الحكومة السويدية تتنصل من مسوؤلياتها بسبب الضغط الصهيوني غير العقلاني

طهران /27 كانون الاول/ ديسمبر/ ارنا- الآن، ومع هذه المقدمة التاريخية الطويلة نسبيا حان الوقت للاجابة عن الاسئلة المطروحة مسبقا حول طبيعة قضية المواطن السويدي المسجون في إيران، والذي تم اعتقاله بتهمة التجسس تحت غطاء دبلوماسي لجهاز المخابرات السويدية،و دائرة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي،فضلا عن صفته جاسوسا للكيان الصهيوني.

وازاء هذه القضية اعتمدت الحكومة السويدية سياسة الصمت على الرغم من مرور أكثر من 500 يوم على اعتقاله وما زالت مصرة على هذه السياسة، يمكن الاجابة عن هذه الاسئلة كالتالي:

1- لماذا دعمت الحكومة السويدية إسرائيل وسمحت بتنفيذ اعمال لها على يد مواطن سويدي في ايران؟

- تلعب الحكومة في السويد دورا شكليا ، اما السلطة التنفذية الوحيدة للخطط الأمنية المنبع هي الأسرة اليهودية والرأسمالية "فالنبرغ" والمنظمات السويدية ومراكز الفكر والأعمال والسياسة مثل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ( SIPRI) والدائرة الخارجية ومقرها وزارة الخارجية السويدية .

- يعتبر السويديون من أفضل الخيارات لتنفيذ خطط التجسس الصهيونية العالمية في إيران، وذلك لما يتمتعون به من سمعة الحياد وحسن النية في إيران، وبسبب دعم عناصر زمرة "خلق" الارهابية الذين يعيشون في السويد.

   2- إذا كانت ادعاءات إيران بشأن نشاط ومهمة "فلودروس" غير صحيحة، فلماذا لا تقدم الحكومة السويدية أسبابا ومستندات قوية لدحضها؟ لما التزمت الصمت  لفترة طويلة عن هذه القضية المهمة وحالة مواطنها ولم تبدي أي تحرك أو ردة فعل؟!

  - لانه كان يعمل لصالح الكيان الصهيوني بالوكالة وتحت غطاء الاتحاد الأوروبي، اجرى فلودروس أولى الاتصالات لتنسيق رحلته الى طهران مع شخص غير سويدي ثم ذكر سبب الرحلة للقاء صديق في السفارة السويدية في طهران، لكن خلال إقامته في إيران التقى ضمن جدول زمني ضيق مع وسائط الكيان الصهيوني في السفارات الأوروبية في طهران.ولذلك، وبما أن الحكومة السويدية لم تكن على علم بتفاصيل مهمة فلودروس، فإنها تتابع الأمر بالتنسيق مع أصحاب عمل فلودروس الأجانب، وفي الوقت نفسه تحاول الحفاظ على سرية سجلاته عن التعليم والخبرة العسكرية من خلال إدارة السجلات الشخصية المنشورة  لفلودروس.

3- لماذا لا تستجيب السويد لهذا الحجم من المطالب والمشاكل التي تواجه الجالية المسلمة في مختلف القضايا مثل قضية "حرق القرآن" وغيرها؟

-كانت السويد دولة ذات الديانة الرسمية للمسيحية اللوثرية منذ القرن السادس عشر عندما وصلت الملكية السويدية إلى السلطة، ولم يُسمح للمسلمين فعليًا بالعيش في السويد حتى القرن العشرين. لم تتح الفرصة لأحد المسلمين الأوائل في السويد للعمل والعيش في السويد حتى القرن السادس عشر.

وعام 1897 استقر اول مسلم  في السويد يدعى "إبراهيم عمر خليفة".ووفقا للمصادر التاريخية (الإسلام في السويد، سيمون سورغن فراي، 2018)، فأن أول المسلمين الذين وصلوا السويد كانوا تتار روسيا، ومع بداية القرن العشرين، هاجر المزيد والمزيد من المسلمين إلى هذه المنطقة، حتى وصل عددهم في عام 1930 إلى 15  شخصا.

ومنذ ذلك الحين، تسارع نمو السكان المسلمين في السويد حتى عام 1949، حيث اسسوا أول جمعية ثقافية اسلامية  في ستوكهولم تحت اسم "جماعة المسلمين". ومع نمو هجرة المسلمين إلى السويد، وصل عددهم الى 100 ألف نسمة بحلول عام 1980، ومع استمرار هجرة المسلمين إلى السويد، وخاصة من الشرق الأوسط، وصل عدد المسلمين السويديين الى 400 ألف نسمة عام 2005. وقد أعلن بعض الخبراء والمطلعين الرئيسيين على التغيرات التي طرأت على تعداد المسلمين في السويد أن عدد المسلمين الذين يعيشون في السويد يبلغ مليونا و22 ألفا و850 نسمة في آخر التقديرات. (الحاج حيدر إبراهيم مسؤول دعم المسلمين في مواجهة كورونا ومدير رابطة الجماعة الإسلامية في السويد، وكذلك زميل مجلس مدينة وبلدة يرفلا، نقلا عن الدكتور توبياس المحاضر في جامعة كارلستاد في السويد).

