وفي كلمة له في الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله عصر اليوم الجمعة بمناسبة الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد القائد الجهادي الكبير، السيد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار)، تطرق إلى ذكرى النكبة وقال: "لم تكن نكبة فلسطين فقط بل كانت نكبة كل العرب وهي حادثة لا تنتهي مصائبها ولا آلامها، منذ 74 سنة ما زالت هذه المنطقة وشعوبها يعانون من نتائج تلك النكبة التي أوجدها الكيان الصهيوني، والأهم الآن إزاء هذه النكبة هو موقف الشعب الفلسطيني خلال عقود وما يجري في الأسبايع الماضية و"سيف القدس".
و تابع: لو قُدّر لهذا الاحتلال أن يستمر ولم تكن هناك مقاومة، ماذا يمكن أن يكون وضع لبنان خلال عشرات السنين الماضية وحاضر لبنان؟، أي نكبة يمكن أن يعيشها الشعب اللبناني؟
ورأى أنه "كما انتظر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية من 1948 إلى 1967 إلى اليوم، كان المطلوب من الشعب اللبناني انتظار استراتيجية عربية موحدة من أجل تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني، وميزة جيل السيد مصطفى بدر الدين الذي لم ينتظر دولًا عربية ومنظمات إسلامية ومجتمعًا دوليًا ومجلس أمن دولي بل المقاومة في لبنان بدأت منذ الساعات الأولى للاجتياح.. من قلب المواجهة الأولى المباشرة مع العدو من الميدان خرجت المقاومة وحاربت العدو". لافتًا إلى أن عددًا من الذين قاتلوا في معركة خلدة، تولى المواقع القيادية والعسكرية الأساسية في المقاومة.
وقال السيد نصر الله: "لا يتوهمّن أحد أن العالم العربي قادر على حماية لبنان، فهو لم يستطع حماية فلسطين عندما كان موحدًا ومتماسكًا، وهو لم يستطع حتى الآن أن يحمي فلسطين ولم يحرر لبنان، ولم يساعد على تحريره.. الذي يحرر ويحمي هو شعبنا وإرادتنا ومقاومتنا ووعينا وثقتنا واتكالنا على الله وسواعدنا وهذا الجمهور الشريف والمبارك والمضحي".
وتناول السيد نصر الله في كلمته، اتفاقية 17 أيار 1983 مع العدو الصهيوني، فلفت إلى أن الأغلبية الساحقة من النواب اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق وافقوا على هذه الاتفاقية، ما عدا نائبين اثنين هما زاهر الخطيب، ونجاح واكيم.
وأشار إلى أن اتفاقية 17 أيار كانت مدعومة من فريق لبناني طويل عريض ينادي اليوم بالسيادة!، إلا أنه "كان هناك رفض واسع من الشعب اللبناني ومن العلماء المسلمين ومن علمائنا، وسوريا كان لها موقف حاسم وإيران كذلك، وحصلت أحداث أدت فيما بعد الى اسقاطها". مؤكدًا أن المقاومة بكل فصائلها وقواها أسقطت اتفاقية 17 أيار.
وأضاف السيد نصر الله: "ماذا فعلت الدولة والسلطة لحماية لبنان في 17 أيار؟ ذهبوا إلى أسوأ خيار إلى التفاوض مع العدو، من موقع الضعف والاستسلام وفاوضوا ووقعوا اتفاقية مذلة للبنان تنتقص من سيادته وتنتقص من كرامته وحريته على أرضه".
وأوضح أنّ "السلطة التي كانت تدير هذه الدولة في الثمانينات، وقّعت اتفاقية 17 أيار.. الدولة عبارة عن مؤسسات وداخل الدولة هناك السلطة.. الدولة في الحقيقة هي الإطار الذي تتواجد فيه السلطة لإدارة البلد.. عندما تقول لي الدولة قل لي من هي السلطة التي تحكم الدولة؟".
وشدّد على أنَّ جيل الشهيد القائد مصطفى بدر الدين هو الذي أوصلنا إلى التحرير في عام 2000، وما ينعم به لبنان من سيادة وبركة وحرية هو ببركة هؤلاء الشهداء وهذه المقاومة.
وقال السيد نصر الله: إن "الشهيد بدر الدين كان المسؤول العسكري في مواجهة نيسان 1996 وأدار الكثير من العمليات النوعية والاستشهادية وفي مقدمها العملية النوعية في أنصارية.. المقاومة ساهمت في كشف وتفكيك الكثير من شبكات التجسس الصهيونية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، والسيد مصطفى بدر الدين كان مساهمًا إلى جانب الدولة في تفكيك الشبكات الصهيونية".
وأكَّد سماحته أنَّ الأجهزة الأمنية مصمّمة عى المضي في تفكيك شبكات التجسس، طالب كل القيادات بدعم هذا الاتجاه، كما طالب القضاء اللبناني بـ"حسم حقيقي لأنّ هناك قرارات صادمة للشعب اللبناني".
ولفت إلى أنه في ظل تصاعد قدرات المقاومة بات العدو "الإسرائيلي" محتاجًا للكثير من العملاء وبدأ التجنيد بطريقة غير متقنة وغير احترافية.
