جاء ذلك في تصريح لوزير الخارجية الايراني عباس عراقجي خلال مقابلة اجراها معه التلفزيون الايراني حول آخر التطورات في الوضع الدولي قبل انطلاق الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة في روما.
*دبلوماسية المحافظات
وأشار وزير الخارجية إلى أن أحد البرامج التي قدمت إلى البرلمان يوم التصويت على الثقة كانت فكرة دبلوماسية المحافظات، وقال: "هذه الفكرة نابعة في الواقع من تجاربي الطويلة في وزارة الخارجية، والغرض من دبلوماسية المحافظات هو استخدام قدرات محافظات البلاد، وخاصة الحدودية، لتوسيع العلاقات الخارجية. ويمكن لهذه المحافظات التعاون مع المحافظات المماثلة أو المؤسسات المقابلة عبر الحدود.
وأشار عراقجي إلى أن بعض المحافظات تنشط حاليا في العلاقات الخارجية على مستوى محدود، مؤكدا: "يجب توسيع هذا المستوى، وأعتقد أن العديد من القضايا في العلاقات الخارجية، خاصة مع الدول المجاورة، يمكن حلها بسهولة وسرعة أكبر من خلال العلاقات مع المحافظات، ولا داعي لجر كل شيء إلى العاصمة".
وأكد قائلاً: "بالطبع، السياسة الخارجية مسألة مركزية، واللامركزية في هذا الامر مرفوضة بأي شكل من الأشكال، الا ان هدفنا هو أن تشارك المحافظات وأعضاء البرلمان والمسؤولون المحليون في العلاقات الخارجية كأذرع لوزارة الخارجية في محافظاتهم. على سبيل المثال، يمكن إدارة العديد من قضايا الحدود، مثل تهريب السلع والاتجار بالبشر والتجارة غير المشروعة واعتقالات الحدود، بسهولة أكبر من خلال التفاعل المباشر بين المسؤولين من المحافظات على جانبي الحدود، ولا تتحول إلى مشكلة على المستوى الوطني.
وأضاف رئيس السلك الدبلوماسي: "هناك الكثير من الإمكانات الاقتصادية في المحافظات الحدودية التي يمكن إتاحتها للمحافظات المجاورة أو الدول المجاورة. وتتمتع بعض المحافظات بقدرات يمكن استخدامها خارج الحدود".
وأشار عراقجي إلى أننا خططنا لهذه الدبلوماسية ووضعناها موضع التنفيذ، وقال: "في الخطوة الأولى، خططنا لعقد أربعة مؤتمرات حول دبلوماسية المحافظات في أربعة اماكن من البلاد".
*الاتفاق النووي لم يعد فعالا
وقال وزير الخارجية بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة وإطار خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي): إن خطة العمل الشاملة المشتركة لم تعد فعالة، لكن هذا لا يعني أنها ماتت؛ بل إنه لم يتم تقويضه بالكامل بعد ومن الممكن احياؤه. ولكن حتى لو تم إحياؤه مرة أخرى، فلن يكون له نفس الفوائد بالنسبة لنا كما كان من قبل.
وقال عراقجي: فيما يتعلق برفع العقوبات فإن الاتفاق النووي يتطلب تغييرات جذرية. بسبب اجراءات الحظر الجديدة التي تمت إضافتها وأيضاً بسبب التصاميم التي وضعها الطرف الآخر في مجال الحظر. ومن ناحية أخرى، أصبح البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية الآن في وضع يجعل العودة إلى وضع خطة العمل الشاملة المشتركة مستحيلة عمليًا. نحن أكثر تقدمًا بكثير من المستوى المتوقع في خطة العمل الشاملة المشتركة. حتى برنامجنا النووي ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير قبل بدء مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة.
*ليس من مصلحة البلاد العودة إلى ظروف الاتفاق النووي
وأوضح: ليس من مصلحة البلاد بأي حال من الأحوال العودة إلى ظروف الاتفاق النووي. ولذلك، يجب أن يتم التخلي عن خطة العمل الشاملة المشتركة بطريقة ما، لأنها لم تعد تتمتع بإمكانية إحيائها بشكل فعال لنا. وبطبيعة الحال، فإن الاتفاق النووي لا يزال رسميا قائما، وباستثناء الاتحاد الأوروبي، لا يزال أعضاء آخرون حاضرين فيه، ولكل منهم قضيته الخاصة. ومع ذلك، فإن منطق الاتفاق النووي لا يزال قائما. ما هو منطق الاتفاق النووي؟ كانت الفكرة هي أن تتخذ إيران تدابير لبناء الثقة في إطار برنامجها النووي السلمي، وفي المقابل تقوم الأطراف الاخرى برفع الحظر.