وفي القرن العشرين تمكنت السويد من أن تصبح إحدى الدول ذات القوة الاقتصادية والصناعية العالية بسبب بعدها عن أضرار الحرب العالمية الاولى والثانية واستغلال هذه الفرصة لتنمية الصادرات. ولكن مع انتشار الثقافة الأمريكية ،خاصة في القرن العشرين، كان معدل المواليد في السويد منخفضا جدا، ولم يكن من الممكن أن تمتلك السويد قوة عاملة شابة، ويرى المؤلف أنه على الرغم من رغبته الداخلية، اضطر إلى الدخول في سوق العمل، خاصة بين الشباب المسلمين. يشكل المسلمون في السويد عددا متزايدا من السكان في السويد بسبب إنشاء مؤسسة الأسرة وإنجاب الأطفال.

ويبدو أن السياسيين السويديين في حاجة ماسة إلى هذه القوى العاملة، لكنهم في الوقت نفسه يريدون تعطيل التماسك الديني والثقافي الإسلامي في السويد من خلال هجوم منظم على الثقافة والمعتقدات الإسلامية عبر خطة طويلة المدى في رأيهم. وفي المستقبل سيظهرون كدولة علمانية ستقيم كل الاحتفالات والمناسبات المسيحية وتبني عدة كنائس في كل حي جديد، لكنها ستوقف نمو المجتمع الإسلامي.

ويبدو أن السويديين يعتزمون التعامل مع المسلمين لتوصيل رسالة لأبناء الأسر المسلمة في السويد مفادها إذا أردت التقدم في المجتمع السويدي عليك أن تترك الشؤون الإسلامية. ويأمل السويديون أن يتمكن الجيل القادم من المسلمين في السويد من التناغم مع القيم الإسكندنافية، التي تتوافق بشكل كبير مع قيم الكنيسة الإنجيلية اللوثرية.

4- لماذا لا تراقب السويد بشكل جدي أوضاع مواطنيها في إيران؟

- يستخدم السويديون عموما "الدبلوماسية الصامتة" في المتابعات الدبلوماسية.وباعتبارها دولة تهيمن عليها العائلات اليهودية اقتصاديا، ليس لدى السويد خيار سوى اتباع إسرائيل.

- في السويد تسير الأمور بشكل منهجي وببرنامج مكتوب يتم تحديده لكل جهة حكومية. وفي عام 2014، وبعد حضور وفد اقتصادي سويدي كبير برئاسة رئيس وزراء السويد آنذاك" ستيفان لوفين"  بدا أن السويد تعتزم تحسين مستوى تعاونها الاقتصادي مع إيران بشكل كبير.ولكن مع زيادة نشاط الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران والمقيمة في السويد والمدعومة من الحركات الاستكبارية ،و وقوع احداث مثل اعتقال الايراني أحمد رضا جلالي في إيران في نيسان/ أبريل 2016 ،الذي بالمناسبة وضع العصا الإسرائيلية في عجلة العلاقات السويدية- الإيرانية ،و بعد تولي ترامب منصبه في 20 يناير 2017،توترت العلاقات السياسية بين إيران والسويد .

وعليه، وبدلا من الاعتذار عن الإجراءات المناهضة لإيران، حاول السويديون تحدي العدالة في إيران من خلال منح الجنسية الفورية لأحمد رضا جلالي وعندما لم يحصلوا على نتائج من هذا التهديد ، قاموا بإحتجاز الايراني "حميد نوري ،الذي دخل السويد بتأشيرة سياحية،بأبشع طريقة ممكنة بتوجيه من أجهزة المخابرات الصهيونية  كرهينة في 9 تشرين الثاني /نوفمبر 2019 .ويبدو أن السويد تسير في الاتجاه الخاطئ، وأن أفعالها ستكشف بشكل أكبر عن دورها بالتجسس للصهاينة لإيران.

