وقال "طارق المندلاوي" في مقال عن نشاط الجماعات الإرهابية في سوريا : منذ بداية الأزمة السورية قبل عقد من اليوم كانت الجماعات الإرهابية أداة أساسية في استراتيجية تفكيك الدولة السورية. ومع انتكاسة هذه الجماعات بفعل صمود محور المقاومة والتدخل الحاسم لحلفاء سوريا كروسيا وإيران، بدا أن هذه الورقة قد طُويت جزئيًا لكن إعادة تحريك هذا الملف اليوم لا يمكن قراءته بمعزل عن الفشل الإسرائيلي في كسر إرادة المقاومة الفلسطينية في غزة أو تغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله في لبنان.
وأضاف: نؤمن أن التطورات الأخيرة في سوريا تحمل رسائل متعددة الأطراف، إلى المقاومة الفلسطينية بأن استمرارها في فرض معادلات الردع في غزة لن يمر دون ضغط على حلفائها، وأبرزهم سوريا وإلى لبنان وحزب الله بأن تهديد الجبهة الشمالية لإسرائيل قد يُرد عليه عبر ضرب الاستقرار في العمق السوري، وإلى إيران ومحور المقاومة عمومًا بأن المواجهة المفتوحة لم تقتصر على فلسطين ولبنان، بل تمتد إلى قلب سوريا كمركز أساسي في هذا المحور.
وقال: واشنطن ومن خلفها إسرائيل تعي تمامًا أن أي محاولة لضرب محور المقاومة بشكل شامل تتطلب تشتيت جهوده. ولذلك، فإن إشعال جبهة الإرهاب في سوريا يأتي ضمن استراتيجية توزيع الضغط. لا يمكن هنا إغفال دور تركيا في دعم بعض الجماعات المسلحة لتحقيق مصالحها الجيوسياسية، خاصة في الشمال السوري، حيث تسعى أنقرة لتوسيع مناطق نفوذها.
واستطرد قائلا: الحرب على غزة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل أظهرت عجزًا استراتيجيًا إسرائيليًا في التعامل مع المقاومة. وفي الوقت ذاته، كشفت صلابة محور المقاومة الذي تعامل مع المواجهة كمعركة متعددة الجبهات، وهذا التحول فرض على إسرائيل وحلفائها البحث عن نقاط ضعف جديدة، وسوريا تعتبر الحلقة التي يمكن اختبارها مجددًا.
وتابع قائلا:إن تجدد النشاط الإرهابي في سوريا يهدد باستنزاف أمن غرب آسيا الذي ما زال يعاني من تبعات الوجود الامريكي الطويل كما يهدد أمن دول الجوار، مثل العراق ولبنان، التي تشترك مع سوريا بحدود طويلة ومعقدة. أي انهيار في الجبهة السورية سيعيد تصدير الإرهاب إلى هذه الدول، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الفوضى.
وأضاف: محور المقاومة، الذي أثبت فعاليته في التصدي للمخططات الأميركية الإسرائيلية في أكثر من ساحة، يدرك أن المعركة في سوريا ليست فقط معركة جغرافية، بل هي معركة وجودية تعني بقاءه كمنظومة متكاملة. إن التصعيد في سوريا سيقابله، بلا شك، رد مدروس على مستوى المحور، لأن معادلة الردع التي وُلدت في غزة ولبنان لا يمكن أن تنفصل عن دمشق.
وشدد: إن ما يحدث في سوريا ليس سوى امتداد لمخطط أكبر يهدف إلى إضعاف محور المقاومة وإعادة تشكيل خارطة المنطقة بما يخدم المشروع الأميركي الإسرائيلي. ولكن كما أثبتت السنوات الماضية، فإن الصمود الذي بدأ من دمشق مرورًا بغزة وصولًا إلى الضاحية الجنوبية، سيبقى قادرًا على إحباط هذه المخططات مهما تنوعت أدواتها. سوريا اليوم ليست وحدها، والمقاومة ستبقى حجر الأساس في الدفاع عن أمن غرب آسيا ومستقبله.
انتهی**3280
تعليقك