الوفد المصری رفیع المستوي الذی ضم مساعد رئیس الجمهوریة عصام الحداد ورئیس مكتب رئاسة الجمهوریة محمد رفاعة الطهطاوی ونائبه سعد شیحة، اكد خلال زیارته الاخیرة الي طهران علي اولویة الحوار لحل الازمة السوریة، حیث ان الزیارة جاءت بهدف اجراء مشاورات مع كبار المسؤولین الایرانیین بخصوص العلاقات الثنائیة وقضایا المنطقة.
الازمة السوریة دخلت عامها الثالث، ومازالت مناطق كثیرة فیها تشهد اشتباكات دامیة بین قوات الجیش السوری والمعارضة المسلحة ولا مؤشر لانخفاض حدة المواجهات.
ویري الكثیر من المراقبین بان ما جعل الازمة السوریة اكثر تعقیدا هو تداخل منافع ومصالح القوي الاقلیمیة والدولیة، ولذلك یبدو انه ما لم تتبلور محادثات جادة وبالطبع علي اساس حفظ امن واستقرار سوریا بین القوي المؤثرة فی الازمة السوریة لا یمكن عقد الكثیر من الامل بالوصول الي نهایة للاشتباكات فیها.
وما یدعو للاسف ان الكثیر من الدول الاقلیمیة والدولیة ومن خلال دعمها لاعمال العنف بهدف اسقاط نظام الحكم فی سوریا، قد ادخلت الوضع فیها فی طریق المجهول.
وفی هذه الاجواء التی تدق فیها الكثیر من الدول طبول الحرب والعنف فی سوریا فان بعض الدول تسعي عبر اتخاذ توجهات بناءة لصب الماء علي نار الازمة فی هذا البلد، ومن هنا فقد حظی مشروع الرئیس المصری محمد مرسی الذی طرحه العام الماضی باهتمام المحافل السیاسیة، والذی بناء علیه تقوم الدول الاربع ایران وتركیا ومصر والسعودیة بتشكیل لجنة رباعیة لحل الازمة. هذا المشروع لقی الترحیب بدرجات متفاوتة من جانب هذه الدول، وبعد عقد عدة اجتماعات تمهیدیة توقف نشاطها لفترة ما ولكن یبدو ان المساعی تبذل حالیا لاستئناف نشاطها حول محور ایران ومصر.
وخلال لقاءات الوفد المصری رفیع المستوي مع كبار المسؤولین فی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ومنهم الرئیس محمود احمدی نجاد وامین المجلس الاعلي للامن القومی الایرانی سعید جلیلی ووزیر الخارجیة علی اكبر صالحی ومستشار قائد الثورة الاسلامیة للشؤون الدولیة علی اكبر ولایتی، تم فضلا عن البحث وتبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائیة، التشاور ایضا بشان الازمة السوریة وسبل الحل السلمیة لها ومن ضمنها مشروع اللجنة الرباعیة المطروح من جانب الرئیس المصری.
كما اتفق الجانبان علي ضرورة اتخاذ برنامج تنفیذی بهدف تنفیذ مشروع الرئیس المصری لحل الازمة السوریة عبر سبل سیاسیة مقبولة تساعد فی انهاء العنف وتحقیق المصالحة الوطنیة بمشاركة جمیع ابناء الشعب السوری، واكدا علي ضرورة توسیع وتعمیق العلاقات الثنائیة بین الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ومصر فی جمیع المجالات.
واكد الرئیس احمدی نجاد خلال استقباله الوفد المصری علي ان وجهات النظر بین ایران ومصر حول القضیة السوریة تاتی فی مسار واحد، وضرورة العمل للتوصل الي اتفاق لحل وتسویة مشاكل سوریا وقال، انه لو اصبحت سوریا غیر آمنة فان امن سائر دول المنطقة سیتعرض للخطر ایضا وان هذه المسالة تهدد المنطقة كلها.
كما اكد مساعد الرئیس المصری عصام الحداد من جانبه خلال اللقاءات التی اجراها فی طهران علي ضرورة اتخاذ خطوات اساسیة من جانب ایران ومصر للخروج من هذه الظروف التی تعیشها سوریا.
ویبدو ان تدهور الاوضاع الامنیة والسیاسیة فی سوریا فضلا عن انه یعرّض التضامن الوطنی والسیادة الوطنیة فیها لاخطار جادة، فانه یؤثر ایضا علي كل اجواء المنطقة وبعبارة اخري فان دول المنطقة لن تسلم من تداعیاتها.
وقد لجات بعض القوي لمواجهة محور المقاومة لتقویة وتسلیح التیارات المتطرفة كالقاعدة وهو امر ملموس فی سوریا بوضوح تام ویقر الغربیون به ایضا، ولا شك ان زعزعة امن المنطقة وتوفیر الارضیة لتحركات المجموعات الارهابیة سیحیق بالدول الغربیة نفسها وافضل مثال علي ذلك هو مصیر افغانستان.
ان لسوریا موقعا حساسا من الناحیة الجیوسیاسیة والجیوستراتیجیة فی المنطقة، ولیس من المبالغة لو قلنا بان سوریا هی مركز الثقل للامن فی المنطقة، لذا فان الفوضي والاضطرابات فیها لن تخدم امن المنطقة ایضا، ومن الخطأ الكبیر هذا التصور بان زعزعة الاستقرار فی سوریا واضعافها واسقاط نظام الحكم فیها سیضعف حلفائها فقط مثل ایران وروسیا، اذ ان الفراغ الامنی فی سوریا وتدمیر بناها التحتیة سیجعلها مرتعا لتحركات المجموعات الارهابیة المسلحة وفی مثل هذا الوضع سوف لن یامن ای طرف من تداعیات ذلك.
وفی مثل هذه الاوضاع فان نجاح مبادرات كمشروع اللجنة الرباعیة المبنی علي اساس وقف العنف وتحقیق الحوار الوطنی، بامكانها تبدیل اجواء الیاس الراهنة الناشئة من الاوضاع فیها الي امل.
ان الاوضاع الراهنة فی سوریا تشیر الي ان سبیل الحل الوحید للازمة هو اللجوء الي الحوار الشامل ووقف ارسال السلاح الیها واعمال القتل، مشروع طرح مرارا وفی اطر مختلفة الا انه لم یكتب له النجاح بسبب العقبات التی اختلقتها الدول الغربیة وبعض الحماة الاقلیمیین للمعارضین.
ان الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة اكدت منذ البدایة علي ضرورة حل الازمة السوریة عبر الطریق الدبلوماسی ومشاركة الشعب فی تقریر مصیره بنفسه من جانب والوقف التام لارسال السلاح والتوجهات العسكریة من جانب اخر.
علي ای حال فان التطورات الاخیرة مؤكدة لهذه النقطة وهی ان الدبلوماسیة هی طریق الحل الوحید لمعالجة الازمة الراهنة فی سوریا وان ای مسعي اخر لفرض ارادات غیر متطابقة مع مطالب الشعب السوری محكوم بالفشل.
انتهي ** 2342
طهران / ايار /مايو /ارنا- زيارة الوفد المصري رفيع المستوي الي طهران اخيرا والمساعي المبذولة من الطرفين لاحياء اللجنة الرباعية لحل الازمة السورية قد عززت الامال مرة اخري.