جاء ذلك في مقال لوزير الخارجية الايراني عباس عراقجي نشر في قناة "روسيا اليوم" شرح فيها العلاقات بين طهران وموسكو.
واضاف: العلاقات بين إيران وروسيا، التي مرت باختبارات صعبة مرات عديدة عبر التاريخ، وصلت اليوم إلى مرحلة يمكن اعتبارها رمزا للتعاون المستدام والموجه نحو المستقبل.
وتابع: إن هذه المعاهدة تشكل علامة فارقة لا تعمل على تعزيز العلاقات الثنائية فحسب، بل توفر أيضًا منصة لدور مشترك في التطورات الإقليمية والعالمية. تلعب إيران وروسيا، باعتبارهما دولتين كبيرتين وقويتين، دوراً بارزاً في تشكيل النظام العالمي الجديد. إن إيران، بموقعها الاستراتيجي في مركز جغرافيا الطاقة والتجارة الدولية، وروسيا، كدولة ذات موارد لامتناهية ، وصناعة متطورة، ونفوذ واسع النطاق، تتمتعان بإمكانات كبيرة للتعاون.
واردف: فضلاً عن خصائصهما الجغرافية والاقتصادية، فإن هذين البلدين متشابهان أيضاً في المبادئ الأساسية، وتعارضان الإجراءات أحادية الجانب والتدخل غير القانوني في الشؤون الداخلية للدول. إن التعاون بين إيران وروسيا ليس مجرد تفاعل ثنائي، بل هو أيضًا رسالة إلى جميع البلدان التي تؤمن بالسيادة الوطنية والعدالة والتعددية.
واضاف عراقجي: إن الاتفاقية الثنائية بين إيران وروسيا لآفاق عشرين عامًا ليست مجرد وثيقة سياسية، بل هي بمثابة خارطة طريق للمستقبل. تغطي هذه الاتفاقية كافة جوانب التعاون بين البلدين وتولي اهتماما خاصا للمجالات الثلاثة الرئيسية التالية:
الأول هو التعاون الاقتصادي وبناء علاقات أقوى. فالاقتصاد هو القوة الدافعة لأي علاقة دولية. وتولي الاتفاقية الشاملة أهمية خاصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين:
- الممر الشمالي الجنوبي: يربط هذا المشروع النقلي الكبير إيران بروسيا ومن هناك إلى أوروبا وآسيا. ومع اكتمال هذا الممر، ستصبح طرق التجارة بين البلدين أقصر وستنخفض التكاليف.
- التجارة والاستثمار: في العام الماضي، سجلت التجارة بين إيران وروسيا نمواً بنسبة 15 في المائة، ومن شأن الاتفاق الجديد أن يسرع هذا الاتجاه بشكل أكبر. ويتضمن جدول أعمال هذا التعاون تطوير الأسواق المشتركة للاستثمار في مشاريع البنية التحتية.
والثاني هو التكنولوجيا والعلم. تتمتع إيران وروسيا بإمكانيات بحثية علمية واسعة. وتوفر اتفاقية الشراكة الشاملة منصة لتبادل المعرفة والتعاون في مجالات مثل تكنولوجيا النانو، والجوفضاء ، والذكاء الاصطناعي، والعلوم الطبية. وسوف يتوسع هذا التعاون ليس على المستوى الحكومي فحسب، بل أيضا بين الجامعات ومؤسسات البحث في البلدين.
وثالثها الثقافة والسياحة وتعزيز العلاقات الإنسانية. ومن بين الجوانب التي يتم تجاهلها في العلاقات الدولية أهمية التبادل الثقافي. ومن شأن هذه الاتفاقية الاستراتيجية تسهيل السفر السياحي، وإنشاء برامج ثقافية مشتركة، والسماح للبلدين بفهم بعضهما البعض بشكل أفضل.
وتابع عراقجي: تعمل إيران وروسيا على تحديد نموذج جديد للتعاون الإقليمي والعالمي من خلال مشاركتهما الفعالة في منظمات مثل منظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة البريكس، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. تعمل هذه المنظمات، التي تمثل القوى الناشئة والمعارضة للنظام أحادي القطب، على خلق منصة لمزيد من التآزر والتنسيق بين إيران وروسيا.
ومن أهم جوانب هذه الاتفاقية تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع. تتمتع إيران وروسيا بخبرة قيمة في مكافحة الإرهاب والتطرف. إن مثل هذه الشراكة، التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي، لا تخدم مصالح البلدين فحسب، بل تخدم أيضًا مصالح السلام العالمي. وعلى عكس ادعاءات بعض وسائل الإعلام، فإن هذا التفاعل لا يهدف إلى التهديد، بل إلى تعزيز الأمن المشترك و الحفاظ على القيم الإنسانية.
واضاف: لقد أكدت إيران وروسيا دائمًا على ضرورة إنهاء الأزمات الإنسانية. ومن أمثلة هذه الرؤية المشتركة التعاون في إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة ودعم القرارات الدولية لإنهاء الصراع. ترتكز هذه الالتزامات على الإيمان المشترك بين البلدين بالعدالة واحترام الكرامة الإنسانية.
واعتبر إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية هي أكثر من مجرد اتفاقية. وهذه خطوة نحو خلق عالم أكثر عدلاً وتوازناً، وقال: إن إيران وروسيا، وإدراكاً منهما لمسؤوليتهما التاريخية، تبنيان نظاماً جديداً يحل فيه التعاون محل الهيمنة والاحترام محل الفرض. وكما قال ليو تولستوي: "المستقبل ملك لأولئك الذين يعرفون كيف يتصرفون". وبناء على هذه الرؤية، تتحرك إيران وروسيا نحو خلق مستقبل مشرق لشعبيهما وشعوب الدول المستقلة الأخرى.
وقال: في الختام، آمل أن يكون عام 2025 عام السلام والعدالة والعقلانية، وأن يفتح هذا الاتفاق فصلاً جديداً في العلاقات الإيرانية الروسية يعود بالنفع على البلدين والمجتمع الدولي.
انتهى ** 2342