وأعلن قادة الاحتجاجات ضد خطة الحكومة الإسرائيلية لإضعاف جهاز القضاء، اليوم الإثنين، أنه “سيتم شلّ الدولة” إلى حين إيقاف تشريعات الخطة، ودعوا إلى مظاهرة خارج مبنى الكنيست مساء اليوم.
وكان بنيامين نتنياهو قد أعلن عن نيته الظهور في خطاب للإسرائيليين، لكنه أرجأ ذلك بعدما فهم أن هناك معارضة لرغبته وقف التشريعات في ظل حالة الفوضى العارمة التي تورطت فيها إسرائيل. وفي الليلة الماضية، أجرى نتنياهو مداولات مع رؤساء أحزاب الائتلاف وكذلك وزراء في الليكود.
وأفادت تسريبات أن نتنياهو يتجه لوقف التشريعات، لكنه يصطدم الآن بمعارضة الوزير إيتمار بن غفير الذي يهدد بالخروج من الائتلاف الحاكم. رغم كل ذلك، اجتمعت لجنة القانون والدستور في الكنيست، اليوم، وصادقت نهائيا على التعديل الرامي لسيطرة الائتلاف على تعيين القضاة، خاصة في المحكمة العليا. كما صادقت لجنة خاصة في الكنيست على “قانون درعي 2″، الذي يمنع تدخل المحكمة العليا بقرارات تعيين الوزراء، تمهيدا للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة. وطلب درعي عدم المصادقة النهائية على القانون حاليا في محاولة لتهدئة الأوضاع المتفجرة.
إضرابات واسعة
في غضون ذلك، أعلنت نقابة الأطباء في إسرائيل اليوم الإثنين، أنه إلى حين وقف “الانقلاب على النظام” وإجراء حوار وصولا لتسوية مقبولة بشكل واسع، فإنه سيجري “إضراب كامل في جهاز الصحة” ويشمل الإضراب المستشفيات الحكومية والعيادات عدا خدمات حيوية.
وأوضح رئيس نقابة الأطباء، البروفيسور تسيون حغاي، إن “الإضراب سيتوقف عندما يتم بلورة خطة واضحة ومتفق عليها لضمان الحفاظ على حقوق المرضى في جهاز الصحة”. وأضاف أن “نظاما ديمقراطيا وجهاز قضاء مستقل، هما الأساس لمجتمع سليم وجهاز صحة متطور”.
وأعلن رئيس لجنة العاملين في مطار بن غوريون الدولي، بنحاس عيدان، أنه ابتداء من صباح اليوم، لن تقلع طائرات من المطار.
وأعلنت شبكات ومجمعات تجارية عن الانضمام للإضراب الذي أعلنت عنه نقابة العمال، باستثناء الصيدليات وشبكات الأغذية.
وقد احتدمت الأزمة الداخلية في إسرائيل حتى باتت الأجواء محتقنة ومشبعة بالبنزين، لكن نتنياهو الذي يبدو داخل حالة ضغط، وتعرض لضغوط من قبل جهات سياسية علاوة على زوجته وولده يائير، أقدم في الليلة الماضية على إلقاء عود ثقاب، مما أجّج نار الخلافات الداخلية والآن يحاول البحث عن طريق للتراجع، لكنه يصطدم بجيوب معارضة تهدده بتفكيك الائتلاف الحاكم في حال “خضع للمتظاهرين ولليسار” كما جاء على لسان وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير.
هذه الحالة الفوضوية التي تختلط بها الحسابات الحزبية والشخصية والمصالح العامة، دفعت المعارضة الإسرائيلية لشن هجوم واسع على نتنياهو وعلى وزير القضاء ياريف لافين. فقال الوزير الأسبق يوعاز هندل، إن نتنياهو فقد السيطرة على البلاد. وتابع هندل في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت: “أقال نتنياهو وزير الأمن دون أي مبرر، فقط لأنه تجرأ على القول إنه يجب تأجيل الإصلاح القانوني والتوصل إلى اتفاقات. لقد فهم أن مستقبل إسرائيل يعتمد على ما يحدث الآن”.
