وفي الـيوم الثاني عشر من فروردين عام 1358 الموافق في 01/04/1979 لبّى الشعب الايراني نداء مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني (رض) بمشاركته الحماسية والملحمية في استفتاء تاريخي حيث صوّت 98.2 % من الإیرانيين لصالح تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية المقدس في ايران.
ومنذ تأسيس هذا النظام وعلى الرغم من كل الصعوبات والمشكلات التي واجهها اثبتت الجمهورية الإسلامية الايرانية يوما بعد يوم انها ملتزمة أشد الالتزام بأصولها ومبادئها، وانها قوية مقتدرة بفضل شبابها المؤمن المدرك والمتعلم المثقف الزاخر بالحوافز.
وبهذا الاستفتاء التاريخي، اطاح الشعب الايراني بالنظام الملكي البهلوي الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة واستبدله في نهاية المطاف بالجمهورية الاسلامية في ظل مفجر الثورة الاسلامية آية الله العظمى الامام الخميني (رض).
ونتيجة لذلك استعاد الإسلام حياته وأثبتت إرادة الشعب الايراني الوطنية حريته في تحديد مصيره نازعة عنهم لباس القمع والتبعية مشعلة شرارة الأمل في قلوب المحرومين والمستضعفین على صعيد العالم.
وعلى الرغم من مؤمرات الاعداء المستمرة ،فقد تجاوزت مُثل الجمهورية الإسلامية وسياساتها المرتكزة على مناهضة الاستبداد والاستكبار ودعم المحرومين والمضطهدين في العالم تدريجيا الحدود الجغرافية وأصبحت شرارة الأمل لكافة الشعوب المتحررة والرافضة للاستكبار والغطرسة الغربية وعلى راسهم أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية.
وفي ظل ذلك فإن أعداء الإنسانية الذين لا يريدون اليقظة للشعوب وتمسكها بهويتها واستقلالها وحريتها،يسعون دوما لمحاربة الجمهورية الاسلامية الايرانية التي وبثقافتها اصبحت ملهمة الشعوب والانتفاضات المناهضة للإمبريالية في العالم.
وقد اوصى الامام الخميني (رض) حينذاك في بيان اعلان الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة الشعب الايراني المجید الذي أخذ حقه بدماء شبابه، ان يتمسّك بهذا الحق الغالي ويدرك قدره ويحافظ عليه، وبأن يحقق العدالة الإلهیة تحت لواء الإسلام ورایة القرآن بجهوده وتضحیاته.كما اكد على انه سيفني ما تبقى من عمره في خدمة شعبه ووطنه التي هي خدمة للإسلام ايضا متوقعا من أبناء الشعب الايراني أن یحرسوا بكل طاقتهم الإسلام والجمهوریة الإسلامیة.
كما طالب وحثّ على التخلص من آثار النظام الطاغوتي وجذوره الممتدة في جمیع شؤون البلاد، دون خوف من الغرب أو الشرق وبالاستناد إلى رؤية وإرادة مستقلة، وأن تعید صیاغة الثقافة ومراكز العدلیة وسائر الوزارات والإدارات بحلة إسلامية بعد أن كانت تدار وفق أسلوب غربي متأثر بالثقافة الغربیة، ولتجسد للعالم العدالة الاجتماعیة والاستقلال الثقافي والاقتصادي والسیاسي.
وفیما یلي، نصّ إعلان الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة من قبل الإمام الخمینی الراحل (رض) :
بسم الله الرحمن الرحیم
﴿وَنُرِیدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِینَ﴾1.
أبارك من الصميم للشعب الإیراني العظیم ما حققه، رغم القهر والاستخفاف الذي مارسه النظام الشاهنشاهي بحقه بإیحاء من المستكبرین.
لقد منَّ الله تعالى علینا فحطم نظام الاستكبار بیده المقتدرة التي تمثل قوة المستضعفین، وجعل من شعبنا إماما ورائدا للشعوب المستضعفة وقیض لكم ارثه الحق بإقامة الجمهوریة الإسلامیة.
إنني أعلن في هذا الیوم المبارك، یوم إمامة الأمة ویوم الفتح والظفر للشعب، أعلن قیام الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، وأعلن لعالم بأن لا سابقة لمثل هذا الاستفتاء في تاریخ إیران؛ بحیث توافدت الجماهير في مختلف أنحاء البلاد على مراكز الاقتراع بشوق ولهفة وعشق للإدلاء بآرائهم المؤیدة، وإلقاء النظام الطاغوتي فیي مزبلة التاریخ وإلى الأبد.
