبر 2022، اعلنت ايران بدء انتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمائة في منشأة فردو، ولتكون قد ردت على الاجراء المخرب والعدائي الغربي وذلك من خلال استخدام سلسلة اجهزة الطرد المركزي IR-۶ المتطورة بدلا من اجهزة الجيل الاول وكذلك تجهيز الصالة B في فوردو بثماني سلاسل جديدة وضخ الغاز في سلسلتين جديدة لاجهزة الطرد المركزي المتقدمة في نطنز.
وفي ظل هكذا معطيات، فان اصدر الاجتماع الدوري المقبل لمجلس المحافظين قرارا ضد ايران، فان طهران سترد عليه بالمثل. وبالتالي فان استصدار قرار، سيعود بالضرر على مقدميه قبل ان يضر ايران بالذات.
ان استخدام الغرب لاداة ضغط فقدت فاعليتها، هو مسار جُرّب من قبل ولم يحقق نتائج للدول الاوروبية الثلاث. ان هذا الشيء سيلقي قبل كل شيء بظلاله القاتمة على تعاون الوكالة الدولية مع ايران والقناة التي استحدثها المدير العام للوكالة بشق الانفس. المسار الذي افرز تفاهم مارس 2023 بين ايران ورافايل غروسي الذي كان بصدد استعادته خلال زيارته الاخيرة لايران، ويمكن ان يتضرر على إثر القرار غير الحصيف للغربيين.