وقال عبدالباري عطوان: البيان الذي صدر أمس عن غرفة عمليات المُقاومة الإسلاميّة في لبنان، والأول من نوعه منذ اغتيال سيد الشهداء حسن نصر الله، يؤرخ للانتقال إلى مرحلة جديدة هي الأخطر للمقاومة في لبنان، وربما في مناطق أخرى في دول عربية تحتضن أذرع المقاومة مثل اليمن والعراق وسورية والضفة والقطاع.
وأضاف: قبل الحديث عن طبيعة هذه المرحلة ومواصفاتها، والدور الذي ستلعبه في تغيير قواعد الاشتباك، وموازين القوى في المنطقة بأكملها، لا بد من التوقف عند عدد من النقاط الأساسية التي وردت في هذا البيان الذي جرى ترجمته ونشره باللغة العبرية:
أولا: الإشارة بكل وضوح إلى اتخاذ الجيش الإسرائيلي منازل مدنية في مستوطنات شمال فلسطين، وإقامة مراكز تجمع لضباطه وجنوده في عمارات داخل أحياء استيطانية في المدن الكبرى مثل حيفا وعكا وطبريا وصفد، ويستخدم هذه المراكز لقصف أهداف في العمق اللبناني، ووجه البيان تحذيرا للمستوطنين بعدم التواجد قرب هذه التجمعات العسكرية لجيشهم وإلا سيكونون هدفا مشروعا لصواريخ المقاومة في الأيام المقبلة.
ثانيا: التأكيد على أن جميع محاولات العدو للتقدم واختراق الحدود اللبنانية على عدة محاور قد فشلت جميعا بفعل صمود المقاومة وتصديها البطولي لهذه المحاولات، وإلحاق خسائر بشرية كبيرة وفي معدات الجيش الإسرائيلي والدبابات والمدرعات خاصة.
ثالثا: المقاومة استعادت زمام المبادرة وإعادة تنظيم صفوفها وهياكلها، وأحكمت خطوط التواصل بين دائرة صنع القرار والتنفيذ الميداني له.
رابعا: الحفاظ على إرث الشهيد نصر الله السياسي والعسكري، والتأكيد بشكل واضح على السير على نهجه، ومعاهدة روحه في البيان بأن لا يعود مستوطن إسرائيلي واحد إلى مستوطنات الشمال التي نزحوا منها للنجاة بأرواحهم من صواريخ المقاومة في إطار حرب الاستنزاف التي بدأت في الثامن من تشرين أول (أكتوبر) الماضي، وهذا العهد يأتي ردا على بعض الجهات في لبنان التي تروج بكثافة للفصل بين المقاومة اللبنانية وحرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة.
وقال عطوان إن الرسالة الأهم التي حملها البيان تؤكد بأن المرحلة المقبلة عنوانها الأبرز هو حماية المدنيين اللبنانيين باستهداف نظرائهم في المدن الكبرى في فلسطين المحتلة وخاصة حيفا وعكا وتل أبيب، وربما أيضا البنى التحتية الإسرائيلية المدنية والعسكرية، وما بينهما من منشآت ذات استخدام ثنائي مشترك مثل المطارات والموانئ، ومحطات الماء والكهرباء، ومنصات الغاز.
ولفت عطوان إلى أن الغارات الإسرائيلية على لبنان تراجعت حدتها بمجرد صدور هذا البيان، واستهداف صواريخ المقاومة ومسيراتها بيوت مدنيّة لجأ إليها العسكريون الذين استخدموا قاطنيها المدنيين كدروع بشرية، خاصة في مناطق حيفا وطبريا وتل أبيب وصفد.
وتابع قائلا: نتنياهو لن ينجح في تنفيذ وعده بإعادة المستوطنين إلى الشمال الفلسطيني المحتل، وما سيحدث هو العكس تماما بقصفه ونقله حرب الإبادة إلى لبنان، سيؤديان إلى مضاعفة أعداد هؤلاء، ونزوح عشرات، وربما مئات الآلاف من نظرائهم الجدد في المدن الكبرى فور وصول المسيرات الانقضاضية والصّواريخ إلى مدنهم، وهذا الوصول قد يكون وشيكا، وربما يتزامن مع الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي المتوقع.
وأضاف عطوان: حتى لا نتهم باللجوء إلى العموميات نضرب مثلا بمستوطنة كريات شمونة في شمال فلسطين المحتلة التي أصبحت خالية كليا من مستوطنيها الذين يزيد عددهم من 25 ألفا، وهربوا من صواريخ المقاومة التي أصبحت تهطل عليهم كالمطر، ولا ننس في هذه العجالة اعتراف العدو بحدوث حالات تسلّل لفدائيي كتائب الرّضوان إلى شِمال فلسطين المحتلة، وتحذير ما تبقى من المستوطنين باتخاذ الحيطة والحذر.
وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني أن الانتقال إلى المرحلة الجديدة التي تقوم على معادلة: المدني مقابل المدني، والميناء مقابل الميناء، والمطار مقابل المطار، ستكون ملزمة لكل أذرع المقاومة، وليست مقتصرة على المقاومة الإسلامية في لبنان فقط، وهذا أكثر ما يقلق الإسرائيليين ويرعبهم قيادة وشعبا إلى جانب عمهم الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع: الرسالة التي حملها رئيس البرلمان الإيراني "محمد باقر قاليباف"، اليوم إلى قيادة المقاومة في لبنان الذي قاد طائرته بنفسه إلى مطار بيروت، وكلفه بإيصالها قائد الثورة الإسلامية السيد "علي الخامنئي"، قد تكون حافلة بالتطمينات والدعم، والتوجيهات، والتأكيد على حتمية الرد الإيراني القادم على أي عدوان إسرائيلي متوقع، فاختيار هذا الرسول المحافظ المتشدد لحملها يحتوي على العديد من المعاني والإشارات.
وأضاف عطوان: لا نستبعد أن تكون المفاجأة الأكبر متمثلة في نجاة السيد "هاشم صفي الدين" خليفة سيد الشهداء نصر الله، والذي يحظى بتأييد إجماعي في أوساط قيادات وكوادر حزب الله، ولعل ظهور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني العميد "إسماعيل قاآني"، وتكريمه المتوقع بأرفع الأوسمة من قبل قائد الثوة الإسلامية فأل طيب، وتبديد لكل الشائعات المغرضة التي أطلقها الشامتون حول وفاته أو إصابته بسكتة قلبية، واحتجازه، وتأكيد على نجاة رفيق دربه السيد صفي الدين، وما علينا إلا الانتظار، فالأيام القادمة قد تكون الأخطر والأهم في تاريخ المِنطقة الحديث.
انتهى**3276
تعليقك