طهران/ 25 تشرين الثاني/نوفمبر/ارنا-تترافق صدمة الفقد مع آلام الجروح والكسور والحروق التي تعانيها الطفلة الفلسطينية منة عقل (8 سنوات) وهي الناجية الوحيدة من أسرتها التي تعرض منزلها في مخيم البريج للاجئين لقصف إسرائيلي خلف تسعة شهداء من بينهم والداها وأشقاؤها.

الألم واضح على ملامح الطفلة الصغيرة التي ترقد في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة لتلقي العلاج بسبب حالتها المتأزمة من جراء الكسور البالغة التي استدعت تركيب البلاتين الداخلي والخارجي، في ظل تهديدات ببتر إحدى قدميها بفعل التهتك الشديد في العظام.

في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، تعرض منزل عائلة عقل المكون من أربع طبقات لقصف مباغت في ساعة متأخرة من الليل من دون سابق إنذار، ما سبب سقوط جميع أفراد العائلة بين شهيد وجريح.

وتزامن القصف مع تصعيد إسرائيلي في مختلف مناطق وسط قطاع غزة التي تتعرض لقذائف المدفعية والزوارق والطائرات الحربية على مدار اليوم، على الرغم من اعتبار معظم تلك المناطق "إنسانية آمنة" وفق مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتقول الطفلة منة عقل لـ "العربي الجديد": "تعرض منزلنا للقصف في الليل بينما كنت أنام بجوار شقيقي غسان (6 سنوات) وشقيقتي ديما (4 سنوات)، اللذين استشهدا في القصف، إلى جانب استشهاد والدي ناجي عقل ووالدتي جيهان وأبناء عمي علي وموسى وهديل وحازم وزوجة عمي وزوجة ابن عمي الحامل".

تعاني الطفلة الفلسطينية كسوراً متعددة في قدميها وقد تم تركيب البلاتين الداخلي والخارجي في قدمها اليمنى والبلاتين الخارجي في قدمها اليسرى، إلى جانب آلامها الشديدة الناتجة عن الجروح والرضوض التي تكسو جسدها الصغير والحروق في وجهها وهي تخضع لتقييم متواصل لمتابعة تطورات حالتها الصحية وفقاً لتوصيات الأطباء.

الحرب أفقدتنا سعادتنا وطفولتنا وشعورنا بالأمان

تشعر منة بالحزن العميق على فقدان جميع أفراد أسرتها وتقول: "بقيت وحيدة بلا أب أو أم أو أخت أو أخ بعد أن كنت أعيش وسط أسرة كبيرة. الحرب أفقدتنا سعادتنا وطفولتنا وشعورنا بالأمان ولا أعرف كيف سأواصل حياتي وحدي".

كانت العناية الإلهية سبباً في نجاة الفلسطينية عفاف عقل وهي جدة الطفلة منة رفقة زوجها، فبعدما دمر القصف المبنى المكون من أربع طبقات، تمكنت من الخروج من تحت الأنقاض بسبب بقاء طرف غرفتها الأرضية سالماً رغم انهيار البناية السكنية وتحولها إلى كومة من الحطام.

تقول الجدة لـ"العربي الجديد": "تعرض منزلنا للقصف قرب انتصاف الليل وكنت رفقة زوجي وابني محمود نتابع نشرات الأخبار عبر الراديو، ثم فوجئنا بصفير صاروخ واعتقدنا حينها أنه قصف قريب، إلى أن بدأت الحجارة تتساقط فوق رؤوسنا وتحول المكان إلى كومة ركام، شعرت حينها أننا لن ننجو وكنت أشعر بآلام شديدة من جراء الإصابات التي تعرضت لها".

تضيف الجدة: "الآلام الأكبر والأشد قسوة كانت بعد إخراجنا من تحت الردم، حين صدمنا باستشهاد ابني ناجي وأسرته وعدد من أفراد العائلة والأقارب وإصابة البقية بإصابات متفاوتة لا يزالون يتلقون العلاج للشفاء منها ومن بينهم ابني محمود الذي تعرضت قدمه اليمنى إلى البتر وتركيب البلاتين في فخده، فيما تم تركيب البلاتين الخارجي في قدمه اليسرى".

وتقول الأم والجدة المكلومة إن حفيدتها منة تعاني آلاماً مزدوجة، أولها بفعل الإصابات التي تملأ جسدها الصغير وثانيها بفعل الحزن على فقدان كل أفراد أسرتها بسبب القصف الذي لم يسبقه أي تحذير أو إنذار وقد أصبحت الناجية الوحيدة من أسرتها لتروي حكاية الألم والفقدان والحرمان الذي سيرافقها طوال حياتها.

وبحسب المعلومات الرسمية في قطاع غزة، فإن 6644 عائلة مُحيت من السجل المدني بالكامل، أو بقي منها فرد أو اثنان فقط بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبلغ عدد العائلات التي مُسحت بالكامل 901 عائلة، أما العائلات التي تبقى منها فرد واحد فيبلغ عددها 2270 عائلة والعائلات التي تبقى منها فردان 3473 عائلة.

ويخشى كثيرون من استشهاد الكثير من المصابين والمرضى، إذ يعاني القطاع الصحي في كل مناطق قطاع غزة انهياراً شبه كامل نتيجة الممارسات الإسرائيلية التي استهدفت مرافقه إضافة إلى نقص الكوادر البشرية والأجهزة والأدوية والمستلزمات والمستهلكات، فضلاً عن نزوح كثير من الأطباء المتخصصين في الجراحات النوعية والخطيرة، ما يؤدي إلى ضعف شديد في الإمكانات الطبية والعلاجية يفاقمها منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لمداواة الجرحى.

انتهی**1426