باحث فلسطيني: إيران تحتل مكانة مرموقة كلاعب جيو-سياسية في المنطقة

طهران/3شباط/فبراير/ارنا- قال الباحث الفلسطيني في الشؤون الأمنية "باسم القاسم"، إن محور المقاومة يلعب دورا بارزا في مواجهة المخططات الإسرائيلية في المنطقة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية كلاعب جيو-سياسي وكفاعل مؤثر، لها دورها في أغلب الملفات الإقليمية.

وقال باحث في مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات "باسم القاسم"، في تصريح خاص لمراسلة وكالة إرنا، حول دور محور المقاومة في الدفاع عن فلسطين ضد الکیان الصهیوني: إن محور المقاومة يلعب دورا بارزا في مواجهة المخططات الإسرائيلية في المنطقة، وفي مقدمتها فرض الهيمنة الإسرائيلية على دول المنطقة وإدخالها في الفلك الأمريكي الإسرائيلي؛ من خلال اتفاقات التطبيع التي وقعها الكيان الصهيوني مع بعض الدول العربية مؤخرا.

وأضاف: قد كان العنوان الأبرز أو المبرر الأبرز لتوقيع هذه الاتفاقيات من وجهة نظر عربية إسرائيلية، هو مواجهة الخطر والتمدد الإيراني في المنطقة، وإن كانت بعض الدول المطبعة رفعت راية التطبيع من أجل حل القضية الفلسطينية، محاولة التغطية على هذا الانحدار الخطير نحو الاستظلال بالمظلة الإسرائيلية أمنيا وعسكريا وسياسيا وتكنولوجيا.

وتابع: لا شك أن قوى المقاومة في المنطقة تبقى هي الرقم الصعب، الذي يصعب اختزاله أو الهيمنة عليه أو اختراقه، بسبب المناعة التي يتمتع بها المحور في وجه الهيمنة الصهيونية.

وقال: فمن خلال مستويات التنسيق بين مكونات محور المقاومة، استطاعت هذه القوى أن تواجه آلة الاحتلال العسكرية الإسرائيلية، سواء من خلال العمليات العسكرية النوعية التي يقوم بها المقاومون الفلسطينيون في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة وفي داخل الخط الأخضر، ومن ضمن ذلك تشكيل خلايا مقاومة باتت تتصدر المشهد في مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، كمجموعة "عرين الأسود" في مدينة نابلس في الضفة الغربية، أو مجموع "كتائب جنين" في مدينة جنين ومخيمها.

تتبوأ إيران المكانة الأبرز في تلبية الدعم العسكري والمالي لقوى المقاومة
وأوضح القاسم: كما أن القوى المقاومة في قطاع غزة، تستمر في تعزيز صفوفها ومراكمة قوتها، لتكون على أهبة الاستعداد في خوض المواجهات مع الاحتلال، من خلال التنسيق مع محور المقاومة؛ الذي تتبوأ إيران المكانة الأبرز في تلبية الدعم العسكري والمالي لقوى المقاومة في الأراضي المحتلة وباقي مكونات المحور.

وصرح: كما أن حزب الله في لبنان بات يتمتع بقدرات عسكرية كبيرة، أصبح الكيان يحسب لها ألف حساب، وقد راكم حزب الله ترسانته العسكرية وضاعفها؛ خصوصا الأسلحة والصواريخ الذكية، ومنظومات الرصد والتعقب، والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى الخبرات القتالية التي اكتسبها خلال المشاركة في المعارك العسكرية في سورية؛ حيث بات يمتلك القدرة على خوض "الحروب الهجينة" التي تجمع بين تكتيكات حرب العصابات واستراتيجيات إدارة المعركة على طريقة الجيوش الكبيرة.

