بومبيو وعلى خطى سيده ترامب مارس الكثير من اشكال الدجل والكذب والنفاق على مر الاعوام الاخيرة خاصة منذ تسلمه منصب الخارجية، ولعل ابرزها هذه الاخيرة التي اتهم فيها ايران بالارتباط مع القاعدة، اتهام مفضوح مثير للسخرية والغثيان، ينبئ فقط عن تفاهة شخصيته وانفصامه الى ابعد حد عن الواقع وقد جعل نفسه موضع سخرية الاخرين وتندرهم منه لانحداره الى هذا المستوى الدنيء.
ولربما تشعر السعودية بالسرور من هكذا اتهامات موجهة لطهران لكن مثل هذه الاتهامات لا يمكنها التغطية على الفشل الذريع الذي مني به منفذ سياسة الضغوط القصوى الاميركية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية.
مايك بومبيو الشخصية الابرز المناهضة لايران في البيت الابيض سعي في الايام الاخيرة من عمر حكومة سيده ترامب لفرض اخر الضغوط الممكنة على ايران، اذ ادعى في تصريح له في النادي الوطني للصحافة في واشنطن بان ايران تحولت الى قاعدة جديدة لتنظيم القاعدة وان هذا التنظيم يقوم الان عبر ايران بانشطته التي كان يقوم بها عبر افغانستان وباكستان من قبل، واستخدم عبارات مثل "محور ايران-القاعدة" و"هجمات 11 سبتمبر" في سياق ما سعى اليه وهو ان يجعل ايران والقاعدة الى جانب بعضهما بعضا كضالعين في هذا الحادث الذي تم تنفيذه بقيادة القاعدة واودى بحياة نحو 3 آلاف شخص.
*خطة بومبيو لتبرئة ساحة السعودية
بومبيو زعم في جانب من تصريحاته بان ايران سمحت لعناصر القاعدة ومجموعة خاطفي طائرة احداث 11 سبتمبر بالعبور من اجوائها. وهي المرة الاولى التي يغض فيها مسؤول بهذا المستوى الطرف عن الاتهامات الموجهة للسعودية ويسعى لربط ايران بهذا الملف الارهابي في حين ان 15 من 19 من المخططين والمنفذين لهذه الهجمات كانوا مواطنين سعوديين.
وفي هذا الصدد كتب وزير الخارجية الايراني في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": بدءا من وصم كوبا بالارهاب حتى مزاعم ارتباط ايران بالقاعدة، السيد "نحن نكذب، نحن نخدع، نحن نسرق" (هكذا وصف بومبيو نفسه سابقا) ينهي بصورة مثيرة للشفقة مهنته الكارثية باكاذيب داعية للحرب. لا احد ينخدع. جميع العناصر الارهابية الضالعة في حادث 11 سبتمبر هم من الدول المحببة لمايك بومبيو في منطقة الشرق الاوسط. لم يكن اي منهم من ايران.
وليس بخاف على احد اشكال الدعم السياسي الاميركي للسعودية في عهد ادارة ترامب لاسباب مختلفة وكان ترامب هو نفسه وصف في بداية تسنمه مهامه الرئاسية، السعودية، بالبقرة الحلوب واكد بانه يجب حلبها، وهو المنهج الذي اسفر عن ابرام اتفاق تسليحي بعدة مئات مليارات الدولارات معها.
كما بادر البيت الابيض ضمن مخططاته لتقريب الدول العربية ومنها السعودية للكيان الصهيوني في سياق ايجاد اجماع اقليمي ضد ايران ومن ثم جاءت محاولات بومبيو الان للايحاء بوجود صلة لايران مع القاعدة في شن هجمات 11 سبتمبر الارهابية، كاكبر دعم يقدمه في ايامه الاخيرة لتخليص السعودية عبثا من هذا الملف.
