وقال قاليباف، في كلمته امام الطلبة الجامعيين الفنزويليين يوم الاثنين: "إنه لشرف لي أن أكون حاضرًا بينكم، يا شعب فنزويلا العزيز. هذا البلد الجميل والثوري والصامد ليس مجرد اسم جغرافي بالنسبة لنا نحن الإيرانيين، بل هو رمز لصمود وكرامة وصمود أمة في وجه ضغوط نظام المهيمنة".
وأشاد رئيس مجلس الشورى الإسلامي بذكرى القادة الثوريين في أمريكا اللاتينية، وخاصة فنزويلا، أمثال سيمون بوليفار وهوغو تشافيز وخوسيه مارتي، وأضاف: "أنا من بلد قرر قبل 47 عامًا، وسط ضجيج القوى العظمى وفي قلب إحدى أكثر مناطق العالم حساسية، أن يكون حرًا؛ وكان شعار شعبنا "لا شرقية ولا غربية"؛ كان الاستقلال والحرية؛ لم نستسلم لأمريكا ولم نعتمد على اي قوة عظمى أخرى".
*الثورة الإسلامية عام 1979 كانت تحولًا حضاريًا
وأكد أن الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 لم تكن مجرد ثورة سياسية، "بل كانت تحولًا حضاريًا وثورة ثقافية واجتماعية وشعبية أخرجت إرادة الأمة إلى المسرح من تحت رماد القمع والرقابة، وأظهرت للعالم أن الدول، إذا أرادت، يمكنها إجبار القوى العظمى على التراجع".
وأكد قاليباف أنه خلال الثورة، كان كل شيء ضد الشعب الإيراني، متذكرًا: كان هنالك الشاه العميل لاميركا وجهاز السافاك العنيف والدموي، والإعلام أحادي الجانب، والاقتصاد التابع، والعقول التي اعتقدت أن الحياة لا يمكن أن تكون بدون أمريكا لكن كانت هنالك ايضا إرادة التغيير لدى الشعب الايراني.
واعتبر قاليباف شعار "استقلال، حرية، جمهورية إسلامية" بمثابة البادئ والأساس للهوية السياسية للثورة الإسلامية، وقال: خلال هذه العقود الأربعة، لم نمر بأيام سهلة. تعرضنا للعقوبات والتهديدات والاغتيالات، وفُرضت علينا الحرب، وحاولوا إسكات أصواتنا مرارًا وتكرارًا. لكن في كل مرة، صمدت الأمة على أساس العقلانية القائمة على الإيمان بالمصالح الوطنية والكرامة الوطنية، وفي كل مرة تقدمت بقوة أكبر من ذي قبل في تحديها لنظام الاستكبار العالمي.
*القوة الحقيقية تكمن في إرادة الشعوب، لا في الترسانات والعقوبات
وأضاف رئيس السلطة التشريعية: هذا هو الدرس الذي يمكننا مشاركته معكم، أيها الشباب، اليوم، وهو أن القوة الحقيقية تكمن في إرادة الشعوب، لا في الترسانات والعقوبات.
وأكد قاليباف أن الثورة الإسلامية الإيرانية تشكلت بالاعتماد على الشعب وبناء الثقة بالنفس الوطنية، وقال: لقد حققت هذه الثورة اليوم تقدمًا كبيرًا بالاعتماد على العلماء الشباب ورجال الأعمال المبتكرين ونخبها في مجالات الطب والتكنولوجيا والطاقة والصناعات الدفاعية والبيولوجيا النانوية والصناعة النووية والجوفضاء.
وأكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي: لقد تعلمنا أن القوة الحقيقية تنبع من قلوب الشعب، لا من خارج الحدود، وفي هذا المسار، يلعب الشباب دورًا أساسيًا. وكما كان الطلاب الإيرانيون في أيام الثورة طليعة حركة الأمة، فإن تقدم بلدنا اليوم أيضًا يتحدد من خلال الشباب الذين ابتكروا في الجامعات المحلية بناءً على القدرات المحلية.
*إيران وفنزويلا ضحية إعلام يشوه صورة أمتنا
وفي إشارة إلى التشابهات الكثيرة بين البلدين، قال قاليباف: "كلاهما ضحية إعلام يشوه صورة أمتنا. لقد عانينا من اقتصاد محاصر، ونعرف ثمن الاستقلال".