وأضاف: أن هذا التطور الاستراتيجي العسكري الأمني الذي باتت تتمتع به مكونات محور المقاومة كل بحسب مكانته وإمكاناته، فرض على الكيان الإسرائيلي حالة من الردع المتبادل؛ خصوصا مع ارتفاع حالة التنسيق بين مكونات محور المقاومة، وهو  یحسب الكيان المحتل له ألف حساب قبل الشروع في خوض حرب مع أي مكون من مكونات محور المقاومة>

عدم خروج اوروبا من العباءة الأمريكية أدى الى دفع اثمانا فوق طاقتها

وقال القاسم حول انصیاع أوروبا لبعض السياسات الخاطئة لأمريكا في العالم، خاصة فيما يتعلق بإيران وتداعیات هذه السياسة: بالرغم من بعض المحاولات الأوروبية لصوغ سياسة خارجية مستقلة أو متمايزة عن السياسة الخارجية الأمريكية؛ خصوصا في ما يتعلق بالملفات الأكثر حساسية وأهمية، كالملفات المتعلقة بالشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والملف الإيراني، وكذلك في ما يتعلق بملفات الأمن الأوروبي؛ وفي مقدمة ذلك الحرب الأوكرانية الروسية، وتوسيع حلف الناتو، وانتشار منظومة الدرع الصاروخي إلا أن المنظومة الأوروبية، بالرغم من المحاولات المتواضعة، لم تستطع أن تخرج من العباءة والمظلة الأمريكية؛ وهو ما أدى بالجانب الأوروبي أن يدفع تکالیفا فوق طاقته نتيجة للخطوات والقفزات الأمريكية "غير المحسوبة" في العديد من الملفات والقضايا، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، والعلاقة مع "الإسلام السياسي"، والموضوع الأوكراني الروسي.

وأضاف: لا شك أن قرار خروج واشنطن من الالتزام بالاتفاق النووي الإيران، في زمن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في أيار/ مايو 2018، وما تبع ذلك من تدهور العلاقات الأمريكية الأوروبية مع الجانب الإيراني، يعد من أخطر القرارات التي أدت إلى دخول منطقة الشرق الأوسط في حالة اضطراب وترقب، نتج عنها موجة من التصعيد المتبادل بين إيران والقوى الغربية على رأسها أمريكا.

وتابع: تصاحب ذلك مع فرض الإدارة الأمريكية سلسة من العقوبات، ومن ضمنها منع الشركات الأوروبية من الاستثمار في قطاعات اقتصادية مهمة في إيران، إضافة إلى منعها من استيراد النفط والغاز الإيراني؛ وهو ما نتج عنه، لاحقا وحتى يومنا هذا، من تدفيع الجانب الأوروبي ثمن هذا القرار؛ خصوصا مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية والدخول في أزمة الغاز والطاقة الأوروبية، وعدم القدرة على تعويض النقص من خلال الاعتماد على إمدادات الطاقة من الجانب الإيراني بسبب العقوبات على إيران.

وحول الإجراء الأخير الذي اتخذه البرلمان الأوروبي والمطالبة بإدراج اسم الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب قال إن ما زالت السياسة الأوروبية تتماهى مع الموقف الأمريكي الإسرائيلي، فيما يتعلق بقضايا المنطقة ومن ضمنها العلاقة مع إيران، والموقف من محور المقاومة، ودعم الكيان الصهيوني.
وأكد القاسم على أن محور المقاومة لن يتأثر بهكذا قرارات، بل من الضروري ومن الواجب أن تتكاتف كل مكونات هذا المحور للوقوف في وجه الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية الأوروبية، ومن خلال الإصرار والجهد المتواصل مصحوبا بالدعاية المضادة للرواية الإسرائيلية الأمريكية في المحافل الدولية، من الممكن أن تحدث هذه التحركات إختراقا مهما في الجدار الأوروبي، لكشف الحقائق واظهار الصورة الحقيقة للتطورات في منطقتنا، والدفع بالجانب الأوروبي لمقاربة قضايا المنطقة من منظور المصلحة المتبادلة مع القوى الحقيقية المحقة في منطقتنا، وبلا شك محور المقاومة في طليعة هذه القوى.