وأوضح أن هذا هو المنطق الذي كان مقبولاً في تلك المرحلة، وقال: اتفقنا أيضاً على أننا لن نتنازل عن حقوقنا؛ وهذا يعني أن التخصيب سوف يستمر، ولكن إيران توافق على تنفيذ سلسلة من التدابير لبناء الثقة. على سبيل المثال، اتفقنا على حدود زمنية محددة، وإشراف أوسع، وشفافية أكبر بحيث يمكن لأي شخص أن يطمئن إلى أن البرنامج النووي الإيراني لا يسعى إلى تحقيق أهداف أخرى إذا كانت لديه شكوك أو مخاوف بشأن أهدافه. وفي المقابل ينبغي رفع الحظر. هذه هي الصيغة التي تم تنفيذها في خطة العمل الشاملة المشتركة، وفي رأيي هذه الصيغة لا تزال صالحة.
*لن نتراجع عن حقوقنا النووية
وأكد وزير الخارجية أنه لا يرى أي صيغة بديلة أخرى قابلة للتصور حقاً، قائلاً: إن نهجنا هو نفسه الآن؛ لن نتراجع عن حقوقنا ويجب أن يستمر برنامجنا النووي ـ بما في ذلك التخصيب ـ ولكننا في الوقت نفسه مستعدون لتبني تدابير بناء الثقة والشفافية وقبول مراقبة أوسع نطاقا، لأننا واثقون من الطبيعة السلمية لبرنامجنا.
*لا مانع لدى إيران في زيادة الرقابة والشفافية
وأشار وزير الخارجية إلى أن إيران لا مانع لديها في تطبيق المزيد من الرقابة وزيادة الشفافية، وقال: "هذه الشروط مقبولة بالنسبة لإيران ما لم يريدوا أن يفرضوا علينا أشياء تتعارض مع العرف وخارج الأطر الدولية المقبولة. ولذلك فإننا نواصل الإعلان عن استعدادنا لاتخاذ إجراءات الشفافية. وفي المقابل، نتوقع رفع الحظر الظالم المفروض على بلدنا.
وقال عراقجي ردا على سؤال وهو "هل هناك آليات مضمونة لرفع الحظر مقابل إجراءات بناء الثقة التي تقوم بها إيران؟" قال: "بطبيعة الحال، المفاوضات جارية لهذا الغرض؛ بحيث يُرفع الحظر ازاء إجراءات بناء الثقة التي نتخذها. وسنناقش بعد ذلك كيفية الحصول على الضمانات، وكيفية ضمان تنفيذ إجراءات الطرف الآخر بشكل صحيح وفي الوقت المناسب".
وأشار إلى أننا تركنا تجربة الاتفاق النووي خلفنا؛ وقال: "هناك شهدنا عدم التزام الطرف الآخر، ثم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. وهذه المرة، سوف نستفيد بالتأكيد من كل تلك التجربة لتصميم وتنفيذ أعمالنا بطريقة تتناسب مع التزامات الطرف الآخر، وبحيث نتمكن من الحصول على الضمانات اللازمة لها. ويرتبط هذا بكيفية تصميم الأطراف للخطوات المتبادلة أثناء المفاوضات. لم نصل إلى تلك المرحلة بعد، ولا تزال هناك خلافات جوهرية بيننا وبين الجانب الآخر. إن الجانب الأمريكي، كما صرح هو نفسه في مقابلات وتصريحات، يعارض بشكل أساسي التخصيب في إيران ويعتقد أن هذا النشاط يجب أن يتوقف تماما. إذا سعوا إلى تحقيق مثل هذا الهدف، فلن يتم التوصل إلى اتفاق بالتأكيد.
