طهران/6 آب/اغسطس/ارنا-إن استشهاد هنية حمل في طياته البركة في نطاق المقاومة ووحدة المذاهب الاسلامية، لذا ينبغي أن يكون معروفا ليس فقط كرائد من رواد الجهاد والكفاح انما ايضا كعالم من علماء العالم الإسلام الذين يسعون للتقريب بين الاديان والمذاهب.

«مَا ضَرَّ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ أَلَّا يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً يُسِيغُونَ الْغُصَصَ وَ يَشْرَبُونَ الرَّنْقَ، قَدْ وَ اللَّهِ لَقُوا اللَّهَ فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ"(نهج البلاغة، خطبة 182). اجل، وهكذا انضم المجاهد المكافح إسماعيل هنية أيضا الى قافلة السعداء والشهداء، وعلى الرغم من أن استشهاده مأساة كبيرة لنا ولجبهة المقاومة بأكملها، إلا أنه كان يستحق أن يصل الى هذه المنزلة السامية والكرامة الرفيعة.

على الرغم من مناقشة عمل الصهاينة الجبان في اغتيال هذا الرجل العظيم وتداعياته بطرق مختلفة في الأيام القليلة الماضية، الا ان هذه النقاشات لم تولِ اهتماما كبيرا لميزة مهمة في شخصية الشهيد الرفيع ، الا وهي سعيه للتقارب والوحدة بين الاديان والتي رأيناها تتجلى حتى في تشيعه.

وبالطبع فإن هنية، الذي عدا عن تاريخه الحافل بالجهاد والنضال بين الفلسطينيين ،كان له أيضا مكانة رفيعة في العلوم الدينية بحيث يعتبر من كبار علماء السنة في غزة وكان إمام صلاة الجمعة في هذه المدينة لسنوات عديدة، كما شارك في الأنشطة السياسية والحملات الانتخابية ساعيا لتجنب أي نوع من الطائفية والانقسام وتحقيق التعاون المزدوج بين القوى الدينية المختلفة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

وفي الواقع،فإن استشهاد هنية حمل في طياته البركة في نطاق المقاومة ووحدة المذاهب الاسلامية، لذا ينبغي أن يكون معروفا ليس فقط كرائد من رواد الجهاد والكفاح انما ايضا كعالم من علماء العالم الإسلام الذين يسعون للتقريب بين الاديان والمذاهب.

وهكذا، فمن ناحية نرى ان دم الشهيد المظلوم اصبح في هذه الايام  إكسير حركة المقاومة وضاعف من عزمها وقوتها .ومن ناحية أخرى، فإن مراسم تشيع جثمانه بمراسم شعبية ورسمية، وصلاة قائد الثورة الاسلامية اهم مرجع شيعي على جسده الطاهر بحضور إخوانه والقوى السنية والشيعية مجتمعة، أظهر حقا وحدة مثالية لا مثيل لها.

واذا ما اردنا التعمق اكثر في عبارات قائد الثورة الاسلامية اثناء اداء الصلاة على جثمان الشهيد هنية وحارسه، نلاحظ ان سماحته استخدم نفس العبارات التي يتم ترديدها للعلماء أو مجاهدي الشيعة دون أي اعتبار:"اللّهمّ إنّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَیْرًا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا إِنْ کَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحَسَانِهِ وَإِنْ کَانَ مُسِیئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَٱغْفِرْ لَهُ ٱللَّٰهُمَّ ٱجْعَلْهُ عِنْدَك فِي أَعْلَیٰ عِلِّیِّینَ وَٱخْلُفْ عَلَیٰ أَهْلِهِ فِي ٱلْغَابِرِینَ وَٱرْحَمْهُ بِرَحْمَتِك یَا أَرْحَمَ ٱلرَّاحِمِینَ".

وبالطبع ، رجل كالشهيد هنية افنى سنوات طوال من عمره في سبيل الله وفعل الخير والصبر والجهاد، رجل شجاع شهد استشهاد ستين من أهله واحفاده وأقاربه ظلما ولم يتلفظ سوى بشكر الله على هذا الشرف الذي اكرمه به باستشهاد ابنائه الثلاثة وبعض احفاده مؤكدا على ان بهذه الآلام والدماء نصنع الآمال والمستقبل والحرية للشعب الفلسطيني ولقضيته وللأمة الاسلامية جمعاء،ماضيا في طريق الجهاد حتى اخر لحظة من حياته المباركة.

وهنا لابد لنا من الاشارة الى دور الجمهورية الاسلامية الايرانية في التقريب و الوحدة بين الشيعة والسنة، وخاصة في مجال المقاومة،والذي يعد من اهم إنجازات النظام المقدس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والذي تحقق بمباركة الثورة الإسلامية ومفجرها العظيم الإمام الخميني (رض)، وبالفعل هذا ما ادركه الشهيد هنية وقدّره حسن تقدير.

هذا وقد تجلت الاية الكريمة 103 من سورة ال عمران "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ" في صور للشهيد هنية بجوار قائد الثورة الاسلامية والتي حملت اصدق معاني المودة والاخوة ، الامر الذي يعيد الى الأذهان أكثر من أي شيء آخر محو الفوارق والاختلافات المذهبية.

وهنا ايضا لابد لنا ان نكون شاكرين على هذه النعمة العظيمة التي اذا استمرت وتعززت،ستؤدي الى الهزيمة الكاملة لجبهة الباطل وزوال الكيان الصهيوني من على وجه الأرض.

وفي الختام ، رحم الله شهداءنا؛ هنية وفؤاد شكر (السيد محسن) والسيد رضي الموسوي وزاهدي وجميع شهداء القدس ومحور المقاومة وعلى رأسهم القائد قاسم سليماني،الذين سطروا بأرواحهم ودمائهم الزكية أسمى المعاني وضربوا أروع الأمثلة في التضحية والإيثار،وأسكنهم فسيح جناته واغدق عليهم برحمته و مغفرته وأعلى مقامهم ،وجعل دعواتهم الطيبة سندا لمجاهدي جبهة الحق ومحور المقاومة.

انتهى**ر.م