5- ما هي المهمة الحقيقية التي اوكلت الى فلودروس في إيران؟

-تعد أجهزة التجسس التابعة للكيان الصهيوني هي الجهة الرئيسية التي تستخدم "فلودروس"، وعلى الحكومة السويدية الآن اتباع العملية التي رسمها الصهاينة واللعب على الأرض التي أعدوها لها. وفي الوقت نفسه، يحاول السويديون النأي بأنفسهم عن العواقب السلبية لهذا الاعتقال قدر الإمكان من خلال إدارة الأخبار المتعلقة بفلودروس، لأن الحكومة السويدية لم تفشل عمليا فقط في القيام بواجبها الأصيل في متابعة مصير مواطنيها، بل جعلت قضية فلودروس أكثر تعقيدا من خلال احتجاز بعض الإيرانيين كرهائن ووقعت بشكل متزايد في فخ الصهاينة.

6- هل ستنجح استراتيجية الصمت، وهل ستواصل السويد هذه الاستراتيجية الرامية إلى دفع الاتحاد الأوروبي الى الواجهة في هذه القضية؟

-السويديون هم سادة الدبلوماسية الصامتة وهم واثقون من تحقيق النتائج بهذه الطريقة. لأنهم إذا أرادوا متابعة قضية فلودروس بالضوضاء، فإنهم يعلمون أنه  بنشر المزيد من المعلومات ستصبح اساليب تدخلهم وبحثهم و دور الجواسيس السويديين في أداء المهام بالوكالة أكثر وضوحا للجميع، وهكذا سيتعرضون لضغوط مضاعفة بسبب تعريض حياة المواطنين السويديين للخطر من قبل مواطنيهم والحركات الشعبية والمستقلة داخل السويد. ومع ذلك، فإنهم سوف يستمرون في سياسة الصمت طالما استطاعوا ذلك، وبالطبع إلى الحد الذي لا يستطيعون فيه إبعاد أنفسهم عن الضغوط الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، سيطالبون إيران بكل غطرسة ووقاحة من خلال اتهامها باحتجاز مواطنيها كرهائن.

7- ماذا سيكون مستقبل هذه القضية؟ ما هو رد الحكومة السويدية على عائلة فلودروس كمواطن سويدي؟

يُعرف الشعب السويدي بالانطوائية فهو من حيث الثقافة والطبيعة شعب قليل الكلام والدردشة ومتكتم، ولكن يبدو أنه في حالة فلودروس فإن هذا الصمت والتكتم قد بلغ ذروته لكي يضطر الى مراعاة مصالح الصهاينة والرضوخ لضغوطهم. . لقد نشأ السويديون بطريقة تجعلهم بشكل عام يتمتعون بثقة كبيرة في قوة وكفاءة حكومتهم. في الخطوة الأولى، أخفت الحكومة السويدية قضية اعتقال فلودروس عن الشعب والرأي العام في السويد لأكثر من 500 يوم، وفي الخطوة التالية وبتوجيه من الكيان الصهيوني حاولت متابعة قضية فلودروس عبر الاتحاد الأوروبي لتجنب التبعات السلبية للقضية على المجتمع السويدي قدر الإمكان.

وحاول الاتحاد الأوروبي، وخاصة دائرة العمل الخارجي التابعة له تحت إدارة "جوزيف بوريل"، في البداية متابعة قضية فلودروس سرا من خلال الضغط الدبلوماسي على إيران. وبعد 500 يوم وبطلب قوي من فلودروس اضطر الى الإعلان عن أنه موظف في الاتحاد الأوروبي بعد النفي الأولي، لكنه حاول من خلال صمته عن الموضوع إبعاد أزمة التعرف على فلودروس واعتقاله في إيران عن أعين شعب الاتحاد الأوروبي الفضولية والقلقة. الشعب الذي لا يريد أن يكون الاتحاد الأوروبي ألعوبة في أيدي الصهاينة المكروهين من قبلهم،والتي أصبحت الكراهية للصهاينة أكثر وضوحا بعد الأعمال اللاإنسانية والوحشية للصهاينة خلال حرب غزة.

ان ظاهرة فلودروس الغامضة والمعقدة، باعتباره جاسوسا للكيان الصهيوني، تطلبت من الحكومة السويدية أن تكون تابعة تماما لهذا الكيان في متابعة أصغر الامور المتعلقة بهذه القضية، إلا أن الطلب القضائي قد صدر بحق هذا المتهم بتهمة التجسس لصالح الحكومة السويدية وجهاز الاتحاد الأوروبي والأهم من ذلك، التجسس ضد إيران لصالح كيان العدو الصهيوني قاتل الأطفال، ويجب على الحكومة السويدية أن تكون مسؤولة عن تصرفات مواطنها ولا يمكنها ان تتنصل من مسوؤلية حماية حياة مواطنيها وترضخ للضغط غير العقلاني والبلطجي الذي يمارسه الكيان الصهيوني.

انتهى**ر.م

تعليقك

You are replying to: .