*لو أرادوا حرمان الشعب الإيراني من حق الاستخدام السلمي للطاقة النووية، فلن يكون هناك اتفاق
وقال رئيس السلك الدبلوماسي بصراحة: "إذا أرادوا حرمان الشعب الإيراني من حق الاستخدام السلمي للطاقة النووية، فلن يكون هناك اتفاق. ولكن إذا كان هدف الرئيس الأميركي، كما صرح مراراً وتكراراً، هو ضمان عدم تحرك إيران نحو امتلاك الأسلحة النووية، فإن هذا الهدف قابل للتحقيق تماماً. لأننا من حيث الاساس لا نسعى إلى امتلاك الأسلحة النووية. لقد واجهنا ظروفًا مماثلة في المفاوضات السابقة مع إدارة أوباما. لقد قاوموا قضية التخصيب لمدة أشهر، وأصررنا على مواقفنا، إلى أن وافقوا أخيرا على استمرار التخصيب في إيران.
وتابع عراقجي: "بالطبع، حتى بعد ذلك، حاولوا إدارة القضية بطريقة استعراضية ورمزية. على سبيل المثال، اقترحوا أن يتم التخصيب في سلسلة صغيرة وفي نقطة محدودة، وذلك ببساطة للقول إن إيران لا تزال تخصب اليورانيوم، ولكن على نطاق استعراضي. لقد عارضنا هذا النهج بشدة وتفاوضنا لمدة أشهر حول هذه القضية. لأننا لا نبحث عن التخصيب الرمزي، بل إن التخصيب الصناعي هو هدفنا - وهي العملية التي طورنا لها التكنولوجيا المحلية، ووفرنا المعدات والبنية الأساسية اللازمة، ونريد تحقيق ذلك على مستوى الصناعة الحقيقية. وأخيرًا، بعد أشهر من النقاش، وافقوا على هذه القضية.
*سنقف ضد مطالب أمريكا الاضافية
وقال: "في بداية المفاوضات ليس من غير المعتاد أن يطرح الجانب الآخر مطالب متطرفة. لقد كان الأمريكيون معروفين دائمًا بإسرافهم. لقد قاومنا هذه التجاوزات حتى الآن وسنستمر في المقاومة. ويبدو أن الجانب الأميركي يبرر هدفه المتمثل في منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية بحجة أن التخصيب قد يكون مقدمة لبناء الأسلحة النووية، وبالتالي فإن التخصيب لا ينبغي أن يكون موجودا. هذا المنطق خاطئ تماما. إذا كان الأمر كذلك، فيجب إغلاق جميع مصانع السكاكين، لأنها قد تُستخدم يومًا ما لأغراض غير مناسبة".
وأكد وزير الخارجية أنه لو كانت لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإرادة للحصول على الأسلحة النووية، لكانت قد اتخذت الإجراء اللازم حتى الآن. وقال: "أعلن هذا الأمر بصراحة ووضوح. لو كانت لدينا النية لبناء أسلحة نووية، لفعلنا ذلك الآن، لأننا نملك القدرة، ولكننا لا نريد ذلك. لأن فتوى قائد الثورة الاسلامية تتمثل بتحريم الأسلحة النووية، ولا مكان لهذه الأنواع من الأسلحة في عقائدنا الأمنية واستراتيجياتنا النووية. وتعود أسباب هذا الموقف أيضًا إلى قضايا جيوسياسية واعتبارات استراتيجية.
وقال عراقجي: "لقد أثبتنا عمليا أننا لا نسعى إلى الحصول على أسلحة نووية. ورغم أننا تعرضنا لعقوبات بسبب أنشطتنا في مجال تخصيب اليورانيوم وتحملنا سنوات من الضغوط الاقتصادية، فإننا لم نلجأ قط إلى إنتاج الأسلحة. لقد جرونا إلى مجلس الأمن، وأصدروا ضدنا قرارات بموجب الفصل السابع، واغتالوا علمائنا النوويين، وخربوا وفجروا منشآتنا ومراكز نووية لدينا، ولكن حتى في ظل هذه الظروف، لم نسع إلى امتلاك الأسلحة النووية ودخلنا في مفاوضات لإثبات حسن نيتنا.
وأشار وزير الخارجية إلى أننا دخلنا في مفاوضات لتثبيت حقنا الذي لا جدال فيه في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وتوصلنا إلى اتفاق على طول الطريق، وقال: "ومع ذلك، انسحب الجانب الآخر من هذا الاتفاق وأعاد فرض حظره. ورغم ذلك فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تتحرك بعد نحو بناء الأسلحة النووية. ولذلك، فإننا نملك سجلاً واضحاً يبين أن سياساتنا مبنية على مبادئ وأسس مقبولة بالكامل. لا مكان للأسلحة النووية في العقيدة الأمنية للجمهورية الإسلامية. لو كانت هناك إرادة للتحرك في هذا الاتجاه لكنا قد اتخذنا الإجراءات اللازمة حتى الآن.
