اسئلة كثيرة طرحت نفسها بنفسها على الساحة السياسية والميدانية وضجت في قراءتها تحليلات مختلفة، واهم هذه الاسئلة اليوم كما يذكر المدير العام لوكالة الأنباء الايرانية (ارنا) في مقالته "طوفان الأقصى"؛ بأي ثمن؟|هي التالية" :ألم تعلم حماس عواقب هجومها على الكيان الإسرائيلي؟ فلماذا هاجمت؟، وما هو الدافع وراء عملية "طوفان الاقصى"؟ وهل ضحت الجمهورية الإسلامية الايرانية بشعب غزة من أجل أهدافها الإقليمية من خلال الترويج لحماس ووضعها في فوهة المدفع؟"
وللإجابة عن هذه الأسئلة،برأيي إن المقابلة الجريئة التي أجرتها "كريستين أمانبور" على شبكة "سي إن إن "مع سفير السلطة الفلسطينية في بريطانيا "حسام زملط" من أفضل المقابلات التي توضح كل هذا التساؤلات .
إن "حسام زملط" هوأحد الشخصيات المقربة جدا من محمود عباس وحركة فتح والسلطة الفلسطينية، مشيرا الى ان الأسلوب الذي تتبناه فتح يختلف تماما عن الأسلوب الذي تتبناه المجموعات الاخرى مثل حماس، وحزب الله لبنان، والجهاد الإسلامي، في مواجهة إسرائيل أو التعامل معها.
لنستذكر التاريخ ففي عام 1993 وبعد اتفاق أوسلو، سلمت على ضوئه حركة فتح سلاحها ووافقت على الاستيلاء ليس فقط على 47% من أراضيها وفقا لإعلان عام 1947، بل حتى على 22% من أرض فلسطين وفقا لاتفاقية عام 1967 كما التزمت بالموافقة على التعايش السلمي مع الكيان الإسرائيلي.
وفي أوسلو ايضا وقعت حركة فتح على هذه الورقة مذعنة بذلك للكيان الاسرائيلي بالسيطرة على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية والانسحاب من الصراع مع هذا الكيان.
إن حركة فتح مختلفة جدا عن غيرها تماما ،عن حماس والجهاد وحزب الله، الذين اعتبروا أساسا وجود الكيان الإسرائيلي غير شرعي مؤكدين على ان أرض فلسطين بأكملها ملك لهم ويجب عليهم محاربة هذا المحتل وتحرير الأرض.
وبطبيعة الحال، كان لهذه الفكرة أي الحوار والمصالحة أنصار في المنطقة ،بدءً من انورالسادات مصر ومرورا بالسعودية والأردن ووصولا الى تكتل بعض الدول الاخرى مع السعودية.ونتيجة لذلك و كلما دخلت فصائل المقاومة في صراع عسكري مع الكيان الإسرائيلي، كان هذا التكتل السياسي ورفاقه (صاحب فكرة الحوار) في المنطقة تنسحب وتلتزم الصمت أمام جرائم الاحتلال الاسرائيلي احيانا ، وفي احيان اخرى تنحاز حتى الى كيان الاحتلال لتقطع الطريق على فصائل المقاومة وتدفعهم بالقوة الى عملية السلام بأي شكل من الأشكال.
إن التاريخ يشهد على هذا التكتل السياسي حين وقف بجانب الكيان الاسرائيلي ولم يقدم الدعم لفصائل المقاومة سواء في حرب الـ 33 يوم مع حزب الله لبنان او حرب الـ22 مع حركة الجهاد الاسلامي وحماس .
إن "حسام زملط" يعد أحد الشخصيات الأساسية في تيار او تكتل السلام والمصالحة هذا، فهو كان ممثل حكومة الحكم الذاتي في أمريكا ومستشار محمود عباس والآن ممثلهم في لندن.اما الان وفي حين تشهد المنطقة كل هذه التحولات والتطورات ، نجد زملط نفسه يدافع بقوة عن تصرفات حماس سواء على شبكة سي إن إن أو في مقابلة مع بي بي سي.فلما هذا الدفاع ، وماهودافعه؟
لماذا تدافع حركة فتح عن عملية "طوفان الاقصى"؟
وبالطبع وبحسب قول زملط انهم لم يكونوا كحماس التي لم يتقبلوها ايضا ، بل اتوا ووقعوا اتفاق وصنعوا السلام مع الكيان الإسرائيلي.
وبالتالي ووفقا لتصريحات زملط ايضا ، ان الاحتلال الإسرائيلي لم يعطهم نفس نسبة الـ 22% من الأراضي المتفق عليها، علاوة على أنها تبني مستوطنات جديدة على نفس الأراضي كل يوم.
ليس هذا فقط، فقد حاصر الاحتلال الاسرائيلي غزة ليطوق الخناق على حماس وفصائل المقاومة وكان يعتقل الفلسطينيين يوميا ويقتلهم.
كذلك ، قال زملط ان امريكا لم تخلف بوعدها للكيان الصهيوني فلم تسمح ولو مرة واحدة بالتوصل الى إجماع في مجلس الأمن لاتخاذ قرار يدين هذا الكيان، بل كان يتقدم كل يوم ويدعمه الغرب ايضا.
هل لدى غزة ما تخسره؟
وتابع زملط إن غزة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة ، وصل اهلها الى مرحلة طفح الكيل فيها من سياسة واعمال الاحتلال الاسرائيلي اوصلتهم ايضا الى نقطة الغليان، فلماذا لا يقومون بعمل عسكري ضد الاحتلال.
واضاف زملط أن بعض الدول في المنطقة ادارت ظهرها لفصائل المقاومة واتجهت نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي ونتنياهو القمعيين اللذين ينتهكان معاهدات السلام.
ويقول زملط ايضا انه حتى محكمة لاهاي الدولية لم تنظر في شكوى حركة فتح ، وخلاصة الموضوع ان اهل غزة طفح الكيل بهم فلا يخيفهم شيء.
ولفت زملط ان إسرائيل قد ذهبت في قمعها الى حد أنها لم تترك مجالا لصمت أكثر الناس مسالمة وتسوية، حتى أن السعودية أثارت ذلك في بيانها.
لماذا تضع ايران حماس في فوهة المدفع؟
علينا الإشارة إلى كل هذه الاراء و الذي ذكرها سفير السلطة الفلسطينية في بريطانيا "حسام زملط" لأولئك الذين يقولون إن حماس لم تكن تعرف كيف سترد على الكيان الإسرائيلي، أو أولئك الذين يقولون إن الجمهورية الإسلامية الايرانية دفعت حماس الى تثبيت ميزان القوى في المنطقة لصالحها.
لا....وقصة "طوفان الأقصى" ليست قصة أي من هؤلاء
و حول "طوفان الاقصى"يجب القول أنه قرار أمة جابت كل الطريق، وصنعت السلام، وظُلمت، وتم تجاهلها، والآن انتفضت.
وقد تكون تداعيات هذه الانتفاضة مفيدة استراتيجيا للجمهورية الإسلامية الايرانية، لكن القرار كان بيد حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية.
الحقيقة هي ان اهل غزة سئموا من الظلم والقمع وانتفضوا،فهل من الممكن أن يُرى كل هذا الظلم الشديد السافر ولا يقال شيئا؟ ام انه يجب الجلوس في الزاوية وانتقاد انتفاضة هذه الأمة ضد الظلم اللانهاية له؟
" لا یحب الله الجهر بالسوء الا من ظلم."
انتهى**ر.م
* المدير العام لوكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)
تعليقك