وفيما يلي نص مقال محمد جواد ظريف بعنوان "إيران والطريق إلى السلام في المنطقة" والذي نشر اليوم (الإثنين) على موقع مجلة "فورين أفيرز":
أدى مسعود بزشكيان اليمين الدستورية كرئيس جديد لإيران في 30 يوليو 2024، واغتالت إسرائيل المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بعد ساعات قليلة من هذا المراسم وفي إحدى بيوت الضيافة القريبة من المجمع الرئاسي وكان هنية قد شارك في مراسم أداء اليمين وإن استشهاده في إيران ألقى بظلاله على هذا المراسم وأثبتت هذه القضية التحديات التي سيواجهها بزشكيان في تطوير برنامج سياسته الخارجية>
و یستطيع بزشكيان التعامل مع الصعوبات المقبلة في السنوات المقبلة وهو يعترف بأن العالم ينتقل إلى عصر ما بعد القطبية حيث يمكن للجهات الفاعلة العالمية التعاون
والتنافس في مختلف المجالات ولقد تبنى بزشکیان سياسة خارجية مرنة وأعطى الأولوية للحوار البناء والعلاقات الدبلوماسية ويؤمن برؤية أمن إيران الموحدة، وتشمل هذه الرؤية
القدرات الدفاعية التقليدية وتطوير الأمن البشري من خلال تحسين القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
و يهتم بزشكيان بالاستقرار والتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط فهو يريد التعاون مع الدول العربية المجاورة وتعزيز العلاقات مع حلفاء إيران وهو على استعداد للتفاعل بشكل
بناء مع الغرب وتستعد حکومته لإدارة التوترات مع الولايات المتحدة، والرئیس الإیراني مستعد لإجراء مفاوضات على قدم المساواة فيما يتعلق بالاتفاق النووي وربما أكثر لكن، كما
قال بزشكيان، فإن إيران لن تستسلم لمطالب غير معقولة. إن هذا البلد سيقف دائما أمام العدوان الإسرائيلي ولن يتخلى عن حماية مصالحه الوطنية.
هناك فرصة تاريخية لتحقيق الاستقرار ولا ينبغي للعالم أن يفوته
وهناك فرصة تاريخية لتحقيق الاستقرار ولا ينبغي للعالم أن يفوته ومن المؤكد أن طهران لن تفعل ذلك وأثبتت إيران - تحت قيادة قائد الثورة الإسلامیة - أنها قادرة على الدفاع
عن نفسها ضد أي عدوان أجنبي بعد أكثر من قرنين من الضعف. ومن أجل ارتقاء هذا الإنجاز إلى مستوى أعلى، تعتزم إيران، في ظل إدارتها الجديدة، تحسين علاقاتها مع الدول
المجاورة للمساعدة في إنشاء نظام إقليمي يضمن الاستقرار والثروة والأمن.
لقد عانت منطقتنا منذ فترة طويلة من التدخلات الأجنبية والحروب والخلافات الدينية والإرهاب وتهريب المخدرات ونقص المياه وأزمة اللاجئين وتدمير البيئة ولمواجهة هذه
التحديات، سنبذل الجهد للتحرك نحو الادماج الاقتصادي، وأمن الطاقة، وحرية الملاحة، وحماية البيئة، والحوار بين الأديان.
ويمكن أن تؤدي هذه الجهود إلى اتفاق إقليمي جديد من شأنه أن يقلل من اعتماد الخليج الفارسي على القوى الأجنبية ويشجع أصحاب المصلحة على حل النزاعات باستخدام آليات حل النزاعات ولهذا الهدف يمكن لدول المنطقة أن تسعى إلى إبرام معاهدات، وإنشاء مؤسسات، والموافقة على السياسات، وإقرار التدابير القانونية.
وتستطیع إيران وجيرانها أن يقلدوا عملية هلسنكي، التي أدت إلى إنشاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ويمكنها استخدام التفويض الذي منحها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للأمين العام للأمم المتحدة في القرار رقم 598 (1987).