*الدبلوماسية لا تتوقف أبدا بشكل كامل
وأكد وزير الخارجية أن المفاوضات والدبلوماسية ستستمر طالما شعرت الأطراف بإمكانية التوصل إلى حل، مضيفا: "الدبلوماسية لا تتوقف أبدا بشكل كامل. والآن، بوساطة عمان، بُذلت جهود، وطُلب منا المشاركة في جولة جديدة من المفاوضات، على أمل التوصل إلى حل. وأتذكر جيداً أنه في الجولة السابقة من المفاوضات كانت هناك قضايا اعتبرناها خطوطاً حمراء بالنسبة لنا، وفي الوقت نفسه أعلن الطرف الآخر عن خطوطه الحمراء.
وأكد عراقجي أن التخصيب هو قضية أكيدة ولن نتنازل عنها وقال: "لقد أكدنا هذا الموقف بوضوح في الماضي والآن، والجميع يدرك أن إيران لن تتوقف عن التخصيب. لذلك، فبمجرد أن يقبل الطرف الآخر هذا الواقع، يمكن للمفاوضات أن تستمر. حتى عودتهم إلى طاولة المفاوضات سنكون حاضرين ونقدم منطقنا".
وأكد أن التخصيب في إيران لا يمكن إيقافه، وقال: "قد يعلن الجانب الآخر في الاعلام خطوطه الحمراء كتكتيك تفاوضي لإجبارنا على التراجع، ولكن كما أجريت مقابلة مباشرة بعد تصريحاتهم وكتبت على تويتر في الوقت نفسه، "سيستمر التخصيب من قبل ايران مع أو بدون اتفاق"، لقد اعلنت موقف البلاد بوضوح. ولذلك، إذا أعلن الطرف الآخر عن موقفه، فإننا سنعلن أيضًا عن موقفنا دون أي تردد.
وأضاف رئيس الخدمة الدبلوماسية: "إما انه يجب كسر هذا المأزق، وإما ان يصل الجانب الآخر في نهاية المطاف إلى استنتاج مفاده أن وقف التخصيب في إيران غير ممكن وسيعيد النظر في مواقفه. على أية حال، المفاوضات مستمرة بنفس الطريقة. وغدًا علينا أن نرى ما إذا كان الطرف الآخر مستعدًا لإعادة النظر في مواقفه.
*وزير الخارجية العماني أصر على عقد جولة خامسة من المحادثات
وردا على سؤال حول إلى متى يجب أن نتصرف وفقا للعرف الدبلوماسي، بينما هم تجاوزوا الإطار الدبلوماسي، قال: "لقد شاركت هذه النقطة مع وزير خارجية عمان السيد البوسعيدي، الذي أقدر دوره الإيجابي في هذه العملية. فقلت له: "عندما أعلن الطرف الآخر عن موقفه في الاعلام، أعلنت أنا أيضًا عن ردي علنًا. فهل هناك حاجة لمواصلة المفاوضات؟ لكنّه قدم أسبابه وأصرّ على عقد جولة جديدة من المفاوضات. وبعد ذلك نقل تصريحات عن الجانب الآخر، وأخيراً قررنا المشاركة في هذه الجولة لنرى ما هي النتائج التي يمكننا تحقيقها.
وحول اللقاء بين مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ورئيس الشؤون الاستراتيجية في الكيان الصهيوني مع المفاوض الأميركي، قال عراقجي: "برأيي هذا ليس أمرا غريبا، ونحن لا نعتبر الولايات المتحدة والكيان الصهيوني منفصلين عن بعضهما البعض، ونعلم أنهما يتشاوران مع بعضهما البعض. لقد كتبت اليوم رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجاءت هذه الرسالة ردا على تقارير نشرتها شبكة CNN وبعض المواقع الإلكترونية، والتي أفادت بأن الكيان الصهيوني يستعد لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إذا فشلت المفاوضات. ادعاء مثير للسخرية تماما.
