وأعلن كاظم غريب آبادي، نائب الخارجية للشؤون القانونية والدولية ، أن هذه الجولة من المحادثات ستعقد في 13 يناير في جنيف، لبحث القضايا وتحديد الأطر، ولا يزال من غير الممكن التنبؤ بالنتيجة.
وعقدت الجولة الأخيرة من المحادثات بين إيران والترويكا الأوروبية في جنيف في 9 ديسمبر. وقد خصص هذا اللقاء، الذي وصفه وزير الخارجية عباس عراقجي، بأنه "عصف ذهني"، لاستعراض آخر التطورات الثنائية والقضايا الإقليمية والبرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات. وفي النهاية اتفق الجانبان على مواصلة المسار الدبلوماسي رغم الخلافات والتحديات الجادة.
وأكد غريب آبادي الذي ترأس الوفد الإيراني مع نائب الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، في تصريح له بعد اللقاء: "نحن ملتزمون بقوة بالسعي لتحقيق مصالح شعبنا، ونفضل طريق الحوار والتفاعل". كما أُعلن أن هذه المحادثات ستستمر في المستقبل القريب.
في غضون ذلك، أعلن دبلوماسيو الدول الأوروبية الثلاث، من خلال نشر رسالة على شبكة التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقا)، استعدادهم لمواصلة مسار الدبلوماسية، كمؤشر على رغبة الجانبين في تخفيف التوترات في العلاقات الأخيرة المليئة بالتحديات.
*التحديات والعقبات في العلاقات بين إيران وأوروبا
تأثرت العلاقات بين إيران والترويكا الأوروبية بشكل كبير بسلسلة من القضايا المعقدة، بما في ذلك مزاعم تدخل إيران في حرب أوكرانيا، والخطوات التعويضية التي اتخذتها إيران في خطة العمل الشاملة المشتركة، وقلق أوروبا بشأن التطورات النووية الإيرانية، وفرض عقوبات جديدة والتهديد بتفعيل آلية الزناد snapback.
في 10 كانون الأول/ديسمبر، كررت الترويكا الأوروبية، ردا على تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول زيادة إنتاج إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪، مرة أخرى الادعاءات السياسية حول البرنامج النووي السلمي الايراني، وادعت ان اجراءات ايران افرغت الاتفاق النووي من محتواه دون الإشارة إلى الطرف الذي ادى بتقاعسه وعدم وفائه في تنفيذ الاتفاق النووي الى وصوله الى طريق مسدود.
وجاء في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للحكومة البريطانية "نحن قلقون للغاية من أن إيران زادت عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة وبدأت الاستعدادات لتركيب بنية تحتية إضافية للتخصيب. هذه الإجراءات ستزيد من قدرة إيران على التخصيب" لقد زعموا أن الخطوات التي اتخذتها إيران أدت إلى زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب دون مبرر مدني معقول، ودعوا إلى الوقف الفوري لهذه الاجراءات.
وفي رسالة بتاريخ 6 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت الترويكا استعدادها لتفعيل آلية الزناد (إعادة فرض العقوبات) في إطار قرار مجلس الأمن رقم 2231. وفي هذه الرسالة، طُلب من إيران تجنب "تكثيف" برنامجها النووي وتوفير المساحة اللازمة للتقدم الدبلوماسي. وزُعم أيضًا أن الدول الثلاث ستستخدم جميع الأدوات الدبلوماسية، بما في ذلك آلية الزناد ، لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
يذكر ان آلية الزناد هي عملية تسمح لأطراف خطة العمل الشاملة المشتركة بإحياء العقوبات المعلقة بموجب القرار 2231 في حالة نشوب خلاف. وقد حذرت جمهورية إيران الإسلامية أيضا من أن استخدام هذه الأداة سيؤدي إلى رد فعل إيراني حاسم وقد يغير العقيدة النووية للبلاد.
وأكدت إيران أنها تلتزم بالتفاعل البناء والدبلوماسية الهادفة، لكنها تعتبر أي تهديد أو استخدام لآلية إعادة فرض العقوبات امرا "غير بناء". وذكر أمير سعيد إيرواني، سفير ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، في رسالة إلى مجلس الأمن أن الدبلوماسية الهادفة تتطلب الاحترام المتبادل والالتزام بالتعهدات وأكد: أن إيران ملتزمة بالتفاعل بحسن نية واستكشاف كافة القنوات الدبلوماسية لمواجهة التحديات المشتركة.
من هذا المنطلق فإن الجولة المقبلة من اجتماع جنيف تعتبر فرصة مهمة لأوروبا لتبني نهج بناء بالنأي بنفسها عن طريق المواجهة وإظهار إرادتها لدفع المفاوضات وخفض التوترات. فهل ستتمكن الدول الأوروبية الثلاث من اتخاذ خطوة عملية نحو بناء الثقة وإحياء الدبلوماسية؟ الجواب على هذا السؤال سيحدد الاتجاه المستقبلي للعلاقات بين إيران وأوروبا.
وإذا كان لا بد من مواصلة الدبلوماسية، فإن الوقت محدود أمام الترويكا لاتخاذ قرار، خاصة في مجال المفاوضات النووية. قرار مجلس الأمن رقم 2231 يسري لمدة 10 أشهر اخرى فقط، ويبدو أن الدول الأوروبية الثلاث ليست على استعداد للتخلي عن أداة إعادة فرض العقوبات دون التوصل إلى اتفاق مع إيران. وهم يحاولون الضغط على إيران لقبول التهديد بآلية الزناد من خلال استغلال اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي هذا الصدد، في القرار المناهض لإيران الذي اقترحته هذه الدول الثلاث في الاجتماع الأخير لمجلس المحافظين، طُلب من رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، تقديم تقرير شامل عن حالة تعاون إيران مع الوكالة للاجتماع القادم في شباط/فبراير أو على أبعد تقدير في الربيع.
لقد تعاونت إيران دائما تعاونا كاملا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاقات الضمانات، لكن بعض القضايا الفنية التي أثيرت بدوافع سياسية وبتحريض من الكيان الصهيوني ، قد خلقت خلافات تأخر حلها وتسويتها بسبب العراقيل الموضوعة من قبل الأطراف الغربية.
وفي هذا الصدد، في الاجتماع الأخير لمجلس المحافظين، حاول سفراء الدول الأوروبية الثلاث، من خلال الجمع بين قضايا الضمانات والخطوات التعويضية التي اتخذتها إيران في خطة العمل الشاملة المشتركة، إخفاء عدم وفائهم في تنفيذ الاتفاق النووي وإظهار التقدم النووي الايراني على انه يشكل تهديدا للمجتمع الدولي.
لذلك، إذا كانت محادثات جنيف تعني خطوة حقيقية نحو الدبلوماسية، فإن الاجتماع المقبل قد يكون أفضل فرصة للتوصل إلى اتفاق حول كيفية بدء المفاوضات.
وقد اكد وزير الخارجية الايراني، في تصريح له على أهمية الحلول السلمية لمنع تصعيد التوتر والحفاظ على الأطر الدبلوماسية، واعلن ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية على استعداد تام للدخول في مفاوضات مشرفة على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وفي إشارة إلى الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، قال عراقجي: لا نرى أي عائق أمام مشاركة الآخرين في هذا المسار" وأضاف: "حتى بعد انسحاب أمريكا من المفاوضات، لم تترك إيران طاولة المفاوضات أبدًا وكانت دائمًا مستعدة لإجراء محادثات مشرفة على أساس الاحترام والمصالح المتبادلة".
انتهى ** 2342
تعليقك