وتساءل هندل كما تساءل كثيرون أمثاله: “كيف يمكن لأي شخص أن يقلل من شأن ذلك؟ ما هو الشيء اليساري الكبير في التوقف حتى الأعياد؟ وكيف لا يتم النظر في الثمن وتفتيت الدولة؟”. ومضى هندل في انتقاداته بالقول: “عدم الدعوة لعقد المجلس الوزاري المصغر بعكس مطلب وزير الأمن غالانت، هو خروج على الأعراف، ونتنياهو لا يحسب أي حساب لوزرائه”.
كما واصل عدد كبير من المعلقين والمراقبين الإسرائيليين انتقاداتهم لنتنياهو بشكل غير مسبوق، وبلغت حد التأكيد أن نتنياهو الدكتاتور يشكّل خطرا على إسرائيل.
واعتبرت المحللة الإسرائيلية رافيت هاخت أن الضرر المباشر، هو أن نتنياهو أوضح بالأمس ما هو سلم الأولويات بالنسبة له، مصلحته هو فوق كل شيء، وأمن الدولة هو أمر ثانوي.
في افتتاحيتها، حملت صحيفة هآرتس على نتنياهو، وأكدت أنه غير مؤهل للاستمرار بقيادة الحكومة، منوهة أنه بالأمس قرر فصل وزير الأمن غالانت، ليس لأنه فشل في مهمته، بل لأنه قام بالخطوة الصحيحة كي يحافظ على الجيش من التفكك، ودعا لوقف التعديلات القانونية المتوحشة التي أدت للانقلاب على النظام.
واختارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تكريس صفحتها الأولى لتحليل معلقها السياسي البارز ناحوم بارنياع، الذي اعتبر هو الآخر أن نتنياهو يمثل الآن خطرا واضحا فورياً وملموساً على أمن إسرائيل، لافتا إلى أن إقالة غالانت هي المؤشر على ذلك.
وتابع: “بعد أن شعر نتنياهو أنه فوق القانون، أصبح يمثل قوة هدامة غير قابلة للتحكم”. وتبعته زميلته المحللة السياسية سيما كادمون، التي قالت إن رئيس الحكومة نتنياهو موجود في هذه الساعات تحت التأثيرات المحيطة. وعللت ذلك بالقول إن ما حصل بالأمس كان نموذجا لما يمكن أن يحصل عند تمرير الانقلاب القضائي، وربما ليس هناك ضرورة لانتظار إقرارها، فنحن نعيشها اليوم، ونحن الآن في عمق تشكّل النظام الجديد الاستبدادي.
وتحت عنوان: “هي الفوضى”، قال المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” يوسي فرطر: “هي الفوضى ولا توجد كلمة ثانية.. اليوم سيكون نصر الله وخامنئي والسنوار ومحمد الضيف يترقبون بفرحة ما يحصل للقوة العظمى في الشرق الأوسط، ويراقبونها وهي تطلق النار على قدميها، ومن ثم تتردد في إمكانية أن تطلق النار على رأسها أيضا”.
إلى ذلك، انضم العشرات من الضباط للمطالبة بإنهاء عقودهم في الجيش الإسرائيلي، فيما يفكر الجنود في الجيش النظامي بالخروج للتقاعد، بسبب الأجواء العامة.
ونقلت صحيفة “إسرائيل اليوم” عن أحد الضباط، قوله: “أخشى أن يتم اعتقالي خارج البلاد”. كما نقلت عن مصدر أمني كبير قوله إنه في هيئة الأركان العامة، يتحدثون عن إمكانية “تفكك الجيش”. وأضافت الصحيفة: “مسؤول أمني كبير جدا يحذر أيضا من أن عائلات الجنود يضغطون على الجنود لوقف خدمتهم العسكرية إن كان في الجيش النظامي أو الاحتياط”.
في المقابل، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن أعضاء في الائتلاف الحكومي، قولهم إنهم شعروا بصدمة كبيرة من قرار نتنياهو إقالة وزير الحرب، واعتبروا أن نتنياهو ارتكب خطأ إستراتيجيا. وقالت أيضا إن الجيش رفع حالة التأهب ودفع بتعزيزات بعد فقدان السيطرة داخل إسرائيل، وسط موجة عصيان في صفوفه.
وفي السياق، قال القنصل الإسرائيلي في نيويورك آساف زمير، إنه قدم استقالته احتجاجا على إقالة نتنياهو لوزير الحرب.
المصدر: القدس العربي
انتهى
تعليقك