وخلال مشاركته في حفل افتتاح "منتدى حوار طهران"، استهل وزير الخارجة الايراني "عباس عراقجي" كلمته ،مشيدا بالسياسة التنموية للحكومة الحالية، قائلا: أتقدم بالشكر الجزيل لجميع الحاضرين على حضورهم القيّم، وخاصة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الموقر، الذي أنعش الدبلوماسية الإيرانية والإقليمية برؤيته التنموية".
وتابع عراقجي : اود ان أشيد بذكرى صديقي وزميلي القديم، الوزير الراحل الشهيد حسين أمير عبداللهيان، الذي يصادف ذكرى ارتقائه في هذه الأيام، إلى جانب الرئيس الراحل الشهيد السيد ابراهيم رئيسي، والوفد المرافق لهما.
وضمن استعراضه احداث العام الماضي على الساحة الدولية والسياسة الخارجية، اوضح عراقجي ان العام الماضي كان مصحوبا وللأسف بأحداث مريرة ومآسي إنسانية، لافتا الى انه في مقدمة هذه المآسي كانت اعتداءات وجرائم الكيان الصهيوني في غزة، معتبرا اياها مثالا واضحا وغير مسبوق على الإبادة الجماعية التي شهدها سكان العالم، وأحيانا بثوها على الهواء مباشرة، عبر شاشات التلفزيون أو في الفضاء الإلكتروني.
حرب غزة وانهيار المواثيق الأخلاقية والقانونية والسياسية
وبالاشارة الى تداعيات حرب غزة، لفت وزير الخارجية الى انه ومنذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، استشهد أكثر من ستين ألف فلسطيني في قطاع غزة؛ وكان العديد منهم من النساء والأطفال، بالاضافة الى تهجير الملايين من الناس ووضعهم تحت الحصار وفي ظروف المجاعة الكاملة.مضيفا انه من المؤسف أن العالم قد فشل في الرد بشكل مناسب ومسؤول على هذه الجريمة، علاوة على ان الصمت الثقيل وعدم التحرك من جانب القوى التي تعتبر نفسها مدافعة عن "الضمير الإنساني"، إلى جانب عجز المؤسسات الدولية عن احتواء هذه الكارثة، أمر صادم حقا ويشكل جرس إنذار عالمي.
وفي هذا السياق، رأى عراقجي ان الذي انهار أمام أعين الجميع، هو مجموعة من "المواثيق الأخلاقية والقانونية والسياسية" التي كان من المفترض أن تشكل أسس النظام العالمي، موضحا ان ما يحصل في الواقع ،هو انهيار أسس الالتزام الجماعي والمسؤولية عن السلام والكرامة الإنسانية والضمير العالمي المشترك، مؤكدا على أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.
لا ينبغي ان يظل مصير منطقتنا رهن قرارات وإرادة قوى خارجية
هذا، و قال وزير الخارجية الايراني ،ان قضية غزة قد اثبتت مرة أخرى أنه علاوة على عجز النظام الدولي، فإن مصير المنطقة لا يمكن ولا ينبغي أن يظل رهن قرارات وإرادة قوى خارجية، مضيفا ان ما يقدمونه اليوم باعتباره "واقع المنطقة" هو في الأساس انعكاس لسرديات وتصورات مُصممة بعمق وفقا لمصالحهم، والتي تحتاج إلى إعادة تعريف وإصلاح من داخل المنطقة نفسها.
منطقة غرب آسيا بحاجة إلى إعادة التفكير الجذري في تصورها لذاتها
وأكد عراقجي أن منطقة غرب آسيا بحاجة إلى إعادة التفكير الجذري في تصورها لذاتها،موضحا ان التركيز طويل الأمد على المنافسات التي تنبع من وهم التهديد الدائم، قد منع تشكيل تعاون فعال لحل المشاكل الإقليمية والعالمية ومهد الطريق للتدخل المدمر من قبل القوى الإقليمية الخارجية.
ورأى بأن الآن هو الوقت المناسب لتحويل هذا الواقع الزائف المصطنع والمفروض، وإقامة نظام حقيقي وأصيل ومرغوب فيه في المنطقة يعتمد على التفاعل والتفاهم والقيم المشتركة.
محاور السياسة الخارجية الايرانية الأساسية الثلاثة
وبيّن عراقجي الى انه وفي ظل هذه الظروف، حددت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في ظل حكومة الرئيس بزشكيان، مسار سياستها الخارجية على ثلاثة محاور أساسية، تتمثل في تعظيم التفاعل مع الجيران، وتوسيع التعاون مع القوى الناشئة ودول الجنوب العالمي، وإرساء التوازن في العلاقات مع أقطاب وكتل القوة العالمية في شرق وغرب العالم، مضيفا بأن سياسة ايران الخارجية تعتمد على التوازن والواقعية.
إيران وجيرانها على طريق التفاهم والتعاون والصداقة*
وتابع عراقجي انه ومنذ البداية، ركزت حكومة الرئيس بزشكيان على سياسة الجوار وتعمل على توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع دول المنطقة،لافتا الى ان إيران وجيرانها من الخليج الفارسي إلى آسيا الوسطى يتجهون نحو التفاهم والتعاون والصداقة بعد سنوات من الصعود والهبوط.
