وقال خليل الحية في كلمة له: “ارتقى بطلاً شهيداً، مقبلاً غير مُدبر، مُمْتَشقاً سلاحه، مشتبكاً ومواجهاً لجيش الاحتلال في مقدّمة الصفوف، يتنقل بين كل المواقع القتالية صامداً مرابطاً ثابتاً على أرض غزَّة العزَّة، مدافعاً عن أرض فلسطين ومقدساتها، ومُلهماً في إذكاء روح الصُّمود والصَّبر والرّباط والمقاومة."
و نعت فصائل وقوى فلسطينية قائد حركة حماس الشهيد يحيى السنوار، مؤكدة أنه سجل في حياته ومماته علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني، وأن راية الشعب الفلسطيني ومقاومته لن تنحني.
قاتل حتى الرمق الأخير
وأقر جيش الاحتلال بإصابة أحد جنوده في الاشتباك المسلح مع الشهيد السنوار ورفيقيه. وصرّحت إذاعة جيش الاحتلال بأن الاشتباك مع السنوار وقع بتل السلطان برفح، وكان يرتدي سترة عسكرية ومعه قيادي ميداني آخر.
و أكد جيش الكيان الصهيوني ما جاء في كلمة خليل الحية و نشر مقطع فيديو، قال إنه للحظات الأخيرة للشهيد يحيى السنوار قبيل استشهاده، حيث بدا مصابا، وحاول القتال حتى الرمق الأخير.
ووفق الروايات التي قدمتها "معاريف" و"هآرتس" وغيرها من الصحف العبرية، فقد كان الشهيد السنوار في مبنى وصعد إلى الطابق الثاني، حيث أطلق جنود جيش الاحتلال قذيفة وألقوا قنبلتين يدويتين عليه وشغلوا طائرات بدون طيار.أظهرت المسيرة شخصا ملثما يجلس في الغرفة ويده مصابة بشكل بليغ ووجهه مغطى. أدرك الملثم أن الطائرة بدون طيار كانت تقترب منه، فأخذ قطعة من الخشب وألقاها في اتجاه المسيرة بغية إسقاطها، حينها أطلق الجنود قذيفة هناك.
وأظهرت الصور أن الشهيد السنوار ربط يده بسلك حديدي ليوقف النزيف ويواصل الاشتباك مع الاحتلال مستخدمًا يده الأخرى، قبل أن يجري استهدافه بقذيفة.
محاولات اغتيال سابقة
و كانت القناة "12" العبرية الخاصة قد كشفت أن جهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك" شكّل وحدة خاصة لاغتياله.
و نجا الشهيد السنوار من عدة محاولات إسرائيلية لاغتياله، منها محاولة في 11 أبريل/ نيسان 2003 بواسطة زرع جسم ملغم في جدار منزله بمدينة خان يونس جنوبي غزة، وأخرى في مايو/ أيار 2021 خلال الحرب الإسرائيلية الرابعة على غزة.
وخلال الأشهر الماضية، قال الجيش الإسرائيلي، مرات عدة، إنه يقترب منه، لكن المطلوب الأول في إسرائيل نجا في كل مرة.
الأكاذيب الصهيونية و الغربية حول المقاومة في فلسطين
وكان الصهاينة يروجون خلال عام من حرب الإبادة، أكاذيب ومزاعم حول قادة حماس و منهم الشهيد يحيى السنوار.كانوا يدعون بأن الشهيد السنوار اختبأ في الأنفاق ويتخذ من الأسرى الإسرائيليين دروعاً بشرية كما أنه يحمل حزاماً ناسفاً لتفجيره بالأسرى حال اقتربت القوات منه. کانوا یؤكدون أن السنوار كان يتعمّد تصدير شباب المقاتلين من القسّام إلى الواجهة، والنأي بنفسه داخل الأنفاق.