وأكد قائلاً: "لكن اليوم هو الوقت المناسب للتعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل، والتعلم من تجاربنا، وبناء المستقبل معًا، لأن العالم يجب أن يعلم أن شباب دول الجنوب ليسوا غافلين؛ إنهم مستيقظون، يطالبون ويريدون نظامًا جديدًا؛ نظامًا لا يُسكت فيه صوت الحق، نظامًا لا يكون فيه الدولار معيارًا للصواب والخطأ".
وأكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي أنه على الرغم من البعد الجغرافي، تتشاطر إيران وفنزويلا آلامًا مشتركة وأهدافًا مشتركة، وذكّر بأن: "مبادئ الحرية والعدالة ومكافحة الذل وبناء عالم تُسمع فيه أيضًا أصوات الشعوب والدول المضطهدة التي حُرمت من التقدم بسبب الاستعمار التاريخي".
*نحن في مرحلة العبور من النظام العالمي القديم القائم على الهيمنة والأحادية
وأكد رئيس السلطة التشريعية أننا في مرحلة العبور من النظام العالمي القديم، القائم على الهيمنة والأحادية القطبية، قائلاً: لقد ولّى عهد الأحادية القطبية، وقد أكّد قائدنا الحكيم، آية الله الخامنئي، بنظرة ثاقبة للتطورات الدولية، مرارًا وتكرارًا: "إن النظام العالمي في طور التغيير. النظام المستقبلي سيكون نظامًا تلعب فيه الشعوب والقوى المستقلة دورًا، لا مجرد تابعين أو ذيول".
وأضاف قاليباف: "لقد أتاحت هذه التطورات فرصًا ومسؤوليات جديدة للشعوب المستقلة. يجب على إيران وفنزويلا، وهما دولتان لهما تاريخ عريق في المقاومة والاستقلال، أن تلعبا دورًا فاعلًا في هذا النظام الجديد، باعتبارهما صوتَي الدول الساعية للاستقلال والتي قاومت العقوبات والرقابة والضغوط بالاعتماد على قوتها الداخلية".
وقال: في هذه المرحلة التاريخية الحرجة، يجب أن تكون لدينا شراكات استراتيجية، وتفاعل نخبوي، وتضامن ثقافي، وتآزر اقتصادي في صياغة قواعد هذا النظام الجديد.
*الهيمنة الأمريكية تعاني من تآكل داخلي
وأكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي أن ما نشهده اليوم ليس مجرد نهاية حقبة سياسية، بل نهاية هيمنة، مذكّرًا: إن الهيمنة الأمريكية، التي سيطرت على الاقتصاد والإعلام والسياسة، وحتى على نمط حياة العالم لعقود، تعاني اليوم من تآكل داخلي.
وأضاف قاليباف: مع وصول الحكومة الأمريكية الجديدة الى سدة الحكم، تحول هذا التراجع من عملية تدريجية إلى تسارع تاريخي. اليوم، ليس فقط على الساحة العالمية، بل أيضًا داخل الولايات المتحدة نفسها، ضعفت أسس الشرعية الأمريكية؛ فالضعف الحاد في شرعية الدولار العالمية، وتحول الانقسامات الاجتماعية إلى استقطاب حاد، وإذلال الحلفاء التقليديين، وتشويه سمعة الهياكل الدولية، وعدم استقرار السياسة الخارجية، ليست سوى بعض من علامات هذا التراجع.
وأشار رئيس مجلس الشورى الإسلامي إلى أن: الحرب في أوكرانيا، والانسحاب الكارثي من أفغانستان، والوصول الى طريق مغلق في مواجهة الصين، والفشل في احتواء المقاومة في الشرق الأوسط، والأزمة الوجودية للكيان الصهيوني، كلها تأكيدات أخرى على نهاية الهيمنة الأمريكية.
وأكد أن هذا التراجع ليس تحذيرًا، بل فرصة للشعوب المستقلة والحرة، وقال: فرصة لهم لإعادة رسم خريطة العالم بالاعتماد على الوحدة والأخوة والاستقلال. وعلى هذا الطريق، سار أحد أبناء الأمة الإيرانية العظماء، الحاج قاسم سليماني أصبح رمزاً عالمياً للمقاومة.