تسعى إيران إلى لعب دور فعال في تشكيل نظام متعدد الأقطاب
وبالاشارة الى أن توسيع العلاقات مع الدول الآسيوية والإفريقية وأميركا اللاتينية يشكل أحد الخطوط الرئيسية لسياسة ايران الخارجية،قال: إن عضوية إيران في مؤسسات مثل مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، فضلا عن تعميق التعاون مع الدول الإسلامية وأعضاء حركة عدم الانحياز، تُظهر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى إلى لعب دور فعال في تشكيل نظام دولي متعدد الأقطاب ومتوازن وعادل.
ومضى في القول مؤكجا على ان ايران حاولت دائما معالجة المخاوف الدولية المشروعة بشأن برنامجها النووي من خلال المشاركة والشفافية.
وتابع عراقجي: في نظرتنا للمنطقة، فإن أمن وازدهار كل دولة يرتبط ارتباطا وثيقا بأمن وازدهار جيرانها. وبناء على ذلك، فبدلا من الاستمرار في النهج الموجه نحو التهديد، من الضروري اعتماد نهج موجه نحو الفرص والسعي إلى الترابط الاقتصادي كأساس مستدام للسلام والاستقرار الإقليمي.
واعتبر عراقجي انه ينبغي إعطاء الأولوية لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثمارات المشتركة ونقل التكنولوجيا وتنفيذ مشاريع البنية الأساسية، من أجل توفير منصة للنمو الجماعي والتحسين الملموس في حياة الناس.
القضية الفلسطينية هي اهم قضية مدرجة على جدول اعمال المنطقة
ولفت عراقجي الى ان ارساء اسلام والامن في المنطقة لايحقق إلا من خلال المناقشة الصادقة والشاملة للقضية الفلسطينية كونها اهم قضية مدرجة على جدول اعمال المنطقة واسرعها.
وتابع ان ارض فلسطين تعاني منذ اكثر من سبعين عاما من الاحتلال والظلم وانعدام العدالة والحقيقة هي ان الكيان الصهيوني اصبح تهديدا مزمنا للسلام و الاستقرار في المنطقة بسبب الاحتلال والابادة والعنصرية وامتلاك اسلحة الدمار الشامل.
ايران تقترح حلا سلميا للقضية الفلسطينية
واضاف ان ايران تقترح حلا سلميا للقضية الفلسطينية وهو اجراء الاستفتاء الوطني بمشاركة جميع اهالي فلسطين منهم المسلمين والمسيحيين واليهوديين لاتخاذ القرار حول مستقبل هذه الارض.
وتابع: ان هذا الحل قائم على سيادة الشعب وهو حل شامل مستلهم من التجربة الناجحة من مكافحة التمییز العنصري في جنوب افريقيا و بامكانه ان يضع حدا لعقود من الاحتلال والعنصرية وانعدام العدالة ويمهد الطريق امام عودة اللاجئين الفلسطينيين وتشكيل دولة واحدة وشاملة في كافة ارض فلسطين التاريخية.
ايران لم ولن تبحث عن الاسلحة النووية
وفي معرض اشارته الى المفاوضات غير المباشرة بين ايران وامريكا، قال عراقجي: والى جانب القضايا الاقليمية، ان احد ابعاد السياسة الخارجية الايرانية هو موضوع البرنامج النووي الايراني السلمي والعقوبات الجائرة والاحادية المفروضة على الشعب الايراني من قبل امريكا.
واستطرد: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية وباعتبارها احد اطراف معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية وعلى اساس مبادئها الدينية والاخلاقية، لم ولن تبحث عن الاسلحة النووية وتلتزم بمبدأ عدم انتاج واستخدام اسلحة الدمار الشامل وانها تحاول دوما لازالة القلق الدولي ازاء برنامج ايران النووي من خلال التعاطي الشفاف.
ايران تلتزم بالدبلوماسية
وصرح عراقجي اننا ندعو الى اتفاق عادل ومتوازن ؛ الاتفاق الذي يأتي ضمن معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية والاحترام الكامل بالحقوق النووية ويضمن الغاء العقوبات بشكل كامل.
وتابع: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تلتزم بالدبلوماسية وتتوقع الغاء العقوبات الاحادية الجائرة التي تستهدف الشعب الايراني بشكل مباشر وتعتقد ان مثل هذا الاتفاق من شأنه ان يضمن مصالح الجانبين وسيسهم في تعزيز امن و الاستقرار والسلام المستدام في ا لمنطقة.
مستعدون لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع اوروبا
وقال وزير الخارجية ان ايران تستعد لفتح صحفة جديدىة في علاقاتها مع اوروبا عندما ترى هناك ارادة قوية ونهج مستقل من قبل الاطراف الاوربية مضيفا للاسف ان التركيز على الخلافات بدلا من النقاط المشتركة، حال دون استخدام فرص التعاون خلال السنوات الماضية ورغم ذلك اذا لدى اوروبا ارادة لازمة لاصلاح هذا النهج، ايران لا ترى مانعا لاعادة بناء الثقة وتعزيز العلاقات معها.
واكد ان اوروبا قادرة على لعب دور فاعل في مسار توسيع المنطقة واستقرارها من خلال تولي دور مسؤول وبناء.
انتهى**ر.م
تعليقك