وقال السيد الحوثي في كلمة: أتقدم ببالغ الحزن، والأسى، والألم، تلقينا نبأ مصاب أمتنا الإسلامية، ومجاهديها الأحرار، باستشهاد أخينا وحبيبنا العزيز، المجاهد الكبير، سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وفي هذا المقام، نتوجه بأحر التعازي وخالص المواساة، إلى أسرته الكريمة، وإلى إخوتنا وأخواتنا في حزب الله، وإلى الشعب اللبناني، وإلى سماحة قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد "علي الخامنئي"، وإلى كل المنتمين إلى جبهات الجهاد في سبيل الله تعالى، في كل محور الجهاد والمقاومة، وجبهات الإسناد لفلسطين، وإلى الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، وإلى كل أحرار الأمة، وإلى كل المسلمين، ونقول للجميع: عظم الله أجركم وأجرنا في هذا المصاب العظيم، الذي هو خسارة على الأمة الإسلامية بكلها.
وأما شهيدنا العزيز، فهنيئا له الشهادة، هنيئا له هذا الختام، والقربان إلى الله تعالى بروحه الزكية، بعد مسيرة عظيمة من الجهاد في سبيل الله تعالى، بذل فيها جهده، وعمره، وكل طاقته وقدراته، لله وفي سبيل الله، نجما مضيئا في سماء المجاهدين، وقائدا عظيما، ومباركا وموفقا، حاملا لراية الإسلام والجهاد، ومجسدا لقيم الإسلام وأخلاقه، وعزيزا شامخا، ثابتا صابرا، شجاعا أبيا، مخلصا، وصادقا، وناصحا، وأمينا، ووفيا، عرفه بذلك العدو والصديق، والمحب والمبغض، وقد حقق الله على يديه، وبجهده وجهد وأيدي رفاقه في حزب الله، الإنجازات العظيمة، والانتصارات الكبيرة، والنقلات المهمة، إلى سماء المجد والعزة.
إن المقام أمام هذا القربان العظيم، في سبيل الله تعالى، هو مقام الاحتساب والصبر، ومع الحزن الغضب على أعداء الله تعالى، وأعداء الإنسانية بكلها: اليهود الصهاينة المجرمين.
وفي مقدمة الصابرين، المحتسبين، الثابتين: إخوتنا وأخواتنا الأعزاء في حزب الله، وجمهور المقاومة، الذين يعون جيدا أن مسيرة الجهاد في سبيل الله تعالى هي أيضا مسيرة شهادة، وأن التضحيات في سبيل الله تعالى هي جزء من الجهاد نفسه، وعطاء عظيم إلى ربنا الله العظيم، كما هي أيضا شهادة على القيم العظيمة، وعلى المظلومية أيضا.
إن حزب الله، في قياداته، وكوادره، ومجاهديه، ومنتسبيه، وجمهوره، حمل الروحية الإيمانية الحسينية في ميدان الجهاد من يومه الأول، وواجه بها التحديات، والصعوبات، والمراحل القاسية، وإنَّ المقام الآن هو السير في خطى الربَّانيين، الذين قال الله عنهم في القرآن الكريم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:146-148]، نعم، المقام هو مقام صبرٍ، واحتسابٍ، وثباتٍ، وثقةٍ بالله تعالى، أنَّ هذه التضحيات الكبيرة، والمظلومية العظيمة، لن تضيع هدراً، وأنَّ الله تعالى سيتقبَّلها، ويكتب بها لعباده المؤمنين، الصابرين، المحتسبين: النصر وحسن العاقبة.
إن أهم وأعظم ما ينبغي في هذا الظرف الحساس والمهم، هو: السعي لتخييب أمل الأعداء الصهاينة المجرمين، الذين يعولون على جريمتهم الفظيعة، في كسر الروح المعنوية، وإضعاف جبهة حزب الله، التي هي جبهة رائدة، ومتصدرة، وقوية في مواجهة العدو الصهيوني، منذ اليوم الأول الذي انطلقت فيه مسيرة حزب الله الجهادية؛ ولــذلك فإن الوفاء لشهيد المسلمين، شهيد الإنسانية، سماحة الأمين العام لحزب الله، هو بمواصلة المشوار الجهادي، بعزم، وصبر، وثبات، واستعانة بالله تعالى، وثقة به، وتوكل عليه.