وقال رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، في خطابه الاحتفالي باستشهاد يحيى السنوار، أنه "اختبأ هاربًا"،بينما نشر جنود جيش الاحتلال صورا عن الموقف الذي استشهد فيه الرجل الكبير ، في وضع كان فيه جنديًّا بين جنوده، ومقاتلًا بين مقاتليه.
أصدر المكتب الإعلامي الحكومي غزة بيانا قال فيه “لقد مارس الاحتلال النازي الإسرائيلي الأكاذيب وحاول تضليل الرأي العام من خلال نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المفبركة والروايات الملفقة والفيديوهات المضروبة في كثير من المواقف، وفي كل موقف من المواقف يظهر كذب الاحتلال وتظهر الدعاية الصهيونية ودورها غير الأخلاقي وغير الإنساني المطلق في غدارة المعركة الوحشية أمام المدنيين والأطفال والنساء”.
وأضاف “على سبيل المثال قالوا عن السنوار إنه كان يختبئ في الأنفاق تارة، وإنه بين النازحين تارة أخرى، وإنه محاط بالأسرى لدى المقاومة تارة، وإنه يريد الهرب إلى مصر والنجاة بحياته تارة، ولكن في نهاية المطاف اكتشف العالم كيف يكذب الاحتلال ويحاول تضليل الرأي العام من أجل تنفيذ المزيد من الجرائم، خرج لهم السنوار مقاتلاً شرساً دوّخ الجيش الأمريكي والاحتلال في رفح وقتل منهم ما قتل وأثخن فيهم، حتى أصبحت الصورة التي تسربت عبارة عن صخرة حطمت أكاذيب الاحتلال المجرم”.
الصورة التي نشرها الصهاينة ليست ما كان يريدها كيان الاحتلال لنهاية يحيى السنوار، كان الصهاينة يريدونه أسيرًا في مشهد إذلال ، أو قتيلًا في نفق أو بين المدنيين أو في خيام النازحين ومراكز الإيواء. إلا أنّ الصورة التي نشرها جنود الاحتلال لغرض التفاخر والاستعراض، قطعت على مؤسسة الاحتلال القدرة على اصطناع صورة زائفة عن مقتل الرجل.
الفشل الاستخباراتي الأميركي – الإسرائيلي
وضع كيان الاحتلال الشهيد السنوار بعد عملية 7 أكتوبر على رأس قائمة أولوياته باعتباره المدبر والمخطط للعملية ليقصف منزله، وطالما توعّد قادة الحكومة الصهيونية بتصفيته.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد كشف في مقابلة بثتها شبكة "سي إن إن" الأميركية، في مايو الماضي، أنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بعد وقت قصير من هجوم السابع من أكتوبر، أن بلاده ستساعد "إسرائيل" على الإيقاع بزعيم حماس في غزة، يحيى السنوار.
وقال بايدن: "قلت لبيبي (نتانياهو): لا ترتكب نفس الخطأ الذي ارتكبناه في أميركا، سنساعدك في الوصول إلى السنوار".
إن العملية التي قتلت السنوار في النهاية لم تكن ضربة مخططة ومحددة الهدف و وفقا لما قاله الصهاينة، الشهيد السنوار لم يستشهد في عملية اغتيال تستند إلى معلومات استخباراتية، بل اسشتهد في موقع قتالي متقدم، حينما لاحظ جنود الاحتلال دخول ثلاثة فلسطينيين مسلحين منزلًا، فأطلقوا عليهم قذيفة دبابة، فلمّا حاول الجنود الدخول إلى المنزل ألقى عليهم الشهيد السنوار قنبلتين يدويتين واشتبك معهم، فاحتمى الجنود من جديد بقذائف الدبابة وبالطائرات المسيرة، التي قاتلها السنوار بما خفّ من العِصي والحجارة بعدما أُصيبت يمناه.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، إن القوات كانت تظن في هذه المرحلة أن السنوار أحد مقاتلي حماس، لكنها دخلت ووجدته حاملا سلاحا.
