جاء ذلك في خطاب لسماحة قائد الثورة باللغة العربية اليوم الجمعة لمناسبة يوم القدس العالمي هذا نصه:
أود أن أخاطب قليلاً الشبابَ العربي بلغتهم
السلام على أحرار العرب جميعاً وخاصة الشباب منهم، والسلام على الشعب الفلسطيني المقاوم، وعلى المقدسيين المرابطين في المسجد الأقصى. السلام على شهداء المقاومة وعلى رعيل المجاهدين الذين ضحّوا بحياتهم على هذا الطريق، وأخصّ بالذكر الشهيد أحمد ياسين، والشهيد السيد عباس الموسوي، والشهيد فتحي الشقاقي، والشهيد عماد مغنية، والشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد أبا مهدي المهندس، ثم القامة الرفيعة لشهداء المقاومة الشهيد قاسم سليماني... فكلّ واحد من هؤلاء بعد حياتهم المعطاءة المباركة قد ترك بشهادته آثاراً مهمة في بيئة المقاومة.
إنّ مجاهدات الفلسطينيين والدماء الطاهرة لشهداء المقاومة استطاعت أن تحافظَ على هذه الراية المباركة مرفوعة، وأن تُضاعف مئات المرات القدرة الذاتية للجهاد الفلسطيني.
إنّ الشباب الفلسطيني كان يدافع عن نفسه يوماً بالحجارة، واليوم فإنه يردّ على العدوّ بإطلاق الصواريخ الدّقيقة.
فلسطين والقدس ورد ذكرهما في القرآن الكريم باسم «الأرض المقدّسة». منذ عشراتِ السنين وهذه الأرض الطاهرة تَقبَعُ تحت وطأة أكثر أبناء البشر رِجساً وخُبثاً. هؤلاء الشياطين الذين يسفكون دماء الشرفاء ثم يعترفون بذلك ويُقرّون بكل وقاحة. إنهم عنصريون مارسوا القتلَ والنهب والسجنَ والتعذيب ضدّ أصحاب الأرض منذ أكثر من سبعين عاماً، لكنهم ولله الحمد لم يستطيعوا أن يكسروا إرادتهم.
إنّ فلسطين حيّةٌ، وهي تواصل جهادَها، وستستطيع بعون الله في النهاية أن تهزمَ العدوَّ الخبيث. القدسُ الشريف وفلسطين كلّ فلسطين هي للشعب الفلسطيني، وستعود إليهم إن شاء الله، وما ذلك على الله بعزيز.
إنّ الحكومات والشعوب المسلمة بأجملها تتحمّل إزاءَ القضية الفلسطينية واجباً وعليها مسؤولية، لكن محورَ هذه المجاهَدة هم الفلسطينيّون أنفسهم، وهم أربعة عشر مليوناً داخل الأرض المحتلة وخارجَها. والعزيمةُ الموحّدة لهذه الملايين من شأنها أن تحقّق إنجازاً عظيماً.
إنّ الوحدةَ اليوم هي أعظمُ سلاحِ الفلسطينيين
أعداءُ وحدةِ الفلسطينيين هم الكيان الصهيوني وأمريكا وبعض القوى السياسية الأخرى، ولكن هذه الوحدةَ إن لم تتصدّع من داخل المجتمع الفلسطيني فإن الأعداء الخارجيين سوف لن يكونوا قادرين على فعل شيء.
إنّ محورَ هذه الوحدة يجب أن يكون الجهادُ الداخلي وعدمُ الثقة بالأعداء. والسياسات الفلسطينيّة ينبغي أن لا تعتمد على العدو الأساس للفلسطينيين أي أميركا والإنجليز والصهاينة الخبثاء.
الفلسطينيون، سواء في غزة أم في القدس أم في الضفة الغربية وسواء كانوا في أراضي ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين أو في المخيّمات، يشكلون بأجمعهم جسداً واحداً، وينبغي أن يتّجهوا إلى استراتيجية التلاحم، بحيث يدافعُ كلُّ قطاعٍ عن القطاعات الأخرى، وأن يستفيدوا حينَ الضغطِ عليهم من كلّ ما لديهم من مُعدّات.
