جاءت الأنباء التي بثّتها قناة “الجزيرة” القطريّة، وتقول إن إيران بعثت إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي ملفًّا يتضمّن صُورًا وخرائط لمخازن أسلحة نوويّة وبيولوجيّة وكيماويّة إسرائيليّة عبر وسيط أوروبي، بمثابة تأكيد على أن الحرب الاستخباريّة والنفسيّة بين الطّرفين في حالة تصاعد غير مسبوق، مثلما تؤكّد أيضًا على أخذ الجانب الإيراني زمام المُبادرة وبات أقرب إلى الفوز في هذه الحرب، على عكس ما كان عليه الحال قبل سنوات عندما نجح عُمُلاء إسرائيليين في اغتِيال العديد من عُلماء الذرّة الإيرانيين.
هُناك عُنصران رئيسيّان يُمكن رصدها من ثنايا هذه الرّسالة:
الأوّل: أن هذه المُنشآت والمخازن ستكون هدفًا رئيسيًّا للهجمات الانتقاميّة الإيرانيّة في حال شنّ أيّ عُدوان إسرائيلي على إيران، مثلما هدّدت الرّسالة الإيرانيّة.
الثاني: دقّة القُدرات الاستخباريّة الإيرانيّة القادرة على الوصول إلى هذه المُنشآت وتصويرها وتطوّرها، والدّليل، مثلما قالت المصادر الإيرانيّة، إن جميع هذه الصّور كانت أرضيّة، وليست مأخوذةً من الجو، والأهم من ذلك أنها للمخازن والمُنشآت الجديدة، التي تمّ نقل هذه الأسلحة المُحرّمة دوليًّا إليها، في إطار خطط التّمويه.
لا يُخامرنا أدنى شك أن وقع هذه الصّور سيكون مُدَمِّرًا للاستِخبارات الإسرائيليّة خاصَّةً في هذا التّوقيت الذي تعيش فيه فَشَلًا استخباريًّا عسكريًّا في الأراضي الفِلسطينيّة المُحتلّة، ومناطق مُحتلّة عام 1948 تُجَسِّد في العمليّات الفدائيّة الأربع التي وقعت في تل أبيب وبئر السّبع والخضيرة، وبني براك، وأدّت إلى مقتل 14 مُستَوطنًا إسرائيليًّا وإصابة العشَرات على أيدي مُقاومين مُسلّحين.
“إسرائيل” خَسِرت مُعظم، إن لم يكن جميع حُروبها على إيران، خَسِرَت حرب السّفن بعد تدمير عددًا من ناقلاتها في بحر العرب والبحر الاحمر، وتوقّفت بالكامل عن مُهاجمة السّفن الإيرانيّة رُعبًا، مثلما خَسِرَت أيضًا أكبر قاعدة للموساد في أربيل في شِمال العِراق عندما جرى قصفها بصَواريخٍ إيرانيّة انتقامًا لهُجومٍ إسرائيليّ على مصنع إيراني لتصنيع الطّائرات المُسيّرة.
ولعلّ الانتصار الأكبر لإيران يتمثّل في الهجمات الصاروخيّة لفصائل المُقاومة الحليفة لها في قِطاع غزّة (حماس والجهاد الإسلامي) على المُستوطنات الإسرائيليّة المُحاذية، وعَزْل “إسرائيل” عن العالم لأكثر من 11 يومًا أثناء معركة “سيف القدس” قبل عام.
الحاضر يبدو قاتمًا بالنّسبة إلى دولة الاحتِلال الإسرائيلي، والمُستقبل ربّما يكون أكثر قتامةً، خاصَّةً بعد توتّر عُلاقاتها مع روسيا على أرضيّة دعمها للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والجماعات النازيّة في أوكرانيا، وإدانة وزير خارجيّتها يائير لبيد للغزو الروسي واتّهام الجيش الروسي بارتكاب جرائم حرب في كييف.
تصوير مخازن الأسلحة النوويّة والبيولوجيّة والكيماويّة الإسرائيليّة من قِبَل عُمَلاء لإيران في العُمُق الإسرائيلي انتصارٌ استخباريٌّ ضخم ولا بُدَّ أنّ هُناك اختِراقات أُخرى لم يتم الإعلان عنها، وخاصَّةً الهجمات السيبرانيّة.. والقادم أعظم.
“رأي اليوم”
انتهى
تعليقك