مما لا شك فيه هو أن الشهيد السنوار استشهد بطلًا في موقع قتاليّ متقدّم و الصدمة الكبرى لدى الاحتلال التي أثبتت فشل استخباراته واستخبارات العالم المشاركة في البحث عن الشهيد السنوار ومحاولات التنصت عليه، هي مكان تواجده وآليه ارتقائه.
و فشلت الاستخبارات الصهيونية، في ملاحقة الشهيد السنوار خاصة بعد السابع من شهر أكتوبر 2023 و هو كان في جغرافيا صغيرة ومحصورة ومنكشفة وتطبق عليها دبابات الاحتلال وطائراته وأجهزة رصده المعزّزة بالتقنيات كلّها التي يملكها الغرب وفي طليعته الولايات المتحدة الأميركية التي نشرت صحافتها مرّات كثيرة عن تكريسها جهودها الاستخباراتية والتكنولوجية لملاحقة يحيى السنوار.
دلالات استشهاد القائد السنوار في أرض المعركة
استشهد الشهيد السنوار في منطقة قتال خطرة و لم يهرب من غزة، قاد المفاوضات و هو كان يحمل بندقيته ، كشف أنه قائد وطني مخلص.
إن ارتقاء الشهيد السنوار في ميدان المعركة له عدة دلالات و منها، إن العملية في الحقيقة لم تكن تستهدف شخص الشهيد السنوار وإنما مقاتلين في ميدان المواجهة و أن القائد السنوار لم يكن كما يزعم الصهاينة في الأنفاق وما كان لديه أسرى وإنما فكان في قلب المواجهة في حي تل السلطان بمدينة رفح.
كان الشهيد السنوار يمتلك سلاحاً ويتنقل بين المباني يرصد الاحتلال وجنوده ليشتبك ويقاتلهم، كان يبحث عن الشهادة ويقبل عليها.
و أقر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن الجنود لم يكونوا على علم بوجود السنوار في المبنى حيث وقع تبادل إطلاق النار جنوب قطاع غزة.
وقال جيش الاحتلال إن قواته رصدت 3 أشخاص الأربعاء في حي تل السلطان غربي مدينة رفح جنوبي القطاع، وسرعان ما اندلع اشتباك مع هؤلاء الأشخاص دون تحديد هوياتهم، قبل أن تمسح طائرة مسيّرة إسرائيلية المنطقة.
وتظهر الصور التي نشرها جيش الاحتلال، السنوار وهو ملثم يجلس على أحد المقاعد ويلقي لوحا خشبيا نحو مسيّرة إسرائيلية دخلت إلى المبنى، قبل استهدافه بإطلاق قذيفة دبابة على المبنى.
لم يستشهد القائد السنوار بين المدنيين، أو في أماكن إيواء النازحين، ولم يكن محتميًا بالأسرى الإسرائيليين، كان في تلّ السلطان برفح لا في دير البلح ولا في خان يونس، كان الرجل العظيم فوق الأرض، بعتاده، في منطقة قتال و عجزت استخبارات الاحتلال و الاستخبارات الأميركية بكل ما لديه من العتاد و القوات عن الوصول إليه، أو تحديد موقعه طوال عام كامل.
كان الشهيد السنوار قائدا ذكيا تمكّن من تضليل استخبارات الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية عامًا كاملًا لينتهي به الأمر في موقع قتاليّ متقدّم دون أن يعلموا أنّهم يقاتلون القائد الكبير و البطل يحيى السنوار.
ما كان استشهاد السنوار أمرًا غير متوقع، بل كان المآل الراجح للرجل . ونقلت شبكة "سي أن أن" قبل اغتيال هنية أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، قال خلال تجمع مغلق عقد في يوليو الماضي بولاية أيداهو الأميركية إن "السنوار ليس قلقا بشأن وفاته".
انتهى
تعليقك