وكما خابت آمال الأعداء الصهاينة، بعد قتلهم للشهيد المجاهد الكبير "إسماعيل هنية"؛ ستخيب آمالهم- بإذن الله تعالى- في جريمتهم الكبرى، باستهداف الشهيد السيدحسن نصر الله.
أما على مستوى جبهات الإسناد، ومحور الجهاد والمقاومة، والجبهة الكبرى: جبهة فلسطين، فمهما كان حجم التضحيات، فذلك لا يعني أبداً الاستكانة، ولا الوَهَن، بل المزيد من الصبر، والثبات، والعمل، والحافز الكبير، والتَّوجُّه نحو التصعيد، ونحو تطوير الأداء.
أما العدو الصهيوني، فهو يتصور أنه أحرز بجريمته نصرا:
من حيث حقده، وعقدة الانتقام التي يحملها.
ومن حيث النزعة الإجرامية والعدوانية.
ومن حيث النتائج والتأثير.
وهكذا كان عندما ارتكب جريمة الاستهداف للشهيد السيد "عباس الموسوي"، وهكذا كان عندما استهدف القادة الكبار في حزب الله، كالشيخ راغب حرب، و|"عماد مغنية" وغيرهم، وهكذا كان أيضا في الجبهة الفلسطينية، عندما ارتكب جريمة قتل الشهيد "أحمد ياسين"، وبعده القادة المجاهدين، كالشهيد الدكتور "عبد العزيز الرنتيسي" وغيره، وكذلك كان عندما ارتكب جريمة قتل الشهيد المجاهد الكبير إسماعيل هنية، فهل تحققت النتائج التي يأملها؟! هل خلت له الساحة، واستسلم المجاهدون؟! أم أنهم بعد كل ذلك ازدادوا تصميماً، وتفانياً، وثباتاً، وحملوا الراية، وواصلوا المشوار، وحقق الله على أيديهم الانتصارات تلو الانتصارات.
إن العدو الصهيوني يبوء بوزر جرائمه الكبرى، في قتل أبناء الأمة، من قادةٍ ومن غيرهم، ولكنه لن يحقق آماله، ولا النتائج التي يحلم بها، وزواله- في نهاية المطاف- حتمي، وفق وعد الله تعالى الذي {لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[الروم:6].
وفي هذا المقام، نؤكّد أننا إلى جانب إخوتنا في حزب الله، وأن جبهات الإسناد ومحور الجهاد، وأن راية الإسلام ستبقى، وتستمر، وترتفع، رغم أنف العدو الصهيوني، ولسنا في هذا المقام بصدد الحديث عن التفاصيل تجاه الترتيبات العملية، ولا تجاه دلالات الموقف، فهذا يأتي في مقام العمل، وفي الحديث لاحقا إن شاء الله، إلا أننا نؤكد على أن يضطلع الجميع بدورهم، فالمعركة قائمة، والعدو الصهيوني هو عدو للإسلام والمسلمين، ويشكل خطورة على المجتمع البشري بكله، إننا لن نخذل الشعبين العزيزين، ورفاق الدرب المجاهدين في لبنان وفلسطين.
كما أني آمل من الجبهة الإعلامية، أن تكون في هذا الظرف المهم نشطة، وآمل من فرسان الجهاد فيها أن يكثفوا الجهد، للتصدي لكل الحملات الشيطانية، الرامية إلى كسر الروح المعنوية، من قبل العدو الصهيوني، وعملائه المنافقين.
وختاما، نؤكد لشهيدنا العزيز، ولرفاقه الشهداء السابقين في لبنان وفلسطين، أننا ثابتون، صابرون، محتسبون، وأن دماءهم لن تذهب هدرا.
انتهى**3276