وتعكس وقائع وأحداث الجولة السابعة من تبادل الأسرى التي جرت امس السبت أُمورا على درجة عالية من الأهمية أبرزها تفوق كتائب القسام والعقول الخارقة فيها في الإدارة والتنظيم والدهاء السياسي والإعلامي والأهم من كل ذلك حالة الثقة التي تسود قياداتها وتؤكد كسبها "معركة العقول" جنبا إلى جنب مع الانتصار في الميادين والامواجهات العسكرية أيضا.
وقال الكاتب والاعلامي الفلسطيني والخبير بشؤون الشرق الاوسط "عبد الباري عطوان": بعد أكثر من 500 يوم من الصمود والإنجازات العسكرية والاستخبارية الضخمة، تبين صفقات التبادل هذه بشكل جلي أن قوة هذه الكتائب الميدانية والتنظيمية ما زالت عالية جدا، وعلى عكس ما كان يراهن عليه العدو، أي الضعف والانهيار ونفاذ الذخيرة والتعب والانقسام ولعل أبرز ما كشفته جولات التبادل السبع، سيطرة الكتائب المحكمة على قطاع غزة وإفشال جميع مخططات العدو، سواء في التهجير أو تفريغ الشمال من سكانه لاستبدالهم بالمستوطنين، ونهب الغاز وتحرير الأسرى بالقوة العسكرية ورضوخ نتنياهو المذل والمهين لشروطها بالكامل، فغزة ليست صفقة عقارية وإنما أسطورة عسكرية وسياسية.
وتابع:نشرح أكثر ونقول أن نقل الأسرى من أماكن احتِجازهم تحت الأرض وفوقها، إلى مواقع إفراج مختلفة، طوال الجولات السبع، مرة في غزة، وأُخرى في خان يونس وثالثة في جباليا ورابعة في النصيرات وخامسة في رفح وسادسة في دير البلح، (مسقط رأسي) دون أن يعرف العدو أسرار عمليات النقل هذه، أو أماكن الاحتجاز، وآلية الحركة وضبط الأعصاب، والنفس الطويل، وعدم حدوث أي خطأ في عملية الاستلام، كلها تعكس إنجازات ووجود عقليات إدارية تتسم بالعبقرية غير المسبوقة عربيا أو فلسطينيا، وتفوقا على العدو الذي يملك أحدث الأسلحة والرادارات، وأجهزة الرصد المتقدمة جدا عدة مؤشرات رئيسية يمكن استخلاصها من خلال رصد استراتيجية كتائب المقاومة المعدة جيدا، وتجسد ما ذكرناه سابقا حول هذا الدهاء السياسي والإداري والإعلامي والاستخباري الذي لا يوجد له مثيل في كتب الأكاديميات العالمية والمتخصصة:
أولا: في الوقت الذي يخسر فيه نتنياهو دعم معظم المستوطنين لأدائه الهزلي في معركة عمليات التبادل إلى جانب فشله العسكري والميداني وعدم تحقيق أي من أهدافه بغزوه وحرب إبادته في القطاع، يسارع أحد الأسرى لتقبيل رأس أحد كوادر "وحدة الظل" المسؤولة عن حماية الأسرى أمام جمیع كاميرات العالم عرفانا بالجميل واعترافا عفويا بالمعاملة الإنسانية الحسنة تطبيقا لقيم العقيدة الإسلامية السمحاء.
ثانيا: الذكاء الباهر في إعداد منصة تسليم الأسرى في جولة اليوم، مثل تزيينها بصور الشهيدين القائدين محمد الضيف ويحيى السنوار وفي الوسط صورة قبة الصخرة وفي الأسفل بنادق إسرائيلية غنمتها قوات المقاومة، جرى عرضها مقلوبة ومنكسة وحملت المنصة عبارة "نستطيع أن نغير مجرى التاريخ في رسالة حافلة بالمعاني لكل الإسرائيليين وداعميهم.
ثالثا: ظهور جميع الأسرى الستة في حالة صحية جيدة، ولياقة بدنية وروح معنوية عالية، الأمر الذي يعكس التغذية الجيدة والمعاملة الحسنة والرعاية الصحية المتقدمة على عكس الأسرى الفلسطينيين الذين كانت آثار التعذيب والتجويع واضحة عليهم بعد الإفراج عنهم.. هذه أخلاقنا وهذه هي أخلاقهم.
رابعا: الإفراج عن الأسير هشام السيد، العربي الأصل، دون مراسم احتراما لمشاعر فلسطينيي الداخل، رغم أنه ارتكب خطيئة كبرى بقتال أهله في صفوف العدو، إنها قمة كظم الغيظ والترفع عن الأخطاء وتثبيت مبدأ العفو عند المقدرة.
خامسا: الانتشار الأمني الجيد عالي التنظيم لقوّات القسام بملابس عسكرية نظيفة مرتبة ولياقة بدنية عالية.
المقاومة في غزة قادرة على تغيير مجرى التاريخ
وقال الكاتب والاعلامي الفلسطيني: نعم كتائب المقاومة في قطاع غزة التي هزمت نتنياهو وجيشه وأفشلت مخطط التهجير وضربت عرض الحائط بتهديدات ترامب وأجبرته على التراجع مهانا، نعم تستطيع أن تغير مجرى التاريخ مثلما كتبت على منصة التسليم لأنها بدأت عملية هذا التغيير فعلا بإطلاق عملية "طوفان الأقصى" التي غيرت كل المعادلات وأعادت القضية العربية الفلسطينية إلى الواجهة وكسرت أنف الغطرسة الإسرائيلية ونسفت أُسس المشروع الصهيوني من جذورها وتحقق حاليا حالة من الصحوة العربية والإسلامية شعبيا ورسميا التي بدأت تتبلور وتحل تدريجيا محل ثقافة الاستسلام.
وتابع:المقاومة انتصرت في حرب العقول، إلى جانب انتصارها في ميادين القتال وخاضت وتخوض، حرب تبادل الأسرى بنجاحٍ كبير ولم تتراجع مليمترا واحدا عن شروطها رغم الضغوط الهائلة عربيا ودوليا وإسرائيليا.
واضاف:ختاما نقول کنا نتمنی أن يكون معنا سيد الشهداء حسن نصر الله والشهيدان السنوار والضيف ليشاهدوا فصول هذه الهزائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية وقريبا جنوب لبنان "الجديد" ولكن أراد الله أن ينضموا ورفاقهم إلى قوائم العز والكرامة والأنبياء الصالحين حيث المكان الذي يليق بهم وتاريخهم ومكانتهم وقيادتهم وتضحيات شعوبهم ومِن المؤكد أن مشاركة الآلاف في "مهرجان" تشييع سيد الشهداء حسن نصر الله اليوم الأحد سيكون انعكاسا عفويا صادقا لما نقول.
إنتهى**
تعليقك