*حذرنا اميركا من تحرك الكيان الصهيوني ضد إيران
وتابع: "أكدت في هذه الرسالة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستدافع عن نفسها وهي مستعدة للرد السريع والحاسم. وحذرت أيضا من أنه إذا استمرت هذه التهديدات فإننا سنضطر إلى اتخاذ تدابير خاصة لحماية منشآتنا وموادنا النووية. ومن يحتاج إلى فهم ما المقصود بـ "التدابير الخاصة" سوف يفهم ذلك جيداً. وذكرتهم أيضًا أنه حتى لو قام الكيان الصهيوني باتخاذ إجراء ضد إيران دون مشاركة مباشرة من اميركا ، فإننا نعتبر اميركا شريكًا في هذا الإجراء. سواء كانت القوات الأمريكية متورطة أم لا. لن نصدق أبداً أن يخوض الكيان الصهيوني مغامرة بمفرده من دون التنسيق مع أميركا.
وفيما يتعلق بتكتيكات التفاوض التي يتبعها الجانب الآخر، قال وزير الخارجية: "هذه أدوات ضغط لكسب النقاط في المفاوضات. ومن الممكن أن تكون اللقاءات بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تهدف إلى تعزيز التنسيق أو السيطرة على سلوك الكيان الصهيوني. لأن هذا الكيان عارض عملية التفاوض منذ البداية، وفي الأشهر الأخيرة بذل قصارى جهده لدفع الولايات المتحدة نحو الحرب مع إيران وجر المنطقة نحو صراع واسع النطاق. وقد رفض الأميركيون حتى الآن الوقوع في مثل هذا الفخ. ومن الممكن أن تكون هذه اللقاءات من أجل الحوار أو التنسيق أو السيطرة على السلوك الصهيوني. بالطبع هذه القضية لا علاقة لنا بها ولا نهتم بها. ومن المؤكد لنا أنهم في وئام مع بعضهم البعض.
وذكّر عراقجي: نحن نتفاوض مع أميركا، بطبيعة الحال بشكل غير مباشر. لدينا أهدافنا ومواقفنا وأساليبنا، وسوف نستمر في هذا المسار الدبلوماسي طالما أن الطرف الآخر يستطيع المواكبة ويقبل مواقفنا.
*اوروبا خارج دائرة التفاوض بين ايران واميركا
وشرح وزير الخارجية سلوك الأوروبيين في المفاوضات والتهديد باستخدام آلية الزناد "سناب باك" وآثار تطبيقها وقال: "الأوروبيون خارج الدائرة عملياً تماماً وليس لهم أي دور في المفاوضات التي تجري بيننا وبين الولايات المتحدة. وبالمناسبة، نحن الذين نجتمع معهم في بعض الأحيان لنشرح لهم ما يحدث، وعلى حد علمنا فإن الأميركيين لا يفعلون هذا مع الأوروبيين. ولذلك، ليس للأوروبيين دور خاص من الناحية التفاوضية، رغم أن إيران ستواصل مفاوضاتها مع أوروبا.
*لو تم تنفيذ آلية الزناد سيدخل نظام حظر الانتشار النووي في أزمة
وقال أيضا بشأن تفعيل آلية الزناد (سناب باك) من قبل الأوروبيين: "في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام، يمكن للدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا والمانيا وفرنسا) تفعيل آلية الزناد (حل النزاعات في خطة العمل الشاملة المشتركة) بطريقة تعيد العقوبات السابقة وقرارات الأمم المتحدة السابقة. هذا صحيح، وقد دفعهم إلى الاعتقاد بأن لديهم أداة بين أيديهم يمكنهم استخدامها لإدخال أنفسهم إلى اللعبة. وأعتقد أن هذه الأداة ليست فعالة على الإطلاق بالنسبة لأوروبا، وكلما هددوا باستخدام آلية "سناب باك"، أصبحوا أكثر عزلة فيما يتصل بالقضية النووية الإيرانية.
وردا على سؤال عما إذا كان بإمكانهم تفعيل الآلية، قال: "ربما يستطيعون ذلك، ولكن أولا وقبل كل شيء، ليس الأمر وكأننا نتنازل عن حقوقنا لمجرد أنهم يقومون بتفعيل آلية سناب باك، وهذا الإجراء ليس له تأثير كبير. والنتيجة الوحيدة هي أنه منذ اللحظة التي يقومون فيها بذلك، فإن أوروبا سوف تفقد دورها بالكامل في العلاقات مع إيران. ورغم أنني لا أريد الخوض في التفاصيل، فإن الأوروبيين وغيرهم يعرفون رد فعلنا إذا تم تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات".