إنّ الأمل في النصر اليوم هو أكثر مما مضى. موازينُ القوى تغيّرت بقوّة لصالح الفلسطينيين. العدوّ الصهيوني يهبط إلى الضُعف عاماً بعد عام، وجيشُه الذي كان يقول عنه إنّه "الجيش الذي لا يُقهر" هو اليومَ بعد تجربةِ الثلاثة والثلاثين يوماً في لبنان، وتجربة الإثنين وعشرين يوماً وتجربة الأيام الثمانية في غزّة، قد تبدّل إلى "جيشٍ لن يذوقَ طعم الانتصار". هذا الكيان المتبجّح في وضعه السياسي قد اضطُرّ خلال عامين إلى إجراء أربعةِ انتخابات، وفي وضعهِ الأمني بعد هزائمه المتلاحقةِ ورغبةِ اليهودِ المتزايدةِ في الهجرة العكسيّة يشهد فضيحةً تلو فَضيحة.
إن الجهود المتواصلة التي بذلها بمساعدة أمريكا للتطبيع مع بعض البلدان العربيّة هي ذاتها مؤشّر على ضعفِ هذا الكيان. وطبعاً سوف لا تجديه نفعاً. فإنّه أقام قبل عشرات السنين علاقات مع مصر، ولكن منذ ذلك الوقت حتّى الآن والعدوّ الصهيوني أكثر ضعفاً وأكثر تصدُّعاً. تُرى مع كلّ هذا، هل إنّ العلاقاتِ مع عددٍ من الحكوماتِ الضعيفةِ والحقيرة قادرةٌ على أن تنفعه؟! بل تلك الحكومات بدورها سوف لن تنتفعَ من هذه العلاقات، فالعدوّ الصّهيوني سوف يعيثُ فساداً في أرضهم وأموالهم وأمنهم.
إنّ هذه الحقائق يجب أن لا تجعل الآخرين يغفلون عن مسؤوليتهم الجسيمة إزاء هذا التحرّك. فالعُلماء المسلمون والمسيحيّون يجب أن يُعلنوا أنّ التطبيع حرامٌ شرعاً، وأن يَنهض المثقفون والأحرار بشرح نتائج هذه الخيانة التي تُشكّل طعنةً في ظهر فلسطين إلى الجميع.
وفي المقابل فإن العدّ التنازلي للكيان الصهيوني، وتصاعد قدرات جبهةِ المقاومة، وتزايدَ إمكاناتها الدفاعيّة والعسكريّة، وبلوغَ الاكتفاء الذاتي في تصنيع الأسلحة المؤثّرة، وتصاعد الثقة بالنفس لدى المجاهدين، وانتشار الوعي الذاتي لدى الشباب واتساعَ دائرةِ المقاومة في جميع أرجاء الأرض الفلسطينيّة وخارجَها، والهبّة الأخيرة للشباب الفلسطيني دفاعاً عن المسجد الأقصى، وانعكاس أصداء جهاد الشعب الفلسطيني ومظلوميّته في آنٍ واحد لدى الرأي العام في كثير من بقاع العالم.. كلّها تُبشّر بغدٍ مُشرق.
إنّ منطق النضال الفلسطيني والذي سجّلته الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية في وثائق الأمم المتحدةِ هو منطقٌ راقٍ وتقدّمي. المناضلون الفلسطينيون يستطيعون بموجبه إجراء استفتاء بين السُكّان الأصليين لفلسطين. وهذا الاستفتاء يُعيّن النظامَ السياسي للبلد، وسيُشارك فيه السكان الأصليّون، من كلِ القوميّات والأديان، ومنهم المشردون الفلسطينيون. والنظام الجديد يعيدُ المُشردين إلى الداخل ويَبُتُّ في مصير الأجانب المستوطنين.
إنّ هذا المشروع يقوم على قاعدة الديمقراطيّة الرائجة المعتَرَف بها في العالم، ولا يستطيع أحد أن يُشكّك في رقيّه ونَجاعَته.
المُجاهدون الفلسطينيون يجب أن يواصلوا باقتدارٍ نضالَهم المشروعَ والأخلاقي ضدّ الكيان الغاصب حتّى يرضَخَ هذا الكيان لقبول هذا الاستحقاق.
تحرّكوا باسم الله إلى الأمام واعلموا أنّه {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتهى ** 2342
تعليقك