وبحسب اعتقاد الجنرال "احتياط تامير هايمن" أن قوة الکیان الإسرائيلي التكنولوجية والعسكرية ربما تمكنها من التعامل مع التحديات التكتيكية إلا أن نجاحها يحمل في طياته نتائج كارثية وقد يؤدي الى ضياع فرص استراتيجية لا سيما وأنها ستضعف قدرة هذا الكيان على البقاء والتعامل مع التحديات الاستراتيجية.
ويرى أن تهديد حزب الله اللبناني يختلف عن غيره من التحديات موضحا أنه تحدٍ ملموس وظاهر للعيان خلافا للتحديات الاستراتيجية التي تتسم بالضبابية.
ووفقا لما ذكر الجنرال هايمن فإن خطر الحرب مع حزب الله، يتعلق بكيفية تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع ما وصفها بـإستفزازات الحزب وكيفية إدارة حالة التوتر والحفاظ على ما أسماها بـمعادلة الردع ما يعني أنه خطر تكتيكي.
الخطر الايراني ...تكتيكيا و نوويا
اما على الصعيد الايراني فقد صنف هایمن التهديد الإيراني الى صنفين، الأول تهديد تكتيكي يتمثل بمحاولاتها الحثيثة لترسيخ وجودها ووجود حلفائها بالقرب مما یسمی بالحدود الإسرائيلية وهو ما یجد له الکیان الإسرائيلي حلا مؤقتا من خلال تبني سياسة المعركة بين الحروب.
واضاف بأن الصنف الاخر يعتبر التحدي والخطر الأكبر هو التهديد النووي والذي يمكّن إيران من الوصول الى عتبة دولة نووية رغم الصعوبات والضغوطات الخارجية دون أن يتوفر لدى الکیان الاسرائيلي أي حل للتعامل مع هذا التهديد.
وتابع الجنرال الإسرائيلي منوها بأن الاتفاق النووي كان يمثل حلا جيدا الّا أن حكومة نتنياهو السابقة شنت عليه حربا بلا هوادة، ونجحت في إقناع رئيس الإدارة الأمريكية السابق دونالد ترامب بإلغائه.
نجاح المقاومة الفلسطينية يشكل تحديا استراتيجيا
وواصل هايمن استعراض التحديات المعقدة، إذ جاء من بينها عمليات المقاومة الفلسطينية المتصاعدة في الضفة الغربية معتبرا ایاها تمثل تحديا تكتيكيا ومدعيا بأن الاحتلال الاسرائيلي يمكن التعامل معها لما یمتلكه من قدرات استخباراتية وعسكرية.
وفي المقابل نبه الى أن النجاح المؤقت بالضفة سيكون له تداعيات استراتيجية خطيرة بسبب انعدام أفق سياسي للحل، عدا عن ضعف السلطة الفلسطينية والخشية من تفاقم الأزمة بعد غياب محمود عباس عن الحلبة السياسية، لاسيما أن الاحتلال الإسرائيلي سیكون أمام معضلة السيطرة على مناطق الضفة، وما يترتب على ذلك من تحمل مسؤوليات إدارة الحياة المدنية لملايين الفلسطينيين عدا عن خطر الدولة ثنائية القومية.
العلاقة مع أمريكا مرهونة بإنسجامها مع الرؤية الامريكية
وبحسب هايمن تعتبر علاقة مایسمى بإسرائيل مع الولايات المتحدة عمودا فقريا وصمام امان لبقاء الكيان الإسرائيلي ،لذلك فإن أي ضرر أو تدهور في العلاقة معها سيكون له أثر على مكانة هذا الكيان وقدرته على التعامل مع التحديات.
وأوضح أن الخطر التكتيكي على العلاقة مع الولايات المتحدة جاء في ضوء ما شهده الشارع الإسرائيلي من خلافات حول التعديلات القانونية وما يترتب عليه من فقدان القاسم المشترك الذي يجمع بين الولايات المتحدة وحلیفتها عدا عن سياسة حكومة نتنياهو في مناطق الضفة، مستطردا الا أن الأمر يقتصر على خلاف بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو في هذه المرحلة، ما يعني أنه قد يتغير في مرحلة لاحقة، حال تغيرت الحكومة الحالية، واستُبدلت بأخرى تنسجم مع الرؤية الأمريكية.
ووفق الجنرال الإسرائيلي يبقي الخطر الاستراتيجي على العلاقة بينهما هو زيادة نفوذ التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي الذي يتبني رؤية مساندة للفلسطينيين ومعارضة لسياسة الکیان الإسرائيلي. أما فيما يتعلق بالحزب الجمهوري، فإن المؤشرات تدل على أنه سيتبنى سياسة الانغلاق والتركيز على حل المشاكل الداخلية التي تعاني منها الولايات المتحدة.
معضلة أخرى تطرق اليها هايمن وهي زيادة الانقسام داخل التيارات اليهودية في الولايات المتحدة بين التيار الليبرالي والتيار الأرثوذكسي وما قد يترتب عليه من تراجع الدعم لـلکیان الإسرائيلي.
تحدي الانقسام الداخلي والخلافات المتجذرة في عمق الكيان الاسرائيلي
وتحدث هايمن عن التعديلات القانونية التي تقودها حكومة نتنياهو، والتي استذكر بأنها فتحت الباب على مصراعيه أمام الخلافات المتجذرة بين مكونات المجتمع الإسرائيلي، إلا أنها تبقى حسب تصنيف هايمن في إطار التهديدات التكتيكية.
واعتبر أن هذه التعديلات يُمكن التغلب عليها حال التراجع عن التعديلات أو التوصل إلى تفاهمات، لكنها لن تمثل حلا للخطر الاستراتيجي ولن تعيد الأمور كسابق عهدها، وسيبقی جرح الخلافات قائما، بل أن الخلافات الطائفية والدينية والطبقية والثقافية والقومية ستزداد عمقا، خصوصا بعد أن تغلغلت إلى أهم مؤسسات الکیان الاسرائيلي وهو الجيش، وما يترتب عليه من زيادة الفجوة وانعدام الثقة بينه وبين المجتمع الداخلي.
انتهی**ر.م
تعليقك