وأوضح وزير الخارجية أن إيران أكدت في السابق لدى حكومات مختلفة أنه في حال تفعيل آلية الزناد فإن نظام حظر الانتشار سيدخل في أزمة. وقال: "لا أريد الخوض في التفاصيل، لكن من المؤكد أن هذا النظام سيواجه أزمة جديدة قد تؤثر على أشياء كثيرة. ولذلك، إذا كانت أوروبا تريد أن تلعب دوراً في لعبة المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، فيتعين عليها أن تتخلى عن نهج المواجهة. لقد اتخذوا نهج المواجهة في سياستهم الخارجية منذ بعض الوقت.
*لا تحظى أوروبا بأولوية خاصة في السياسة الخارجية الإيرانية
وأشار عراقجي إلى عدم وجود أولوية لأوروبا في السياسة الخارجية الإيرانية، وقال: "في بداية الحكومة الرابعة عشرة (الحالية)، وفي برنامجي لمجلس الشورى الإسلامي وبناء على تعليمات قائد الثورة، أعلنت أن أولويتنا الأولى هي جيراننا، ثم الدول التي وقفت إلى جانبنا في الأوقات الصعبة. مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا. لن يكون لأوروبا مكان إلا إذا قامت بإصلاح سياساتها. ومنذ ذلك الحين، ليس لم يخففوا من سياساتهم فحسب، بل قاموا أيضاً بتكثيفها. ولذلك، إذا أرادوا أن يلعبوا دوراً، عليهم أن يتخلوا عن سياساتهم العدائية والمواجهة تجاه إيران.
وفي إشارة إلى اعتقال عدد من المواطنين الإيرانيين في بريطانيا، وصف رئيس السلك الدبلوماسي الأمر بأنه عملية غير مشروعة، وقال: "لقد تمت هذه الاعتقالات بناء على ادعاءات كاذبة. إن التحركات التي اتخذتها فرنسا وألمانيا خاطئة أيضاً، ونحن نراقب كل هذا عن كثب".
وأشار عراقجي إلى أننا سنجري مفاوضات منفصلة مع الأوروبيين، وإذا تفاوضوا بنهج قائم على حسن النية، فلن تكون لدينا مشكلة في الحوار، قائلاً: "لكن الأمر ليس كما لو أنهم يعتقدون أن آلية الزناد سيف مسلط على رؤوسنا وأنهم يستطيعون استخدامه لإجبارنا على تقديم تنازلات. إذا استخدموا هذا السيف سيرون عواقب ذلك.
*معظم اجراءات الحظر الرئيسية المفروضة على الاقتصاد الإيراني مرتبطة بالقطاع النووي
وفيما يتعلق بادعاءات المسؤولين الأميركيين بأن العقوبات غير النووية ضد إيران لن تُرفع، قال: "في الاتفاق النووي السابق، كان موضوع التفاوض هو البرنامج النووي الإيراني فقط، وبالتالي فإن رفع الحظر شمل فقط الحظر المتعلق بالبرنامج النووي. وقيل في ذلك الوقت أيضاً إنه إذا أردنا رفع الحظر الصاروخي، فلا بد من إجراء مفاوضات حول الصواريخ، أو حول المنطقة، وهو ما لم نكن نريده على الإطلاق. ولذلك فإن موضوع المفاوضات كان مقتصرا على البرنامج النووي، وكان رفع الحظر مقتصرا على الحظر النووي.
وتابع عراقجي: بطبيعة الحال، فإن جميع اجراءات الحظر المهمة تقريبًا ضد اقتصادنا مرتبطة بالمجال النووي: الحظر على النفط، والبنوك، والبتروكيماويات، والنقل، والموانئ، وما إلى ذلك. وحتى الآن، لم ندخل هذا المجال بعد بشكل دقيق ونحن الان في نقطة تحول مهمة. وإذا عبرنا هذا المنعطف على النحو الذي يناسب الجمهورية الإسلامية، فربما لن يكون بقية الطريق صعباً للغاية. إذا لم نتمكن من العبور منه ، سيكون هذا أمرًا مختلفًا. ولكن إذا عبرنا هذه الخطوة وتم حل قضية التخصيب كما نريد فإننا سوف ندخل في نقاشات حول الحظر؛ ما هي اجراءات الحظر التي يجب رفعها وكيف؟ ثم علينا أن ندخل في التفاصيل.
