أسبوع دموي
إنه الثلاثاء 17 أيلول/ سبتمبر، بدأ اليوم كغيره من أيام أيلول الذي يتصف بالحركة الزائدة وذلك تحضيرا لفصل المدارس وتهيأ لفصل الشتاء، الحركة طبيعية إلى أن دقت الساعة الثالثة والنصف، اللحظة التي حولت مسار الحرب القائمة بين حزب الله والعدو الصهيوني، حيث شهدت شوارع ومحال وبيوت الضاحية الجنوبية أبشع أنواع الإجرام الصهيوني، وبدأت مع هذه الساعة تفجيرات لوسيلة التواصل التي تسمى" بيجر"( وهي وسيلة للتواصل يستخدمها عدد كبير من العاملين في المجال الطبي، والعاملين في الأماكن الأمنية، والتي تسهل التواصل خارج نطاق شبكة الإنترنت والإتصال العادي). ليصبح كل من يملك واحدة منها هدفا مباشرا للعدو الصهيوني. آلاف التفجيرات حصلت في الوقت نفسه، طالت لبنان ككل من الجنوب إلى بيروت فالبقاع. لم يكتف العدو الصهيوني بتفجير وسيلة التواصل "البيجر" إلا أنه في اليوم التالي، عمد إلى تفجير وسيلة اتصال أخرى من نوع جهاز لاسلكي " تاكي واكي" والتي تستخدم عادة في تنظيم المراسم الكبيرة، حيث انفجرت واحدة منها خلال تشييع أحد الشهداء السعداء على طريق القدس. وكانت حصيلة هذه التفجيرات ما يقارب ثلاثة آلاف جريح، و37 شهيدا.
اذا العدو الصهيوني عمد إلى التصعيد بما يخص الجبهة اللبنانية وذلك عبر وسائل إجرامية محرمة دوليا، ولكن كيف حصل هذا الأمر؟
تناقلت وسائل الإعلام عبر استضافتها للخبراء والمختصين عدة سيناريوهات لقيام العدو باستهداف هذا العدد الكبير في الوقت نفسه، حيث كان الترجيح الأكبر إلى قيام العدة بتفخيخ شحنة من البيجر كانت مرسلة إلى حزب الله من خلال عملية أمنية مفصلة. وهنا طرحت عدة فرضيات محتملة، ومنها أن العدو كان يهدف إلى أن يستخدم هذه الضربة عند بداية الحرب الشاملة والتقدم البري داخل الأراضي اللبنانية وذلك لإرباك حزب الله والتخفيف من قدرته على المواجهة، ويكون له التقدم الميداني، ولكن العدو ارتكب خطأ تقنيا أثناء محاولة تطوير محتوى هذا الجهاز، ما أدى إلى الانفجارات المتزامنة. أما الفرضية الثانية والتي كانت باكتشاف حزب الله للخرق الأمني، وقيام العدو بالضغط على زر التردد الراديوي المفجر قبل معالجة الأمر من قبل حزب الله. وهناك فرضية أخرى تقول أن الضغط الذي يقوم به حزب الله في الجبهة الشمالية وما حققه من إنجازات إستراتيجية، والتضيق الكبير على العدو الصهيوني، الذي وبحسب أحد قادته يعيش أكبر هزيمة تاريخية، وضع العدو أمام خيار الكشف عن خططه الخبيثة، لمحاولة الإعلان عن انتصار أو تفوق في ساحة القتال.
لاشك أن ما مر على لينان خلال يومي الثلاثاء والأربعاء، كان صعبا، ولكن كما هي العادة خرج الأمين العام لحزب الله في خطاب متلفزة يوضح لشعبه ما حصل ومسار الأمور في المستقبل، حيث أشار في كلمته إلى أن الهدف من الضربة فصل الجبهة الشمالية عن قطاع غزة، ولكن كان جواب الأمين العام واضحا بأنه مهما كانت التضحيات لن تتوقف المقاومة عن دعم وإسناد أهلنا في فلسطين. أما عن القصاص فقد قال سماحته بأنهم سينالون حساب عسيرا وقصاصا عادلا وأن الخبر ما يرون لا ما يسمعون.
وفي سياق الإجرام الصهيوني قام العدو يوم الجمعة 20 أيلول/ سبتمبر، باستهداف مبنيين سكنيين في شارع القائم في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث استشهد في هذا الاستهداف القائد الجهادي الكبير إبراهيم عقيل، وثلة كبيرة من الجهاديين والمقاومين بالإضافة إلى عدد من المدنيين حيث وصل عدد الشهداء إلى 52 شهيدا وعشرات الجرحى و9 مفقودين.