وأشار إلى أن الشهيد بدر الدين كان يدير المعركة في سوريا في المرحلة الأولى من داخل لبنان، ولكن عند اشتداد المرحلة أصبح يدير المعركة من الميدان في داخل سوريا".
وقال: "الأميركيون أنفسهم تفاجؤوا بدخول حزب الله في معركة القصير وأدت المعركة إلى تحولات استراتيجية في مسار الحرب... شبابنا واخواننا والجيش السوري ساهموا في تغيير الخط البياني للمعركة وبدأ التحول، ومعركة القصير هي التي أسّست لتحرير المناطق الحدودية..
وأضاف السيد نصر الله: "في كل المعركة كان الشهيد بدر الدين قائدًا مركزيًا، وفي معركة السيارات المفخخة والذهاب إلى عقر دار الجماعات التي ترسل الانتحاريين كان السيد مصطفى بدر الدين القائد ورأس الحربة"، مؤكدًا أنه "بعد أربعين سنة خياراتنا وخيارات فريقنا السياسي هي التي انتصرت".
وتابع: الذين راهنوا على "إسرائيل" في الداخل اللبناني، والشريط الحدودي، وتحوّلوا إلى متاريس لحمايتها في المواقع الأمامية، هؤلاء ماذا حصّلوا غير الذلّ والهزيمة والفرار.. وفريق ثان انتظر الاستراتيجية العربية ولم يحصل على شيء.. فريق آخر هو المقاومة المنطلقة من إرادة الشعب اللبناني هو الذي انتصر.
وأردف: "للأسف الشديد بعد 40 عامًا ما زال هذا الانقسام حول الخيارات قائمًا لكن أقول بكل اعتزاز إن خياراتنا وخيارات فريقنا السياسي هي الصائبة وهي التي انتصرت".
وفي موضوع سوريا، قال السيد نصر الله: "كان هناك خيارات أيضًا، وهناك من وقف على التل؛ تصوّروا لو أنّ الحرب الكونية في سوريا انتصرت؟ هذا النزاع ما زال قائمًا.. نحن من جملة القوى اللبنانية التي قدّمت تضحيات جسام وعددًا كبيرًا من القادة الشهداء وآلاف الجرحى والآلاف من إخواننا دخلوا إلى السجون من أجل كرامة هذا البلد وعزته".
وخاطب سماحته أولائك الذين يناقشون بالانتماءات الوطنية بالقول: "نحن أكثر المعنيين بالحفاظ على البلد وهويته.."، لافتًا إلى أن الإنقسام في لبنان ما زال موجودًا، وهو اليوم انقسام حاد وبالتالي هناك تحديات كبيرة.. نحن ولدنا هنا وندفن هنا ولا يتوقعنّ أحد أننا سنضعف أو نتخلى عن بلدنا الذي دفعنا من أجله كل هذا الدم الغالي..".
ولفت سماحته إلى أننا "اليوم في لبنان أمام تحديات كبيرة وخطيرة جدًا.. مؤسسة الكهرباء تقول البلد إلى عتمة شاملة، وطحين لا يوجد، والدولار إلى ارتفاع، فقد وصل إلى حدود 31 ألف ليرة، وأدوية السرطان غير موجودة، وممكن أن تصل تنكة المازوت إلى المليون ليرة". مشدّدًا على أن التحدي الداهم هو الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وأزمة الخبز والدواء والكهرباء، وليس سلاح المقاومة.
وأضاف قائلًا: "إن أكثر من يعرف الفريق الذي ندعوه للشراكة اليوم هم الأميركيون، ومنهم ديفيد شينكر الذي وصفهم بأنهم شخصانيون، ولا يهمهم مصلحة البلد، بل همهم مصلحتهم الشخصية فهذا توصيفهم من العارف بهم".
وقال: "استمعت خلال اليومين الماضيين لبعض الخبراء الاقتصاديين العالميين يقولون إن 64 دولة متجهة إلى الانهيار من بينها لبنان ومن بينها دول مطبّعة مع "إسرائيل".. إحدى هذه الدول المطبّعة مع "إسرائيل" بدأت ببيع ممتلكات الدولة وأصولها.. هذا يتطلب حركة طوارئ للمجلس النيابي والحكومة الجديدة التي ستتشكل فهذه هي الأولويات".
وأكّد السيد نصر الله موضوع الانفتاح شرقًا وغربًا وعدم الخضوع لرضا وغضب أميركا وضرورة ترتيب وإعادة العلاقات مع سوريا بسرعة.. موضحًا ان أكثر بلد يمكن أن يستفيد من ترتيب العلاقات مع سوريا هو لبنان.
وخاطب سماحته اللبنانيين والقادة السياسيين والنخب في لبنان قائلًا: "لا يوجد ترف الوقت ونحن أمام استحقاقات داهمة وصادمة وخطيرة.. استخراج النفظ هو باب الأمل الأساسي للخروج من أزمتنا لا التسول وقروض البنك الدولي.. فلتباشروا بالعمل على البلوكات التي وافقتم كدولة عليها والزمتموها للشركات ونحن سنتابع هذا الموضوع..
وختم السيد نصر الله كلمته مؤكدًا جدية العمل على استخراج النفط والغاز خصوصًا في البلوكات الجنوبية.. معتبرًا ان "أوضح السبل وأهمها وأشرفها وأكرمها أن نمد يدنا إلى الكنز في بحرنا".
تعليقك