وقال: "في هذا الصدد، سنستند في قراراتنا إلى التوجيهات والاستراتيجيات التي أقرها المجلس الأعلى للأمن القومي، وكذلك القانون الاستراتيجي لمجلس الشورى الإسلامي، وبطبيعة الحال، سنأخذ في الاعتبار مصالحنا الوطنية".
*من السابق لأوانه الحكم على نتائج المفاوضات
وردا على سؤال وهو "هل ان الجولة الخامسة من المفاوضات قربت إيران من الاتفاق أم لا؟" قال: "من السابق لأوانه الحكم الآن، وغداً سيكون الأمر أكثر وضوحاً بشأن ما إذا كان قد تم تحقيق أي تقدم أم لا. وفي مرحلة ما، تقدمت المناقشات إلى النقطة التي شعر فيها أن المناقشات بين الخبراء قد تساعد. وتمت إضافة خبراء، وتم تبادل وجهات النظر، وإن كان بشكل غير مباشر، ولكن تم تبادل الأسئلة المكتوبة بين الجانبين. أصبحت المواضيع أكثر وضوحًا بعض الشيء، لكننا لم نصل إلى مرحلة كتابة النص حينها، ولا نصل إليها الآن. ومع ذلك، كان هناك حاجة إلى الخبراء للمساعدة في توضيح الجوانب الفنية.
*إيران مستعدة للمشاركة في خطة الكونسورتيوم النووي
وحول فكرة الكونسورتيوم النووي وتأمين مصالح البلاد من خلاله، قال عراقجي: "عندما يتم طرح فكرة الكونسورتيوم، فهذا يعني في الأساس إنشاء مركز لإنتاج الوقود النووي بملكية مشتركة بين عدة دول، على سبيل المثال، في إحدى دول المنطقة. موقفنا في هذا الشأن واضح. هذه الفكرة في حد ذاتها ليست سيئة، ونحن مستعدون للمشاركة فيها؛ وإذا كانت دول المنطقة مهتمة حقا بالتعاون، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة أيضا للمشاركة في مثل هذا المشروع. ولكن إذا أرادوا جعله بديلا عن التخصيب الداخلي (في ايران)، فلن يكون ذلك ممكنا. ما لم يتم التوصل إلى حلول تسمح باستمرار التخصيب داخل إيران بأي شكل أو نظام.
*القول بأن إيران لا تحتاج إلى الطاقة النووية مبني على الجهل
وفيما يتعلق بالادعاء الأميركي بأن إيران لا تحتاج إلى الطاقة النووية في ظل امتلاكها موارد النفط والغاز، أكد عراقجي أن هذا الادعاء مكرر للغاية ولا أساس له من الصحة، وقال: "أولا، بدأ البرنامج النووي الإيراني قبل الثورة بتطور وتعاون أميركا نفسها. وخلصت الدراسات التي أجراها الأميركيون قبل الثورة إلى أن إيران تحتاج إلى 20 ألف ميغاواط من الطاقة النووية من أجل تنميتها الاقتصادية. وهذه هي النصيحة التي قدموها بأنفسهم للنظام السابق. الآن نفس الأشخاص الذين يقولون، "ايران ليست بحاجة الى الطاقة النووية" كانوا مؤسسي هذا البرنامج منذ خمسين عامًا. ألم يذهب وزير الطاقة الأمريكي إلى السعودية للتفاوض بشأن بناء محطة للطاقة النووية؟ السعودية التي تمتلك موارد ضخمة من النفط والغاز تسعى للحصول على الطاقة النووية، والشيء نفسه ينطبق على الإمارات. أليس لدى الإمارات نفط؟ ومع ذلك، قامت ببناء محطة للطاقة النووية. ولذلك فإن القول بأن إيران لا تحتاج إلى الطاقة النووية هو قول مبني على الجهل وليس صحيحا.
وأكد أن الطاقة النووية لها فوائد عديدة، وقال: "على الرغم من أن هذه الطاقة تحمل بعض المخاطر، إلا أنه يمكن السيطرة على هذه المخاطر، وتم تحديد معايير لها. ومن ناحية أخرى، تعتبر هذه الطاقة واحدة من أنظف مصادر الطاقة للبيئة. محطة الطاقة في بوشهر تعمل الآن بشكل جيد ودون أي تهديد".
