وفي مقابلة خاصة مع ارنا بمناسبة الذكرى الـ 36 لرحيل الامام الخميني (ره) اكد المر، ان نصر الثورة الاسلامية حدث هزّ قواعد النظام الإقليمي والدولي. لم يكن الإمام الخميني مجرد زعيم ديني يطمح للإصلاح الداخلي، بل كان يحمل مشروعاً تغييرياً شاملاً يستند إلى مفهوم “ولاية الفقيه”، ما أعطى الثورة طابعاً أيديولوجياً ومؤسسياً تجاوز الإطار المحلي.
الامام الخميني كان يتمتع بالرؤية الاستراتيجية لقراءة التوازنات الدولية
واضاف الخبير اللبناني ان قيادة الامام الخميني (ره) تميزت بالحسم، والقدرة على التعبئة الجماهيرية، والرؤية الاستراتيجية التي استندت إلى قراءة دقيقة للتوازنات الدولية، إذ أدرك باكراً هشاشة النظام الشاهنشاهي المدعوم من الغرب، واستثمر النقمة الشعبية المتصاعدة ضد التبعية السياسية والثقافية. كما نجح في بناء خطاب مقاوم، أعاد للهوية الإسلامية مكانتها في مواجهة الهيمنة الغربية.
ولفت الى ان الإمام الخميني لم يكن فقط رجل مرحلة، بل مهندس مشروع ممتد، لا يزال تأثيره واضحاً في السياسات الإيرانية والإقليمية حتى اليوم. قيادته اتسمت بالثبات، والصبر، والإيمان بقدرة الشعوب على التغيير، ما جعله رمزاً للتحرر لدى العديد من الحركات المقاومة في المنطقة، ومصدر قلق دائم للعواصم الغربية.
فلسطين كانت محوراً مركزياً في رؤية السياسية للامام الخميني
وحول موقف الامام الخميني (ره) بشأن القضية الفلسطينية اوضح الياس المر: شكّل موقف الإمام الخميني من القضية الفلسطينية محوراً مركزياً في رؤيته السياسية، حيث اعتبر أن دعم الشعب الفلسطيني واجب شرعي وأخلاقي على جميع المسلمين.
وصرح: منذ الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية عام 1979، أعلن الإمام أن “إسرائيل غدة سرطانية يجب أن تُزال”، وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، محوِّلاً سفارته في طهران إلى سفارة لدولة فلسطين، في سابقة دبلوماسية تعكس التزاماً عملياً بالقضية.
واضاف: وفي عام 1979 أيضاً، أعلن الإمام الخميني عن “اليوم العالمي للقدس” الذي يُصادف الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، ليُصبح مناسبة سنوية تعبّر فيها الشعوب الإسلامية والعربية عن تضامنها مع فلسطين. هذا الإعلان لم يكن رمزياً فقط، بل أسّس لتقليد سياسي وشعبي يتجاوز إيران، إذ نرى اليوم تظاهرات يوم القدس تُنظَّم في عدد كبير من الدول الإسلامية وحتى الغربية، ما يعكس مدى تأثير هذه المبادرة.
وشدد المر: فلسطين في عقيدة الإمام الخميني (ره) لم تكن مجرد قضية سياسية أو قومية، بل كانت قضية دينية وعقائدية ترتبط بجوهر الإسلام نفسه. فقد نظر الإمام إلى احتلال فلسطين، ولا سيما القدس الشريف، على أنه اعتداء على مقدسات الأمة الإسلامية بأسرها، وليس فقط على الشعب الفلسطيني، ما جعل الدفاع عنها واجباً شرعياً عقائدياً على كل مسلم.
وتابع: في رؤيته العقائدية، مثّلت فلسطين معياراً للفصل بين الحق والباطل، وبين الإسلام الأصيل والإسلام الخاضع للهيمنة الغربية. ولذلك، وصف الإمام الخميني الكيان الصهيوني بـ”الغدة السرطانية”، مؤكداً أن وجود هذا الكيان في قلب العالم الإسلامي هو إهانة للمسلمين جميعاً، ولا يمكن القبول بها تحت أي ظرف.
ومن هذا المنطلق، اعتبر الإمام الراحل أن تحرير فلسطين واجب ديني قبل أن يكون واجباً سياسياً أو قومياً، وربط هذا الواجب بفريضة “الجهاد”، مستنداً إلى آيات قرآنية تدعو لنصرة المستضعفين ومقاومة الظلم.
ولفت الى ان الامام الخميني (ره) رأى ايضا أن الصمت عن جرائم الاحتلال خيانة للإسلام، ولذلك كان يدعو بشكل دائم إلى توحيد صفوف الأمة الإسلامية خلف خيار المقاومة، معتبراً أن فلسطين ليست قضية فلسطينية فقط، بل قضية إسلامية شاملة.
وقال: باختصار، كانت فلسطين في عقيدة الخميني تجسيداً للصراع بين مشروع الهيمنة الغربية ومشروع الصحوة الإسلامية، وهي ما تزال حتى اليوم أحد الثوابت المركزية في فكر الجمهورية الإسلامية الإيرانية
دور الامام الخميني في تشجيع تشكيل حركات المقاومة
وتطرق الياس المر الى دور الامام الخميني في تشكيل حركات المقاومة قائلا: كان لموقف الامام الخميني (ره) دور مباشر في تشجيع تشكيل حركات المقاومة مثل “حزب الله” في لبنان عام 1982، والتي تبنّت نهج المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بدعم إيراني واضح. وقد ساهم هذا الخط في إعادة الاعتبار لخيار المقاومة المسلحة بعد أن تراجع المشروع العربي الرسمي.
وصرح: إذن، يمكن القول إن موقف الإمام الخميني لم يكن مجرد خطاب تضامني، بل شكّل ركيزة استراتيجية ساهمت في إبقاء القضية الفلسطينية حية في وجدان الأمة الإسلامية، وفي تحفيز قوى المقاومة، رغم محاولات التطبيع والتهميش التي شهدتها العقود الماضية.
انتهى**1110
تعليقك