وقال باحث في الشأن الأمني الإسرائيلي حول مکانة الجمهورية الإسلامية في المنطقة والعالم إن ما زالت الجمهورية الإسلامية بسبب موقفها المبدئي من القضية الفلسطينية، تتعرض للعديد من الضغوطات والسياسات ومن ضمنها سلسلة عقوبات قاسية؛ تهدف إلى إدخالها في الفلك الأمريكي، ومنع تكون حالة مضادة ومعارضة للمخططات الأمريكية والصهيونية في المنطقة، ولتسهيل الدخول في الزمن الأمريكي الإسرائيلي التطبيعي.

من الضروري إجراء حوار استراتيجي بين الدول العربية وإيران حول الملفات الاقليمية الساخنة

وأضاف: لا شك أن القيادة الإيرانية تدرك الموقع والمكانة التي تحتلها الجمهورية الإسلامية كلاعب جيو-سياسي في المنطقة، وكفاعل مؤثر في أغلب الملفات الإقليمية، فحالة العزلة التي يراد أن تعيشها طهران سوف يكون لها تداعيات ليست في مصلحة المنطقة؛ فمن الضروري إجراء حوار استراتيجي في ما بين الدول العربية وإيران، من أجل التوصل إلى توافقات في الملفات الساخنة التي تعيشها المنطقة، خصوصا أن هناك الكثير من نقاط التقارب والتوافق التي من الضروري البناء عليها، وذلك يصب في مصلحة المنطقة ونهضتها؛ فحالة التمايز والتنافر يجب أن تكون مع الكيان الصهيونية؛ فهو المكون الدخيل الذي لا يمكن التعايش معه بأي حال من الأحوال.

وقال حول تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني، نظرا إلی عدم إلتزام هذا الکیان بأي المعاهدات الدولية وعدم إعترافه بحقوق الفلسطينيين، وتداعیات تصرفات هذه الدول على المنطقة وفلسطين: إن من المؤسف القول إن الكيان الصهيوني استطاع، خلال السنوات القليلة الماضية، أن يحدث اختراقا مهما في جدار حالة المقاطعة والرفض التي كانت تلتزم بها معظم الدول العربية، وهذا نتيجة طبيعية لتراجع مكانة القضية الفلسطينية في أجندات العديد من الدول المطبعة، حتى بات الدعم الذي تقدمه هذه الدول مقتصرا على "الخطابات التي لم تعد رنانة".

 يبدو كأن هذه الدول قد أدارت ظهرها وأرادت أن تتملص من واجب الدعم للقضية الفلسطينية، هذه القضية التي اتخذت خلال العقود الماضية، صفة المحورية؛ حيث تربعت على رأس سلم الأولويات والقضايا في المنطقة. إلا أن سوء التقدير وقصر النظر، دفع بالدول المطبعة إلى الارهان والرهان على الكيان الصهيوني، بحجة الانتفاع من المكانة العسكرية والتكنولوجية التي يتمتع بها الكيان من جهة، واستخدام هذه العلاقة كوسيلة لنيل رضا البيت الأبيض؛ خصوصا أن العديد من هذه الدول لا تتمتع بتأييد شعبي حقيقي يستند إلى نتائج صناديق الاقتراع، بل إن العامل الضامن للبقاء في السلطة هو "الشرعية الخارجية" المنبثقة من "الدعم الخارجي"، وغض النظر عن اختزال التمثيل الشعبي وتكميم الأفواه والعمل لحساب الفئة الحاكمة لا لصالح الشعب.

تكريس العلاقة مع الكيان الصهيوني لن يجلب التطور والازدهار للدول المطبعة

إن الانغماس والسعي في تكريس العلاقة وتوطيدها مع الكيان الصهيوني لن يجلب التطور والازدهار للدول المطبعة، وهذا ما أثبتته الحالة السودانية كمثال، عندما سعت إلى التطبيع مع الكيان بحجة جلب الازدهار والخروج من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعيشها بسبب الفساد المتجذر في المنظومة والنخب السياسية الحاكمة.

