وفي خضم العدوان المستمر على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، برز تصريح اللواء احتياط في جيش الاحتلال "إسحاق بريك"، والذي نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية كتحليل لوضع الكيان الراهن، حيث أكد أنه إذا استمرت حرب الاستنزاف مع حماس وحزب الله، ستنهار "إسرائيل" خلال ما لا يزيد عن سنة، وهذا ما أكده أكثر من مسؤول صهيوني في الفترة الأخيرة.
وبريك الذي عرف بانتقاداته اللاذعة، عرض رؤية مقلقة للصهاينة عن الأداء العسكري والسياسي لحكومة الحرب الصهيونية بقيادة وزير الحرب الصهيوني "يوآف غالانت"، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي "هرتسي هليفي"، ورئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو"، مبينا أن الكيان بات منبوذا في العالم، ولافتا إلى أن هذا سيدفع إلى مقاطعات اقتصادية وحظر شحنات أسلحة، كما تضيع المنعة الاجتماعية، ومشيرا إلى أن الكراهية بين شرائح الشعب يمكن أن تلتهب وتؤدي إلى انهياره من الداخل.
في واقع الحال، تمثل الأزمة الحالية اختبارًا حقيقيا للقدرة الإستراتيجية لـ"إسرائيل" على التعامل مع التحديات المتزايدة، داخليًا وخارجيًا، مع تزايد عمليات المقاومة الإسلامية التي تلحق خسائر جسيمة بالمستوطنات المستهدفة، مما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة تؤثر على الكيان وجوديا.
وأكد الخبير في الشؤون الصهيونية "علي حيدر"، أن تقدير بريك المشار إليه أعلاه يعكس مدى خطورة الوضع الداخلي في كيان العدو، نتيجة حرب الاستنزاف التي يتعرّض لها، على خلفية الحرب التي شنّها في أعقاب طوفان الأقصى ضدّ المقاومة في غزّة، وفي مقدمتها حماس، وجبهات الإسناد التي تواصل الضغط عليه من لبنان إلى اليمن وما بينهما.
وقال حيدر إن كلام اللواء احتياط في جيش الاحتلال إسحاق بريك عن الانهيار خلال عام، يعني أن المناعة القومية للمجتمع الصهيوني تتعرض للتآكل المتسارع، والأمر نفسه ينطبق أيضا على الجيش الصهيوني الذي يقوم في جوهره على الاحتياط، ما يؤكد معاناة الجمهور الإسرائيلي بسبب تراكم نقاط الضعف وانهيار المعنويات.
وأضاف: يبدو أن اللواء بريك لديه معطيات إضافية تتصل بواقع الجيش، وهو أمر من الصعب السماح بنشره في الإعلام، والمعروف عنه أنه يواكب واقع الجيش منذ سنوات ويرفع الصوت لدى القيادتين السياسية والأمنية، ويحذر من تورط "إسرائيل" في حروب لا قدرة لها على خوضها، وتحديدا إذا ما كانت على جبهات متعددة ولأمد طويل.
وأوضح أن تصريحات بريك تكشف عن الصورة المزيفة التي يحاول نتنياهو أن يروجها حول صلابة الموقف والتوثب لمواصلة الحرب، فهو إما يهدف إلى التعمية على هذا الواقع، أو يجد نفسه مدفوعا قهرا إلى خيار الإصرار على الحرب لأن توقفها سيؤدي إلى تداعيات خطيرة عليه وعلى حكومته وعلى مجمل وضع الكيان.
ورأى حيدر أن الخطاب السياسي والاجتماعي داخل كيان الاحتلال سيتمحور حول نتائج هذه الحرب التي لم تنجح لا في القضاء على المقاومة في غزّة، ولا في ردع حزب الله في الشمال وذلك نتيجة الواقع المأزوم والمضلل.
وشدد الخبير في الشؤون الصهيونية على أن إطالة أمد المعركة سيؤدي إلى ازدياد عدد الأصوات التي تحذر من تداعيات هذا المسار، ويكشف المزيد من نقاط ضعف العدوّ التي يحاول أن يتجاهلها بالتدمير وارتكاب المجازر، وأن الصمود في وجهه والرد عليه بشكل مدروس وحكيم كما يفعل حزب الله يساهم في تعميق مأزقه ويسرّع تآكله.
وبين حيدر أن الرد الذي نفذه حزب الله باستهداف المواقع العسكرية في الجولان المحتل، ومستوطنة "كتسرين" هو ترجمة لمعادلة الردع التي أرساها حزب الله في مقابل اعتداءات العدوّ التي استهدفت البقاع، إلا أنها انطوت على رسائل محدّدة من الواضح أن قيادة العدوّ السياسية والأمنية قد فهمتها جيّدًا، ما يعني أن حزب الله، بحسب حيدر، مستعد للذهاب بعيدًا في الرد والرد المضاد إذا ما استهدف العدوّ الصهيوني المدنيين، وأن عليه تكييف جيشه مع هذه المعادلة، خصوصًا بعد أن ضم حزب الله أهداف الجولان، العسكرية والاستيطانية، إلى نطاق نيرانه ضمن المعادلات والقواعد التي فرضها على العدوّ بهدف حماية العمق اللبناني والمدنيين.
المصدر: العهد الإخباري
انتهى**3276