شن "جيش" الكيان الإسرائيلي غارة على مبنى في منطقة سكانية في ضاحية بيروت الجنوبية أسفرت عن استشهاد المسؤول العسكري في حزب الله فؤاد شكر، إضافة إلى عدد من المدنيين، وجرح أكثر من 70 شخصاً. وبحسب القناة 14 العبرية، فإن الهجوم تم بواسطة 4 مقاتلات من طراز F-35.
جاء الهجوم الإسرائيلي بعدما اتهم الاحتلال المقاومة اللبنانية بالوقوف وراء سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم في بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان السورية التي تحتلها "إسرائيل" منذ العام 1967، وأسفر عن وفاة عدد من الأطفال، وتوعّد الكيان بردٍ قاسٍ. في المقابل، نفى حزب الله مسؤوليته عن سقوط الصاروخ نفياً قاطعاً.
لا جدال في أن "إسرائيل" حمّلت المقاومة اللبنانية مسؤولية سقوط الصاروخ كي يكون ذلك مبرراً لها لاستهداف القائد فؤاد شكر بعدما حصل نتنياهو على الضوء الأخضر من الإدارة الأميركية لشنّ الهجوم على الضاحية الجنوبية عندما زار واشنطن مؤخراً.
وفي تعليقها على العملية العسكرية، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الهجوم الإسرائيلي على مناطق مكتظة بالسكان في بيروت. منذ حربها على القطاع، شنّت "إسرائيل" هجمات عديدة على أماكن مكتظة بالسكان من أجل اغتيال قادات المقاومة أو لتحرير الأسرى لدى حماس، ما أسفر عن استشهاد وجرح المئات من المواطنين الغزاويين. مثلاً، شنّت "إسرائيل" هجمات على مخيم النصيرات في خان يونس من أجل تحرير 4 أسرى كانوا موجودين لدى حركة حماس. وأدى الهجوم إلى استشهاد نحو 274 شخصاً، بينهم 64 طفلاً و57 امرأة و37 مسناً، وجرح أكثر من 698 آخرين، وقتل 3 من الأسرى.
وفي الشهر الماضي، شنّت "إسرائيل" هجوماً على مخيمات النازحين في منطقة المواصي في خان يونس، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 90 شخصاً، نصفهم من الأطفال والنساء، وجرح أكثر من 300 آخرين. وأعلنت "إسرائيل" أن الغارات على مخيم النازحين كانت تستهدف قائد الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف وقائد لواء خان يونس للحركة رافع سلامة.
وبعد المجزرة، خرج رئيس وزراء العدو بنيامين نتناهو ليعلن أنه غير متأكد من اغتيال محمد الضيف. ومؤخراً، أكد جيش الكيان اغتيال محمد الضيف في الضربة التي تمت على خان يونس الشهر الماضي. وردت حماس على ذلك بالقول إن تأكيد أو نفي استشهاد أي من قيادات القسام هو شأن قيادة كتائب القسام وقيادة الحركة.
إنّ اغتيال القادة العسكريين في منطقة مكتظة بالسكان يعد انتهاكاً لأحكام ومبادئ القانون الدولي الإنساني وجريمة حرب.
وبموجب هذا القانون، يجب على أطراف النزاع التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية وتوجيه عملياتها فقط ضد الأهداف العسكرية (المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف 1949).
كما يوجب القانون احترام مبدأ التناسب الذي يسعى إلى تجنب الآثار السلبية في النزاعات المسلحة، والحد من الضرر الناجم عن العمليات العسكرية، بحيث يجب أن يكون هناك توازن بين الضرورة العسكرية التي استوجبت الهجوم والأضرار التي تلحق بالمدنيين.
وحظرت المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول الهجمات العشوائية التي تسبب خسارة في أرواح المدنيين وضرراً بالأعيان المدنية بشكل يتجاوز ما يمكن أن يسفر عنه الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
وجاءت المادة 57 من البروتوكول نفسه لتلزم من يخطط لهجوم أو يتخذ قرار بشأنه أن يمتنع عن اتخاذ القرار أو يلغي أو يعلق أي هجوم إذا كان ذلك سيسبب خسارة في الأرواح البشرية وتدمير الأعيان المدنية أكثر مما يمكن أن يحققه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية. وبموجب المادة 85 من البروتوكول، فإن مخالفة هذه الأحكام تعتبر انتهاكا جسيما للبروتوكول وجريمة حرب سندا للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وقد استهدفت "إسرائيل" القادة العسكريين للمقاومة اللبنانية والفلسطينية في أماكن مكتظة بالسكان، إذ إن عملية اغتيال القائد فؤاد شكر تمت في منطقة حارة حريك، وهي منطقة مكتظة بالسكان المدنيين، وقريبة من مستشفى بهمن الذي تضرر من جراء العملية العسكرية، فضلاً عن أن الهجوم طال مبنى سكنياً يقطنه مدنيون، وليس هدفاً عسكرياً. واستهداف القائد العسكري للقسام محمد الضيف تم عبر قصف مخيمات النازحين المدنيين في منطقة المواصي، وتسببت الضربات باستشهاد وجرح مئات المدنيين، جلهم من الأطفال والنساء.
إضافة إلى دعم "إسرائيل" بالأسلحة، والضغط على الجهات اللبنانية لكي يوقف حزب الله هجماته ضد "إسرائيل" ويبتعد إلى ما وراء نهر الليطاني، مارست الولايات المتحدة الأميركية عبر آموس هوكستين، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن إلى لبنان، عملية تضليل وخداع، إذ أبلغ هوكستين المسؤولين في لبنان بأن رد "إسرائيل" على الصاروخ الذي تتهم تل أبيب المقاومة اللبنانية بإسقاطه في مجدل شمس سيكون خارج بيروت والضاحية، وأكد أن استهداف المطار أو الضاحية أو بيروت خط أحمر، ولكن تمت العملية العسكرية في الضاحية، وفي منطقة تعج بالسكان المدنيين.
لم يحقق نتنياهو نصراً أو إنجازاً باغتيال القادة العسكريين أو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لأنه لم ينجح في إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين بعد أكثر من 10 أشهر على بدء طوفان الأقصى، حتى إن رئيس الكيان الصهيوني قال إن "إسرائيل" لن تكون قادرة على القول إنها انتصرت حتى يعود جميع المختطفين إلى ديارهم. ومازال أهالي الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون لإتمام صفقة تبادل الأسرى مع حماس.
ما يسعى إليه نتنياهو ليس تحقيق النصر لـ"إسرائيل"، وإطلاق سراح الأسرى، واغتيال قادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، بل جر المنطقة إلى حرب إقليمية لا يريدها أحد سوى هو للبقاء في السلطة والحفاظ على مركزه السياسي، حتى لو كان على حساب تدمير المنطقة وإراقة الدماء.
المصدر: الميادين
انتهى**3269
تعليقك