إن جُلّ ما حصلت عليه الخرطوم هو مزيد من التراجع الاقتصادي والنزوع نحو التسلط والاستبداد، بعد أن ثبت أن وعود الازهار والتطور والتنمية التي رافقت اتفاق التطبيع هي "شك" بلا رصيد، وأن حالة النهوض لا تتأتى من خلال العلاقة مع العدو الصهيوني، بل من خلال برامج وطنية تنموية، تضع في أولياتها محاربة الفساد والتوزيع العادل للثروات والمكاسب الوطنية.

لا شك أن القضية الفلسطينية دفعت ثمن هذا الجنوح نحو "الاستسلام"؛ وقد لاحظنا سياسات التضييق التي بدأت تطبقها هذه الدول في وجه المقاومة، وفي وجه كل صوت يعارض نزواتها، بل بتنا نسمع ونشاهد أموراً لم نكن نتخيل وقوعها منذ سنوات، كالزيارات التطبيعية التي تقوم بها وفود هذه الدول إلى الكيان الصهيوني وتدنس المسجد الأقصى بحجة الصلاة فيه، تحت حماية الشرطة الصهيونية ومستوطنيه، كما بتنا نسمع تصريحات لهذه الدول تدين عمليات المقاومة التي ينفذها المقاومون الفلسطينيون في القدس والأراضي المحتلة وتصفها بـ "الأعمال الإرهابية".وربما يأتي زمن نرى فيه "قوات عربية" تساند الجيش الصهيوني في حصار قطاع غزة أو اقتحامات القدس ونابلس وجنين ورام الله.

وقال حول وثوق واشنطن في عقد أي نوع من الاتفاقیات وإجراء أي نوع من المفاوضات، نظرا إلی عدم إلتزام الولایات المتحدة الإمریکیة بتعهداتها في مختلف المجالات، خاصة الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 وبعض المعاهدات الدولية: من وجهة نظري، لا أرى أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني أعاق تطور مسار تراكم القوة الذي تسير فيه الجمهورية الإسلامية، بل على العكس فإن الاستراتيجية الإيرانية الساعية إلى الحصول على التكنولوجيا النووية، تسير على قدم وساق؛ فبعد القرار الأمريكي "التحلل من الاتفاق النووي"، تسارعت خطوات طهران نحو تخصيب اليورانيوم، فبلغت نسبته 60 بالمائة، بحسب ما أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية "محمد إسلامي".
وتابع: تأييدا لهذا الرأي، سمعنا أصواتا مهمة في داخل الكيان الصهيوني، رأت أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق أضر بمصالح الكيان؛ ومن هؤلاء بيني غانتس، الذي كان يشغل وزارة الدفاع في حكومة نفتالي بنيت السابقة، حيث هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك  بنيامين نتنياهو، مؤكدا أنّ الضغط الذي قام به من أجل الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، ألحق أضرارا بأمن الاحتلال في مقابل إيران.

وأضاف: أن نتنياهو فعل ذلك من دون تحضير منظم مع المؤسستين الأمنية والعسكرية فبدلت الأفعال بعروض العلاقات العامة.

وشدد على أن الجانب الإيراني لا يعول كثيرا على عامل الثقة مع الجانب الأمريكي كشرط أساسي ضامن لعقد أي اتفاق نووي مستقبلي، ومن هنا نرى حالة البطء التي يسير فيها ملف المفاوضات؛ بسبب ما تصر عليه طهران من ضمانات مكتوبة وليست ضمانات شفهية كما كان في الاتفاق السابق، وكذلك اشترطت رفع العقوبات قبل الوصول إلى طاولة المفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وتابع: فالتجربة السابقة مع إدارة ترامب، أفقدت ثقة طهران بالجانب الأمريكي خصوصا أن الدستور الأمريكي لا يجبر الإدارات الأمريكية اللاحقة بالالتزام باتفاقيات الإدارات السابقة، في حال جاء إلى البيت الأبيض رئيس جديد.

انتهى**3276

تعليقك

You are replying to: .