وذكّرت المجلة بما قاله رئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، ومفاده أنّ الردع هو "السلاح الرئيس لإسرائيل، أي الخوف منا".
كما لفتت، في الإطار نفسه، إلى ما قاله وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، موشيه دايان، لدى حديثه عن الردع، ومفاده: "يجب أن يُنظر إلى إسرائيل باعتبارها كلباً مسعوراً وخطيراً جداً بحيث لا يمكن إزعاجه".
ولهذا السبب، بعد الهجوم على "إسرائيل" في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وُضعت في كيان الاحتلال "ضرورة وجودية غير مسبوقة من أجل إعادة بناء قوة الردع"، التي تضاءلت باطراد منذ انسحاب "إسرائيل" من لبنان في أيار/مايو عام 2000، بحسب المجلة.
استعراضات إسرائيلية فاشلة
وبما أنّ هجوم الـ7 من أكتوبر كان غير مسبوق، تبعه هجوم إسرائيلي كان لا بد أن يكون بنفس القدر على الأقل، فكانت "نوبة من العنف لا مثيل لها، من حيث النطاق والشدة".
وعلى الرغم من ذلك، فشلت الحرب على غزة، وفشلت كل استعراضات "إسرائيل" غير المسبوقة لقوتها العسكرية في غزة، والجهود المرتبطة بها في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، في استعادة الردع، كما أكدت "فورين بوليسي".
وأوضحت المجلة أنّ السبب الأساس لهذا الفشل هو أنّ "النصر العسكري الكبير" بالنسبة لـ"إسرائيل"، مثل إصابة حماس بـ"الشلل الحاسم"، لا يزال بعيد المنال.
في غضون ذلك، أثارت الهجمات العدوانية البرية التي شنّتها القوات الإسرائيلية إداناتٍ دوليةً، بينما أدت معدلات الخسائر المرتفعة إلى حدٍّ مثير للقلق، والتي كبّدتها المقاومة لـ"جيش" الاحتلال، إلى تفاقم المخاوف السابقة بشأن ضعف القوات البرية.
حزب الله يهين الردع الإسرائيلي
"فورين بوليسي" أكدت أنّ أياً مما سبق "لم يوصل رسالة قوة إلى أعداء إسرائيل"، وخاصة إلى حزب الله، في إشارة إلى أنّ العكس هو الصحيح، حيث يظهر الضعف وتأكّل الردع لدى الاحتلال.
وأشارت المجلة إلى أنّ حزب الله و"إسرائيل" خاضا "تصعيداً مدروساً لتبادل إطلاق النار" على طول الحدود اللبنانية - الفلسطينية، منذ بدء الحرب على غزة، بينما أثبت الحزب أنّه متضامن مع الفلسطينيين، مع إبقاء التوترات دون عتبة معينة.
علاوةً على ذلك، تمكّن حزب الله من تقييد جزء كبير من القوات البرية لـ"الجيش" الإسرائيلي في الشمال، من دون الدخول في حرب واسعة النطاق، كما أضافت المجلة.
إضافةً إلى ذلك، دفع حزب الله أكثر من 80 ألف مستوطن إسرائيلي إلى مناطق بعيداً من الشمال، بدلاً من أن ينسحب هو إلى شمالي نهر الليطاني، كما تريد "إسرائيل".
وأكدت المجلة أنّ حزب الله فرض الشروط الاشتباك الخاصة به، من خلال إنشاء منطقة عازلة داخل "إسرائيل"، ما أجبر "إسرائيل" على القيام داخلياً بما لم يتمكن "القرار 1701" من إرغام حزب الله على فعله، أي الانتقال بعيداً من جنوبي لبنان.
وبفرضه شروط الاشتباك الخاصة به، وجّه حزب الله "إهانةً خطرةً للردع الإسرائيلي"، حتى إنّه دفع اللواء في الاحتياط بـ"الجيش" الإسرائيلي، غيرشون هكوهين، إلى وصف سلوك "الجيش" في الشمال بـ"المحرج"، وفقاً لما أوردته "فورين بوليسي".
ونقلت المجلة عن هكوهين قوله إنّ حزب الله "يرهن كل ما سيحدث في المستقبل بإنهاء الحرب في قطاع غزة"، أي أنّ حزب الله "في الواقع هو من يقرّر حالياً ما إذا كانت الحرب ستتوقف أم لا"، على حدّ قوله.
استهداف القنصلية الإيرانية كشف حدود العمليات الإسرائيلية
بينما سعى نتنياهو لتصعيد الضغط عبر استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، كشف القصف، "عن غير قصد" حدود نطاق العمليات التي يمكن أن تقوم بها "إسرائيل"، وقدرتها العسكرية، وإفلاتها من العقاب، لا حدود الصبر الإيراني فحسب، بحسب المجلة.
ووفقاً لها، فإنّ هذه هي عوامل من المرجّح أن تؤدي إلى تفاقم المشكلة بالنسبة لـ"إسرائيل"، وسيكون لها "تداعيات خطرة على تصوّر إسرائيل للتهديد على المدى الطويل".
ويبدو رد "إسرائيل" على الانتقام الإيراني "مخيباً للآمال للغاية"، سواء من حيث الجوهر أو العرض المسرحي، وذلك على النقيض من إيران، التي نقلت نواياها من خلال قنوات مختلفة، بما في ذلك الأمم المتحدة، ليبدو الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني مفككاً ومفتقراً إلى الوضوح، وفقاً لـ"فورين بوليسي".
وفي هذا الإطار، أشارت المجلة إلى أنّ حتى وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، "لم يستطع إلا أن يسخر من الضربة الإسرائيلية الفاترة"، واصفاً إياها بالمهزلة.
وبعد عقود من سيطرة العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية لمفهوم فريد من نوعه للردع، أو ما أشار إليه شارون بـ "خوف المنطقة من إسرائيل"، أصبح الحفاظ على هذا الخوف أكثر صعوبةً من أي وقت مضى، بعد أن حُفرت في وعي المنطقة صورة الرؤوس الحربية الإيرانية التي تحلّق فوق "إسرائيل"، بحسب المجلة.
وأمام كل ذلك، خلصت الصحيفة إلى أنّ "ما هو واضح هو أنّ محاولة إسرائيل لاستعادة أمنها لم تقترب من نهايتها بعد".
المصدر: الميادين
انتهى ** 2342
تعليقك