ولد كنفاني في الثامن من نيسان 1936 في عكا، ورحلت عائلته إلى صيدا في لبنان بعد نكبة عام 1948، وانخرط في حركة القوميين العرب ودرس في المعارف الكويتية عام 1955، وفي هذه المرحلة كان يقرأ كتابًا كل يوم، وبدأ يكتب التعليقات السياسية في الصحف الكويتية بتوقيع "أبو العز"، ما لفت الأنظار إليه، ليكتب بعدها القميص المسروق أول قصصه القصيرة.
لقب كنفاني بـ(صاحب الأدب المقاوم) وكانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية، وأصدر حتى تاريخ استشهاده 18 كتابا، وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة ونضال الشعب الفلسطيني.
وفي أعقاب اغتياله تمت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة، وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات.
ومن أشهر رواياته: "رجال في الشمس" (1963)، و"ما تبقى لكم" (1966)، و"أم سعد" (1969)، و"عائد إلى حيفا" (1970)، و"من قتل ليلى الحايك؟" (1969).
أما مجموعاته القصصية، فهي: "موت سرير رقم 12" (1961)، و"أرض البرتقال الحزين" (1963)، و"عن الرجال والبنادق" (1968).
ومن أشهر الدراسات التي خلفها كنفاني: "أدب المقاومة في فلسطين" (1966)، و"في الأدب الصهيوني" (1967)، و"الأدب الفلسطيني المقاوم" (1968).
وترجمت معظم أعمال كنفاني الأدبية إلى سبع عشرة لغة، ونشرت في أكثر من 20 بلدا، وتم إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة. اثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين سنة 1972.
حصل كنفاني عام 1966 على جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان عن رواية ما تبقى لكم، ومنح وسام القدس عام 1990، ونال جائزة منظمة الصحفيين العالمية عام 1974، وجائزة اللوتس عام 1975.
التجربة النضالية
لم يكن كنفاني أديبا فقط، بل كان مناضلا من أجل قضيته فلسطين، وظهر التوجه المقاوم لديه منذ طفولته، ورافقه في كل أعماله الأدبية وحياته الشخصية.
انضم إلى حركة القوميين العرب وكتب في المجلات التي كانت تصدرها في دمشق والكويت، وبعد عام 1969 ازداد نشاطه السياسي فأصبح عضوا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد عرف عنه أنه لم يكن منضبطا في العمل الحزبي أو يشارك في الاجتماعات لكن دوره السياسي كان أساسيا، فقد ساهم في وضع الإستراتيجية السياسية والبيان التأسيسي للجبهة الذي أكد على أهمية العمل الفدائي والكفاح المسلح.
وفي سبتمبر/أيلول 1970 أجبرت مجموعة من الجبهة الشعبية ثلاث طائرات على الهبوط في مطار دوسن فيلد العسكري بمنطقة صحراوية في الأردن كانت سابقا قاعدة جوية بريطانية وقامت باحتجاز 310 رهائن للمطالبة بإطلاق صراح ليلى خالد والمعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل، وقد كان كنفاني في واجهة الحدث كونه المتحدث باسم الجبهة الشعبية حينها.
ومع بداية السبعينيات كانت بيروت بؤرة للحركات التحررية العالمية، وكانت لكنفاني علاقات شخصية بالثوريين العالميين في تلك الفترة.
الاغتيال
اغتيل كنفاني من قبل الموساد الإسرائيلي في 8 يوليو/تموز 1972 بانفجار سيارة مفخخة في العاصمة اللبنانية بيروت، وبحسب نتائج لجنة التحقيق التي شكلتها الجبهة الشعبية فقد نتج الانفجار عن عبوة ناسفة قدرت زنتها بتسعة كيلوغرامات وضعت تحت مقعد السيارة وانفجرت عند تشغيلها.
كان اغتياله نتيجة طبيعية لحياة مليئة بالثورة، فقد كان هذا متوقعا في كل لحظة. وكما كتب عنه كاتب، باحث ومفكر عربي أنيس صايغ "لقد طلب الاستشهاد بنفسه ولقد عمل له ولقد سعى إليه وذلك لأنه آمن به، آمن بأن العمل لفلسطين لا حدود له وأن المشاركة في حرب التحرير لا تكون من بعيد، وأن الكتابة الثورية (وهي مهنته وهوايته وقناعته ولذّته ومعاناته في آن واحد)، لا معنى ولا أثر لها إذا لم تتجسّد بالممارسة والسلوك اليومي، وأن الثورة لا تتحمل المواقف الوسط ولا المهادنة، ولا التأجيل، ولا الاستراحة، وأن الكلمة الثائرة لا تعرف المواربة، ولا الدبلوماسية، ولا التلفيق، ولا الاصطناع".
ولم يكن يليق بأمثاله الموت العادي، أرادوا بقتله قتل الروح الثورية والكلمة الإبداعية والوطن الكائن في جسد.
انتهى**3269
تعليقك