*الشهيد سليماني كان تجسيدًا للحكمة والشجاعة ومقاومة الهيمنة العالمية
وأكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي أن الفريق سليماني لم يكن قائدًا عسكريًا فحسب، بل كان تجسيدًا للحكمة والشجاعة ومقاومة الهيمنة العالمية، وقال: في الأيام التي كان فيها الإرهاب مستشريًا في منطق غرب آسيا، وكانت أمريكا وحلفاؤها، بدلًا من مواجهته، يستغلونه سياسيًا، كان الشهيد سليماني هو من وقف إلى جانب شعوب العراق وسوريا ولبنان وسائر دول المنطقة، وأعاد الأمن ليس من الخارج، بل من الداخل.
وأكد: لقد أثبت أنه للدفاع عن المظلومين، لا حاجة لمجلس الأمن، بل لأشخاص مسؤولين وشجعان، واليوم اسمه خالد في قلوب شعوب المنطقة، لأنه لم يقاتل من أجل السلطة، بل من أجل الحقيقة.
وتابع قاليباف: من وجهة نظر شباب دول أمريكا اللاتينية، لم يكن الشهيد سليماني مجرد جنرال شرقي، بل كان رمزًا عالميًا للإنسان المقاوم للهيمنة والظلم ضد الشعوب المظلومة والحرة. لقد علّمنا أنه عندما تعتمد على الشعب، فأنت لا تُقهر.
*يجب أن نبني مستقبلًا جديدًا بالاعتماد على تجارب المقاومة والأخوة والصمود
وأكد رئيس السلطة التشريعية، على ضرورة بناء مستقبل جديد بالاعتماد على تجارب المقاومة والأخوة والصمود، قائلاً: مستقبل لا يكون فيه الإعلام منحازًا، ولا تقوم فيه السياسة على التهديدات، ويكون فيه الشباب هم صانعو القرار في المستقبل، لا مجرد متفرجين على كواليس الدبلوماسية خلف الأبواب المغلقة.
وأكد على أن على الأكاديميين والنخب والشباب بناء شبكة من الشعوب المستقلة، وذكّر: يجب أن نتحدث مع بعضنا البعض، ونعمل معًا، ونبني المستقبل معًا. إن الهدف نفسه الذي حدده الإمام الخميني لثورتنا يمكن أن يُلهمنا اليوم.
وقال قاليباف: نريد أن نكون على سجيتنا، مستقلين وأحرارًا. عاشت الأمة الإيرانية، عاشت الأمة الفنزويلية، عاشت كل الشعوب التي تُعدّ أعلى أصوات الاستقلال ومحاربة الظلم العالمي.
*أمريكا والكيان الصهيوني تسببا في أبشع مجاعة "من صنع الإنسان" في التاريخ
وأضاف رئيس مجلس الشورى الإسلامي، في إشارة إلى الإبادة الجماعية الممنهجة لشعب غزة المظلوم: "لقد بيّض النظام العالمي المتغطرس بقيادة أمريكا وبدعم من الغرب وجه كل جلاد ومجرم في التاريخ. لم يكتفوا بقصف المستشفيات والمدارس والمنازل، بل تسببوا في أبشع مجاعة "من صنع الإنسان" في التاريخ.
وقال: "إن أبشع جريمة إنسانية كانت مريرة لدرجة أنها ادت الى ردود الفعل من كل انسان يحمل ذرة من الإنسانية، وهيأت الظروف التي تدفع الحكومات والشعوب والأفراد الأحرار، الذين هم على الجانب الصحيح من التاريخ، إلى ابداء رد الفعل على هذه الكارثة التاريخية".
*وسام "الجانب الصحيح من التاريخ"
وفي إشارة إلى رسالة قائد الثورة الإيرانية بتاريخ 25 مايو/أيار 2024، قال قاليباف: "في تلك الرسالة، أشاد سماحته بالطلاب الأمريكيين لوعيهم وشجاعتهم في دعم فلسطين، وخاطبهم قائلاً: "أنتم الآن تقفون على الجانب الصحيح من التاريخ الذي يُصاغ". وبناءً على ذلك، تُخصص جمهورية إيران الإسلامية جائزة "الجانب الصحيح من التاريخ" للأفراد الناشطين في مجال الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم.
وأضاف: "أشكر الحكومة الفنزويلية التي اختارت الجانب الصحيح من التاريخ وأعلنت قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني قبل سنوات عديدة، في عام 2009، احتجاجًا على مجزرة غزة. وبالنيابة عن الشعب الإيراني، أقدم وسام الجانب الصحيح من التاريخ لناشطين فنزويليين اثنين هنا".
انتهى ** 2342
تعليقك