٢٧‏/١١‏/٢٠٢١، ١١:١٧ ص
رقم الصحفي: 3101
رمز الخبر: 84556541
T T
٠ Persons

سمات

السفير الإيراني في دمشق : العلاقة الاستراتيجية بين إيران وسوريا تحبط العقوبات

دمشق / 27 تشرين الثاني / نوفمبر /ارنا- تحدث السفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني عن العلاقة الاستراتيجية التي جمعت إيران بسوريا منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، مشيرًا إلى الدعم المتبادل الذي قدمه البلدان لبعضهما البعض في مراحل مختلفة من عمر هذه العلاقة، وعن الحرب الاقتصادية التي يخوضانها بشجاعة ضد عقوبات واشنطن.

واکد سبحاني الیوم السبت في حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري  أن سياسة أميركا في سوريا لم تتغير وإن كان تكتيكها هو الذي تغير. وفيما يخص ناقلات النفط الإيرانية التي وصلت إلى لبنان عبر الأراضي السورية لفت سبحاني في حديثه لموقع العهد أن ذلك يؤكد قدرة محور المقاومة على تنفيذ وعوده فيما يثبت عجز المحور الآخر.

علاقة تاريخية متينة

وقال  "في علم العلاقات الدولية والمدارس الفكرية هناك اعتقاد سائد بأن ما يحدد توجه السياسة الخارجية لكل دولة هو هويتها الخاصة بالعلاقات الدولية، وكلما كان هناك تقارب أكثر بين الدول في هوياتها فستكون لديها رغبة أقوى للتعاون مع بعضها بعضًا".
 
ويشير  إلى أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران أحدث تغييرًا جذريًا في هوية إيران ما قبل الثورة وما بعد الثورة، فأسست القيم والأهداف والأعراف الجديدة لهوية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذه الهوية الجديدة رسمت الدور الوطني الدولي للجمهورية الإسلامية الإيرانية وأصبحت أساسًا لسلوكها على الصعيد الدولي، وقد انعكست هذه الهوية الجديدة في مواد الدستور الإيراني خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية من مقارعة الظلم ورفض الاستكبار الى دعم الحركات التحررية والمستضعفين. وهذه العناوين تشكل المحاور الأساسية للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي وردت في الدستور الإيراني.

يلفت السفير الإيراني في دمشق إلى حصول هذه التطورات في إيران في الوقت الذي كانت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط حركة تطبيع مع الكيان الصهيوني خاصة في ظل اتفاقية كامب ديفيد، حيث توجهت الكثير من الدول التي كانت في يوم ما تناصب هذا الكيان العداء نحو التطببع معه.

وبحسب سبحاني، فإن الدولة الوحيدة التي لم تتخل عن مواجهة الكيان الصهيوني وبقيت في الخط الأمامي لمواجهة هذا الكيان كانت سوريا بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد، وعليه فإن الهوية الجديدة للجمهورية الإسلامية الإيرانية والهوية التي بقيت عليها الجمهورية العربية السورية حددتا العدو المشترك والمصالح المشتركة بين البلدين، اذ يمكن اعتبار الرئيس الراحل حافظ الأسد والإمام الخميني قدس سره الشريف مؤسسين أساسيين لهذه العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، من خلال الاشتراك في الهوية الذي مهد بدوره للتقارب خلال العقود الماضية على مدى أربعين عاماً، ورأينا ثمار هذه العلاقات في المنعطفات التاريخية الحساسة التي مر بها البلدان، عندما وقفت الجمهورية العربية السورية إلى جانب إيران في الأيام التي كانت فيها بحاجة للدعم، وكذلك عندما وقفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب سوريا في محاربتها للإرهاب.
 
السفير الإيراني في دمشق يتحدث لموقع "العهد" الإخباري عن النقطة الثانية التي ساعدت على تعزيز هذه العلاقات واستقرارها والتي تمثلت في  النوايا الطيبة للبلدين وثقتهما المتبادلة، معتبرًا أنه بفضل هذه الركائز الصحيحة تشهد العلاقات بين البلدين تطورًا مستمرًا وهي علاقات استراتيجية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتعليمية.

تعاون في كافة المجالات

السفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني يلفت إلى أن "العلاقات الاستراتيجية بين إيران وسوريا تشمل كامل المجالات وبينها التعاون العسكري الذي يمثل دعمًا لسوريا، ويعكس تعزيزًا للعلاقات بين البلدين بشكل عام. ويشير سبحاني الى أن "التعامل في العلاقات الدولية له عدة مستويات منها التعاون والشراكة والتحالف والوحدة، ونحن حلفاء، بمعنى أننا تجاوزنا المراحل الأولى والمستويات الأولى ونظرًا لكون البلدين حليفين لبعضهما بعضًا فنحن نطور العلاقات فيما بيننا بالتناسب مع مستوى هذه العلاقات".

في هذا الاطار، يؤكد سبحاني أن "مستوى تعاوننا مع سوريا وصل إلى المستوى الأعلى، وهناك اتفاقية للتعاون العسكري بين البلدين تغطي الاتفاقية كافة مجالات التعاون وتطبق وتنفذ بالشكل المطلوب".

