تعتبر "لیلة یلدا" ثاني أهم مناسبة تراثية تاريخية للإيرانيين بعد أعياد النوروز، أي رأس السنة الفارسية الجديدة. وبدأ الایرانیون تحضیراتهم للاحتفال بهذه اللیلة حیث یقومون بشراء المکسرات والحلویات والفواکه مثل البطيخ والرمان لاحیاء المراسم التقلیدیة والتراثیة التی نشأوا علیها. وعادة تشهد الاسواق الایرانیة ،فی الایام الاخیرة من الخریف حركة ونشاط كبیرین.
هذا وتسمي هذه الليلة في ايران والدول المجاورة والتي لها ثقافات مشتركة معها بليلة «بدء الشتاء» أو «يلدا» أو «ليلة المربعانية». يذكر أن هذه الليلة تصادف ليلة الانقلاب الشتوي. وكان الناس منذ القديم يقيمون طقوساً وتقاليد فيما يخص هذه الليلة، ومن إحدى هذه الطقوس والعادات، كانت اقامة الاحتفالية ليلاً والسهر حتي الفجر، حتى شروق شمس مولودة.
وتأتي كل هذه العادات والمراسم أساساً لتجتمع الأسر والعوائل مع بعضها، وهم يحتفلون باللیلة بكل فرح وسرور ومحبة.
ومن الضروريات التي تصحب هذا التجمّع الاسري هي مشاركة الأقارب وخاصة كبار السن، وذلك يرمز الى شيخوخة الشمس في نهاية الخريف، فضلاً عن توفير أطعمة وفواكه عدة لقضاء هذه الليلة الطويلة منها البطيخ الأحمر الذي يعتبر سيد المائدة لأن عدداً كبيراً من الناس يعتقدون بأن تناول البطيخ ولو بكميات قليلة في هذه الليلة يزيل الامراض من البدن ويمنحه الصحة والعافية ويبعد عن متناوله المرض طيلة فصل الشتاء ثم الرمان والعنب والكاكي والزعرور الجرماني والمكسرات وكل ما يميل لونه الى الأحمر لون الشمس.
ويطغى اللون الأحمر على المائدة كونه يرمز إلى بزوغ الفجر نهاية الليلة وإلى الفجر الجديد. ويتم تقطيع الفاكهة، وخصوصاً البطيخ، الذي يعد أساسياً بين الفاكهة الصيفية، بأشكال جميلة تزين المائدة. أما المكسرات والحلويات، فهي للتسلية وقضاء الليلة الأطول مع الأحباب.
كما أن من العادات والتقاليد التي مازال الايرانيون يحتفون بها في «ليلة يلدا» هي أخذ الفأل من ديوان الشاعر حافظ الشيرازي، وهم يقرأون أبياتاً من أشعاره وقصائده، وذلك من أجل أن ينتابهم السرور والحظ السعيد في الحياة.
وفي بعض أرجاء ايران، يقبل الناس علي قراءة وانشاء اشعار من كتاب «الشاهنامة» (أي سير الملوك) للشاعر الملحمي الايراني أبي القاسم الفردوسي.
وفي هذه الليلة غالبا ما يسرد الاجداد، القصص التاريخية لابنائهم واحفادهم ليميزوا هذه الليلة عن آخرها بطابعها الفارسي الاصيل ويحافظون بذلك علي موروثهم الثقافي.
وفي قديم الازمان كان يجلس اعضاء الاسرة والاقارب حول مدفأة تسمي 'الكرسي' وهي عبارة عن منضدة خشبية كبيرة تسع لعدة اشخاص وتغطي عادة بقطعة قماش غالبا ما تكون الوانه زاهية يوضع تحتها مجمرالفحم الذي يدفيء الغرفة تدريجيا وقد زال هذا التقليد بعد تطور اساليب التدفئة وتغير نمط الحياة.
انتهی ** 3280
تعليقك