*رفع الحظر لا ينبغي أن يأتي على حساب إذلال الشعب الإيراني وخسارة إنجازاته
وردا على سؤال حول ما هو الخيار التالي أو "الخطة ب" لإيران إذا لم تسفر المفاوضات عن اتفاق، قال وزير الخارجية: "هذه قضية يجب عليهم البحث عن إجابة لها. سيستمر البرنامج النووي الإيراني في مساره. وتستخدم هذه الصناعة المتقدمة للغاية الآن في مجالات مختلفة، بما في ذلك الأدوية، والطب، والصحة، والزراعة، والبيئة، وتوليد الطاقة. نحن نعمل حالياً على بناء مفاعل لإنتاج الماء الثقيل واستخداماته المختلفة.
وأكد عراقجي أن اجراءات الحظر مكلفة ومجهدة، وقال: "لقد عشنا مع الحظر لأكثر من أربعين عاما. لا أريد أن أقول إن استمرار الحظر أمر جيد أو أننا نرحب به؛ لا، إذا كان بوسعنا رفع الحظر، فيجب علينا أن نفعل ذلك. لقد قال قائد الثورة ذات مرة أنه إذا تمكنا من رفع الحظر فلن نتأخر حتى ساعة واحدة. ولكن رفع الحظر لا ينبغي أن يأتي على حساب إذلال الشعب الإيراني وخسارة إنجازاته. إذا تمكنا من رفع الحظر مع الحفاظ على كرامتنا وإنجازاتنا، فسوف نفعل ذلك. وإلا فإن البلاد ستستمر في مسيرتها.
*الإبادة الجماعية مستمرة في غزة
وفيما يتعلق بالتطورات في المنطقة وجرائم الكيان الصهيوني في غزة، قال وزير الخارجية: "لقد أصبحت هذه القضية جرحاً عميقاً، وأصبحت عمليات القتل وجرائم الكيان الصهيوني حدثاً يومياً وأصبح أمراً طبيعياً بالنسبة للكثيرين في العالم، وهذه حقاً قضية غريبة وخطيرة للغاية".
وأكد عراقجي أن ما يجري حاليا في غزة هو إبادة جماعية، وقال: "عندما يقتل أكثر من 60 ألف شخص حتى الآن، ويفقد أكثر من مائة شخص حياتهم يوميا، إذا لم تكن هذه إبادة جماعية، فما هي إذن؟". إن هذه الإبادة الجماعية تحدث على الهواء مباشرة، أمام كاميرات التلفزيون؛ حتى أن بعض الشبكات تعرضه على الهواء مباشرة.
وأضاف: "مع ذلك فإن مجلس الأمن الدولي والكثير من دول العالم وحتى بعض دول المنطقة متفرجة فقط، مع تجاهل تام لهذه الأحداث. ولكن بفضل المقاومة التي أظهرها الشعب الفلسطيني فقد نجح في إيقاف عملية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وأعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي. وفي حين غض الكثير من البلدان الطرف عن هذه المأساة، فإن القضية الفلسطينية، في رأيي، أصبحت اليوم أكثر حيوية من أي وقت مضى. وبدون ضمان حقوق الشعب الفلسطيني، لن يتم حل هذه القضية أبدًا.
*المفاوضات النووية هي واحدة من مهام وزارة الخارجية
وفي ختام حديثه أشار وزير الخارجية إلى انعقاد منتدى طهران للحوار وقال: شاركت 53 دولة في هذا المنتدى من مثقفيها أو مسؤوليها الرسميين وكان حاضراً نحو 230 ضيفاً أجنبياً.
وأشار عراقجي إلى أن جزءًا كبيرًا من محادثتنا الخاصة خُصص للقضية النووية والمفاوضات، موضحًا: "في الواقع، فإن هذه القضية ليست سوى إحدى واجباتنا، وقد عقدنا "منتدى حوار طهران"، وكان لنا دورٌ فاعلٌ في القضايا المتعلقة بالهند وباكستان، وننشط أيضًا في القضايا الإقليمية، وسنواصل ذلك. كما ستُجرى مفاوضاتٌ بالتوازي مع هذه الأنشطة.
انتهى ** 2342
تعليقك