هذا القرار، الذي أنهى الحرب الإيرانية العراقية، طلب من الأمين العام التشاور مع إيران والعراق ودول أخرى في المنطقة للنظر في اتخاذ تدابير لتعزيز الأمن والاستقرار في الخليج الفارسي وتعتقد حكومة بزشكيان أنه یمکن استخدام هذا البند كأساس قانوني لمفاوضات إقليمية شاملة.
لاشك أن هناك عقبات ويتعين على إيران وجيرانها أن يتغلبوا عليها من أجل تعزيز نظام إقليمي سلمي وموحد.
بعض الخلافات مع الجيران لها جذور أعمق تشكلت تحت تأثير التفسيرات المختلفة للتاريخ والخلافات الأخرى ناتجة عن المفاهيم الخاطئة، والتي تنتج بشكل رئيسي عن ضعف
التواصل أو عدم كفايته وبعض هذه الخلافات الأخرى عبارة عن أفكار سياسية خلقتها قوى أجنبية، مثل الادعاءات المقدمة حول طبيعة واهداف البرنامج النووي الإيراني.
يجب أن يتحرك الخليج الفارسي إلى الأمام كما أن وجهة النظر الإيرانية تتفق مع مصالح الدول العربية، لأنها جميعا تتطلع إلى منطقة أكثر استقرارا وازدهارا للأجيال القادمة و من هذا المنطلق ينبغي لإيران والعالم العربي أن يكونا قادرين على التعاون من خلال خلافاتهما ودعم إيران للمقاومة الفلسطينية يمكن أن يساعد في بدء مثل هذا التعاون وعلى أية حال، فإن العالم العربي متحد مع إيران في دعم استعادة حقوق الشعب الفلسطيني.
وعلى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين أن يتقبلوا أن إيران لن تستسلم للضغوط بعد أكثر من 20 عاماً من القيود الاقتصادية. لقد طالما أضرت تصرفاتهم المتزايدة بأنفسهم دائمًا
وبعد أيام قليلة من اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده، أقر مجلس الشوری الإسلامي الإيراني قانوناً يأمر الحكومة بالمضي قدماً في برنامجها النووي بسرعة وقد
زاد عدد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية بشكل كبير منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وارتفعت مستويات تخصيب اليورانيوم من 3.5 بالمئة إلى أكثر
من 60 بالمئة. وعلى الغرب أن يبحث عن حلول إيجابية ومربحة بدلاً من زيادة الضغوط على إيران كما عليه إحياء الاتفاق النووي ولابد من قبول إيران باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من
الاستقرار الإقليمي كما ينبغي لغرب أن يسعى إلى إيجاد حلول مشتركة للتحديات المشتركة.
ولتعلم الدول أن المقاومة ستستمر طالما استمر الاحتلال وإن منظمات مثل حزب الله وحماس هي حركات تحرير تأسست رداً على الاحتلال وستستمر في لعب دورها المهم حتى
يتم الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. ويمكن لإيران أن تستمر في لعب دورها البناء في إنهاء الوضع المزري الراهن في غزة وإن إيران تقبل أي حل مقبول
للفلسطينيين، ولكن حكومتنا تعتقد أن الحل الأفضل للخروج من هذه الأزمة هو إجراء استفتاء.
واضاف المقال: ان وضع حد للاحتلال الاسرائيلي مسؤولية تقع على عاتق الجميع وعلى الغرب ان يدرك ان مادام الاحتلال يستمر في احتلال الاراضي الفلسطينية فان المقاومة مستمرة ايضا.
واكد ان حزب الله وحركة حماس حركات تحريرية شكلت لمواجهة الاحتلال ومادام الظروف الحالية تستمر او لم يعترف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم فان هذه الحركات تستمر في لعب دورها المهم.
وختم بالقول ان ايران قادرة على الاستمرار بدورها البناء لانهاء الوضع المأساوي في غزة وان الحكومة الايرانية تعتقد ان الحل الامثل للخروج من هذا الازمة التي استمرت منذ مئة عام، هو اجراء الاستفتاء.
انتهى