وفي الوقت الذي يسعى فيه فريق بومبيو لربط تحركات القاعدة بايران فان الكثير من الخبراء والمحللين يعتقدون بان الولايات المتحدة هي نفسها المؤسسة لتنظيمات القاعدة وطالبان وداعش وكذلك باعتراف مسؤولين اميركيين كبار كشفوا عنها في ظل السجال السياسي للانتخابات الرئاسية السابقة قبل الاخيرة بينهم، لتعمل عبر هذه التنظيمات الارهابية على تصعيد التوتر بالمنطقة وبيع المزيد من الاسلحة لدولها واضفاء الصبغة القانونية والاخلاقية على تواجدها في منطقة الشرق الاوسط الاستراتيجية.
*بومبيو وفشل الضغوط القصوى
لاشك ان بومبيو مقترن اسمه بالضغوط الاميركية القصوى ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، وكان ترامب حين عزم الخروج من الاتفاق النووي قد اختاره لمنصب وزارة الخارجية ليفرض معه على الشعب الايراني والجمهورية الاسلامية الايرانية اقصى الضغوط الاقتصادية والسياسية. وكان بومبيو قد اعلن في تغريدة له خلال الايام الاخيرة عن فرض حظر جديد ضد ايران وكتب: ان اميركا وللمرة الاولى فرضت الحظر على المنظمة الفضائية المدنية الايرانية التي تستخدم تكنولوجيا اطلاق الاقمار الصناعية المستخدمة في الصواريخ الباليستية.
ولا شك ان اجراءات الحظر الاميركية ضد ايران في عهد ادارة ترامب غير مسبوقة في تاريخ الادارات الاميركية السابقة اذ بلغ عددها اكثر من 1500 خلال الاعوام الاربعة الاخيرة مثلما صرح به سفير ومندوب الجمهورية الاسلامية الايرانية الدائم لدى منظمة الامم المتحدة مجيد تخت روانجي. وفي هذا السياق فان بومبيو الشخصية الاكثر عدوانية ضد ايران وبغية المضي بمخططاته ومآربه السوداوية قد اختار برايان هوك بصفة المبعوث الخاص لشؤون ايران ليقوم بمهمة التوجيه والمراجعة والتنسيق لجميع نواحي الاجراءات المتعلقة بايران في الخارجية الاميركية.
هوك الذي كان قد تسلم مسؤوليته في الخارجية الاميركية قبل نحو عامين ونصف العام اي بعد خروج اميركا من الاتفاق النووي بثلاثة اشهر قد اقيل من منصبه قبل عدة اشهر، في مؤشر للمزيد من الفشل لسياسة الضغوط القصوى ضد ايران.
ورغم ان اقالة هوك كانت مؤشرا لفشل الخارجية الاميركية في المواجهة مع ايران الا ان بومبيو اصر على مواصلة العمل على اضعاف ايران سياسيا واقتصاديا، الا ان محاولاته لتفعيل آلية الزناد وتمديد القيود التسليحية في مجلس الامن الدولي لقيت الفشل الذريع اذ كان خروجه صفر اليدين من مجلس الامن بمثابة اكبر ضربة موجهة الى جسد ادارة ترامب في المواجهة مع ايران.
بناء عليه لم تحقق اميركا اهدافها في الجبهتين السياسية والاقتصادية ضد ايران ولم تستطع جر الدبلوماسيين الايرانيين الى طاولة المفاوضات التي كانت قد اعدتها وبالتالي لجات فضلا عن الارهاب الاقتصادي الى الاغتيال الجسدي ومن ضمنه اغتيال القائد الشهيد قاسم سليماني في 3 كانون الثاني /يناير العام الماضي واغتيال العالم البارز في المجالين النووي والصناعة الدفاعية الشهيد محسن فخري زادة يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ويعتقد الخبراء بان محاولة بومبيو ربط احداث 11 سبتمبر بايران كان الهدف منها اعداد الراي العام الاميركي والحصول على ترخيص للقيام بعمل عسكري ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية؛ مخطط لقي عقبات جدية بعد اقتحام مبنى الكونغرس من قبل مؤيدي ترامب والانتقادات الشديدة التي وجهها مسؤولون حاليون وسابقون ضد ترامب والمصادقة على قرار مساءلته للمرة الثانية في مجلس النواب.
انتهى ** 2342
تعليقك