الرد المزلزل - شل الشمال
وجاء رد حزب الله الأولي على إجرام العدو الصهيوني في مختلف المناطق اللبنانية يومي الثلاثاء والأربعاء ( مجزرة البيجر وأجهزة اللاسلكي) والضاحية الجنوبية مساء الجمعة، باستهداف قاعدة ومطار «رامات دافيد»، بالإضافة إلى مُجمعات الصناعات العسكرية لشركة «رفائيل» المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة زوفولون، شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع «فادي 1» و«فادي 2» والكاتيوشا.
يشار إلى أنّ قاعدة «رامات دافيد»، التي تبعد نحو 50 كلم من الحدود مع لبنان واستهدفها حزب الله، هي التي أعلن منها غالانت الأربعاء الماضي «افتتاح مرحلة جديدة من الحرب في الشمال».
هذا وأكدت وسائل إعلام صهيونية، على أن القصف الذي شهدته منطقة حيفا من قبل حزب الله أدى إلى " شل الشمال بالكامل. إلى ذلك أعلن جيش العدو الصهيوني عن إطلاق حزب الله نحو 150 صاروخا في اتجاه الشمال موسعا بذلك نطاق الصواريخ إلى 60 كلم داخل الأراضي المحتلة، ليعيش المستوطنون أسوء أيام عمرهم حيث نقل إعلام العدو عن دخول مليوني مستوطن للملاجئ خلال عملية الرد الأولية على التفجيرات التي حصلت يومي الثلاثاء والأربعاء. إلى ذلك شددت إذاعة جيش الاحتلال الصهيوني على أنّ حزب الله «اختار بعناية الهدف الذي يوجّه نيرانه إليه، والرسالة المضادة التي يريد إيصالها».
أما على صعيد الأضرار فاعترف العدو بمقتل مستوطن في "حادث طرق"، أثناء فراره من صواريخ حزب الله، في إحدى مستوطنات الشمال، ووقوع 4 إصابات بنيران حزب الله، بينما أعلن مستشفى "رمبام" في حيفا المحتلة عن وصول 5 إصابات. كما أعلن عن تضرّر مبنيّين في "كريات بياليك"، حيث تحدثت منصة إعلامية "إسرائيلية" عن احتراق منازل بأكملها في المستوطنة والمنطقة المحيطة بها.
واعترف العدو أيضًا بسقوط صاروخ في منطقة "الكريوت"، شمالي حيفا، واندلاع حرائق في المدينة ومحيطها من جراء الصليات الصاروخية التي أطلقها حزب الله.
جنون العدو
هذا وشنّ العدو الصهيوني فجر اليوم الاثنين 23 أيلول/سبتمبر 2024، عدوانًا جويًا واسعًا على الجنوب اللبناني استمر حتى الصباح شمل كافة البلدات الحدودية وأطرافها من دون استثناء.
كما طاول العدوان العديد من بلدات وقرى قضائي النبطية وصور، وصولًا إلى إقليم التفاح، والبقاع الغربي والشرقي والأوسط، وتعرّضت المناطق المستهدفة لعدة غارات جوية متتالية.
وشملت الغارات بلدات: عيتا الشعب، كفرا، ياطر، جبشيت، عبا، كونين، برعشيت، حومين الفوقا، دير الزهراني، رومين، زبقين، البيسارية، أرنون، عيتيت، وادي جيلو، القنطرة، بافلية، النبطية الفوقا، وادي فرون، عيترون، تولين، جبال البطم، الطيري، بيت ليف، حانين، قانا، صديقين، الطيبة، وادي السلوقي، مركبا، حولا، عيناثا، مارون الراس، العباسية، ميس الجبل، بليدا، كفر رمان، برج رحال، بني حيان، الخيام، كفر كلا، البازورية، عين بعال، برج قلاوية، الحوش، القاسمية، الحلوسية، دير سريان، علما الشعب، وادي تفاحتا، وادي النميرية، تلال لبايا-سحمر، وادي زبقين، وادي كفر ملكي، الجبين، شيحين، طير حرفا الوادي الممتد بين بلدات كفرا-دير عامص-حاريص. تومات نيحا، مرتفعات الجبور، مرتفعات إقليم التفاح، ومرتفعات الريحان، مرتفعات جباع وبصليا والقطراني، مجرى نبع الطاسة، مرتفعات وأودية العيشية، منطقة الجرمق، مجرى نهر الليطاني في محيط الخردلة.
وشنّ الطيران الحربي الصهيوني أيضًا سلسلة غارت جوية على مناطق مفتوحة في السلسلتين الشرقية والغربية في البقاع، وجرود شمسطار وطاريا وبوداي غربي بعلبك.
وأسفرت الغارات الجوية الصهيونية عن ارتقاء شهيد وإصابة 6 مدنيين آخرين في بوداي بالبقاع، إضافة إلى أضرار مادية في بعض البلدات المستهدفة.
انتهى