وکتب خميس بن حبيب التوبي في مقال في جريدة الوطن العمانية: لم يفاجئنا الموقف الغربي، وفي مقدمته الأميركي من الكارثة الإنسانية التي حلت بالشعب السوري، وازداد أوارها مع الطقس القارس والصعب، ومع قوانين شريعة الغاب التي يسلط سيفها على رؤوس البؤساء والفقراء والمكلومين والشرفاء من الشعوب في هذا العالم، وفي مقدمة هذه القوانين المدعو بقانون «قيصر» المفصل تفصيلا لِلَيِّ أعناق الشعب السوري بشعار خادع كاذب «حماية الشعب السوري ومساعدته»؛ ليكون حال سوريا واقعا بين زلزالين، زلزال الطبيعة الذي لا تملك حياله حولا ولا قوة لمنعه، بل تملك التسليم بقضاء الله وقدره في مثل هذه النوازل، وما تملكه من إرادة وعزيمة وصبر واحتساب للأمر والأجر.
وأضاف: زلزال العقوبات الاقتصادية الجائرة الذي يعكس صورة التوحش الرأسمالي في أقبح أشكاله وألوانه، وأن العالم مهما بلغ من التحضر والتقدم العلمي لا يزال تحكمه شريعة الغاب شعارها «البقاء للأقوى»، والذي أريد أن يكون الفك الآخر لكمَاشة الإرهاب من أجل إسقاط الحكومة السورية وتدمير سوريا وإخراجها من المعادلات العربية والإقليمية والدولية كافة، والذي ضغطت على جراحها المثخنة حفاظا على كبريائها وسيادتها واستقلالها، وتمسكا بعروبتها، متجملة بالصمود والاستبسال وقوة الشكيمة والعزيمة، لم لا؟ وهي ترى أن الإغراءات التي عرضت ـ ولا تزال تعرض ـ عليها لتتنازل عن ثوابتها وثوابت الأمة، قد فعلت فعلها في شقيقاتها العربية التي بات أبناؤها يبحثون عن ذواتهم وعن وطنهم وعن مقدراتهم، ويلعنون صباح مساء ساعة تصديقهم شعارات المتآمرين وتدخلاتهم والقبول بإغراءاتهم.
وتابع قائلا: ذلك أن الذي أباد نصف مليون طفل عراقي بفعل الحصائر الجائر، ثم أجهز على من تبقى من الملايين من البشر (أطفال ونساء وشباب ومسنين) قتلا وتهجيرا بالغزو والاحتلال المباشر، لن يتورع عن أن يبيد أضعاف تلك الأرقام ما دامت هناك مصلحة للولايات المتحدة الأميركية، مثلما قالت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأسبق، في معرض ردها على سؤال وجه إليها «سمعنا أن نحو نصف مليون طفل ماتوا وهذا عدد أطفال أكثر من الذين ماتوا في هيروشيما، هل الثَّمن يستحق؟» لتجيب أولبرايت قائلة: «أعتقد أن ذلك خيار صعب جدّا ولكن نعتقد أن الثمن مستحقّ..»
وصرح: الولايات المتحدة لا تحتاج إلى عناء في تبرير سياساتها تجاه دول العالم وشعوبها حين يتعلق الأمر بمصلحتها ومصلحة حليفتها الاستراتيجية القاعدة العسكرية المسماة «إسرائيل»، فكما بررت إبادة أبناء الشعب العراقي بتسويق أكاذيب وافتراءات ضد الحكومة العراقية بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين، بأنها حكومة تمتلك أسلحة دمار شامل، وتهدد جيرانها وتقتل شعبها، وتصادر حرياتهم، وغير ذلك، تبر واشنطن اليوم إبادتها الشعب السوري بأن العقوبات الاقتصادية الجائرة هدفها «حماية الشعب السوري ومساعدته» وذلك بمنع وصول الأسلحة إلى الدولة السورية.
وأضاف :ومن غير المستبعد لكي تهرب من الضغوط وتشتت الأنظار عن الوضع غير الإنساني وغير الأخلاقي، وافتضاح سياستها وحالة التوحش التي بدت عليها مع الكارثة الإنسانية في سوريا، والشعارات الجوفاء باحترام حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، أن تستدير وتلتف على موقفها بتخفيف العقوبات لإيصال المساعدات، بادعاء أن الحكومة السورية استغلت حالة التخفيف في استيراد الأسلحة من حلفائها وأصدقائها، وليس استقبال المساعدات الإنسانيَّة.
وقال: في تناقض عجيب ومثير للدهشة يؤكد أن لا أخلاق ولا إنسانية في السياسات الرأسمالية المتوحشة، بل توظف الشعارات الإنسانية والحقوقية لتحقيق أطماعها واستعمارها، ولا قيمة لديها للشعوب المستهدفة، فما يحصل الآن هو أن الأميركي ينهب ثروات سوريا وشعبها من النفط والغاز والحبوب، وفي الوقت ذاته يفرض عليها أقسى العقوبات الجائرة، ومع كل ذلك هناك من لا يزال مغيبا عن الحقيقة ومعزولا عن الواقع، ويشير بأصابع الاتهام إلى غير الفاعل والمجرم الحقيقي، وهذا ما يجعله (المجرم الحقيقي) في وضع مريح ويدفعه للتمادي واستمرار النهب والاستعمار.
انتهی**3280
تعليقك