إنني أعرب عن تقدیري البالغ لهذا التلاحم الفرید الذي استجاب فیه الجمیع للنداء السماوي ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِیعاً﴾ وصوتت الغالبیة العظمى من أبناء الشعب، سوى حفنة من الكفار والمتمردین، لصالح اقامة نظام الجمهوریة الإسلامیة، وأثبتت بذلك للشرق والغرب نضوجها السیاسي والاجتماعي.
انني اهنئكم بإقامتكم حكومة العدل الإلهي عبر تصويتكم الايجابي لصالح الجمهوریة الإسلامیة، بعد دحركم للعدو الجبار وفرعون الزمان بفضل تضحيات شبابكم الشهداء الأبطال وما تحمله الآباء والأمهات من مشقات وعذاب لا یطاق.
مبارك لكم الحكومة التي ستنظر إلى الجمیع سواسية، مبارك لكم نور العدالة الإلهیة الي سیسطع على الجمیع بشكل متجانس، مبارك لكم غیث رحمة القرآن والسنة النبویة الذي سینزل على الجمیع دون اي تمييز.
مبارك لكم هذه الحكومة التي لا تنظر إلى اختلاف العنصر ولا تفرق بین الأسود والأبیض والتركي والفارسي واللّوري والكردي والبلوشي؛ فالجمیع أخوة والكرامة فقط وفقط في ظل التقوى والتفاضل بالأخلاق السامیة والأعمال الصالحة.
مبارك لكم هذا الیوم الذي ینال فیه كل أبناء الشعب حقوقهم المشروعة، ولا یفرق فیه بین المرأة والرجل أو بین الأقلیات الدینیة والآخرین في إجراء العدالة.
لقد دفن الطاغوت وسوف یدفن بعده الطغیان والاستبداد، وتم إنقاذ البلاد من أسر الأعداء الداخلیین والخارجیین والناهبین والسارقین، وأصبحتم الآن یا أبناء هذا الشعب الشجاع، حراس الجمهوریة الإسلامیة، أصبحتم مكلفین بحفظ هذا الإرث الإلهي بحزم واقتدار والحیلولة دون نفوذ فلول النظام المتعفن الذین یتربصون بنا، وأنصار اللصوص الدولیین وسراق النفط الطفیلیین.
انتم مطالبون الآن بتقریر مصیركم وعدم فسح المجال للانتهازیین بالانتقال إلى المرحلة المقبلة معتمدین على القوة الإلهیة التي تتجلى في الجماعة الموحدة، وباختیار مجموعة فاضلة وأمینة للانضمام إلى المجلس التأسیسي لإقرار دستور الجمهوریة الإسلامیة؛ وكما أدلیتم بآرائكم لصالح الجمهوریة الإسلامیة بعشق ومحبة، علیكم أن تصوتوا لصالح أمناء الشعب حتى لا یتاح للطالحین فرصة دخول هذا المجلس.
إن صبیحة الثاني عشر من "فروردین 1358" (1نيسان 1979)، هو الیوم الأول من حكومة الله واسمى أعیادنا الدینیة والوطنیة؛ وحريّ بأبناء الشعب أن یحتفلوا بهذا الیوم ویحیوا ذكراه، فهو الیوم الذي انهار فیه مجلس أعیان القصر الملكي الذي واصل 2500 عام من حكومة الطاغوت، ورحلت فیه السلطة الشیطانیة إلى الأبد وحلت محلها حكومة المستضعفین، حكومة الله.
أیها الشعب المجید الذي أخذت حقك بدماء شبابك، تمسّك بهذا الحق الغالي واعرف قدره واحفظه، وأقم العدالة الإلهیة تحت لواء الإسلام ورایة القرآن بجهدك وتضحیاتك. إنني أمضي الأیام المتبقیة من عمري في خدمتكم التي هي خدمة للإسلام، وإنني أتوقع من أبناء الشعب أن یحرسوا بكل طاقتهم الإسلام والجمهوریة الإسلامیة.
أطالب الحكومة بالتخلص من آثار النظام الطاغوتي وجذوره الممتدة في جمیع شؤون البلاد، دون خوف من الغرب أو الشرق وبالاستناد إلى رؤية وإرادة مستقلة، وأن تعید صیاغة الثقافة ومراكز العدلیة وسائر الوزارات والإدارات بحلة إسلامية بعد أن كانت تدار وفق أسلوب غربي متأثر بالثقافة الغربیة، ولتجسد للعالم العدالة الاجتماعیة والاستقلال الثقافي والاقتصادي والسیاسي.
أسأل الله تعالى ان يمن بالعزة والاستقلال على البلاد والأمة الإسلامیة.
والسلام علیكم ورحمة الله.
روح الله الموسوی الخمیني
انتهى**ر.م
تعليقك