سوريا ثابتة والنوايا لم تتغير

يرى السفير الإيراني لدى دمشق أن سوريا تجاوزت المرحلة الرئيسيه للحرب الميدانية عليها دون ان تغير استراتيجيتها، فكانت استراتيجية العدو إلحاق الهزيمة بالدولة السورية وإسقاطها وتقسيم البلاد، وهذه وفق سبحاني استراتيجية بعض الدول الاستكبارية ليس فقط ضد سوريا بل ضد عدد آخر من الدول الإسلامية الكبيرة، فهؤلاء وفي سعيهم إلى تقسيم سوريا تصوروا أنهم قادرون على خلق دويلات تابعة لهم من الناحية الأمنية وغير قادرة على أن توجه أي تهديد ضدهم وضد الكيان الصهيوني، وهذه الاستراتيجية لدى العدو لم تتغير بعد لكنه غيّر من تكتيكاته لتطبيق هذه الاتفاقية.

وبحسب سبحاني فإن الإستراتيجية الأولى التي أعلنها هؤلاء الأعداء كانت تغيير النظام في سوريا، أما اليوم فهم يتحدثون عن تغيير "السلوك"، ومع ذلك هم يكذبون لأن استراتيجيتهم هي ما كانت عليه سابقًا. اذًا المعركة لم تنته بعد لكن تكتيكاتها تغيرت حيث انتقلوا من الميدان العسكري إلى ساحة الاقتصاد والمجتمع بغية ممارسة الظلم وزيادة معاناة الشعب السوري لإجبار الدولة السورية على التخلي عن مواقفها وتمهيد الأرضية المناسبة لتحقيق أهدافهم ضد سوريا.

في سياق متّصل، يوضح سبحاني أن "الأدوات التي يستخدمها العدو اليوم هي العقوبات والضغوط الاقتصادية والضغوط السياسية الدولية واثارة قضايا مثل حقوق الإنسان وغيرها واللجوء إلى حرب الروايات وبث الإشاعات وشن الحرب النفسية ومحاولة احداث التغيير في الرأي العام بغية دفع الدولة السورية إلى التخلي عن مواقفها وأهدافها".

الانتصار يقين

يذكّر سبحاني بأنه "أثناء مكافحتها للإرهاب، كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتعرض لأقصى الضغوط والعقوبات الاقتصادية والتي تسمى بسياسة الضغوط القصوى من قبل الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن الأمركيين اليوم يعترفون بفشل إدارة الضغوط القصوى ويبحثون عن طرق بديلة للتعامل مع إيران، مشيرًا الى النصرة الإلهية التي يؤمن بها جميع الإيرانيين والمحور المقاوم بعمومه.

وحول مستقبل الحرب الاقتصادية، يشدد سبحاني في مقابلته مع موقع "العهد" على "أننا سنلحق الهزيمة بالعدو مئة في المئة ونحن جاهزون لتزويد أشقائنا السوريين بكل الخبرات التي يحتاجون إليها لمواجهة هذه العقوبات وأوكد على أن الهدف الذي جئنا من اجله إلى سوريا لم يتغير على الإطلاق وأنا أعتقد أن الحفاظ على المكاسب أصعب من تحقيقها. نحن على تعاون وتنسيق كامل مع الحكومة السورية وسنقوم بكل ما في استطاعتنا من أجل مواجهة هذه الحرب الاقتصادية لكننا واثقون تمامًا من انتصارنا".

ناقلات النفط وتحويل الأزمة إلى فرصة  

وفي ما يرتبط بوصول ناقلات النفط الإيرانية عبر سوريا إلى لبنان والثقة التي تعاطت بها إيران مع هذا الموضوع فهذا يرتبط وفق السفير الإيراني لدى دمشق بقول الله سبحانه وتعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، ففي كل مرحلة كانت تمر علينا وجدنا أمامنا فرصة جديدة للعمل، وإرسال النفط الإيراني عبر لبنان إلى سوريا هو كذلك فرصة جديدة وفرتها لنا ضغوط العدو وتمت هذه الخطوة على أساس مبادرة من سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله ورعاه".

يؤكد سبحاني أن "العدو تلقى الضربة من الجهة التي لم تكن في حسبانه، والعناصر الخبيثة التي تحيك المؤامرات ضد لبنان اعترفت في أوساطها الخاصة بأنها لم تكن تتصور أن يكون حزب الله قادرًا على القيام بمثل هذه الخطوة، وكانت هناك مخاوف لدى بعض الأصدقاء بشأن إمكانية تنفيذ ذلك، ولكن تم الأمر لأننا أردنا اتمامه ونحن إذا أردنا شيئا فإننا ننفذه، وهذه الخطوة أربكت حسابات العدو ودفعته إلى الالتفاف على العقوبات التي فرضها بنفسه".

في هذا الاطار، يلفت سبحاني إلى أن أهمية هذه الخطوة تكمن في كونها أكبر بكثير من مجرد حل مشاكل نقص الوقود في لبنان، بل هناك جانب آخر لهذه الخطوة يأتي في إطار القضايا الجيوسياسية، فهي أدت إلى تغيير ساحة المواجهة، وبالنظر إلى ما جرى من الناحية الجيوسياسية نجد أن ساحة المواجهة "انتقلت من الأرض إلى البحر" ووصول هذا النفط إلى لبنان أظهر أنه إذا قرر محور المقاومة شيئا فلن يكون بإمكان أحد أن يرد هذا القرار وهذا دليل على أن العقوبات قد تمنح الفرصة في كثير من الأحيان.

انتهی ** 3280

تعليقك

You are replying to: .